أحمر شفاه.. لموعد الخمس دقائق
فرحها كبير بما يكفي لتخبر كلَّ من حولها عن موعدها الرائع، لم تكن أتتوقع أن تتحقق أمنيتها وأنها ستقابله أخيراً.
تخيلت كثيراً ترى كيف سيكون شكلُ مكتبه ؟ لابد أنه فاخر جداً فالحديث يدور هنا عن مبالغ يتقاضاها مقابل كل مشروع يضع توقيعه عليه .
إذاً لا اقل من أن يهتم بمكتبه.
راحت ترتب الخطط لشراء ملابس تناسب لقاءً كهذا، سأضع أحمر شفاه خفيف فالتبرج الزائد في أماكن كتلك غير مناسب وباعتبار اللقاء في فترة ما قبل الظهر عليَّ اختيار ملابس بألوان هادئة كي لا تصعقه الألوان وكنتُ واثقة أنه سيعجب بي وبأناقتي و يمتدحني- رددت في نفسها تلك العبارات بثقة-
إنه رجل المهمات الصعبة فكل الأمور متعلقة بموافقته كما أنه من النوع الذي لا يعقد الأمور ولا يشعر باليأس فكل مشكلة عنده ولها حل.. الحياة هكذا أخذ وعطاء .
تعمدت القيام بزيارات كثيرة لأقاربها ومعارفها من أجل التحدث عن أهميتها وعن اللقاء المنتظر وكانت تلذذ بنظرات الغيرة والحسد في عيون من حولها، لابد أنهم يتهامسون فيما بينهم ويتمنون أن يحصلوا على نفس الفرصة وتضحك من غبائهم و هم يظنون أن تلك اللقاءات الهامة في متناول الجميع ؟
وأجابت على تساؤل صديقتها عبر الهاتف:
ولولا أنني مقربة للغاية من صديقه لما سنحت لي فرصة اللقاء النادرة تلك.
نعم لدي موعد معه... ...
قالتها بزهو وتعال
وسوف تحظى بالوظيفة التي طال انتظارها، فقد طمأنها قريبها فعلاقته به قوية ويسهران معا كل ليلة.
أرفقت البطاقة التي ستقدمها له بهدية من النوع الذي يقال عنه ( ما خف حمله وغلا ثمنه ) لأنه.. لا يقبل الرشوة أبدا لكنه يقبل الهدية ويردد ( سيدنا محمد قبل الهدية )
وذكر لها احدهم انه من اجل مناقصة يردها أن ترسو عليه اضطر لإهدائه سيارة فاخرة ليست له إنما لابنه المراهق الذي تشهد له المدينة كلها ببراعته في استخدام المكابح
لكنها لا تستطيع إحضار هدية كتلك فهي تبحث عن وظيفة لن يزيد راتبها عن ثمن الهدية التي أحضرتها
في مثل تلك اللقاءات الهامة لابد من حجز موعد مسبق وقد اتصلت بمكتبه وأخبرتهم أنها فلانة من طرف فلان ورد مدير مكتبه الفظ في جوابه بأنه سوف يحدد لها موعداً ويتصل بها، لم يطل انتظارها فقد اختار يوم الاثنين الساعة الثانية عشرة ظهراً.
أي بعد يومين فقط وهذه فترة كافية لتجهيز نفسها بما يليق لمقابلة هذا الرجل المهم وفرصة للتدرب على العبارات التي ستقولها وفكرت بأنه من الأنسب ألا تذهب وحدها فقد يطول وقت وجودها معه وتعرِّض نفسها للأقاويل، اتصلت بصديقتها وطلبت منها مرافقتها ودون تردد وافقت فقد أعطتها.. هي أيضاً.. فرصة لا تعوض.
لم تتأخر وأمام مكتبه كانت قد وصلت قبل الموعد بخمس دقائق، استقبلها مدير مكتبه بعجرفة واضحة وأشار لها أن تجلس بينما طلب من رجل كان دوره قبلها أن يدخل لمقابلته.
هواجس كبيرة اعترتها هل غيروا الموعد ؟ لابد أنَّ هذا الرجل سيعطيه شيئا ويخرج قالت لنفسها حتى تبدد الهواجس التي تسلسلت إلى قلبها وفي الثانية عشرة تماماً خرج الرجل وطلب منها مدير المكتب الدخول.
تسارعت دقات قلبها فرحاً لكنها كادت أن تتوقف عند رؤيتها للرجل أخيراً في مكتبه، كرسيه أصغر من حجمه بكثير وواضح أنه حشر نفسه في الكرسي حشراً مما كوَّر بطنه بشكل زائد عن الحد.
أمامه أوراق مهمة لأنه لم ينظر اليهما ولم يقف لتحيتهما...
المحافظ. دات نطق.. المحافظ .بعدها بلهجته العامية:
نعم يا أختي ؟
قدمت له الهدية وبطاقة الواسطة التي قرأها بسرعة وقال لا بأس سجلي اسمك في عند مدير المكتب وعندما يجدون عملاً لك سيتصلون بكِ، كانتُ تود أن تشرح له أنها مسجلة هناك منذ سنوات عدة لكنه أنهى المقابلة قائلاً: مع السلامة نحنا في الخدمة.
رجت دموعها ألا تنهمر قبل أنْ تغادر مقر المحافظة في الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق
مشاركة منتدى
1 كانون الثاني (يناير) 2006, 17:16, بقلم ياسر البشبيشى
شكرا لكى ماجدولين على هذه القصه الجميله
ولكن من الصعب على الكثير ان يفهموا مدلولها
كما تأ ملين .