أسطورة الحلاج في الشعرالمعاصر العربي والفارسي
إعداد: إلهام بدران طالبة ماجستیر بجامعة آزاد الإسلامیة فرع آبادان . هذاالمقال اقتبس من رسالتها لنیل درجة الماجستیرالتي كان موضوعها مكانة الحلاج في الشعرالمعاصر العربي والفارسي
عنوان المقال:
المقدمة
الأسطورة أصبحت منبع إلهام خصب لشعرائنا المعاصرین في مختلف موضوعات الشعریة، فیستحضرون الأسطورة ویتخذونها سبیلاً للتعبیر عمّا في داخلهم، فما من شاعر معاصر إلّا وإلتجأ إلی الأسطورة خاصة حین یفقد زاویة من زوایا تاریخه الزاهر في عصرنا الراهن.
وممّا صدر من الحلاج من أقوال وأعمال جعله أن یصبح أسطورة ، وخاصة ما قام به الحلاج تجاه تلک السلطة الجائرة لم تتحدد بالدائرة التصوف بل تنبسط فی کل زوایا الحیاة؛ من زاویة الدین مثّل عبادة الله الخالصة دون أی تضیّق بالشرع المصنوع بواسطة الفقهاء آنذاک، والنداء بالتحرّي بعیداً عمّا یخاف منه السیاسیون أن یمسّ مناصبهم، واستردادالحقّ ولو بتقدیم دمائه. فلذاالشعراء کلّما أرادو أن یتکلّموا عن الحق، والحریة، والحبّ أتوا بسیرة الحلاج بعد ما یعتبرونه مفکّراً ثائراً.
أسطورة الحلاج في الشعرالمعاصر العربي والفارسي
مفهوم الأسطورة
مفهوم الأسطورة لغة
نجعل آیة من الذکر الحکیم مستهل حدیثنا عمّا ورد فی المعاجم عن معنی الأسطورة. یقول الله سبحانه وتعالی : ن والقلم وما یسطرون [1]أی وما تکتب الملائکة. [2]
ممّا ورد عن بعض اللغویین قولهم«السطر هو فی الأصل مصدر ، وبابه (نَصَرَ)وجمع السطر :أسطر و سطور، کأفلس وفلوس ، وسطرأیضاً-بفتحتین-والجمع أسطار کسبب وأسباب وجمع الجمع أساطیر» [3]وأیضاًً«یقال هویسطر مالاأصل له ، أی یؤلف وسطرَ ویسطُرإذا کتب» [4]. وقال أخرون «أساطیر جمع أسطار وأسطار جمع سطر» [5]. وقیل«جمع سطر علی أسطر ثمّ جمع أسطر علی أساطیر». [6].
الأسطورة اصطلاحاً
الدکتور خلیل أحمد خلیل یعرّف الأسطورة بأنّها حکایة عن کائنات تتجاوز تصورات العقل الموضوعي وما یمیزها عن الخرافة هو الإعتقاد فیها ، فالأسطورة هو موضوع الإعتقاد فیها» ((النعیمي، أحمد إسماعیل، 1995م، ص35، نقلاً عن :المفصل فی تاریخ العرب ]]. والباحث فراس السواح یقول: «الأسطورة حکایة مقدّسة یلعب أدوارهاالآلهة والأنصاب الآلهة، أحداثها لیست مصنوعة أو متخیلة ، بل وقائع حصلت فی الأزمنة الأولی المقدسة، إنّها مجمل أفعال الآلهة، والأسطورة حکایة مقدسة وتقلیدیة، بمعنی أنّها تنتقل من جیل إلی جیل بالروایة الشفویة» [7]
وأما توظیف الأسطورة في الشعر العربي المعاصرأصبح شائعاً من جانب الشعراء في هذه الحقبة من الزمن، فالشعراء المعاصرون أثناء استخدام الأسطورة کأنّهم یتصفحون التاریخ. فما من شاعر معاصر إلا وإلتجأ إلی الأسطورة بعد ما یصاب بشیء من الخیبة في عصره الذي کان تاریخ أمته یتمتع بالعز والفخر خاصة عند إستحضار الشخصیّات التي طرحت کمظهر الحق ، والحریة، و الشجاعة. يقول الباحث عبدالرحمن يونس: «التاریخ یصبح لدی جیل من الأجیال أسطورة ، فشخصیة الحلاج ، وشخصیة الحسین بن علي، والمسیح بن مریم شخصیّات تاریخیّة لکن بعدها الإنساني، ومدی تأثیرها في الفکر العربي }وأیضاً الإسلامي}لایزال یفعل فعله بشکل أسطوري یفوق حدّ التخیل. [8] .
من هو الحلاج
هو الحسین بن منصور الحلاج، یکني أباالغیث وقیل:أباعبدالله [9]. ولد في قریة الطور [10] فی الشمال الشرقي من مدینة البیضاء ، من مدن مقاطعة فارس بایران نحو سنة 244هـ/857م. [11]
قد قام الحلاج برحلات بعد ما خرج من تستر ذهب إلی بغداد وکان فی الثامنة عشرة من عمره سافرالی بصرة وخرج الی عمرو بن المکي ، و«کان ثمانیة عشر شهراً في صحبته» [12]ثمّ تزوّج بأم الحسین بنت أبي یعقوب الأقطع«وتعیر بن عثمان من أجل تزویجه ، وجری بین عمرو وابی یعقوب وحشة عظیمة بذلک السبب [13][ وبقی في صحبة الجنید حتی «اختلفا حینما تجادلا حول مسائل اللطف ومسألة الانسان وکان یری فیهما عوناً لاغنی عنه . فاتهم الشیخ التلمیذ بأنّه کثیرالظنون ودعی ممخرق. [14]
ووقع له عند الناس قبول عظیم حتّی حسده جمیع من شعر بخطر عند وجوده فکثرت الوشایات به عند المقتدر حتّی «کتب الوزیر إلی الخلیفة یستأذنه في قتله، وأرسل الفتاوي إلیه ، فأذن في قتله ، فسلّمه الوزیر إلی صاحب الشرطة ، فضربه ألف سوط فما تأوّه ، ثمّ قطع یده ، ثمّ رجله ، ثمّ قتل، وأحرق بالنار فلمّاصار رماداً ألقی في دجلة ، ونصب الرأس ببغداد». [15]
ومن أقواله: «إن لم تعرفوه فاعرفواأثره، وأنا ذلک الأثر» [16]وأما أدبه زاخر بالکتب التی بلغت عناوینهاتسعة وأربعین، ویذکر ابن ندیم ستة وأربعین [17] عنوان کتاب للحلاج . یقول العطار :«له تصانیف کثیرة بألفاظ صعبه في الحقائق والأسرار ومعاني المحبة وله فصاحة وبلاغة لا یملکها أحد» [18]ومن کتبه: کتاب طاسین الأزل والجوهر الأکبر والشجرة النوریة، و کتاب الأحرف المحدثة والأزلیة والأسماء الکلیة، و کتاب الظل الممدود ، والماء المسکوب، والحیاة الباقیة، و. . .
أسطورة الحلاج في الشعرالمعاصر العربي والفارسي
من یقرأ آراء العلماء والأدباء فی الحلاج یر أنّهم وقفوا من الحلاج موقف المدافع وعظمت شخصیة الحلاج فی الأدب القدیم کما نری لدی الحکیم أبی المجد مجدود بن آدم، و فریدالدین العطار، وجلال الدین الرومي، کما أنّ عصرنا المعاصر لایستثني من هذه المداخلات عند دفاعه عن الحلاج أو بالأحری عند تغنّي بأسطورةالحلاج.
أولاً:أسطورة الحلاج في الشعر العربي المعاصر
1-ثورة أهل الجحیم [19]
ملحمة شعریة للشاعر العراقی جمیل صدقی الزهاوی(1863 - 1936 م). فی أربع مئة واثنین وثلاثین بیتاَ یأتي ببعض رجال التاریخ معذبین بالنار عاقبة لفکرهم وإنجازاتهم کالمتنبي، والمعرّي ، والخیام، وأبی نواس، والحلاج، وامرئ القیس، والفرزدق، وجریر، والأخطل، ومن الفلاسفة والعلماء:سقراط، وأرسطو، و. . .
وأما الحلاج في ثورة الجحيم :
ورأيت الحلاجَ يرفع منه الـطرفَ نحو السماء وهو حسيرقائلاً أنت اللـهُ وحدك قيوماً وأما الأكوان فهي تبورأنت من حيثُ الذات لست كثيراًغير أنَّ التجليات كثيرإنك الواحدُ الذي أنا منهفي حياتي شرارةٌ تستطير [20]
الشاعر یعتبر کل ما ورد علی الحلاج فی الدنیا والأخرة من التهم والعذاب والقتل نصیب مکتوب ومقدور له مهما لم یستحقه:
قلت إن المقدور لا بد منه أوَ حتى إن أخطأ المقدور [21]
2-مرثیة الحلاج [22]
القصیدة للشاعر المعاصرعلی أحمد سعید المعروف بأدونیس(1930 - ؟م)الشاعر یأتي بـاللهیب الذی نماد فناء الحلاج فی حبه و هذه النار التی لم تبق من الحلاج الاالرماد فهی التی تسمو به الی السماء.
ياكوكبا يطلع من بغداد
محملا بالشعر والميلاد
لم يبق للآتين من بعيد
والنار في عينيك
مجتاحة تمتد للسماء [23]
3-الموت فوق المئذنة [24]
القصیدة التالیة للشاعر المغربي علي الفزاني (1936 - 2000م). في هذه القصیدة الشاعر لم یأت بأسطورة الحلاج بل یأتي بالعبارة التي صدرت من الحلاج:
(خذوا من كلامي ما يتناول فهمكم)/ الحلاج [25]
الشاعر بعدما یعجز من عدم فهم الناس لکلامه فیلتجأ إلی کلام الحلاج الذي خاطب به من عاصره آنذاک، إذن الحلاج من منظر علي الفزاني الرجل الذي تجاوز حدود المادة ووصل إلی عالم لایستطیع أحد یدرکه فلذا یجعل مهمة إدراک ما یقصده علی عاتق الناس ، ویطلب منهم أن یفسروا مانادی به.
4-بغداد یا بغداد [26]
القصیدة من روائع الشاعر المصري فاروق شوشة(1936 - ؟م):
أبحث عن هذا الحكيم
فى زمن للتيه والضلال والنزق
لعلـه الحلاج . . .
أو لعلـه الجاحظ ؟
قبل أن یستدعی أسطورة الحلاج یأتي بمیزات الرجل الذي یأمل أن یرشده فیری أن کل هذه المیزات تجتمع فی الحلاج ، فاروق شوشة یستدعی الحلاج حکیماً خلافاً علی ما أطلقوا علیه من الصفات المذمومة فی تلک القرون التي کان یسودهاالجهل إذن بهذا الإستدعاء من قبل الشاعر یثبت أنّ الناس أیضاً فی عصرنا الحالي یتمتعون بمعرفة قد حرموا منها فی الماضي .
5-تحولات عائشة [27]
القصیدة للشاعر یحیی السماوي (1949 _؟م)موضوعها رثاء الشاعر العراقي "عبدالوهاب البیاتي" و یجعل سبب موته عشقه ، وینشد موت المرثي أثناء قصیدة ضوئیةویستحضر الحلّاج وعندما یشیرإلی الحلّاج مصلوباً علی الطرس أی مازال الحلّاج نصب أعین البیاتي في ما نظم:
قصيدةً ضوئيةً. .
ينهضُ من سطورِها «الحلاّجُ »
مصلوباً على الطِرسِ. . .
6-بغداد یا بغداد [28]
القصیدة التالیة للشاعر المصري فاروق شوشة(1936 - ؟م).
بما أنّ بغداد قد تعرّضت من جانب الأعداء مرات عدیدة ، فکثیر من الشعراءطوال التاریخ رثوها بإحساس دافق، کتقي الدین اسماعیل التنوخي و سعدي الشیرازي و. . .
وفاروق شوشة من هؤلاء الشعراء المعاصرین الذین جدّدوا ذلک الرثاء ، وعند رثائه کأنّه یرثي بلده ، وأثناء قصیدته یتطرق إلی تاریخها بعد ما یذکر عدة أمکنة وشعرائها ، و یؤمل أن ترجع بغداد إلی تاریخها الزاهر یقول فاروق شوشة:
كيف الرقاد ! وأنت الخوف والخطروليل بغداد ليل مالـه قمرأسلمت نفسى للـهوى القديم واستكنت فتحت هذه الحجارة المهمشةيرقد-في شوارع الرشيد والمنصور أو أبى نواس –جميع من قرأت من نجومهاومن رجالـها الأقمارومبدعى ديوانها المملوء بالفتوحبغداد حلم رف واستدارفیلجأ إلی الوهم والخیال مستحضراً الأماکن مع الأشخاص الذي عاش فیها مثل الرشید والمنصور:أسلمت نفسى للـهوى القديم واستكنتفتحت هذه الحجارة المهمشةيرقد-في شوارع الرشيد والمنصور أو أبى نواس -وبعد ذلک یبحث الشاعر عن دلیل لیرشدهأبحث فى لفائف الذهول والإطراق عن صاحب وعن دليليرشدنى إلى مواطئ القدملواحد من عترة الأخباركان إذا مشى ؟ وإن أشار أو تكلمافوجهه الوضئ يمنح الوجودأبحث عن هذا الحكيمفى زمن للتيه والضلال والنزقلعلـه الحلاج . . .أو لعلـه الجاحظ ؟وفي نهایة القصیدة الشاعریسأل وضوح الزوایا الغامضة للمستقبل:بغداديا بغداديا روعة الحلم الذى . . هل يستعاد ؟ترى يصيح الديك فيك من جديدويصدح الناقوس والأذان !وتشرق الشمس على دروبك السجينةوهل ترى ينداح فيك من جديد [29]
نختم قولنا فی شرح القصیدة أنّ هذه التساؤلات لم تطرح من جانب شاعر فقط بل قلم شاعرنا هو لسان حال کل العرب الذین لهم أمل في عودة بغداد إلی تاریخها الزاهر، وهو أیضاًعلی أمل أن یسود العراق الحریة والطمأنینة.
وأما الحلاج :قبل أن یستدعی الشاعر الحلاج یأتي بمیزات الرجل الذي یأمل أن یرشده فیری أن کل هذه المیزات تجمع فی الحلاج ، فاروق شوشة یستدعی الحلاج حکیماً خلافاً علی ما أطلقوا علیه من الصفات المذ مومة فی تلک القرون التي کان یسودهاالجهل إذن بهذا الإستدعاء من قبل الشاعر یثبت أنّ الناس أیضاً فی عصرنا الحالي یتمتعون بمعرفة قد حرموا منها فی الماضي .
ثانیاً: أسطورة الحلاج في الشعر الفارسي المعاصر
1-"کعبه دل" [30]
کعبة القلب
الشاعرة الأیرانية بروین اعتصامي تستدعي الحلاج في قصیدتها العرفانیة لامحةً بقول الحلاج:
« اناالحق»میزننداینجادروبام
ستایش میکنند اجسام واجرام [31]
أي :هنا کل الزوایا تترنّم بـ"أناالحق"وتحمد وتشکرالله کلّ الأجسام والأشیاء
أنّ پروین أتت بعبارة"أناالحق"بعد ما أشارت إلی الحب الإلهي ، الحب اإلهي النابض من القلب ، وبإستخدام العبارة تنبه علی أنّ "أناالحق" صدرت من وجود الرجل الذي الحب یتکلّم بدلاً عنه فالعبارة نتاج الحب ولیس نتاج الکفر کما زعم المعارضون الذین وقفواعند ظاهر الکلام.
2-"جاوید نامه" [32]
رسالة الخلود
في هذه الملحمة الشعریة إقبال اللاهوري یلتقي بالحلاج ، فیصوّره باعث الحیاة في الموتی روحیاً وفکریاً، عند ما نتصفح رسالة الخلود نری إقبال یطرح أسئلة فیجیب علیها الحلاج ، وأثناء هذه الأسئلة تتضح لنا أسطورة الحلاج في رسالة الخلود ویرسم الحلاج العارف الذي کان راضیاً بما قدّر له من العذاب :
کار مردان است تسلیم ورضا
برضعیفان راست ناید این قبا [33]
بالعربیة:
الرضا من شأن ذیّاک البطل وهوثوب فیه فسلٌ ما رفل [34]
3-"حلاج" [35]
الحلاج
القصیدة للدکتور محمدرضا شفیعی کدکنی(1318-؟هـ. ش)الذی نظمها عام 1348ش. فی قالب شعر التفعیلة.
الشاعر یأتي بأسطورة الحلاجیقول فیها:در آینه دوباره ، نمایان شدباابرگیسوانش برباد ،باز آن سرود «أناالحق»وردزبان اوست. [36]أي: ظهر فی المرآة مرة أخریمع غیم من ضفائره المتناثرة فی الریحومرة أخری مترنماًبنشیده «أناالحق». . .
وبعد کل ما یمرّعلی الشاعر من قتل الحلاج وتحریقه ولکن یقف عند رماده الذی یجعله مظهر الحیاة حیث یقول:
خاکستر توراباد سحرگهانهرجاکه برد،مردی زخاک رویید [37]أي:الصبا حیث نثر رمادکقد ازدهر من تربته رجل
مایلفت النظر فی هذه القصیدة الشاعر "محمد رضا شفیعی کدکنی"من فناء الحلاج یصل إلی خلوده ، الخلود الذی رماه الحلاج طوال حیاته وفي فنائه وصل إلیه.
ویری الحلاج معتلیاً علی المشنقة قائماً الصلاة، ولکن یضلّ ما تلی الحلاج فی هذا الصلاةحیث سبّب قتله.
4-" باحلّاج" [38]
مع الحلاج
القصیدة التالیة للشاعر الأیراني علی میرفطروس(1329-؟هـ. ش)الذي نظمها فی قالب الشعر الحریقول فیها:
مااز ستیغ وتیغگذشتیم. . .«حلاج»رادیدیمدرشیشه های روشن صبحیفرازدار [39]نحن تجاوزنا حدالسهم والسیف. . .رأینا«الحلاج»فی الزجاجات المضیئة لصبحٍ معتلِ
الشاعر في هذه القصیدة یأتي بأسطورة الحلاج مبشراً بالفتح واتخذه نموذجاً من أبناء أمته في القرون الماضیة. حیث یذکر شجاعة أبناء عصره متغنیّاً بأمجادها فلذایأتي بأسطورةالحلاج. ویری مقاوتهم وإتکالهم علی نفسهم أمام الأعداءترد جذورهاإلی القرون الماضیة کما أنّ الحلاج أیضاً وقف أمام الأعداء دون أی مساندة.
5-"بهاروخزان [40]
الربیع والخریف
للشاعر الأفغاني سید ضیاء قاسمي(1354-هـ. ش) الذی أشعاره أکثرها في قالب الغزل، وتأثّره من أمثال "بیدل" علی أشعاره مشهود.
هذاالشاعر أ یضاً یستدعی الحلاج في قصیدته بعد ما أحاط الحب به یقول :
عشق پیراهنی از شعله به جانم کردهبعد آواره ترین روح جهانم کردهأي: الحب ألبسني ثوب من لهیب الناروالبعد جعلنی بلا مأوی فی العالم. . .گاه حلّاج مرا خوانده به هر گوشه ی خاکبهر سوزانده شدن نام ونشانم کردهأي:وفي حین آخر ینادیني الحلاج ویقودنی إلی رکن من أرکان هذاالعالموکأنّه یرشّحني للإحتراق
بما أنّ الحب والحلاج مصطلح مترابط ، فاسم الحلاج أجدر تعریف لمصطلح الحب فی قاموس التصوف. الشاعر یستدعي أسطورةالحلاج جرّاء کلامه عن الحب الذي حیّره وجعله بلامأوی، إذن من منظر الشاعر أنّ ماساق الحلاج إلی الحریق هو الحب.
6-"باآن همه پرنده" [41]
مع كل تلك الطيور
القصیدة التالیة للشاعر محمدحسین أنصاري نجاد قالبها الغزل یقول فیهامخاطباً أبناء أمته باسم الحلاج:
حلاجها!که چوبه ی داری ندیده اید
یک شال سبز ، کشف وکرامت نداشتید [42]
أي :أیها الذین تُنادون باسم الحلاج!دون أن ترواأی مشنقة، ودون أن تملکوا مایرمز الی الکشف والکرامة
فالحلاج من منظر الشاعرأسطورة الشجاعة حیث أنّه الباسل والصوفي الذي له کرامات ، فالشجاعة طرحت الحلاج کصوفي یتمتع بکرامات.
نتیجة مقارناتیة
فضلاً عن الوجوه المشترکة في الأدبین في المضامین المختلفة نری الإلتقاء في هذاالمجال أی رمزیة الحلاج متقارباً في معظم مناحیه، فهي :
أقوال الحلاج
مایلفت النظرهوتوافق الشعراء علی استخدام الجمل التي صدرت من الحلاج فی الأدبین ، العبارات التي لازالت علی الألسنة .
ومن هؤلاء الشعراء العرب الذین أتوا بعبارات الحلاج الشاعر المغربي علی الفزانی:
(خذوا من كلامي ما يتناول فهمكم)/ [43]
ومن الأدب الفارسی تقول پروین اعتصامي:
«أنا الحق» میزنند اینجا دروبام
ستایش میکنند أجسام وأجرام [44]
أي:هنا کل الزوایا تنطق بعبارة«أناالحق»وکل شیء یسبّح ویقدّس!
سبب قتل الحلاج في الأدبین
مع أنّ الأراء قدتعددت عن سبب قتل الحلاج لکن "الحب "یبقی في مقدمة الأسباب؛الحب الذي بعد ما باح به جعل الفقهاء أکثر إصراراً علی قتله.
ففی الشعر المعاصر«العربي والفارسي»الشاعران "یحیی السماوي" من الأدب العربي والشاعر سید ضیاء قاسمی من الأدب الفارسي یتفقان في سبب قتل الحلاج علی أنّه هو الحب . یقول یحیی السماوي فی قصیدته التی موضوعها رثاء البیاتي ویستحضر الحلاج فیها من أجل إقتراب شخصیة البیاتي للحلاج حتّی أنّ القارئ في بعض الأحیان لایستطیع أن یمیز بین الحلاج والبیاتي فیقول لشاعر یحیی السماوي من الأدب العربي:
يسقطُ مذبوحاً بوردِ عشقِهِ. . . .قصيدةً ضوئيةً. .ينهضُ من سطورِها «الحلّاج »مصلوباً على الطِرسِ. . . [45]
الشاعرالآفغاني سید ضیاء القاسمي أ یضاً یستدعی الحلاج في قصیدته بعد ماالحب أحاط به یقول :
عشق پیراهنی از شعله به جانم کردهبعد آواره ترین روح جهانم کردهأي: الحب ألبسني ثوب من لهیب الناروالبعد جعلنی بلا مأوی فی العالم
گاه حلّاج مرا خوانده به هر گوشه ی خاک
بهر سوزانده شدن نام ونشانم کرده [46]
وفي حین آخر ینادیني الحلاج ویقودنی إلی رکن من أرکان هذاالعالم
وکأنّه یرشّحني للإحتراق
فالشاعر یستدعي الحلاج جرّاء کلامه عن الحب الذي حیّره وجعله بلامأوی إذن من منظر الشاعر أنّ ماساق الحلاج إلی الحریق هو الحب.
الحلاج والتغنّي بفخر الأمم
الحلاج بعد ما أنشد حبه علی المشنقة أصبح یتغنّی به الشعراء کأسوة المجد والفخر، وفي بعض من الأحیان نری عنوان الحلاج مع أسماء رجال التاریخ لأنّهم کتبوا تاریخ الأمم والحلاج أنشد ما کتبوه ، فخلّد التاریخ بإنشاده الذي هومزیج بالحب فبقی مدی التاریخ یقرأ علی مسامع الأجیال .
فالشعراءعند تصفّح تاریخ الأمم یرون الحلاج عند وصوله إلی غایته لایزال مبشّراً بالفتح، حیث یستحضرونه فی عصرهم، وأثناء أشعارهم لیذکّرون أبناء عصرهم بتاریخ أمتهم الزاهر.
وقد قام بهذه الفکرة من الأدبین الشاعر فاروق شوشة من الأدب العربي و علی میرفطروس من الأدب الفارسي:
فاروق شوشة بعد ما یعود إلی تاریخ بغداد الزاهر أثناء قصیدته حیث یعتبره لارجعة له فلذا یقول:
بغداد حلم رف واستداركما يزف طائرومن ثمّ یذکر الحلاج دلیلاً یرشده :أبحث فى بغداد والعراقأبحث فى لفائف الذهول والإطراق عن صاحب وعن دليليرشدنى إلى مواطئ القدملواحد من عترة الأخباركان إذا مشى ؟ وإن أشار أو تكلمافوجهه الوضئ يمنح الوجود دارة وأنجمايعطيه أنسه وحسهومجلسه . .وكان من شذا يديه تورق العطوروتهطل الخيرات والثمارومن جنى لسانه تساقط اللآلئعقدا من النجومكأنه فيض الندى ؟ تغتسل القلوب فيهأو كأنه در البحار !أبحث عن هذا الحكيمفى زمن للتيه والضلال والنزقلعلـه الحلاج . . .أو لعلـه الجاحظ ؟أو أبو حيان. . . [47]ویقول علی میرفطروس من الأدب الفارسي:ماازستیغ وتیغگذشتیمباری. . .«حلاج»رادیدیم. . . آوازهای تبعیدی1357هـ. ش، ص50.أي: نحن تجاوزنا حدّ السهم والسیف ،علی أی حال . . . .رأینا الحلاج . .
فنری الشاعر الفارسی أیضاً بعد ما یفخر بمفاخرات أمته ، وینشد إتکالهم علی نفسهم
الذی لیس له مثیل فیستحضر الحلاج کنموذج من أبناء أمته.
المیلاد من کنه الرماد
إذا ما درسنا القصائد التي موضوعها الحلاج فما یلفت النظرهو بشارة الشعراء بمیلاد الحلاج من الرماد الحاصل من حریقه .
فالشعراء أدونیس من الأدب العربي ومحمد رضا شفیعی کدکنی و سید علي صالحي من الأدب الفارسي ینشدون هذه الفکرة بأعذب القصائد مستلهمین خلود الحلاج بعد ما أحرق وألقي برماده في دجلة.
أدونیس یخاطب الحلاج:
ياكوكبا يطلع من بغداد محملا بالشعر والميلاد [48]
وشفیعی کدکنی أیضاً یعتبر رماد الحلاج یبشّر بمیلاد الرجال :خاکستر توراباد سحرگهانهرجاکه برد،مردی زخاک رویید. [49]أي: الصبا حیث نثر رمادکقد ازدهر من تربته رجلوسید علی صالحي من الأدب الفارسي یعتبر الرماد هو النور:خاکستری که توییخاموشی ات چراغی استخانه به خانهفراخوان روشنی [50]أي :الرماد الحاصل إحتراقکوإنطفاؤک هواللهیبمن بیت إلی بیتیستدعی الضیاء
ونقطة أخری لإلتقاء الشاعرین في لومهم بالنسبة لأبناء عصرهم حیث لم یرا أحداً أحوج بالخلود والبقاء إلّا الحلاج:
یقول أدونیس:
لم يبق للآتين من بعيدمع الصدی والموت والجلیدفي هذه الأرض القشوریةلم یبق إلّا أنت والحضور [51]ویقول سید علی الصالحی حاملاً نفس المعنی :دریغادریچه ای که آشنات باشددر اوزان این کوچه نیست. . .خاکستری که ماییممگرکه حوصله ی حلاجی. . .ورنه باد روبه باد خواهد وزید [52]أي: هیهاتفالنافذة التي تعرفکلمم تتسع فی اوزان هذاالزقاق. . .الرماد الحاصل منّاهل صبر الحلاج لدینا. . . .وإلّا الریح یجری إلی جهة جریان الریاح
سید علی صالحي کما یبدو فی البدایة یرید أن یشبّه أبناء أمته بالحلاج في إحتذاء حذو الحلاج مما بذل من الصبر والمقاومة ولکن لایری أی وجه اشتراک مع الحلاج، فلذا یقول : أنّ من العادة أن الریاح تجري في جهة واحدة ولکن یری أنّه لیس أی وجه مشترک لأبناء عصره مع الحلاج فلذا لایربط هذا بجریان الریاح.
مصیر الحلاج فی الأخرة
عذاب الحلاج فی الأخرة من زوایا نظرات شعراء العرب والفرس ومن نقاط الإلتقاء التي یجب أن تؤخذ بعین الإعتبار، فالزهاوي وإقبال اللاهوري فی الأخرة أیضاًیعتبرانه معذباً، فزنده رود یرسم الحلاج العارف الراضي بما قدّرله من العذاب :
کار مردان است تسلیم ورضا
برضعیفان راست ناید این قبا [53]
بالعربیة:
الرضا من شأن ذیّاک البطل
وهوثوب فیه فسلٌ ما رفل [54]
ولکن الزهاوي فی ثورته یسعی إلی إرضاء الحلاج بما قدّرله ، بعد ما یشکو من العذاب فی الأخرة.
الزهاوی یقول عن لسان الحلاج:
کان فی الدنیا القتل منهم نصیبیونصیبی الیوم العذاب السعیر [55]ومن ثمّ الزهاوي یدعوه إلی التسلّي:قلت إنّ المقدور لا بد منهأوَ حتى إن أخطأ المقدور [56]
فهرس المصادر والمراجع
- القران الکریم.
- ابن اثیر، عزّالدین:الکامل في التاریخ، ج8، دارصادر، بیروت ، 1996م.
- ابن منظور، أبي الفضل جمال الدین محمّد بن مکرم، :لسان العرب، الطبعة الأولی، دارصادر، بیروت ، 2000م
- ابن ندیم، ابوالفرج محمد بن أبي اسحاق:الفهرست، رضاتجدد، بلا ط، طهران، 1971م.
- إعتصامي، پروین:دیوان پروین إعتصامي، تح:محمّد عالمگیر تهراني، الطبعة الثانیة عشر، انتشارات سپیده، طهران، 1384هـ. ش.
- أنصاري نژاد، محمّد حسین:یک باغ زخم تر، نشر همسایة، الطبعة الأولی، قم، 1377 هـ. ش.
- البغدادي، أحمد بن علي الخطیب البغدادي، تح:مصطفی عبدالقادر عطا، دارالکتب العلمیة، 1997م.
- الحلاج، الحسین بن منصور:مجموعه آثار حلاج، تح وتر:قاسم میرآخوری، الطبعة الأولی، انتشارات شفیعي، طهران، 1386هـ. ش.
- الرازي، محمد بن أبي بکر:مختار الصحاح، دارالفکر، 2006م.
- الزهاوی ، جمیل صدقي: ثورة أهل الجحیم، إعداد:مفید مسرح، نشر فی موقعwww. 4shard. com
- الزهري، أبي منصور:تهذیب اللغة، ج12، دارالإحیاء التراث العربي، 1421هـ. ق.
- سعید، أحمد(أدونیس):الأعمال الشعریة الکاملة، دارالعودة، الطبعة الرابعة، بیروت، 1985م.
- شفیعي کدکني، محمّدرضا، آیینه ای برای صداها(هفت دفتر شعر) مهارت، الطبعة الخامسة، طهران، 1385 هـ. ش.
- شوقلیني، جان:التصوف والمتصوفة، تر:عبدالقادر قیني، افریقیاالشرق ، بیروت، 1999م
- صالحی، سیدعلی:مجموعه اشعار سیدعلی صالحی، نگاه، طهران، 1385هـ. ش.
- الطبرسي، أبوعلي الفضل بن الحسین:مجمع البیان، الطبعة الأولی، دارالمجتبی، النجف الأشرف، 2009م.
- العطار، فریدالدین:منطق الطیر، تح:صادق گوهریان، انتشارات علمی وفرهنگی، 1293هـ. ش.
- اللاهوري، إقبال:کلیّات إقبال اللاهوري ، تح علی شریعتی و جاویدإقبال، إلهام، الطبعة الثالثة، طهران، 1388هـ. ش.
- اللاهوري، إقبال:کلیّات إقبال اللاهوري، تر:مجیب المصري، بلاط، لاتا.
- ماسینیون، لویي:چهار متن اززندگی حلاج، تر:قاسم میرآخوري ، الطبعة الأولی ، یاداوران ، طهران ، 1379هـ. ش.
- ماسینیون، لویي:قوس زندگی حلاج، تر:الحسین مصطفی الحلاج، الطبعة الأولی، قدس للنشر ، بیروت ، 2004م.
- میرفطروس، علي:آوازهای تبعیدي، نگاه، الطبعةالثانیة، طهران، 1357هـ. ش.
- النعیمي، أحمد إسماعیل:الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام، سینا للنشر، 1995م.
المقالات - «الأسطورة في الشعر والفکر»بحث عبدالرحمن یونس نشر في أیلول من عام 2003م. بموقع www. divanalarab. com
- «شعرهمسایه»نشر فی موقع www. ketabnews. com /detail-8961fa-.
الأقراص - موسوعة الشعر العربی، دار العریس للکمبیوتر، الإصدار الخامس، المملکة العربیة السعودیة، لاتا.
تر:عبدالقادر قیني، افریقیاالشرق ، بیروت، 1999م - صالحی، سیدعلی:مجموعه اشعار سیدعلی صالحی، نگاه، طهران، 1385هـ. ش.
- الطبرسي، أبوعلي الفضل بن الحسین:مجمع البیان، الطبعة الأولی، دارالمجتبی، النجف الأشرف، 2009م.
- العطار، فریدالدین:منطق الطیر، تح:صادق گوهریان، انتشارات علمی وفرهنگی، 1293هـ. ش.
- اللاهوري، إقبال:کلیّات إقبال اللاهوري ، تح علی شریعتی و جاویدإقبال، إلهام، الطبعة الثالثة، طهران، 1388هـ. ش.
- اللاهوري، إقبال:کلیّات إقبال اللاهوري، تر:مجیب المصري، بلاط، لاتا.
- ماسینیون، لویي:چهار متن اززندگی حلاج، تر:قاسم میرآخوري ، الطبعة الأولی ، یاداوران ، طهران ، 1379هـ. ش.
- ماسینیون، لویي:قوس زندگی حلاج، تر:الحسین مصطفی الحلاج، الطبعة الأولی، قدس للنشر ، بیروت ، 2004م.
- میرفطروس، علي:آوازهای تبعیدي، نگاه، الطبعةالثانیة، طهران، 1357هـ. ش.
- النعیمي، أحمد إسماعیل:الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام، سینا للنشر، 1995م.
المقالات - «الأسطورة في الشعر والفکر»بحث عبدالرحمن یونس نشر في أیلول من عام 2003م. بموقع www. divanalarab. com
- «شعرهمسایه»نشر فی موقع www. ketabnews. com /detail-8961fa-.
الأقراص - موسوعة الشعر العربی، دار العریس للکمبیوتر، الإصدار الخامس، المملکة العربیة السعودیة، لاتا.