الأحد ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم فارس سلامة العطار

أسلوبيات في شعر محمود درويش

لا فائدة كبيرة من الاستعراض المفصل لجهود العرب القدامى في مجال الأسلوب والبلاغة ، ويكفي أنهم أداروا كلامهم في الأسلوب والبلاغة حول (إعجاز القرآن) وهو أعظم ُ نص ٍ خطابي أَدبي عَرفتُه البشرية ِ ثم تناولوا قضية َ الشعرية ِ وتَوَصلوا إلي ما عُرِف عِندَهم (بعمود ِ الشعر) ، ولم يَكُنْ هذا كُلَّه بَعيداً عن نَظَرية ِ الأنواع ِ الأدبية ِ التي تُعدُ من جَوهر ِ( الشعرية) أيضاً وبهذا فإنَّ نظريات ِ الأسلوب ِ ومظاهِرِها البلاغية ِ نَشَأْت في حُضن ِ البحث ِ عن أدبية ِ النص ِومجالات ِ اللُّغة ولَمْ تَكُنْ كَمَا هي عِندَ الغرب ِ التي ارتبطت بميادين َ عمليةَ بعيدةً عن الجوانب ِ الفنية ِ للأُسلوب ِ الأدبي .

يُذَكّْرُنَا د. إحسان عباس بأنَّ الروماني شديد َ التَأَثُر ِ بالمنطق ِ اليوناني ، فَقَدْ عَرَف َ شَيْئاً مِنْ قِسمَةِ بَعضَ البَحْثِين اليونانيين للأُسلوب ِ في ثلاثة ِ أنواع :

 (أُسلوب ٍ رفيع ٍ ، أُسلوب ٍ متوسط ٍ ، أُسلوب ٍ عادي).

فنقلَ هذه القِسمة ِ إلى البلاغة ِ فقالَ " فَأَما البلاغةُ فهي على ثلاث ِ طبقات ٍ :

منها ما هو أعلى طبقة وأدنى طبقة ، فما كان في أعلاها طبقة ً فهو مُعجِز وهو بَلاغة ُ" القرآن ِ الكريم ِ"، وما كان َ مِنها دُونَ ذلك فَهُوَ مُمكِن كبلاغة ِ البُلُغَاء ِ مِن ْ الناس [1]

جهود القدامى :

1. ذهب أبو سُلَيمان الخطابي في بيان ِ( إعجاز ِ القرآن ِ) مَذْهَب َ الرماني في قِسمة ِ أَجناس ِ الكلام ِ ثَلاث َ مراتب ٍ فمنها البليغ ُ الرصين ِ الجَزِل ، ومِنها الفصيح ُ القريب ُ السهل ُ ، ومنها الحائز ُ المُطلَّق ُ ، فالقسم ُ الأَول ِ أَعلى طبقات ِ الكلام ِ و أَرفَعَه والثاني أَوسَطَه وأَقصَده ُ والثَالِث ُ أَدنَاه وأَقرَبَه [2]

2. استفاد َ الباقلاني من جُهود ِ السابقين في نَظَّرتِهم إلى الأُسلوب ِ والبلاغة ِ ويرى بِأَنَّهم ربَطوا كُّل َ ذلك بالصور ِ البيانية ِ في القرآن ِ ولكنَّ الطريقة َ المُثلي والجديدة َ عنده هي القول ُ بنظرية ِ النَظَّم والتأليف وهي طريقة ُ الجاحظ ُ والآمدي ُ وعبدُ القاهرِ الجُرجَاني . [3]

في الحَقيقة ِ إن َّ استعراض َ كُل الجهود ِ يتطلب ُ منا بَحث ٌ مُستقِل ٌ و لذا سنكتفي بالإشارة ِ إلى هَذه ِ الجُهود ِ.

جهود المحدثين:

استطاع َ (حُسين المُرصَفي) في كِتابه ِ الوسيلة ُ الأدبية ِ وهو عبارة ٌ عن مُحَاضرات ٍ أَلقَاهَا بدار ِ العُلوم ِ سنة ِ ( ألف ٍ وثمانمائة وثمان ٍ وثمانون َ 1888) ونُشِرَ أَغلب ُ ما تَضمنه ُ في مجلة ِ (رَوضة ِ المدارس ) أَنْ يُجَسِد َ الكثير َ من عناصر ِ النقد ِ العربي القديم ِ من ابن ِ الأثير ِ في كِتابه ِ ( المَثل ُ السائر ِ ) إلى تلخيص ِ أَبي الهلال ِ العَسكري ، ويُحِيْلُنَا أيضاً إلى كثير ٍ من الكتب ِ الأدبية ِ والنقدية ِ القديمة ِ مثل ُ ديوان ِ الحماسة ِ لأبي تمام ِ

يرى في الأسلوب ِ(المنوال) الذي يُنسَج ُ فيه الشعراء ِ تَراكِيبِهم وقوالِبِهم ، ولا يَرجع ُ إلى الكلام ِ باعتبار ِ إفادته ِ أَصل ُ المعني الذي هو وظيفة ُ الإعراب ِ و لا باعتبار ِ إفادتِه كَمال ُ المعني من خواص ِ التركيب ِ الذي هو وظيفة ُ البلاغة ِ والبيان ِ ، ولا باعتبار ِ الوزن ِ الذي هو وظيفة ُ العَروض ِ.

هذه العلوم ُ الثلاثة ِ خارجة ٌ عن هذه الصناعة ِ الشعرية ِ ، وإنما يَرجع ُ إلى صورة ٍ ذُّهنية ٍ للتراكيب ِ المُنتَظمة ِ كلياً ، باعتبار ِ انطباقِها على تركيب ٍ خاص ٍ.

هذه ِ الصورة ُ يَنتَزُعَها الذهن ُ من أعيان ِ التراكيب ِ و أشخاصِها و يُصَيرُهَا في الخيال ِ كالقالب ِ أو المنوال ِ ، ثم يَنتَقي التراكيب َ الصحيحة ِ ، فيَرصُهَا رصاً كما يَفعَلُه البنَّاء ُ في القالب ِ، أو النسَّاج ِ في المنوال ِ حتى يَتَسع َ القالب ُ بحصول ِ التراكيب ِ الوافية ِ بمَقصود ِ الكلام ِ ، ويَقع ُ على الصورة ِ الصحيحة ِ ، باعتبار ِ مَلَكة ِ اللسان َ العربي فيه .

إن لكل فن ٍ من الكلام ِ أساليب ُ تَختص ُ به وتُوجَد فيه على أنحاء ٍ مُختلفة ٍ .

كُل ُ هذا لن يَتَأَتي عند المرصفي إلا بِحفظ َ جيد ِ(الشعر) وعند ذاك تَنشأُ في النفس ِ ملكة ٌ يَنسج ُعلى مِنوالِها ويَتخير ُ المحفوظ ِمن الحُر ِ النقي الكثير ُ الأَساليب ِ ، ومَنْ كان َ خالياً من المحفوظ فنَظَّمه قاصرٌ رديء ٌ لا يعطيه الرَونْق َ والحلاوة َ إلا كََثرة َ المحفوظ ِ ، فَمَنْ قَلَ حِفظَّه ُ أو عُدِم َ لَم ْ يَكُن ْ له شِعر ٌ و إنما هو نَظَّم ساقط .

وبهذا الفَهم ُ للأُسلوب ِ يُفضل ُ" المر صفي" شِعرَ البارودي عن غيره ِ من الشُعَراء ِ ، بسبب ِ نَسجه ِ على منوال قصائد َ مشاهير ِ المُتقدمين من الشُعراء ِ ورَويَها على قصائدِهم ، فاستثبَت َ جميع َمعاني ما حَفِظَّه من الشعر ِ العربي ونَقَدَ شريفَهَا من خَسِيسِها ، واقفاً على صوابِها وخَطئِها ، مُدركا ما كان ينبغي وفق َ مقام ِالكلام و ما لا ينبغي .

أما ابن خلدون فيقول ُ في مقدمتِه " إنَّ الشعرَ هو الكلام ُ البليغ ُ المَبني على الاستعارة ِ والأَوصاف ِ المُفَصل بأجزاءَ متفقة ً في الوزن ِ والروي ، مستقل ٌ كل ٌ منها في غُرفة ٍ ومَقصَدهُ عما قَبلَّه ُ وبَعدَه ، الجاري على أساليبَ العربَ المخصوصة َ" [4] .

ويؤكدُ أَنَّ المُبدعَ كالبَنَّاء أو النَّساج ، والصورة ِ المنطبقة ِ كالقالب ِ الذي يُبنَي فيه ، أو المنوال ِ الذي يُنسَج عليه [5]

وهكذا نَلم ُ ببعض ِ جَوانب ِ من نقد ِ الأُسلوب ِ الشعري عند َ المُرصَفي وابن ِ خَلدون ، إِذْ لا يَخرُجا عن القدامى ، غير َ أَنهما ركَّزا على فكرة ِ المنوال ِ، وهما في نظرتِهِِما هذه إلى الأُسلوب ِ يَجعلُهما يقتربان ِ كثيراً من نظريات النقد ِ الحديث ِ، التي تُعَول على فكرة ِ (النموذج) أو(المنوال) في توليد ِ الجمل ِ والنصوص ِ والبُنيات ِ السردية ِ وغيرِها.

جهود المجددين :

نكتفي بالإشارة ِ إلى بعض ِ النُقاد ِ ومِنهُم (جُبران خليل جُبران) الذي شَرِب َمبادئ َ الرومانسية وظل َ يُردد ُ مَقولاتِهم النقدية ِ في (الإلهام ِ الشعري)، وشعر ِ(الشخصية) ، وهذا كُلُّه أدي إلى تكريس ِ أُسلوبية ِ التعبير.

فالأُسلوب ُ عِند َجبران َ يتجسد ُ في لُغته ِ الخاصة:

لكم لُغَتِكُم ولي لُغَتي ، لكُم من اللغة ِ العربية ِ ما شِئتُم ، ولي مِنهَا ما يُوافق ُ أفكاري وعواطفي ، لكُم مِنهَا الألفاظ ُوترتِيبَها ... لكُم مِنهَا قَواعِدِها الخاتِمة، وقوانِينِها اليابسة ِ المحدودة ِ، ولي مِنها نَغمة ِ أَحوال ِ رَناتِها ونَبَراتِها ... لكُم مِنها العَروض ُ والتفاصيل ُ والقوافي ... لكُم مِنهَا ما قاله ُ سِيبَويه و الأَسود ِ و ابن ِ عقيل ِ و مَا جَاء َ قَبلَهم و بَعدَهم ... ولي مِنهَا ما تَقُولَه ُ الأُم ُ لِطفلِها ... والمُتَعبد ُ لسَكِينة ِ لَيلِه ِ ... أَقول ُ لكُم إِنَما الشاعر ُ رَسول ُ ... فَإِن ْ لَم ْ يَكُنْ هُنَاك َ رِسالة ٌ فَليس َ هُناك َ شاعر ٌ و أَقول ُ لَكُم إِنَّ النَّظم َ والنَثر َ عاطفة ٌ وفكر ٌ وما زادَ على ذلك َ فَخيوط ٌواهية ٌ وأسلاك ٌ متقطعة ٌ " ، فالأُسلوب ُ ليس َ مُجرَد ُ ألفاظ ٍ وتعابيرَ ، ولكنَّه ُ طريقة ُ تَفكير ٍ ، وطريقة ُ تَعبير ٍ معاً ، طريقة ُ إِحساس ٍ وتخيَّل ٍ وتَمثُل ٍ ، فالأُسلوب ُ وسيلة ُ إظهار ِ شَخصية ِ الأَديب ِ والشاعرِ والفنان ِ .

3. فالأُسلوب ُ عِند َ جُبران َ كالخَيط ِ الأَبيض ِ والخيط ِ الأَسود ِ يُنسَجان ِ معاً في نَولٍ واحد ٍ، فإذا انقطع َ الخيط ُ الأَسود ِ يَنظر ُ الحائك ِ إلى النسيج ِ بأَسرِه ِ ثُم َ يَرجع ُ إلى نَولِه ِ يَفحَصُه ُ ويُنظفُه ُ ، فالأُسلوب ُ عِند َ حُبرانَ أُسلوب َ البيان ِ والبديع ، لا أُسلوب َ الأَسود ِ وابن َ عَقيل ٍ لا أُسلوب َ العَروض ِ والتفاصيل ِ والقوافي وما يُحشر ُ فِيها من جائز ٍ وغيرَ جائز ٍ [6]

ويقول الريحاني:

" الشعر ُ أَمواج ٌ مِن ْ العقل ِ والتَصور ِ تُولِدُها الحياة ِ ويَدفعُهَا الشعورُ فَتَجِيء ُ الموجةُ كبيرةُ أو صغيرةٌ ، هائجةٌ أو هادئةٌ محرقةٌ أو باردةٌ أو فاترةٌ يحسب ِ ما في الدوافع ِ من قوة ِ الحس ِوالبيان ... فإذا جَعَلَ للصيغ أوزانٌ وقياساتٌ تتقيد ُ مَعها الأَفكارُ والعَواطف ُ فتَجِيء ُ غَالباً وفيها نَقص ٍ أو حَشو ٍ أو تَبَذُل ٍ أو تَشويه ٍ أو إيهام ٍ [7] .

جُبران ُ والرِيحاني كِلاهُمَا يَثور ُ على اللُّغة ِ وقَواعدِها والعَروض ِ و أَوزَانه ِ والبلاغة ِ وفنونِها ، فاتفقا على الحيوية ِ التجديدية ِ ومُسايرة ِ التَطور ِ والفن ِ .

أما (ميخائيل نَعيمة) يُشَكل ُ القُطب ُ الثالث ِ في النقد ِ المَهجَري المُجدد ِ وبخَاصة ٍ في كتابه ِ ( الغربال ) فدافع َ في مقال ِ "نقيع َ الضفادع ِ " عن نَظَّرة ِ (جبران) إلى اللُّغة ِ والأُسلوب ِ والبلاغة ِ " إنَّ في الأدب ِ العربي فِكَّرتين تتصارعان ، فِكرة ٌ تَحصر ُ غاية َ الأدب ِ في اللُّغة ِ وأُخرى تَحصرُ غاية َ اللُّغة ِ في الأدب ِ فذَِِووا الفكرة ِ الأُولى لا يَرون للأدب ِ مِن ْ قَصد ٍ إِلا أَنْ يَكون َ مَعرَضاً لُغَوياً .. أَما أنصار ِ الفكرة ِ الثانية ِ يرون َ الأدب َ معرض َ أفكار ٍوعواطف ٍ " [8]

ويرد العقاد ُ على مَنْ يَتساهلُون في اللُّغة ِ في مُقدمة ِ الغربال ِ بمقال ٍ طويل ٍ " زُبدة َ هذا الخلاف ِ أنَّ المؤلف َ يَحسَب ُ العناية َ باللفظ ِ فُضُولاً، ويرى أنَّ الكاتب َ أو الشاعرَ في حَل ٍ من الخطأ ِ مادام َ الغرض ُ الذي يرمي إليه مفهوماً ، واللفظ الذي يؤدي به معناه مفيدا ، ويعن ِ له أنَّ التطورَ يقضي بإطلاق ِ التصرف ِ للأدباء ِ في اشتقاق ِ المفردات ِ وارتِجالِها ... إنَّ الكتابة َ الأدبية ِ فن ٌ ، والفن ُ لا يُكْتَفي بالإفادة ِ ولا يَغْنِي فيه مجرّد َ الإفهام ِ ، وعندي أن َّ الأديب َ في حَل ٍ من الخطأ ِ في بعض ِ الأحيان ِ ، ولكِنْ على شرط ِ أَنْ يَكُونَ الخطأُ خيراً وأجملَ وأوفى من الصواب ِ [9].

وعلى الرغم من ذلك َ كُلِه ِ ومن دَعْوتِه إلى التجديد ِ فإن َّ العقاد َ لم يَسْتَطع ْ أَنْ يتغاضى عن ظاهرة الضعف عند المجددين من المهجرين يقول: «ولا يؤخذ عليها إلا ما يؤخذ ـ عادة ـ على كتاب العربية في أمريكيا شاهد في قواعد اللغة وضعف في أساليب التعبير »» [10].

ويقول د. طه حسين في كتابه ( حديث الأربعاء) حول إيليا أبو ماضي " ولست ُ أَزْعُم ُ أنَّ لغة َ الشاعر ِ رديئة ً ... ولكنَّها تُقارِب ُ الرداءة َ أَحياناً .

يحدد طه حسين الأسلوب أو المعيار البياني ، هذا المعيار إِنْ دل َ على شيء ٍ فإِنما يدل ُ على ... الموهبة ِ البيانية ِ والذوق ِ الُلغَوي ، وإن ْ شِئْت َ فقل على حد ِ تعبيرِه صيغَتَه الفنية ، فالأديب ُ قد يَعْدُوه الصدق َ الفني [11] .

ويقول في موضوع ٍ أخر عن الشعر ِ وتأثِيره في القارئ " قد نقرأ ُ الشعر َ الذي يتناول هذه المعاني فَنُعْجَب ُ به لأنَّ لَفْظَهُ جيد ٌ أو لأنَّ فيه مغالاة ٍ تُدْهُشُنا وتُخَالِفُ ما أَلِفْنَا ، أو لأنَّ فيه شيءً من الإِحالَة ِ والبُعْد ِ عن مَعْقُول ِ الناس ِ، فإذا أَرَدْنَا أَنْ نُحَلِل هذا الشعر َ ونَلْتَمِس َ ما فيه من الجمال ِ الصحيح ِ ونُلاْءِم َ بَيْنَه وبَيْن َ ميولِنا وأهوائِنا وعواطِفِنا وأذواقِنا شيئاً فهم يَسْحَرُونَنَا بكلام ٍ نَسْمَعَه فَنَعْجَب ُ به ِ حتى إذا ما حَاْوَلنا فَهْمَه ُ واسْتِقصاءَ ما فيه ِ لَم ْ نَجِد ْ شيئاً أو وجَدْنَا ما لا يَرُوق " [12] .

وخلاصة َ الموقف ِ فإنَّ الأسلوب َ عِند َ طه حُسَين له شأن ٌ كبير ٌ في ذاته ِ ، ذلك َ بأنَّ التراكيب َ العربية ِ لها سحر ٌ في نفسه ِ ، يستوي فيها الإبداع ُ والتقليد ُ ، فالإبداع ُ فَضّلَه في ذَاته ِ ، والتقليد ُ فَضّلَه في الجرس ِوالمحاكاة ، ومرد ُ الفضل ِ في هذا وذاك َ إلى السر ِ الكامن ِ في روح ِ العربية ِ أو عمود ِ الشعر ِ فيقول ُ:«ثم من أُصولِنا التقليدية ِ في الأدب ِ عَمود ُ الشعر ِ ، هذا الذي لَمْ يستطع ْ أحدٌ أَن ْ ينحرف َ عنه ، في حقيقة ِ الأمر ِ مهما يُقَل ْ في مَسْلَم ودَعْبَل وأبي تمام ِ والمُتَنَبِي وغَيرَهُم من أصحاب ِ التَكلف ِ والتَصَّنع ِ والبَدِيع» [13] .

قَدْ تَناولَ طه حُسَين في نقده ِ (بُنية َ النص ِ الشعري وعِلاقَتَه بالنصوص ِ ما يُسَمى (التناص) ودور ُ الخيال ِ والصور ِ البلاغية ِ والأساليب َ الأخرى في العملية ِ الشعرية .

بنية القصيدة :

عَابَ طه حُسَين سُوءَ مطالع ِ القصائد ِ (عِند َ حَافِظ) ، وتَفَكك ِ أجزاء َ قصائده ِ و يَدخُل ُ هذا في أُسلُوب ِ بُنية ِ النص ِ ، أو بَلاغة ِ البِناء ِ .

التناص

يُلزِم ُ طه حُسَين الشاعر َ بالابتعاد ِ عن السَرِقات ِ اللفظية ِ والمعنوية ِ ، فالسارق ُ ناقل ٌ غَير َ مُختَرع ٍ .

الخيال

دَورُ الخَيال ِ عِند َ طه حُسَبن السمو بأُسلوب ِ الشعر ِ وتَشريف ِ مَعنَاه ُ .

الصور البلاغية

لابد َ للشاعر ِ أَنْ يُحسِن َ الانتقال ِ من الحَقيقة ِ إلى بَقِية ِ أَنواع ِ اللَفظ ِ ، أي إِتقَان ُ التَشبِيه ِ والاستِعَارة ِ ومَجَال ِ المجاز ِ والكِنَاية ِ وخِلّو ِ الشِعر ِ مِن ْ تِكرار ِ اللَفظ ِ والمَعنَي في القَصيدة ِ الواحدة ِ ، أو في القَصائِد ِ المُختَلِفَة ِ ، وأَن ْ يُبرِأَ شِعرَه ُ مِن ْ الخَطَأ ِ اللّفظِي والمَعنَوي .

إِن َّ هَؤلاء ِ النُقاد ِ يَتَفِقُونَ مع "بيفون" على أَنَّ الأسلوب َ هو الشخص ُ نَفسَه [14] ومِنْ جِهَة ٍ ثانية ٍ لم يَبَتعِدوا عَنْ مفاهيم َ البلاغة ِ التقليدية ِ للكتابة ِ الأدبية ِ والشعرية ِ ، إِذ ْ يَحصِرون الأساليب َ الشعرية ِ في تلك الصور

البلاغية ِ أو بعض َ الجوانب ِ المتعلقة ِ بِبنيات ِ النص ِ .

الأسلوبية والأسلوب في النقد العربي المعاصر.

إِنَّ النقد َ العَربي َ المُعَاصر َ استطاع َ أَن ْ يَستوعِب َ انجازات ِ الغرب ِ في صِياغَتِهم لمفاهيم َ الأُسلوب ِوالبلاغةِ صياغة ً جديدة ً سَواء َ عِند َ الأُسلوبِين َ المُحْدََثين أو البَلاغِيين الجُدُد َ أَو الشعريين .

النقاد ُ العَرب ِ اقتربوا من الفكر ِ النَقدي الغَربي من جِهَتين :

أولاً: التنظير الأسلوبي .

نَقف ُ في هذا الجَانب ِ عِند َ ناقدين مُعَاصِرين هما د.( صلاح فضل)، فهو يُحاول ُ أَن ْ يَستوعِب َ كُل َ النَظَريات ِ الأُسلُوبِية ِ مِنذ ُ( بالي ) إلى (ريفاتير ) أي أَنه ُ يُحَاول ُ تَقدِيم َ الأُسلوبية ِ التعبيرية ِ وهي (عِلاقة ُ النص بالموضوع )و الأُسلوبية ِ التأثيرية ِ وهي ( التأثير ُ في المُتَلقي ) و الأُسلوبيةِ التأليفية وهي ( بُنيةِ النصِ اللُغَوي ) [15].

أما( سعد مَصْْلُوح ) فقد ركز َ على المنهج ِ الإحصائي في دراسة ِ الأُسلوب َ الأدبي ، واهتم َ بصفةٍ خاصةٍ بنظرية ِ (وازمان ) الألماني في تفسير ِ أدبية ِ النص ِ أو شِعّْريتِه ، التي تَعتمد ُ على الأُسلوب ِالإحصائي .

إِنَّ تَحديد َ درجة ِ أدبية ِ أو شعرية ِ ( نص ) ترتبط ُ بعملية ٍ إحصائية ٍ للدلالة ِ اللُغَوية ِ
 [16].

ثانياً: التطبيقات النقدية الأسلوبية .

يُمثل ُ د. (عبد السلام المَسْدِي) رائداً في هذا الاتجاه ِ، إِذْ يُحدد ُ ثَلاث َ اتجاهات ٍ لدراسة ِ الأُسلوب ِ، الأُسلوب ُ من جهة ِ المُخَاطَب ، والأُسلوب ُ مِنْ جِهة ِ الخِطَاب ِ ، والأُسلوبُ مِنْ المُخاطِب .

جَمَاع ُ هَذه ِ الجِهات ِ تَجْعلُنا نَفهم ُ الأُسلوب َ والأُسلوبية ِ بِشكل ٍ أَشمل ٍ وبِشكل ٍ أَنجَع ٍ في إجراءات ِ التطبيق ِ النَقدي على أعمال ٍ شعرية [17] .

ويُعد ُ ( محمد الهادي الطرابلسي ) نموذجاً أخرَ في هذا الاتجاه ِ ، فَيهتم ُ على تَخطى الوقائع ِ الأُسلوبية ِ الصُغرى إلى مؤشرات ٍ أُسلوبية ٍ عَامة ٍ لأجيال ٍ ، أو حَركات ٍ ، أو آداب ٍ ، وهنا نَكون ُ أَمام َ التصدي لإِيجاد ِ نَظَريات ٍ عامة ٍ تَخُص ُ الأَدب َ ومادَتَه وعلاقتُها بالكيانات ِ الأُخرى والمواد ِ الأُخرى ، وهُنا نَعتمد ُ على السياق ِ أو التَحليل ِ الأُسلُوبي [18].

الأسلوب في الثقافة الأوروبية :

يمثل أرسطو راكزاً لكثير من الآراء حول تحديد الأسلوب ، ففي كتابه ( فن الخطابة ) حدد أرسطو معاير الأسلوب ، فلم يكن فن الخطابة مقصوراً على أساليب التعبير ، بل تناول تأليف المعاني المناسبة للموضوع ، وطبائع المخاطِبين [19].

بوفون (1788 ) :

4. يقول بوفون «أما الأسلوب فهو الإنسان نفسه ، فالأسلوب لا يمكن أخذه ولا نقله ولا تعديله» [20].

فالأسلوب عنده صفة شخصية في استعمال اللغة لا يمكن تكرارها .

النقاد الانطباعيين :

5. يعرف أحد النقاد الانطباعيين الأسلوب بقوله «إن كلمة الأسلوب تعني أشياء كثيرة ، ولكن كلما كانت هذه الأشياء أكثر تحديداً، أي كلما كانت صالحة لأن يشار إليها بالأصبع ، كانت أبعد عن المعني المركزي الكامن في الكلمة ، وهو التعبير اللازم ... عن حالة فردية للتجربة» [21].

يقول محمود درويش:

وما القدس ُ والمدن ُ الضائعةْ

ســــوى ناقة ٍ تمتطيها البداوةْ

إلـــــــــــــى السلطة ِ الجائعةْ

وما القدس ُ والمدن ُ الضـائعةْ

ســــــــــــــــوى مِنبر الخطابةْ

ومستودع للكــــــآبة ْ

وما القدس ُ إلا زجاجة َ خَمر ٍ وصندوق َ تبغْ

لكنَّها وطنــــــــي

من الصعب ِ أَنْ تَعزلوا .........

عصيرَ الفواكه ِ عن كَرَيات ِ دمــــــــــي ـ

ولكنَّها وطنـــــــــــــــي ...........

مـــــــــــــن الصعب ِ أَنْ تَجِدوا فارقاً واحداً

بين حَقل ِ الــــــذُرَة ..............

وبين تجاعيد َ كفـــي ...............

ولكنَّها وطنـــــــــــي ...............

اتكأ الشاعر محمود درويش في هذه القصيدة على بيانات واقعية (الناقة ، السلطة ، المنبر ، المستودع ، الزجاجة ، الصندوق ، الخمر ، التبغ ، العصير، الفواكه ، الحقل، الذرة، التجاعيد)، فالشاعر لم يدخل في جدل مع التاريخ والمجتمع، فالبيانات الواقعية قاموس الشاعر .

ويقول الشاعر درويش :

سجـــــــلْ

أنا عربي

ورقم َ بطاقتي خمسون َ ألف ْ!

وأطفالي ثمانية

وتاسعهم .. سيأتي بعد صيف ْ!

* * *

فهل تغضب ْ

سجـــــــلْ

أنــا عربــــــــــــــــي

أسل لهم رغيف الخبـــــــــــزْ

الأثواب والدفتــرْ

من الصخـرْ

ولا أتوسل الصدقات من بابك ْ

ولا أُصَغَّرُ

أمــــــــــام بـــلاط أعتــابـِــك ْ

فهل تغضـــــب ْ

كرر الشاعر محمود درويش (سجل أنا عربي) عدة مرات للتأكيد على هوية الأرض العربية الفلسطينية ، فهي حق للشاعر درويش , وهو فلسطيني ، والبطاقة لاجئة فلسطينية فهي حق لكل من يحمل البطاقة .

يقول محمود درويش :

ما لــــــــــــــــــــــــون عينُها ؟

يقول المســـــــــــــــــــــــــــــاءْ

أخضرٌ مرتــــــــــــــــــــــــــاحْ

على خريفٍ غـــــــــــــــــامـضْ

فَتشتُ عنها العيــــــــــــــــــــونْ

فـلم أَجدْهــــــــــــــــــــــــــــــا

لم أجدْ فــــــــــــــــــــي الشجرْ

خُضــرتُـهـا

فَتشتُ عنها السجــــــــــــــــونْ

لم أَجدْ إلا فُتات القمرْ

فَتشتُ جـــــــلدي

لــــم أجـــــــــــــــــــــدْ نبضَها

ولم أَجدْها في هديرِ السكون ْ

ولم َأجدْها فـــي لغاتِ البشرْ

اعتمد الشاعر في هذه القصيدة على ضمير الغائب (عينها، أجدها، خضرتها، نبضها) ، لتجسيد قضيته القومية و مرارة الحاضر وأمل المستقبل .

يقول الشاعر محمود :

أَنتِ بَيْتِي ومَنْفَاي ......... أَنتِ

أَنتِ أرضي التـــــــــي دَمرتنِــي

أَنتِ أرضي التي حَولتنِي سمــــاءْ

أَنتِ جرحي وقــوسُ قــــــــزحْ

أَنتِ قيــــــدي وحـــــريتــــــــي

وأَنت ِطينــــــي وأسطورتــــــي

أَنتِ لي أنتِ لي بجِراحــــــــــكِ

أَنــتِ شمســــــــــي التي تنطفـئْ

أَنــت ِليلِي الـذي يشتعـــــــــــــلْ

أنت ِموتي وأنت ِحياتـــــــــــــي

اندمجت ضمائر (المخاطب ، والتكلم) في هذه القصيدة (أنت ِ بيتي ، أنت ِ أرضي ، أنت ِ جرحي ، أنت ِ قيدي ،أنت ِ طيني ، أنت ِ لي ، أنت ِ شمسي ، أنت ِ ليلي ، أنت ِ موتي ، أنت ِ حياتي) إشارة على التوحد بين الأنا والأخر .

ويقول الشاعر درويش :

قَبري يا أمي ! .. ليسَ لقبري عنــــوانْ

أنا حيٌ في كل ِ مكان ْ

أمشي .. لكن ْ مـا لي قدمـــان ْ

أحكي .. لكن ْمـن دون ِ لسـانْ

وأري .. لكنْ مـــا لي عينـان ْ

مـــن صنع الثـــورة .. والأحـــــــــزانْ

تعد المقابلة أسلوباً اعتمد عليه محمود درويش في هذه القصيدة (قبري ، ليس قبري)، (أمشي، لا أمشي)

(أتكلم، أصمت) ، (أبصر، أعمي) ، لينقل الحياة من الخارج إلى الداخل ، فتصبح حياة جماعية ، وبمعنى أخر كأن الموت طريقة الحياة ، فالموت تصنعه الثورة .

ويقول الشاعر :

يا دامي َ العينين ، والكفينْ !

إن َّ الليل َ زائلْ

لا غرفة َ التوقيف ِ باقيــــــــةْ

ولا زرد َ السلاســــــــــــــلْ !

نيرون مات ولم تمت ْ روما ...

بعينِها تقاتلْ !

استعمل الشاعر محمود درويش في هذه القصيدة أداة الجزم والنفي (لم تمت) للدلالة على الماضي .

ويقول الشاعر محمود درويش :

أهديك َ ذاكرتي على مرآي من الزمنْ

أهديك َ ذكراتي

ماذا تقولُ النارُ يا وطنـــــــــــــــــي ؟

ماذا تقولُ النارْ ؟

هل كنت ِ عاشقتــــــــــــــــــــــــــــي

أم كنت ِ عاصفةً على أوتارْ ؟

وأنا غًريبُ الدار ِ فــي وطني

غَريبُ الدارْ .....................

أكثر الشاعر درويش من أسلوب الاستفهام ( هل ، ماذا ) لارتباطها الوثيق بحركات القصيدة الوجدانية الداخلية ، فالحالة الشعورية ( الحزن ، الأسى ، التمزق ، الضياع ، التشريد في المنفي ) .

ويقول الشاعر :

البحر قراصنة ، لا تبحر يا صياد ْ

جوعوا يا أولاد ْ!

فاشمخ ْ يا أكبرَ قرصانْ

لن تجلد َ إلا ظَهرك ْ....

إلا ظَهرك يا جلادْ .....

بدأ الشاعر درويش هذه الأسطر بجملة ( البحر قراصنة ) وهي جملة تقريرية لتتبع مساوئ الأعداء ، وجاءت أساليب الإنشاء ( جوعوا ، اشمخ ) أمر ، ( يا أولاد ، يا أكبر ، يا جلاد ) نداء ، ( لن تجلد ) نفي ، ( لا تبحر ) نهي حصيلة للجملة ، فالهزيمة للمحتل و هذا ما أكده الشاعر في أسلوب الاستثناء ( إلا ظهرك ) .

ويقول الشاعر محمود :

وطني ! لم يُعطني حُبي لك ْ

غير َ أخشاب َصليبي !

وطني يا وطني ، ما أجملك ْ!

اتحدت الذات في قوله ( يا ) المضمرة ، مع الواقع في قوله ( وطني ) ونطلق عليه (بالمجاورة ) و تثير أداة التعجب (!) الشحن العاطفية المتولدة من لفظة ( وطن ) ، فالتلذذ بالصلب من أجل الوطن ، والتمتع بحرية الوطن واقعان غير متكافأن يعكسان مأساوية الموقف .

ويقول الشاعر :

أَعـــــــــــــــد ُ لهم ما استطعتْ

وينشق ُ فــــــــــــــي جثتي قمرْ

ســــــــــــــــاعة الصفر وقــــــــتْ

وفي جثتي حبةْ

أنبتت السنابلْ

سبع َ سنابل في كل سنبلةٍ ألفَ سنبلة

لجأ الشاعر محمود درويش في هذا المقطع إلى أسلوب (الاقتباس) من القرآن الكريم ، فقوله (أعد لهم ما استطعت) مقتبس من قوله تعالي " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " .

وفي قوله ( ينشق في جثتي .... ساعة الصفر ) مقتبس من قوله تعالي ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) .

وفي قوله ( أنبتت سبع سنابل .... في كل سنبلة ألف ) مقتبس من قوله تعالي " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل " .

ويقول الشاعر درويش :

وضعوا على فمه ِ السلاسل

ربطوا يديه بصخرة ِ الموتى

وقالوا أنتَ قاتلْ !

* * * * * * * *

أخذوا طعامَه ، والملابس َوالبيارق

ورَموه في زنزانة ِ الموتى

وقالوا : أنت سارق ْ !

طردوه مــــــــِـــــن كل ِ المرافئ ْ

أخذوا حبيبتَه الصغيرة ْ

ثم قالوا : أنت َلاجـــئ ْ

* * * * * * * *

يا دامــــــــــي َ العينين ، والكفين !

إنَّ الليل َ زائلْ

لا غــــــــــــــرفة َ التوقيف ِباقيةْ .

من الأساليب الواضحة في هذا النص اسم الفاعل (قاتل ، سارق، لاجئ، دامي، زائل ، باقي ) واسم الفاعل صفة دالة على الحال و المستقبل *، فقهر الزنزانة ، وسلب الأرض , وظلم الإنسان ، حال الفلسطيني .

يقول محمود درويش :

فلسطينيةُ العينين ِ والوشم ِ

فلسطينيةُ الاســـــــــــــــم ِ

فلسطينيةُ الأحلام ِ و الهم ِ

فلسطينيةُ المنديل ِ والقدمين ِ والجسم ِ

فلسطينيةُ الكلمات ِ و الصـــــــــمت ِ

فلسطينيةُ الصــــــــــــــــــــــــــوت ِ

فلسطينيةُ الميلاد ِ والمــــــــــــــوت ِ [22].

نلاحظ في هذه القصيدة الدوال تؤدي مهمتها في شبه استقلالية داخلية ، فهجرة الدوال للمرجع المعجمي ، يدخلها في دائرة الاحتمالات الإنتاجية التي ترتبط بالمتلقي ، الأمر الذي يجعل الدوال ثنائية الإنتاج [23].

فالثنائية ( الميلاد والموت ) فالعلاقة بينهما تقوم على التنافر ، وثنائية ( الكلام والصمت ) وثنائية ( الأحلام والهم )فسمح الشاعر بتلاقي الكلام والصمت والحلم والهم ، فواقع الفلسطينية يحتاج إلى الكلام لا الصمت ، إلى التفاؤل لا الهم ، إلى الميلاد لا الموت .

إن الأسلوب هو طريقة الكتابة، طريقة اختيار الألفاظ، للتعبير عن المعاني بهدف التأثير والتوضيح [24]

ويتكون المضمون من الأفكار والعواطف والأخيلة والحالات النفسية [25].

فالألفاظ يجب أن تكون مألوفة ، والجملة يجب أن تكون فصيحة لتكوين البناء الفني القوي ، وتحقيق الارتباط بين الفقرات داخل البناء العام للنص الأدبي .

الأفكار هي فلسفة النص ، هدف النص ، المدلول العقلي للنص ، والعواطف تثير النفس ، فعاطفة النص تثير عاطفة المتلقي و تأجيج تلك العواطف، والخيال هو القوة التي تجعل المبدع يربط بين الأشياء المختلفة [26] . . والحالات النفسية هي الإيقاع .

الإيقاع ينقسم إلى إيقاع خارجي ويقصد به الوزن العام للقصيدة ، ويكون مرتبطاً بموضوعها ، أما الإيقاع الداخلي فهو انسجام أصوات الحروف في المقطع الواحد أو الموضوع الواحد [27] .

.


[1انظر إحسان عباس ، تاريخ النقد الأدبي عند العرب ، دار الشروق ، عمان 1993 ، ص332

[2انظر الخطابي ، بيان إعجاز القرآن ، تحقيق محمد خلف الله ، دار المعارف ط/ 2 ، 1968

[3لمزيد من التفصيل انظر الباقلاني ، إعجاز القرآن ، تحقيق سيد أحمد ، دار المعارف ، القاهرة 1963 ، ص35 وما بعدها

[4ابن خلدون ، المقدمة ، بيروت ، دار العودة بدون، ص474

[5نفسه ، ص475

[6لمزيد من التفصيل انظر د. عيسى الناعوري ، أدب المهجر ، دار المعارف ط/3 1977، ص65 وما بعدها

[7نفسه ، ص194

[8ميخائيل نعيمة ، الغربال ، 1946

[9د. أحمد سليمان ، الشعر الحديث ، الدار العربية للكتاب 1983 ، ص119

[10الغربال ، مرجع سابق ، المقدمة

[11طه حسين ، حديث الأربعاء ، ج/1 ، دار المعارف ، المكتبة التجارية 1925، ص56

[12نفسه ، ص82

[13طه حسين ، ألوان ، دار المعارف بدون، ص 14

[14د. على جواد طاهر ، مقدمة في النقد ، المؤسسة العربية ط/2 ، بيروت 1979 ، ص306

[15د. صلاح فضل ، علم الأسلوب مبادئه واجرئاته ، ط/2 ، 1985

[16انظر سعد مصلوح ، الأسلوب دراسة لغوية إحصائية ، بدون ، دراسات أسلوبية ، عالم الكتب ، القاهرة ط/2 ، 1422

[17عبد السلام المسدي ، الأسلوبية والأسلوب ، الدار العربية للكتاب ، ليبيا – تونس 1977

[18انظر محمد الهادي الطرابلسي ، تحاليل أسلوبية ، دار الجنوب ، تونس 1992

[19انظر أرسطو، فن الخطابة

[20شكري عياد ، مفهوم الأسلوب ، فصول / 1985 ، ص53

[21نقلاً د. شكري w.d. b8 ، اللغة والإبداع ،ص25

[22محمود درويش ، الأعمال الكاملة ، دار العودة ، بيروت ، ط/12 ، 1987

[23انظر د. محمد عبد المطلب ، التجديد في القصيدة العربية ، مؤسسة يماني الثقافية ط/1 ، 1988 ، ص214

[24أحمد الشايب ، الأسلوب ، مكتبة النهضة ، القاهرة 1976 ، ص44]خ .

فالأسلوب صوت كلمات المبدع ، فالأسلوب شكل ومضمون ، ويتحدد الشكل في اللفظة المفردة ، في الجملة ، في الفقرة لتكوين البناء العام [[ انظر د. على جواد الطاهر ، مقالات ط/1 ، اتحاد الأدباء ، بغداد 1962 ، ص28

[25نفسه، ص28

[26مجدي وهبة ، معجم مصطلحات الأدب ، مكتبة لبنان ، بيروت 1979 ، ص166

[27فائق مصطفي ، في النقد الأدبي الحديث ، دار الكتب للطباعة 1989 ، ص43


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى