أشعار عن الشعر
قالوا شعرًا
عن الشعر:
ثمة اهتمام بما قاله الشعراء في موضوع الشعر أو عنه، وما زلت أذكر أنني التقيت كاتبًا قبل نحو عشر سنوات في مكتبة الأستاذ ماهر الكيالي في عمّان- المؤسسة العربية للدراسات، وطلب مني هذا الكاتب أن أزوده بما قلت شعرًا عن شعري، لأنه يعكف على إصدار كتاب جمع فيه ما قاله كل شاعر وصل إلى مخزونه، ويكاد يفرغ منه.
لا أذكر اسم الكاتب، ولا أعرف إن كان الكتاب قد صدر.
ويا ليت مشروعه يُنجز!
هذا الموضوع جميل بحد ذاته، وسأقدم لكم ما تيسر لي وأذكره من هذا الشعر:
يقول حسان بن ثابت:
وإنما الشعر لبُّ المرء يعرضهعلى المجالس إن كَيْسًا وإن حُمُقاوإن أحسن بيت أنت قائلهبيتٌ يقال إذا أنشدتَه صَدَقا
(ديوان حسان بن ثابت، ص 169)- دار بيروت للنشر.
إذن فشاعرنا حسّان لا يرى "أعذب الشعر أكذبه"- هذا القول المأثور، بل يراه أصدقه.
غير أن هذا البيت الثاني ورد أيضًا في شعر طرَفة، حيث يقول:
ولا أَغير على الأشعار أسرقهاعنها غَنِيتُ وشرُّ الناس من سرقاوإن أحسن بيت أنت قائلهبيتٌ يقال إذا أنشدتَه صَدَقا
(ديوان طرفة بن العبد، ص70)
بل هناك من نسبه لزهير بن أبي سُلمى. (ابن عبد ربه: العقد الفريد ج5، ص 326)
جدير بالإشارة إلى أننا نجد هنا وهناك بدلاً من لفظة (أحسن):
(أفضل) أو (أشعر).
أما الفرزدق فيرى أن كرام النفوس هم الذين يصدرون الشعر الكريم، ولذا فشعر نُصَيَْب الأسود هو شر بحد ذاته، وبالطبع فهذا رأي غير موضوعي:
وخير الشعر أكرمه رجالاًوشرُّ الشعر ما قال العبيد
قرأنا بعض الروايات التي تشي بأن الشعر يُزري بأبناء الملوك شأن ما روي عن امرئ القيس (حال الجريض دون القريض)، وصولاً إلى الشافعي بدافع ديني:
ولولا الشعر بالعلماء يُزريلكنت اليوم أشعر من لبيد
لكن الشافعي ظل يقول الشعر، ولم يكفّ عنه بسبب هذه الدعوى التي ادعاها.
أعود إلى بيت حسان:
وإنما الشعر لبُّ المرء يعرضهعلى المجالس إن كَيْسًا وإن حُمُقا
فأجد أبا تمّام ينسج على المنوال نفسه:
ولو كان يفنى الشعر أفنته ما قَرَتحياضُك منه في العصور الذواهبِولكنه فيض العقول إذا انجلتْسحائب منه أُعقبتْ بسحائب
في موقف آخر أجد أبا تمام يصف الشعر (شعره) بعد أن خلع عليه الممدوح خِلعة:
حسنُ هاتيكَ في العيون وهذاحسنه في القلوب والأسماع
فحسن الشعر في القلب وملء السمع، بينما كان حسن الخلعة في النظر، فانتصر بذلك للشعر.
على ذكر أبي تمّام: كم كنت أردد قوله إعجابًا، وهو يصف علاقة الشعر بالمكارم:
ولولا خِلالٌ سنّها الشعر ما دَرىبُغاةُ العلا من أين تُؤتى المكارمُيُرى حكمةً ما فيه وهو فكاهةٌويُرضى بما يَقضي به وهو ظالم
و كان ابن الرومي - معاصره- قد قال:
أرى الشعر يُحيي الناسَ والمجدَ بالذيتُبقّيـه أرواح له عطراتُوما المجدُ لولا الشعرُ إلا معاهدٌوما الناس إلا أعظم نخرات
ورد في كتاب (العقد الفريد):
"يصف الراجز الشعر:
إنما الشعر بناءٌيبتنيه المبتنونافإذا ما نسّقوهكان غثًّا أو سميناربما واتاك حينًاثم يُستصعبُ حينا"
(العقد الفريد ج 5، ص 327)
لا أدري لماذا جُعل هذا الشاعر راجزًا هنا، والشعر من مجزوء الرمل.
لا أنهي جولتي في الأدب القديم دون أن أصحب المتنبي في قراءته للمستقبل أنه سيكون على ألسنة الناس، حيث تتكرر قراءته ومطالعته، ويُنظر في شعره، وينام هو ملء جفونه عن شواردها.
بل أزعم أن الشعراء في رؤاهم الشعرية المتباينة يتفقون على أستاذية أبي الطيب وعلوّ قامته وقيمته:
وما الدهر إلا من رواة قصائديإذا قلت شعرًا أصبح الدهر منشدافسار به من لا يسير مشمِّراوغنّى به من لا يغنّي مغرّداأجِزْني إذا أُنْشِدْتَ شِعراً فإنّمَابشِعري أتَاكَ المادِحونَ مُرَدَّدَاودع كل صوت غير صوتي فإننيأنا الطائر المحكيُّ والآخر الصدى
لندع المتنبي يصرّح مزهوًّا:
أنا الذي نظر الأعمي إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
ونختم بقول لأبي فراس الحمْداني في تعريف شعري جامع:
الشعر ديوان العرب
أبدًا وعنوان الأدب
لَمْ أعْدُ فِيهِ مَفَاخِري
ومديحَ آبائي النُّجُب
لنأت إلى العصر الحديث:
نبدأ برأي شوقي في الشعر إذ يحدد موضوعاته:
والشِّعرُ إن لم يكن ذكرى وعاطفةأو حكمة فهو تقطيعُ أوزانِ
وليس إيليا أبو ماضي عنه ببعيد، فالشعر ليس منه إن اقتصر على اللفظ والوزن:
لستَ منِّي إن حسبتَالشِّعر ألفاظًا ووزنًا
أما جميل صدقي الزهاوي فهو يصف وَقعَه وتأثيره:
والشِّعرُ ما اهتزَّ منه روح سامعهكمن تكهرب من سلكٍ على غفل
يقول أمين نخلة في وصف آخر له:
أنا لو سُئلتُ لقلتُ في تعريفهطربٌ يهزُّك كالغناءِ الصَّاخبِ
أما أبو القاسم الشابي الحزين برومانتيته:
يا شعرُ أنت فمُ الشُّعورِوصرخةُ الرُّوحِ الكئيبْ
وأخيرًا دعونا نصحب نزار قباني الشاعر الشاعر:
أكثر نزار من الكتابة في شعره عن الشعر، أذكر منه ما يصفه بالموقف الغاضب:
الشِّعرُ ليس حماماتٍ نُطيِّرُهافوقَ السَّماءِ ولا نايًا وريحَ صبالكنَّهُ غضبٌ طالت أظافرُهُما أجبنَ الشِّعر إن لم يركبِ الغضبا
في قصيدته العصماء "أنا يا صديقة متعب بعروبتي" وقد ألقاها في تونس سنة 1981أتى فيها على موقفه من الشعر، ودوره:
الشعر رغم سياطهم وسجونهمملك وهم في بابه حجّابمن أين أدخل في القصيدة ياترى؟وحدائق الشعر الجميل خرابلم يبق في دار البلابل بلبللاالبحتري هنا ولا زريابشعراء هذا اليوم جنس ثالثفالقول فوضى والكلام ضبابيتكلمون مع الفراغ فما همعجم إذا نطقوا ولا أعراباللاهثون على هوامش عمرناسيّان إن حضروا وإن هم غابوايتهكمون على النبيذ معتقاوهم على سطح النبيذ ذبابالخمر تبقى إن تقادم عهدهاخمرًا وقد تتغير الأكوابمن أين أدخل في القصيدة ياترى؟والشمس فوق رؤوسنا سردابإن القصيدة ليس ماكتبت يديلكنها ماتكتب الأهدابمالشعر؟ ماوجع الكتابة؟ ماالرؤى؟أولى ضحايانا هم الكتابيعطوننا الفرح الجميل وحظهمحظ البغايا ما لهن ثواب
هذا غيض من فيض ما قاله الشعراء في الشعر.
بقي أن أسأل عن كتاب "الشعر عن الشعر"، فأنا أبحث عنه.
مشاركة منتدى
5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018, 03:02, بقلم عبد اللطيف السخيري
السلام
لقد نشر الناقد التونسي الطاهر الهمامي رحمه الله كتابا بهذا العنوان:
الشعر على الشعر (بحث في الشعرية العربية من منظور شعر الشعراء على شعرهم إلى القرن 5 ه/11 م2003 )
18 آذار (مارس) 2019, 13:18, بقلم حسام أحمد المقداد
الشّعرُ
الشّعرُ مسٌّ ، قِيلَ في الشّعراءِ
أو عَزفُ جنّ ، رنّةُ الوَرقاءِ
مزنٌ وترْسلُه السّماءُ تتابعاً
يَستنزلُ الرُّحْمى على الخَضراءِ
دُررٌّ على مرّ الزّمانِ كشامةٍ
في سفْحِ نهْدِ الكاعبِ الحسناءِ
هَطْلُ الرّهامِ على وجوهِ ورودِنا
ريحُ الصّبا في الدّوحةِ الغنّاءِ
كالشّمسِ عندَ الصّبحِ ينفعُ لَفحُها
يا سِحرَها ، ومقامُها مُتنائي
صيغٌ ، ومن عِطرِ الكلامِ مفاتنٌ
أفضتْ بصاحِبها إلى العلياءِ
ومباهجٌ تُمْشِي القلوبَ وراءَها
ونوالها كالدّيمةِ المِعطاءِ
يعطيكَهُ فنّانُ ، بلْ هو سَاحرٌ
متفرِّدُ الأنباءِ والآراءِ
يعلو يطاولُ في السّماءِ مُغرّدا
بالخيرِ معصوماً منَ الفحشاءِ
يقتادُ أجنحةَ الخيالِ محلّقا
سير السّرابِ بوحشةِ القَفراءِ
ويجوزُ يسعى ليسَ تُدْركُ رُوحُهُ
ما حازَ صنعتَهُ بنو الظّلْماءِ
كمْ سرّني في الكونِ أنّيَ شاعرٌ
أفنَى الحياةَ بأجملِ الأعباءِ
حِبّ حبيبٌ للنّفوسِ مقرّبٌ
إنسُ السعيدِ، وضحكةُ البكّاءِ
إنّي الكثيرُ بذي الحياةِ، وصنعتي
ما أعجمتْ إلا على الدُّخلاءِ
في أي نادٍ ما أكون فإنّني
لأنا الـ أقيمُ قيامةَ الشّعراءِ
ماهمّني لقبٌ ولم أكُ ساعياً
لأنالَ خلعة َلجنةِ الأدباءِ
بعضي القصيدةُ ،والقريضُ مُصاحبي
صيفي، خريفيَ، مَرْبَعِي، إِشْتائي
أهدي العمومَ قصائدي ببراعتي
من أَدْمُعي وحُشَاشتي وعَنائي
أسمو بها نحوَ الجمالِ حقيقةً
وبها أجاوزُ هامةَ الجوزاءِ
متفردٌ بأناقتي مُتمردٌ
بِصَبابتي متفردٌ بذكائي
يكفي لمثلي أن يكون مغايراً
في مَحفَلِ الأدباءِ والعقلاءِ
وأكونُ مفتاحَ الجمالِ حقيقةً
عينَ الزّمانِ وأفصحَ الفصحاءِ
مستشرفاً للشّمسِ ،مرتقباً لها
خوفَ الزّوالِ ، وفرقةَ الأحياءِ
و لأكتبنّ، لأكتبنّ، لأكتبن
كي أبْكُمنَ فصاحةَ الفُصَحَاءِ
ويقالُ أجزلَ في القصيدِ براعةً
كابن الحسينِ ، وأخطلٍ ، والطّائي
**
18 آذار (مارس) 2019, 13:21, بقلم حسام أحمد المقداد
الشّعرُ
الشّعرُ مسٌّ ، قِيلَ في الشّعراءِ
أو عَزفُ جنّ ، رنّةُ الوَرقاءِ
مزنٌ وترْسلُه السّماءُ تتابعاً
يَستنزلُ الرُّحْمى على الخَضراءِ
دُررٌّ على مرّ الزّمانِ كشامةٍ
في سفْحِ نهْدِ الكاعبِ الحسناءِ
هَطْلُ الرّهامِ على وجوهِ ورودِنا
ريحُ الصّبا في الدّوحةِ الغنّاءِ
كالشّمسِ عندَ الصّبحِ ينفعُ لَفحُها
يا سِحرَها ، ومقامُها مُتنائي
صيغٌ ، ومن عِطرِ الكلامِ مفاتنٌ
أفضتْ بصاحِبها إلى العلياءِ
ومباهجٌ تُمْشِي القلوبَ وراءَها
ونوالها كالدّيمةِ المِعطاءِ
يعطيكَهُ فنّانُ ، بلْ هو سَاحرٌ
متفرِّدُ الأنباءِ والآراءِ
يعلو يطاولُ في السّماءِ مُغرّدا
بالخيرِ معصوماً منَ الفحشاءِ
يقتادُ أجنحةَ الخيالِ محلّقا
سير السّرابِ بوحشةِ القَفراءِ
ويجوزُ يسعى ليسَ تُدْركُ رُوحُهُ
ما حازَ صنعتَهُ بنو الظّلْماءِ
كمْ سرّني في الكونِ أنّيَ شاعرٌ
أفنَى الحياةَ بأجملِ الأعباءِ
حِبّ حبيبٌ للنّفوسِ مقرّبٌ
إنسُ السعيدِ، وضحكةُ البكّاءِ
إنّي الكثيرُ بذي الحياةِ، وصنعتي
ما أعجمتْ إلا على الدُّخلاءِ
في أي نادٍ ما أكون فإنّني
لأنا الـ أقيمُ قيامةَ الشّعراءِ
ماهمّني لقبٌ ولم أكُ ساعياً
لأنالَ خلعة َلجنةِ الأدباءِ
بعضي القصيدةُ ،والقريضُ مُصاحبي
صيفي، خريفيَ، مَرْبَعِي، إِشْتائي
أهدي العمومَ قصائدي ببراعتي
من أَدْمُعي وحُشَاشتي وعَنائي
أسمو بها نحوَ الجمالِ حقيقةً
وبها أجاوزُ هامةَ الجوزاءِ
متفردٌ بأناقتي مُتمردٌ
بِصَبابتي متفردٌ بذكائي
يكفي لمثلي أن يكون مغايراً
في مَحفَلِ الأدباءِ والعقلاءِ
وأكونُ مفتاحَ الجمالِ حقيقةً
عينَ الزّمانِ وأفصحَ الفصحاءِ
مستشرفاً للشّمسِ ،مرتقباً لها
خوفَ الزّوالِ ، وفرقةَ الأحياءِ
و لأكتبنّ، لأكتبنّ، لأكتبن
كي أبْكُمنَ فصاحةَ الفُصَحَاءِ
ويقالُ أجزلَ في القصيدِ براعةً
كابن الحسينِ ، وأخطلٍ ، والطّائي
**
2 نيسان (أبريل) 2019, 15:21, بقلم لؤة
أريد تشكيل الكلمات
12 أيلول (سبتمبر) 2019, 11:12
والحسن يظهر في بيتين رونقها
بيتا من الشعر او بيتا من الشعر
الأمير عبد القادر الجزائري
10 كانون الأول (ديسمبر) 2021, 09:12, بقلم د السيد ناصر السيد
مقال نقدي رائع جدا
28 أيار (مايو) 2022, 19:32, بقلم الشاعر علي جاسم العتيقي
الـ حب حرفين و الـ كل يعرف ابـ هاي
اگلوب اشکثر جـرحن هـای الـ حروف
الـ تجرحه اسیوف جرحه ایطیب فدیوم
لچن جرح الـ عشك ابله امنلـ سیوف
صرت یعگوب فاگد شوفي بجفاك
يه يوسف رد علي خل يرجع الـ شوف
ابـ کثر ما طوف دایر بیتك الـ ناس
تعوف الـ كعبه و ابـیتك تجی اتطوف
لون الـ بـاري حطّك تغبض ارواح
لـجل الـ موت وگـفت کلهه بـ صفوف
اعله گلبي ايدوس حبك و انمرد حيل
مثل مـا بلـ رجل تنداس الـ گطوف
اخاف امنلـ بُعد چـن طفله و اتضيع
ابـ غربه امن ايد امها اتصور الـ خوف
تسب تشتم تذم مـا مـدهن اعليك
لجل ترتاح الك گصّیت الـ چفوف
حرف الـ حاء حيره ابوكت الـ وداع
و حرف الـ با بله للـ مات ملهوف
الشاعر علي جاسم العتيقي (آل عاتق) الاهواز