إكرام ميّتكم

إكرامُ ميّتِكم بالدّفنِ يا عربُ
أم أنّها نفرتْ من نتْنِها الخِرَبُ
بتّمْ ولم يبقَ من أزمانكم زمنٌ
خلا ذميمًا غدت أولى به التُرَبُ
متّم ولم يبقَ من أنفاسكم نفسٌ
ولم يعدْ عندكم ما ترقبُ الحِقبُ
كنتمْ وكانَ لديكمْ ما يُحصّنكمْ
مما قضت أزْمنٌ بالعدل تعتصبُ
ولمْ يعُدْ عندكُمْ من عاصمٍ وبقاــــ
_ؤكم قضا الدهرُ فيه: ما له سببُ
فأكرموا إن تبقّى عندكم كرمٌ
نفوسَكم بالسّخا تذكرْكمُ الكتبُ
جوّعتُمُ الأرضَ حتّى جاعَ جلّكمُ
والجوعُ من فعلِكمْ في فعلِه غضبُ
والغيمُ والرّيحُ إذْ ضلّتْ مياهكمُ
في أرضِكُمْ في جدالٍ أينَ ينسكبُ
ومنكُمُ الردُّ أنّ الصّينَ زارعةٌ
وحظُّ يعقوبَ ما جادتْ به السُّحبُ
وبعتمُ الزّيتَ في أسواقِ سادتِكمْ
ولم يزلْ إن ذُكِرتمْ يُذكرِ السّغَبُ
والعقلُ في دوركِم النقلُ سائسُهُ
إنْ لمْ يكنِ الرّدى منجاهُ فالهربُ
فمنهُ ما ماتَ والجلُّ الذي ظفِرتْ
به البلادُ أذلّتكمْ به النُّخبُ
فجهلُكُم مشترٍ ما العلمُ صانعُهُ
ومالُهُ عائدٌ بالنّار تلتهبُ
وترذُلونَ ويسمو الكونُ دونكمُ
ما صيّر الذُّلَ مجدًا يومًا الذّهبُ
علَّيْتمُ القصرَ فوق القبرِ من بطَرٍ
والقبرُ أضحى به من فعلِكم عجَبُ
فاستعجلوا الدّفنَ ترفَعْ عن أوائِلكم
وزْرَ ولادتِكمْ من فورِها الكُربُ
علومُكم طللٌ آدابكم مللٌ
أوصدَ جرّاءها أبوابَه الأدبُ
أيّامكمْ دجَلٌ أعلامُكم قُزمٌ
سماؤكُمْ جهلُكُم يسْمو بها الذّنَبُ
أطهارُكم سغِبوا أنجاسُكم شبِعوا
جراءهمْ خلعَتْ أوصافَها الرُّتَبُ
خلعْتمُ الطُّهرَ أجلَ العُهرِ فانطلقتْ
أعراضُكم في بلاد الغربِ تكتسِبُ
زاوجتمُ الشّرك بالإسلام في وطنٍ
ما عاد يدري لأيّ الدّينِ ينتسبُ
فليبدأ الحفرُ لا يأتي غدٌ معَهُ
ترْجونَ موتًا فلا يُستقبلُ الطّلبُ
تقاتلُ القدسُ من هادوا وحِقدَكمُ
والقدسُ مهما تآمرتم لها الغلبُ
ما خانها ظنُّها يومًا بأمّتِها
ولو روى عنكُمُ مهما روى الكذِبُ
بل صدَّقتْ وهْيَ صدْقٌ ما رواهُ ردىً
عن معنيينِ له: أللّهوُ واللّعِبُ
أنّكمُ الموتُ ملقىً حولها أُمَمًا
والأرضُ ظهرٌ شكا والجوفُ يرتقِبُ
فاستكملوا الدّفنَ إحسانًا لأمّكمُ
قد بانَ في وجهِها من نتْنِكم تعَبُ
تمرُّ ساعاتُها كالدّهر رفقتَكم
والعصْرُ أيّامهُ للغيبِ تنتسبُ
ولا تخالوا اللّظى تحت الثّرى فلقدْ
أبى إضافتكم إذ خُيّر اللّهبُ