احتراق
رن الهاتف بإصرار، وبإصرار لم يرد على المتصل، تركه يرن حتى توقف وتكرر الامر مرة وثانية وثالثة...
التقط مفاتيح السيارة بسرعة وغادر الشقة تاركا الهاتف يواصل رنينه... هو يعرف ان صديقه لن يتوقف عن الاتصال فالمبلغ الذي اقترضه منه، منذ شهرين تراكم ببشاعة...
ابتسمت له والدته بحنان وهي تلمح تقطيبة جبينه... لم تسأله... هي تعرف وقد خاضا هذا النقاش اكثر من عشر مرات ولم يتوصلا الى توضيح وجهتي نظرهما... فكل منهما يحاول تسلق فكرة يبني عليها مستقبلا يبقى مع كل النقاش مجهولا...
ــ متعب؟
ــ قليلا!
ــ العمل؟
ــ نفسه لا جديد!
ــ جائع؟
ــ لا!
القى بجسده على الاريكة الوثيرة... ابتسم حين مد يده بين طياتها متلمسا قلم رصاص قديم كان قد انزلق منه منذ سنوات هناك... هدوء، صمت الا من اغنية قديمة تحب والدته ان تسمعها بين حين واخر... (انا والعذاب وهواك... عايشيين لوحدينا...)
عبق البيت برائحة الشاي مع الهيل، بعد كل هذه السنوات لا يزال هذا العطر غريبا في الحي... اغمض عينيه... لم ينم منذ ثلاثة ايام، لا يجد حلا لمشكلتهِ، الارق اصبح روتينا... مثل الخيبة ...
نهض فزعا على صوت سيارة الاطفاء وهي تخطف مسرعة... هاجمت انفه رائحة الهيل من جديد... تذكر انه يجب ان يعود الى شقته قبل الذهاب الى العمل...
بصوت مرتفع..
ــ ماما انا خارج
حبيبي عد الى هنا بعد العمل
ربما!
الطريق الى شقته مزدحما على غير عادة... سيارة اطفاء اخرى واسعاف.. اصواتها مزعجة ... اقترب اكثر.. يا الهي هذه شقتي،
قالها بشهقة عالية... فكر سريعا.. اغراضي هاتفي ملابسي كل شي اوراقي معها... نظر الى اللهب المتصاعد بذهول لا يعرف كيف اندلع الحريق.. البيوت خشبية ينتشر فيها الحريق بسهولة... فكر بسرعة اه الكثير من الاعمال الورقية.. الشرطة.. استخراج الاوراق الرسمية... التأمين، عاد الى البيت نظر في عيني امه
ماذا حدث؟؟
احترقت الشقة وكل شيء
وضع رأسه على كتفها وأجهش بالبكاء... احتضنته بقوة
ااه انت هنا الان ... بأمان!!