حوار مع الأديب المغربي محمد محضار
أهلًا بضيفِنا: فقرة حوارات أسبوعيَّة لمجلَّة ديوان العرب العريقة.
ضيف اليوم: الأديب المغربيّ محمّد محضار.
محمّد محضار: "وعندما أقول إنَ غزّة صوت المجهول، فأنا أعني ما أقول، فلا أحد يهتم بمحنة سكانها الذين يلاقون مصيرا قاتما في ظل تجاهل تام لقضيتهم التي يتاجر بها البعض،والبعض يكتفي بالإدانة والتظاهر في الشوارع.
موجز السيرة الذاتية للضيف:
محمد محضار شاعر وقاص مغربي مواليد 1961_ التحقَ بكلية العلوم جامعة القاضي عياض بمراكش حصل على الإجازة في الدراسات العربية/ كلية الآداب/ الدار البيضاء له العديد من المسرحيات الخاصة بالطفل شارك في الأضمومة الورقية (حتى يزول الصداع) 2011 التي نشرتها جامعة المبدعين المغاربة صدر له مجموعة قصصية(لحظة شرود)/ دار الوطن
وكذلك ديوان (سيدة الياسمين) كما أصدر (خلف السراب وقصص أخرى)/ خريبكة ومجموعة( الحقيقة العارية)/ مطبعة بلال فاس دراسة نقدية (القصة القصيرة جدا بالمغرب/ عبد الحميد الغرباوي نموذجا)/ دار الموجة.
نرحب بضيفنا، ونسأله ما يلي:
– خريبكة المدينة المغربيّة الّتي ولدتَ فيها، ويقال إنّ كلمة (خَربَقَ) في اللغة الفصحى، معناها الأسرع في المشية، أو في القطع والشّقّ، وهذا سبب تسميتها إذ إنّها تتعرّض للحفر، والتّعرية بسبب البحث عن الفوسفات في مناجمها(جغرافيًّا، وتاريخيا وفنيا)
- ماذا ستحدّث القارئ العربيّ عنها، بوصفها مهد ولادتك، ومكان عملك، وكمدينة كانت حاضرةً في بعض كتاباتك؟
الحديث عن مدينة خريبكة ذو شجون لسبب بسيط وهو أن فهمها عصي على غير اللبيب، المدرك لبصائر الأمور، والإلمام بتفاصيل تاريخها الآبق والحاضر يبقى نسبيا، ويخضع لمزاجية ظلت حاضرة بشكل مثير للجدل منذ عقود مضت، إنها مدينة ولدت من عدم، ارتبط ظهورها ببداية استغلال مناجم الفوسفاط في عشرينيات القرن الماضي، وقد كتب علينا نحن جيل ما بعد الاستقلال أن نعيش أياما طُبعت بتعايش غريب مع واقع جامد وعقليات متصلبة، لا ترى أبعد من أنفها.
شخصيا عندما أكتب أو أتحدث عن هذه المدينة التي رأيت النور بين ظهرانها، وتدحرجت بين دروبها، وعشت سنوات أبحث لنفسي عن لحظة إشراق تنير أمامي الدرب، أنا والكثير من الأتراب الذين كانوا يحلمون بالفتح المبين، وهم يذرعون الحدائق التي كانت بالأمس خضراء، خاصة تلك التي بني على أنقاضها مركب سكني، وأي فتح أجمل من هنيهات إبداع تمنح المرء فرصة للتعبير عن خلجات نفسه وكوامن ذاته، وإذا كانت مِصر هِبة النيل فخريبكة هِبة الفوسفات، وقد حرص ليوطي المقيم العام الفرنسي على وضع القاعدة الأساس لإنشائها، وأعطى انطلاقة غرس أشجار الكاليتوس والعراعر، وإنشاء ما سُمِيّ بالغابة المخزنية، لتلطيف أجواء المدينة الحارة صيفا والباردة شتاء ومواجهة التلوث البيئي المترتب عن استغلال مناجم الفوسفات، ولكل غاية مفيدة خريبكة تحتوي على نصف احتياطي العالم من هذه المادة، علما بأن المغرب يختزن 70في المائة من الاحتياط العلمي.
– في قصّة "زمن البُرشمان" تقول:
لم يَشْتَرِه أقرنَ، ولا أملحَ، ولا ناعِمَ الفروةِ، بل اكتفى بالمرور... والتفرج على جمهرة المتهافتين على شراء كل أنواعه من "صرديّ، وبركيّ، وبجعديّ، ودمّاني، وكذلك وَكِيليّ"
أنا كقارئة من بيئة مختلفة عن بيئتك لم أعرف أنّ البُرشمان نوع من الخياطة، لو لم تشرحها، لكن الكلمات الأخرى(صرديّ، وبركيّ، وبجعديّ، ودمّاني، وكيليّ) هي كلمات لن يعرفها قارئ ليس من بلدك.
أوّلًا: حبّذا لو تفضّلتَ بشرحها لنا.
ثانيًا: أوَليسَ استخدام كلمات من بيئة الكاتب بلا شرح، ينفّر القارئ من القصّة، ولا سيّما إن كانت بلهجته كما يفعل بعض الكُتّاب المغاربة، أو الجزائريّين، أو التّونسيّين؟
بالنسبة للشطر الأول من السؤال الذي يخص الكلم*
الدارجة التي وردت في سياق النصّ السردي، هي أسماء لأنواع سلالات الأغنام التي يتم تربيتها بمناطق متنوعة بالمغرب، فالصردي هو السلالة المميزة بالمغرب وموطنها هو منطقة بني مسكين، ومسكين واحد من أبناء جابر الهلالي الذي وفد على منطقة شمال إفريقيا من مصر في سياق الهجرة المعروفة في التراث العربي باسم تغريبة بني هلال، خلال القرن الحادي عشر ميلادي بتوجيه من الخليفة الفاطمي الذي سعى لتأديب المعز بن باديس الصنهاجي الذي والى العباسيين، أما البركي فهو ينتمي لسلالة أغنام تمحضيت التي تتم تربيتها بالأطلس المتوسط وإفران وخنيفرة وهي مناطق أمازيغية ينتمي لها البطل موحا وحمو الزياني بطل معركة "لهري" الشهيرة التي وقعت سنة 1914م، في حين ينتمي البجعدي لمدينة أبو الجعد التي تأسست في القرن الخامس عشر الميلادي على يدأبو عبيدالشرقي (أبو محمد عبيد الله الشرقي)، وهو صوفي، سليل مباشر للخليفة عمر بن الخطاب وكلمة الجعد تعني الذئب بالأمازيغية وهذه المدينة تابعة لإقليم خريبكة أما الدماني فينتمي لسلالة الدمان التي تعيش في الجنوب الشرقي المغربي بالواحات الصحراوية، أما الوكيلي فينتمي لمنطقة بني وكيل التي تسمى محليا الجهة الشرقية، لاسيما في النجود العليا ومنطقة تندرارة وبوعرفة وفيجيج وجرادة.
فيما يخص الشطر الثاني من السؤال والذي يخص استعمال كُتاب شمال إفريقيا أو المغرب العربي، لألفاظ محلية فلا أظنّ أنّ الأمر حكرٌ عليهم فعدد كبير من الكتاب العرب يلجؤون لتضمين ألفاظ دارجة في نصوصهم وعلى رأسهم (نجيب محفوظ ويوسف زيدان وابراهيم أصلان وحنا مينا)، وآخرون، شرْحُ بعض الكلمات للقارئ غير المنتمي لموطن الكاتب مستحبٌّ وهذا عاينته في كتابات حنا مينا الكاتب السوري الشهير الذي يخصص هوامش في رواياته لشرح بعض الكلمات المحلية، كروايات : بقايا صور، القطاف، الولاعة، وحتى أكون واضحا معك فلجوء الكاتب لاستعمال بعض الكلمات المحلية يرجع بالأساس للضرورة السردية و نوعية الشخوص التي يوظف الكاتب لتطوير أحداث نصوصه وخطها السردي.
– يقول النّاقد المغربيّ محمّد معتصم عن مجموعتك القصصيّة (خلف السّراب):
"لقد رأيت قصص محمّد محضار بطريقة سلسة خالية من كلّ تكلّف أسلوبي، أو حتّى تصنّع سردي..."
لاحظتُ في مجموعتك هذه وصفًا وعنايةً جميلةً بالتّفاصيل، والأمكنة، والشّخصيّات، وتسليط الضّوء على كثير من القضايا الحياتيّة كالبطالة مثلًا، هل ترى واقع الشّباب العربيّ في بلدك مؤسفًا؟
وبالنّسبة لبعض قصصك بدا فيها تأثّير مهنة التّعليم عليكَ ككاتب، هل كتبتَ لتوصلَ صوت المعلّم، وتضيءَ على سلبيّات التّعليم، أم لتوثيق أحداث مزعجة مرّت معك ألبستَها ثوبَ شخصيّات أخرى، كما في قصصكَ عن المفتّشين؟
في معظم نصوصي السردية أتجنب التكلف والتصنع*
وأعتمد أسلوب السهل الممتنع وأعمل على الاحتفاء بالفضاء في مختلف تجلياته مركزا على التفاصيل الدقيقة التي تمسُّ الشخصيات سواء تعلق الأمر بالمظهر الخارجي أو الحالة النفسية للشخصية، كما أنني أتجنب النمطية ما استطعت وأمارس حريتي في بناء سردي خارج التنظير، مراعيا خلق تجانس بين زمن القصة وزمن الحدث في ترابطهما مع المكان وعلاقته بباقي مكونات النص، موظفا تقنيات تخدم تطور الأحداث كالمفارقة معتمدا على الاسترجاع والاستباق، واحتفائي بالمكان الجغرافي هو نوع من خلق الإيهام بواقعية الأحداث، وهذا يخدم تناول المواضيع التي أختارها لنصوصي السردية بحيث يلمس القارئ صدقية هذا التناول ويرى نفسه متماهيا مع أبطال هذه النصوص، لأنها تعكس واقعه ومعاناته، ولعل أكثر الفئات التي تحتاج من الكاتب تجسيد أحوالها هي فئة الشباب التي تتعرض للتهميش وتعيش البطالة بسبب السياسة العامة للبلدان التي ينتمون إليها، ولعل النتيجة المأساوية التي تترتب عن هذا الوضع هي حالة اليأس التي تدفعهم لركوب زوارق الموت في اتجاه جنة بلاد الفرنجة.
الكتابة عن التعليم والمعلمين هي من باب تحصيل الحاصل بالنسبة لي لأنني مارست مهنة التعليم، وعشت مواقف كاريكاتورية تعكس مدى تخبط التعليم في العشوائية، وسوء التدبير بشكل يجعل العملية التعليمية التَعلميّة تخضع لمزاجية وأهواء من يُسطّرون البرامج والمناهج، ويعملون على تدمير أجيال بسبب كثرة التجارب وتعدّد المتدخلين، وما تتضمنه نصوصي من أحداث يمكن اعتباره محاولة لتعرية الواقع التعليمي ببلادنا والكشف عن السلبيات التي تعتريه، ما كتبته عن سلوك بعض الإداريين يهُمُّ فئة معينة ومحدودة لأنها هناك أيضا عددا كبيرا من رجال التعليم الشرفاء الذين يصطدمون بالواقع المرّ.
-لديك دراسة نقديّة عنوانها( القصّة القصيرة جدًّا في المغرب عبد الحميد الغرباوي نموذجًا) صادرة عن دار الموجة الثّقافيّة، لماذا اخترت قصص الكاتب عبد الحميد للدّراسة؟
وأيّ الجنسين الأدبيّين ترى له الانتشار الأكبر عربيًّا: القصّة القصيرة، أم القصيرة جدًّا؟
*اختيارعبد الحميد الغرباوي هو كونه من كتاب القصة المخضرمين، بدأ مسيرته الإبداعية منذ سنوات السبعينيات مسجلا تراكما إبداعيا على امتداد مساره الإبداعي في مجال السرد. وقد أصدر مجموعة من الروايات ومجموعات من القصص القصيرة والقصيرة جدا، نذكر منها:
عن تلك الليلة أحكي, البيضاء, عيون المقالات، البيضاء، 1988.
– برج المرايا, المركز الثقافي العربي، بيروت - البيضاء، 1992.
– عـري الكائـن، الاتحاد الأخوي، 1994.
– أيمن والأفعـى، البيضاء، 1996.
– نـون النسـوة، منشورات الرهان الآخر، 1999.
– قال لي ومضى 2010م
اخترت مجموعة "قال لي ومضى" لكون القاص عبد الحميد الغرباوي تناول في مجموعته هذه، جملة من القضايا تتباين مواضيعها بين الاجتماعي، والنفسي، والسياسي، والثقافي، وتمتاز قصصها بكونها توظف الفعل كحالة بدئيه تمتد وتتشبه بالتعليق السردي على جملة من الأفعال المتتابعة التي تلج عالما مُعينا تتعالق فيه الأحداث.
إننا حين نتأمل نصوص المجموعة، نجد أن الكاتب يتناول قضايا ذاتية وأخرى موضوعية، محاولا رصد مجموعة من الظواهر الانسانية، والكشف عن العلاقات التي يفرزها تفاعل شخوص هذه النصوص مع بعضها البعض، أو نتيجة لمؤثرات داخلية صادرة عن الذات، وأخرى خارجية ناتجة عن المحيط .
وقد اعتمد الكاتب رؤية خاصة ترتكز على إعادة صياغة الواقع، بشكل يوافق ذائقته ويتناسب مع ميوله الفنية، هذا إذا علمنا أن الغرباوي فنان تشكيلي، له العديد من اللوحات التشكيلية، فلن نستغرب من انعكاس هذه الميول على منجزاته السردية، وحدوث تقاطع جلي بين الصورة السردية والتشكيلية لديه.
-قُدّمَ لك برنامج مع ناشئة الأدب بإذاعة الرّباط الوطنيّة، وقدّمتَ عددًا من نصوصك في الإذاعة الجهويّة بمراكش.
حدّثنا عن هذه التّجربة الإذاعيّة، وهل لديك تجارب مماثلة في الإعلام المقروء؟
*برنامج مع ناشئة الأدب قدمه خلال السبعينيات الشاعر المغربي إدريس الجاي صاحب الديوان اليتيم السوانح، ثم تكلف بتقديمه الشاعر الفلسطيني وجيه فهمي صلاح رحمة الله عليه وكان يملك مكتبة بشارع علال بن عبد الله بالرباط، وقد شجعني كثيرا وقدم لي العديد من نصوصي الشعرية عبر الأثير، وكانت تذاع بصوت المذيعتين القديرتين (أم كلثوم الأبيض وفريدة النور) ابنة الشاعر المغربي المعروف أحمد النور، كما أن إذاعة مراكش قدمت لي مجموعة من الخواطر خلال سنوات دراستي الجامعية بهذه المدينة، بالنسبة للإعلام المقروء كانت لي تجارب متعددة وقد نشرت بجريدة المحرر المغربية التي تم منعها من الصدور بعد سنة 1981م، كما نشرت بجريدة العلم المغربية وجريدة الميثاق الوطني التي كان يدير صفحتها الثقافية الشاعر العراقي خالد الحلي المقيم حاليا بأستراليا وقد شجعني كثيرا خلال سنوات الثمانينات، ولما عوضه الكاتب والصحافي العراقي عبد المجيد فراس -الذي توفي مؤخرا - سنة 1989م تلقيت نفس التشجيع وخصص لي عمودا يحمل عنوان (كلمات ودلالات) لكتابة خواطري، ونشرت أيضا بالنهار المغربية التي كان يديرها الصديق عبد الحكيم بديع، دون أن أنسى تعاملي مع عدد من المجلات العربية كمجلة سيدتي ومجلة القادسية وغيرها، ولازلت إلى اليوم أنشر ببعض الصحف المغربية كجريدة بيان اليوم والعربية مثل صحيفة التآخي العراقية.
-قريبا سيصدر لك ديوان (عريس الألم)، ورواية (هلوسة) وكلاهما عن دار بصمة للنّشر والتّوزيع، ما الّذي يميّز هذه المجموعة الشّعريّة عن مجموعتك (سيّدة الياسمين)، وما الموضوع الّذي طرحته في روايتك؟
*أنا أعتبر ديوان عريس الألم امتدادا لمجموعة سيدة الياسمين، فكلاهما يمتح من تجارب عاطفية، وإنسانية ورومانسية مشحونة بالحب والعواطف، والعشق، والحسرة.وقد ركزت في أغلب نصوصي على توظيف علاقات تناصيه، وانزياحيات دلالية معتمدا على الرمز والأسطورة بشكل يخدم هيكل النص ووحدته، ولعل الميزة الوحيدة لديوان عريس الألم الذي كتب مقدمته الناقد المغربي المهدي ناقوس أنه يتضمن ملحقا يخص شقيقي الشاعر الشرقي محضار الذي كان يعيش بإيطاليا، وله ديوانا شعر هما على التوالي :
في رموش الدفلى صدر سنة 1987م ورقصة المسيح صدر سنة 1990م بجزيرة صقلية وفي هذا الصدد يقول الناقد المهدي ناقوس في مقدمة الديوان :
"أوقفني السي محمد محضار على الملحق الذي خصه لشقيقه المغفور له الشرقي محضار، الذي تخرمته يد المنون وهو في أوج عطائه الإبداعي، وعمره الغض، فرددت مع أبي العلاء:
إن حزنًا في ساعة الموت / أضعافَ سرور في ساعة الميلاد
وقد جسد مكابداته في قصيدة (عريس الامل)، إحساس بالغبن تضاعفت حدته مع أشكال الإهمال، والتناسي، واللامبالاة التي يتعرض لها المبدع بالعالم العربي الشرقي محضار مبدع قضى ضحية غربتين، بين المنفى القسري في المهجر، والاغتراب الجسدي في الوطن الأم، مزيج من الإحساس بالضياع والتشظي، والألينة الروحية، وهي لعمري أشد وطأة وعنفا ."
أما رواية هلوسة، فتستند في مرجعتيها إلى سنوات الرصاص حيث كان يسود صوت القمع بسبب الظرفية السياسية المحتقنة، وغياب الرغبة لدى السلطة في التجاوب مع تطلعات أجيال جديدة تطمح للتحرر والخروج من شرنقة الفساد والقضاء على الجهل،ومتن الرواية يحفر بقوة المُحرم الذي يصبح أحيانا الاقتراب منه خطًا أحمرَ يصعب تجاوزه لأنه يعري واقعا أليما انتهى بسقوط ضحايا سنة 1981م في إضراب الدار البيضاء الشهير، ويحاول ربط تلك الأحداث بالمصالحة التي تمت الدعوة إليها خلال العهد الجديد من أجل طي صفحة الماضي، والاعتراف لشهداء تلك المرحلة بحقهم في التكريم يقول الكاتب على لسان بطل روايته عمار بن غراب:
عندما أطَلَّ المجهول،كان عبارة عن خبر انتشر كالنار في الهشيم، تم اكتشاف مقبرة جماعية داخل ثكنة للوقاية المدنية بالحي المحمدي تحتضن جُثتاً تعود لشهداء كوميرا كما نعتهم الوزير القويُّ السابق.
بعد أيام تحول الخبر إلى يقين وعرف الناس حقيقة ظلت مغيبة، وظهرت للوجود لجنة للإنصاف والمصالحة هدفها جبر الضرر وتعويض ضحايا التعذيب والاختفاء القسري"
-لديك العديد من المسرحيّات الخاصّة بالطّفل المنشورة ضمن مطبوعات جماعيّة من نشر وزارة التربية، كنتُ قد حاورتُ سابقًا الكاتب المغربيّ عبد الغفور مغوار، وقد دعا المُهتمّين بالتعليم إلى العمل على إدراج المسرح كمادّةٍ أساسيةٍ في المدارس، هل تؤيّده، وكيف ترى واقع المسرح في بلادك؟
فعلا كتبت عددا من النصوص المسرحية الموجهة للطفل *
حرصت على ملاءمتها مع سن الفئة المستهدفة مركزا على تضمينها خطابا مبنيا على ترسيخ قيام الحب والتسامح، ونبذ العنف والارهاب باعتباره ظاهرة دخيلة على المجتمعات العربية، وأنا أتفق مع الأستاذ مغوار في ضرورة إدراج المسرح كمادة تعليمية لأنها تساعد على تحسين مستوى التلاميذ في النطق الصحيح لمخارج الحروف، وتنمي عندهم القدرة على الخطابة والحوار دون خوف أو رهبة، وجدير بالإشارة أن وزارة التعليم تخصص في إطار حصص الأنشطة الموازية حصصا زمنية خاصة بالمسرح كما أنها تنظم مهرجانات للمسرح المدرسي.
بالنسبة للمسرح بالمغرب يجدر بنا التذكير أنه عرف تطورا ملموسا على يد عدد من الأساتذة الرواد كالدكتور عبد الكريم برشيد المُنَظّر للمسرح الاحتفالي، والمرحوم الطيب الصديقي أحد رواد مسرح لبساط وله مشاركات متعددة على الصعيد العربي نذكر منها إخراجه مسرحية ألف حكاية وحكاية في سوق عكاظ التي تقاسم بطولتها مع نضال الأشقر، دون أن ننسى أحمد الطيب لعلج و محمد تيمد ومحمد مسكين و محمد عفيفي .
– من قصيدتك (غزّة صوت المجهول):
غزّة تنام على حزن
وتصحو على ألم
وبابتسامة شاحبة
تصافح شمس الصّباح
لماذا "غزّة صوت المجهول"؟
وماذا تقول للأبطال الصّامدين فيها
*أحس برهبة غريبة
أحس بألم قاتل يستوطن ذاتي
لغة التعبير تخونني
وملكة الإبداع تأبى إسعافي
فالبشاعة التي تحملها الصور الأتية من غزة تدمي القلب وتحرق الفؤاد.
شهداء يتساقطون كأوراق الشجر ...وأطفال يُجَنْدلون بلا رحمة.
وعندما أقول إن غزة صوت المجهول فأنا أعني ما أقول، فلا أحد يهتم بمحنة سكانها الذين يلاقون مصيرا قاتما في ظل تجاهل تام لقضيتهم التي يتاجر بها البعض، والبعض يكتفي بالإدانة والتظاهر في الشوارع ..وماذا بعد ...؟
أقول: لأهل غزة الصامدين ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لآل ياسر عندما مرّ بهم وهم يعذبون:
"صَبْراً آلَ ياسر، فإنَّ مَوْعِدَكُم الجَنَّة"
-رزقك الله بثلاث بنات، جعلهنّ الله قرّة عين لك ولأمّهنّ، لاحظتُ أنّ اختصاصاتهنّ بعيدة عن عوالم اللغة، هل توجد لدى إحداهنّ ميول لتكون كأبيها، وماذا كتبتَ لهنّ، هل ألهمنكَ لإبداع نصوص للأطفال، أو استلهمتَ من تربيتك لهنّ قصصًا للكبار؟
*الحمد لله لي ثلاث بنات هن على التوالي:
– فاطمة الزهراء خريجة المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات تخصص التدقيق والرقابة الإدارية.
– ايمان دكتورة في الطب تخصص الأشعة والكشف بالرنين المغناطيسي
– سلمى وتدرس في السنة الأخيرة بالمعهد العالي لعلوم الصحة، تخصص: الترويض الطبي.
ورغم عدم تخصصهن في مجال الدراسات الأدبية فلهن اهتمامات بمجال الكتابة باللغة الإنجليزية خاصة فاطمة الزهراء التي تكتب للطفل وتتعامل مع دور انتاج بالولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال، أما سلمى فتهتم بالألعاب الإلكترونية، وقد تلقت تكوينا في تطوير ألعاب الفيديو، وتنشط في هذا المجال من خلال المشاركة في برامج إذاعية والانخراط في مشاريع هادفة لإنشاء ألعاب فيديو محلية.
علاقتي ببناتي مبنية على الحب والاحترام منذ نعومة أظافرهن، ولا أنكر أني كتبت نصوصا كانت موجهة لهن، عبرت من خلالها عن فيض من المشاعر القوية التي أشعر بها كأب نحوهن، كما أنني استلهمت من خلال علاقة الأبوة التي تربطني بهن نصوصا سردية، وأخرى شعرية أذكر منها قصة: (الابتسامة الصفراء) المنشورة ضمن مجموعة (لحظة شرود)، ونص: (متى يعود أبي) المنشور ضمن نصوص مجموعة (سيدة الياسمين) وفيه أقول:
خلف الباب وقفت طفلة
سألت أمها بحدة
متى يعود أبي ؟؟
قالت الأم:غدا يعود
بكت الطفلة وقالت:
الغد يا أمي صار جمرة
..تكوي القلب كله
أشاحت الأم بوجهها
تُخفي دمعة
قالت الطفلة:
الغد ياأامي صار صفعة
تدمي الخد كله
قالت الأم:
لاتبكي يا طفلتي
صدري لك قلعة
وقلبي باحة حب
وبستان ورد يندى
قالت الطفلة:
أحبك أمي
لكن متى يعود أبي؟؟
– نختم مع الغزل
إذا حدّثَتكَ عيناها، ماذا ستقولُ شعرًا؟
*أقول:
تحدثني عيناك
بلغة صامتة
وأقرأ في بريقهما
شوق سنين هاربة
وقصائد حب جميلة
وتاريخ فرح مسروق
أحاول أن أكتشف الصفة
والمعنى في سياقهما
فأغرق في محيط
بلا ضفاف
لأن الصفة لغز
والمعنى طلسم
وأنت عمق ضارب
في الأزمنة الوردية
وفجر يشرق سناه
بعد ليل شاحب
تحدثني عيناك
بلغة الحلم
ويبتسم الفرح المسروق
لأحلام قادمة
تنبئ القلب بغد يرتع
في الاخضرار
وشمس تشرق من
عتمة الانتظار
في ختام هذا الحوار أودّ أن أشكركم أستاذتي ميادة وأشكر موقع ديوان العرب الذي يشرفني أن أكون من أقلامه.
مشاركة منتدى
21 آب (أغسطس), 21:07, بقلم بثينة الليلي
سعدت جدا بهذا الحوار للاديب المغربي محمد محضار كما استفدت كثيرا من التوضيحات حول الآثار الإبداعية للاديب ربنا يسعدك ومزيدا من التألق والتوفيق
27 أيلول (سبتمبر), 21:14, بقلم محمد محضار
كل التقدير. والمحبة للأستاذة الشاعرة ميادة مهنا سليمان على هذه الالتفات الجميلة منها لشخصي المتواضعة، وكانت فرصة لي للتعرف على مبدعة فذة وأصيلة وسيدة قمة في الوفاء ولعل ديوانها قصير فستان صبري المرصع بنصوص راقية تعبر بصدق عن تجليات وجدانية تحتفي بعلاقة انسانية عميقة شاءت الأقدار أن يغيب أحد أطرفها ..فيبقى الطرف الأخر على العهد .كل التقدير لميادة ولموقع ديوان العرب
27 أيلول (سبتمبر), 21:16, بقلم مامون عبيد
تحية خالصة المبدع الجميل صديقي العزيز الأستاذ محمد محضار وللشاعرة المميزة ميادة سليمان