الأسرة القروية والتغير الاجتماعي

تذهب الدراسات الأكاديمية التي تهتم بقضايا المجتمع والثقافة، إلى ربط الظواهر والوقائع المدروسة بالأحداث التاريخية والسياسية العامة، بغرض الاستناد إليها ، كإضاءات ضرورية لتوضيح أسباب تطور مضامين القضايا المدروسة.

إذا كانت الأحداث الاجتماعية والاقتصادية ، التي يمر منها المجتمع ، تشكل منعطفات تاريخية، تطبع كل مرحلة من مراحل التطور ، فإنها تشكل المقدمات العامة التي يتم في إطارها تشكيل الصيغ الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، خاصة في مجتمع مثل المغرب يمر بتحولات جذرية في بنياته المجتمعية وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية

من هنا ، فإن استعراض اتجاهات التغير الأسري بالمغرب ، سوف يوضح بعض العوامل التي ساهمت في بلورة مسيرة الدراسات الاجتماعية الخاصة بقضايا الأسرة بهذا البلد . لا شك، أن اعتماد فترة الحماية الفرنسية ، كنقطة بداية في التحول الاجتماعي والاقتصادي ، يطبع جزءا كبيرا من هذه الأدبيات(1).

غير أن الفترة التي أعقبت الاستقلال ، عرفت منعطفا تاريخيا ، غير معالم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب ، لدخوله في حياة الاستقرار والبناء الذي دام واستمر منذ ذلك التاريخ وما يزال.

لقد باتت إشكالية التغير الأسري ، تشغل بال المهتمين والباحثين في العلوم الاجتماعية ، وأكبر دليل على ذلك ، هو إجراء العديد من الأبحاث والدراسات ، مع التركيز على نواحي التغير الأسري. وتولي معظم الدول ، بما فيها المغرب ، أهمية أساسية للأسرة ولقضاياها ، وذلك بنهج سياسات أسرية، بهدف حمايتها من التفكك ، والحفاظ على استمرار وظائفها الأساسية ، التي تقوم بها للمجتمع .

ونظرا لاختلاف وتنوع الدراسات التي اهتمت بالتغير الأسري وأسبابه ، تبعا لاختلاف وجهات نظر الباحثين ، فإنه حصل هناك تعدد وتنوع في تحديد مفهوم الأسرة ومفهوم التغير الأسري . لذلك ، تطرقت لمفهوم الأسرة في العلوم الاجتماعية ، وفي التشريع القانوني وكذلك ، في الفقه الإسلامي . لقد بات لزاما أن نضبط هذا المفهوم وكذلك ، بعض المفاهيم المستعملة في هذه المقالة العلمية . أشير كذلك ، إلى أن الاهتمام بالتقدم الاجتماعي والاقتصادي قد شكل مدخلا أساسيا لدراسة الأسرة بالمغرب ، مما ساهم في ظهور عدد من الدراسات العامة والمتخصصة عن الأسرة بالمغرب ، باللغة العربية و الفرنسية والإنجليزية ، فما هي لإذن أهم اتجاهات التغير الأسري بالوسط القروي بالمغرب ؟