الأربعاء ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم الشربيني المهندس

الإبداع بين الكلمة والفعل

الإخوان نموذجا

لا تنزلوا من علي جبل أحد فما زالت الغزوة قائمة، لا تبحثوا عن الغنائم الآن..!!خلطة تاريخية يستدعيها الإخوان في مصر لتحقيق حلمهم.. هل نفهم منها أنهم يجيدون استغلال الفرصة حتي ولو خالفوا التاريخ .. وهل هذا يكفي أم أن الواقع يقول شيئا آخر..

ما بين الواقع والإرادة استطاعت شركة «وارنر إخوان» الأمريكية في هوليوود بناء جزءا من مدينة كازابلانكا في أربعينيات القرن الماضي، وهو اسم مدينة بالمغرب العربي وأطلقه عليها البرتغاليون .. وصورت فيه فيلما يحمل اسم المدينة. حقق شهرة واسعة .. وتدور معظم أحداث الفيلم في مقهى يملكه رجل أميركي اسمه «مقهى ريك»، ويلعب الدور الأساسي فيه أشهر ممثلي الأربعينات؛ إنغريد برغمان وهمفري بوغارت.

قبلها بأعوام قليلة نشأت جماعة الإخوان في مصر كانوا يحلمون بدولة خلافة إسلامية علي أنقاض الدولة العثمانية أو الرجل المريض الذي عاد لحجمه الطبيعي بدولة تركيا العلمانية. لتبدأ كحركة سرية ويظهر اسم الإمام حسن البنا أول مرشد إخواني..

الخيال الخصب دائما ما يخلق المعجزات وأشباهها والتي تصبح مع الأيام والإرادة حقيقة.. لم يكن أحد يتوقع أن يتحول الفيلم إلى مفترق تاريخي في عالم السينما. ومن دون أن تحط كاميرا واحدة في الدار البيضاء،.. اشتهر اسم المدينة في الغرب، ودارت حولها القصص الرومانسية. وأطلق اسم «مقهى ريك» على مقاهي كثيرة حول العالم. عام 2000، جاءت كاتي كرايغر ملحقة تجارية في السفارة الأميركية لدى المغرب.خطر لها أن تستقيل وتمضي العمر في المغرب. وكان حلمها أن «تنشئ مقهى ريك» في الحقيقة، بعدما ظل خيالا نصف قرن. في عام 2004، خرج «مقهى ريك» إلى الوجود ليصبح أحد معالم «كازابلانكا»، الاسم الذي أطلقه عليها البرتغاليون. ويطلق عليها أهل مراكش كازا ... ولم تمض سوي أربعة أعوام حتى كان «مقهى ريك» بداية تجديد للأبنية المتداعية في الحارة. وصار السياح المأخوذون بحكاية الفيلم الخيالي يجدون في الدار البيضاء مقهى حقيقيا منقولا عن الخيال، بما في ذلك البيانو القديم.

في المقابل وبضربة حظ ركب الإخوان العرب ثورة الربيع العربي ليصلوا إلي الحكم في تونس ومصر حتى الآن بعد أن كانوا رهن الاعتقال كمشبوهين معروفين .. وبدلا من أن يبدأ مشروعهم النهضوي في الظهور إلي النور نجحوا من خلال تغيير التحالفات مع الوفد قديما والسلطة المصرية حديثا ثم الجيش للوصول لما يسمي بالتمكين ولكن المقابل لمحاولة الانفراد بالسلطة النجاح ذلك في تكتيل كل القوى السياسية والاجتماعية ضدهم، من القضاة إلى المحامين إلى الإعلاميين إلى المثقفين، وصولا إلى جميع الأحزاب السياسية. ولم يجدوا سوى حزب النور السلفي كي يتحالف معهم .. هكذا خلال أكثر من ثمانين عام لم يظهر للإخوان أثر حضاري فالأمريكية كاتي لم تنتظر السلطة لتحقق حلمها وظهر المقهى أو حلمها للوجود وبمجهود فردي بينما الجماعة كان حلمها السلطة نفسها علي ما يبدو .. يخطئ الاخواني الشاطر الذي تمسكن حتي تمكن كما تقول العامية والاتكال علي الخارج الخليجي والأمريكي يخطئ تقدير القدرة التي تختزنها الإرادة الشعبية .. يرتكب الإخوان اليوم الخطأ نفسه الذي ارتكبه نظام الاستبداد. يريدون الاستيلاء على المجتمع من خلال أيديولوجية شمولية، ولكن عبر أساليب انتخابية لتصبح مصر الرجل المريض المعرض للانقسام والذي عضه الجوع ومزقه الخوف بدلا من ان يكون معبرا لدولة الحلم. المعركة لا تزال في بداياتها، وان من سينتصر فيها هو من يقدم رؤية متماسكة لعلاقة الديمقراطية بالعدالة الاجتماعي فالكلمة من الرأس عندما تكون اللقمة من الفأس كما قال الإمام الشعراوي وعبادة اللـه تستحق من التأمين الغذائي والأمن (فليعبدو رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) سورة قريش وصدق اللـه العظيم فسنن اللـه تجري علي الجميع والإبداع الأمريكي لا يجامل ويعرف مصلحته جيدا ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى