الاختباءُ فوقَ شجرةِ الصَّفصَافِ
(1)
كالذي اختبأَ مِن الموتِ
فوقَ صَفصَافةٍ
دونَ أن يختبرَ جدوى المواجهةِ
كأنَّ الموتَ سوفَ يمرُّ
دونَ أن يرفعَ حاجبيهِ للأعلى
دونَ أن يأخذَهُ الفضولُ للتَّسلُّقِ
دونَ حتَّى النظرِ في سجلِ المواقيتِ
(2)
الاختباءُ
يُشبِهُ دمعةً تتحدَّرُ في الوقتِ الخطأِ
دائمًا..
توجَدُ أوقاتٌ خاطئةٌ
كأن تُقابِلَ حبيبتَكَ
بعدَ أن بِعتَ ماضيكَ للأخرياتِ
وأنتَ
بالكادِ
تُشعلُ سيجارتَك الصَّباحيَّةَ
وترشفُ قهوتَكَ السادةَ دونَ امتعاضٍ يُذكَرُ
الأوقاتُ الخاطئةُ
والحبيباتُ
والاختباءُ
أشياءٌ من الممكنِ نسيانُها على المقهى!
(3)
لا يُوجَدُ تفسيرٌ مُلائمٌ للعالمِ
مثلاً..
الهجرُ
كلمةٌ لا تُناسبُ الموقفَ
فإلى الآنَ
أستطيعُ تذوُّقَ سُمَّها على شفتيّ
دونَ امتعاضٍ يُذكَرُ
وحينَ استبدَلَت دبلتَها بقلبي؛
مكثتُ مع (باءِ المتروكِ)
المُربكةِ
على المقهى
أُراقبُ العابرينَ
كيفَ لا يختبئونَ من الموتِ
فوقَ أشجارِ الميدانِ
بينما الفزعُ يستوطنُ ملامحَهم؟!
(4)
الحبيباتُ
مثلَ الأشجارِ
وحبيبتي صَفصَافَةٌ عتيقةٌ
تُغري على التَّسَلُّقِ
على الاختباءِ بينَ أغصانِها
صرتُ قردًا
يقفزُ
كمَن ينهبُ الحياةَ
أخبرَتني أنَّ الموتَ يمرُّ بالأسفلِ
وأنًّهُ يجدرُ بي المكوثُ داخلَها
للأبدِ!
(5)
لا تُصدِّق صَفصَافةً باكيةً؛
فلستَ القردَ الوحيدَ الذي تسلَّقَها
وعندما تُصبحُ ثقيلاً..
وعندما يُزعجُها قفزُكَ؛
ستُسقطُكَ بالغصنِ الذي تجلسُ عليهِ
ستحملُ (باءَ المتروكِ)
يا مسكينُ
وتجلسُ إلى جواري
على المقهى
رُبَّما للأبدِ!
(6)
الاكتئابُ يُناسِبُ العاديينَ
أولئكَ الذينَ لا يُفكِّرونَ في تسلُّقِ أشجارِ الميدانِ
لكنَّ الشعراءَ
الأفَّاقينَ
يُراوغونَ الحقائقَ
في مجازاتِهمِ الزَّاعقةِ
تمامًا كالذي اختبأَ مِن الموتِ
فوقَ صَفصَافَةٍ!