

البريد يصل غدا
إلى روح الشاعر الطاهر دحاني
خاتمة البريد:كَرْمَةٌ سَقَطَتْوَالْغُصُونُ بِهَا الْمَاءُ وَالْوَرَقُ.كَرْمَةٌ فِي الْفَلاَلَفَّهَا الثَّلْجُ لَفًّا .. وَ تَحْتَرِقُنص البريد:صَاحِبِي ..كَانَ يَمْلأُُُُُ قَهْوتَهُ.. بِالضَّحِكْ.ضِحْكُهُ يُشْبِهُ الْحُزْنَ حِينَ يُخَبِّىءُ أَدْغَالَهُفِي تَضَارِيسِ جَوْفِيَ..كَانَ إِذَا مَا بَكَيْتُ عَلَى غُرْبَتِيبَيْنَ أَشْجَارِ هَذَا الْوَطَنْيَنْتَشِي..أَلِهَذا اتَّفَقْنَا مَعاًأَنْ نَظَلَّ صَدِيقَيْنِ فِي هَذِهِ الْغَابَةِ الْمُكْفَهِرَّهْ؟- 0 -كانَ - أَيْ : صَاحِبِي لَمْ يَعُدْ حَاضِرَا_يَقْطُرُ الفَرَحُ الْحُلْوُ مِنْ شِعْرِهِ أَسْوَدَ القَسَمَاتِإِذَا مَا انْتَشَى سَقَطَتْ مْنِ عُيُونِي أَنَا جَمَرَاتِي .كَانَ يَحْلِفُ إِنْ ضَمَّنِي القَبْرُ ذَاتَ مَسَاءِأَنْ يَرُشَّ رِثَائِيبِزُرْقَةِ هَذِي السَّمَاءِصَاحِبِي .. ضَمَّهُ القَبْرُ بَعْدِيوَمَا زِلْتُ أَرْقُبُ أَنْ يَنْشُرَ الْمُلْحَقُ الأَدَبِيُّقَصِيدَتَهُ… فِي رِثَائِي..فَكَيْفَ أُدَبِّجُ مَرْثِيةً فِيهِبَيْنَا أَنَا مَا قَرَأْتُ الْبَرِيدَ الَّذِيفِي غَدٍ مَا وَصَلْصَاحِبِي قَدْ رَحَلْ...وَالِدِي.. قَبْلَهُ .. قَدْ رَحَلْ ...بَعْدَهُ ..وَالِدِي.. قَدْ رَحَلْ...مَنْ مِنَ الرَّاحِلَيْنِ أَيَا صَاحِبِي ارْتَاحَ حِينَ رَحَلْ؟أَنْتَ ؟هُوْ ؟قَدْ تَسَاوَى الْمُخَاطَبُوَالْغَائِبُ الْمُفْرَدُ الْمُتَعَدِّدُفِي جَسَدِي الْهَشِّمَنْ قَدْ رَحَلْ ؟هَلْ رَحَلْ ؟هَلْ؟.. وَهَلْ؟..يَقْرَأُ الطَّيْرُ لاَمِيَةَ الْمَلِكِ الضَّالِّ مُنْتَشِيَابَيْنَمَا أَنْتَشِي حِينَ أَقْرَأُ لاَمِيَةَ الشَّنْفَرَى.بَيْنَ أَبْيَاتِهَا صَاحِبِي يَسْتَفِيق ُيُغَادِرُ بَحْرَ الطَّوِيلِيُعَلِّقُ صُورَتَهُ فِي الْجِدَار ِجِوَارَ مُعَلَّقَةٍ خَطَّهَا الْمَازِنِيُّوَرَتَّلَهَا الْعَابِدُ الْجَابِرِيُّ مَعَ الأَمَرَانِيِّوَهْوَ يُخَبِّىءُ فِي قَلْبِهِ أَرْبِعَاءَ الرَّمَادصَاحِبِي يَعْشَقُ الأَرْبِعَاءَ وَهَذَا الرَّمَادصَاحِبِي امْتَلأَتْ شَفَتَاهُ بِجَمْرِ الرَّمَادكَانَ يَسْعُلُ حِينَ أَنَا أَتَوَارَى بَعِيدَالاَ يُرِيدُ أَرَاهُ.. بَعِيدَاكَانَ يُخْبِرُنِي بَعْدَ كُلِّ لِفَافَةِ تَبْغٍ رَخِيصْأَنَّهُ إِنْ سَقَطْسَوْفَ يَسْقُطُ مِثْلَ النَّدَى وَاقِفَاحِينَ ضَمَّ السَّرِيرُ بَقِيَّةَ هَيْكَلِهِكَانَ يَسْقُطُ عَظْماً..فَعَظْماً..زَارَهُ شَاعِرٌ صَدْرُهُ مُزْهِرٌ بِرَيَاحِينِ هَذَا الأَلَمْقَالَ :يَا أَيُّهَذَا السَّرِيرُ الْمُغَطَّى بِجَمْرِ الشَّجَاطَلَعَ الصُّبْحُ فانْهَضْ...صَاحِبِي مَا نَهَضْ...مَا نَهَضْ..صَاحِبِي قَدْ رَحَلْأَتُرَاهُ قَدِ ارْتَاحَ حِينَ رَحَلْكَاَن فِي جَوْفِهِ يَسْكُنُ التَّبْغُُفِي جَوْفِهِ يَتَسَكَّعُ هَمِّيوَ يُورِقُ حُمْقِيفَأَيُّ الصَّدِيقَيْنِ فِي الْقَبْرِ يَا صَاحِبِي ؟أَيُّنَا ضَمَّهُ الْقَبْرُ؟أَنْتَ ؟أَنَا ؟قَدْ تَسَاوَى الْمُخَاطَبُ وَالْمُتَكَلِّمُمَنْ يَا تُرَى قَدْ رَحَلْ ؟صَاحِبِي مَا رَحَلْإِنَّهُ جَالِسٌ جَانِبِييَحْتَسِي قَهْوَتَهْأَتَكَلَّمُ . يَسْمَعُ.. لَكِنَّهُ لاَ يَرُدّْأَقْرَأُ الشِّعْرَ بَيْتاً فَبَيْتاً وَلَكِنَّهُ لاَ يَرُدّْ.بَائِعُ التَّبْغِ مَرَّ بِنَا.. مَا وَقَفْ...صَاحِبِي كَانَ يَمْشِي...تَعَثَّرَ...ثُمَّ سَقَطْ.هَلْ نَهَضْ ؟- 0 -صَاحِبِي ..حِينَمَا كَانَ يُصْغِي لِأَعْظُمِهِ فِي السَّرِيرلَمْ أَزُرْهُ .. كَمَا زَارَهُ عَنْدَلِيبُ الْمَسَاءِ الْمَرِيرلَمْ أَزُرْهُ.. بَعَثُّ أَنَا.. بِي.. إِلَيْهِفَقُلْتُ سَلاَمَاوَلَكِنَّهُ لَمْ يَرُدَّ السَّلاَمَاأَمِنْ شِدَّةِ الآهِ مَا رَدَّ ؟قَالَ بِعَيْنَيْهِ مُبْتَسِماًمِثْلَ عَادَتِِهِ فِي الْكَلاَمْ:"هَلْ أَنَا وَاحِدَانِ هُنَا دَاخِلَ الْعَرَبَه؟"قُلْتُ : أَنْتَ أَمَامِي أَرَاكَوَلَسْتَ هُنَا ،أَيْنَ أَنْتَ؟هُنَا أَمْ هُنَاكَ ؟فَرَدَّ: أَنَا.. مَعَ مَنْ أَرْسَلَكْأُشَاِرُكُهُ قَهْوَتَهْأُشَارِكُهُ حُزْنَهُ الْحُلْوَ..أَمْسَكْتُ رَاحَتَهُ بِيَدِيمَانِعاً أَنْ يُؤَدِّيَ لِلنَّادِلِ الأَسْمَرِ الْوَجْهِأُجْرَتَهُ الْكَامِلَهصَاحِبِي قَالَ لِي :اِنْتَظِرْ..ثُمَّ رَاحَ مَعَ الْقَافِلَهْ.وَأَنَا فِي الطَّرِيقِ إِلَيَّعَلَى فَرَسِي الذَابِلَهْتَقْتَفِي أَثَرِي هَذِهِ الْقَافِلَهْهَذِهِ الْقَافِلَهْقَافِلَهْقَافِلَهْ...مقدمة البريد:هَـا أَنَـا الآنَ تَـشْرَبُنِـي قَهْوَتَانهَلْ أَنَـا وَاحِدٌ؟ هَلْ أَنَا وَاحِـدَان؟