الأحد ٢١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩
بقلم رضا سليمان

الدراما الإذاعية بين الأصل والواقع

النموذج المصرى

من البديهيات فى أى عمل فنى أن يكون الأصل فى نجاح هذا العمل هو النص أو كما يطلق عليه اليوم " الورق " فهذا الورق هو الأساس الذى يتم عليه باقى البناء التى ما أن تكون ذات مستوى جيد حتى يكتمل البناء ويصبح عملا مميزا أما إن كان الأصل هش " النص ضعيف " فإن البناء التالى بطبيعة الحال سيكون ضعيفا هشا هذا هو أصل العمل الفنى أما الواقع اليوم أضحى مغايرا تماما فالبناء الدرامى الكامل ضعيفا، وهذا ما آلت إليه الدراما الإذاعية المصرية فى الأونة الأخيرة وهذا أمر ليس ناتج من فراغ وإنما ناتج عن واقع أليم له عدة أصول:

أولا: وهو الأهم على الاطلاق هو جانب الانتاج، فالمنتج اليوم هو المتحكم فى الحركة الدرامية على كافة المستويات والمنتج الأصلى غالبا ما تكون شركات إعلانات تجمع المال اللازم من شركات ومعلنين لا صلة لهم بالعمل الفنى إنما كل همهم هو البحث عن نجم له من الجماهيرية ما يضمن الترويج لهذا المسلسل الذى يقوم ببطولتة ويتناسى المعلن وتتناسى شركة الاعلان وتتناسى الاذاعات التى تبث هذه المواد أن الأصل فى نجاح العمل هو النص وليس النجم.

ثانيا: ضعف النصوص حيث يتم تقديم نصوص ضعيفة هشة تربطهم بأصحابها مصالح وعلاقات ما.

ثالثا: الأجور المرتفعة، فما دام النجم سيحصل على المبالغ الطائلة مقابل دقائق يؤدى فيها دورة فهو بالطبع لا يهتم بالنص أو خلافة وينطلق فى عملة من خلال هذا المفهوم الجديد الذى ظهر اليوم وهو مصطلح السبوبة.

رابعا: البحث عن الأسماء اللامعة فى عالم التأليف ودفع المبالغ الطائلة لهم أيضا وهذا بدورة يؤدى بنا إلى نصوص ضعيفة نسعى خلف أسماء قد تكون بالفعل قدمت ما لديها ونضب المعين وهؤلاء يتعاملون بمنطق السبوبة والحصول على المال فإنهم سيقدمون أية نصوص وإن كانت حشوا وخالية من أى قيمة معتمدين على التاريخ والاسم اللامع.

خامسا: عدم البحث عن مواهب أدبية جديدة فى عالم التأليف الدرامى وهذا من شأنة أن يؤدى فى النهاية إلى نفاذ الموجود مع عدم تفريخ أجيال جديدة وتربيتها لتصلح فى المستقبل لحمل الشعلة وبالتالى نصل إلى الانهيار الكامل بحجة عدم وجود نصوص متميزة.

وكأننا نعام يدفن رأسه فى الرمال، لا نشاهد الحقيقة الواقعة رغم وضوحها الشديد وهكذا تنهار الدراما بسبب جهل القائم عليها فنيا.

السؤال الذى يطرح نفسه فى تلقائية شديدة هو: لماذا لا يتم البحث عن النص الجيد وبعدها البحث عن النجم المناسب فنيا لهذا العمل والذى يٌرضى شرجات الانتاج والمعلنين أيضا ثم المخرج الاذاعى المتميز.

وقتها سوف تتكامل العناصر وتؤدى فى النهاية إلى عمل مميز يسعى إليه الجمهور لجودتة وهذا على ما أعتقد ما تسعى إليه الجهات التى تبث إعلاناتها قبل أو بعد العمل.

المعلن يفرض شروطة لاختيار النجم ونحن لا نمانع فى ذلك وإن كان لنا تحفظ حيث سيؤدى ذلك بدورة إلى عدم الكشف عن نجوم جدد، أقول أن المعلن يفرض شروطه لاختيار النجم، فهل يفرض شروطه لاختيار النص الردئ ؟

أعتقد أن هذا أمر غير وارد إلا فى حالة واحدة وهى: أن تكون هناك مؤامرة لهدم الدراما الاذاعية، وأحسبنى لا أبالغ إن كنت اشك فى ذلك.

قد تكون هناك روشتة لعلاج وإنقاذ الدراما الاذاعية وهى ما سوف أشير إليه فى السطور التالية وإن كنت أحسبها واضحة لا تحتاج إلى إشارة ولكن الواقع فرض علينا أن نتحدث عنها ونوضحها ولله الأمر من قبل ومن بعد:

1- البحث عن النص الإذاعى الجيد بعيدا عن الأسماء اللامعة فى عالم التأليف حيث البحث عن النص وليس عن كاتب النص وذلك يكون من خلال الاعلان عن مسابقة فى التأليف الاذاعى يتقدم إليها من يمتلك فى هذا المجال وإن كان لدى الأسماء اللامعة فى عالم التأليف نصوص جيدة قادرة على المنافسة فليتقدموا وأهلا بهم.

2- تشكيل لجان فحص من مجموعة من المثقفين والمبدعين فى مختلف التخصصات من حيث التأليف ومن حيث الاخراج ومن متخصصين فى علم النفس لدراسة الشخصيات الدرامية ومن متخصصين أيضا فى فى علم الاجتماع لدراسة أهمية العمل وفائدته التى ستعود على البناء الاجتماعى.

3- التركيز على أن تحمل النصوص أفكار جديدة لها هدف وتساهم فى بناء المجتمع والابتعاد عن الابتذال والتسطيح الذى لحق بكافة فروع الدراما.

4- بعد اختيار النص المتميز بعيدا عن أية أسماء أو مصالح شخصية متبادلة يتم أختيار المخرج الإذاعى المتميز القادر على تحويل هذا النص إلى عمل درامى مميز بحق وهنا يجب التركيز ايضا على أن يكون اختيار المخرج أصله مصلحة العمل وليس من أجل مصالح شخصية.

5- اختيار الممثلين وإن كنت أحسب أن حديثى هذا أمر بديهى، حيث يجب أن يتم اختيار الممثل وفقا لمطابقته للدور وقدرته على الأداء فيه وليس لنه النجم فلان، فمطابقة الممثل للدور سوف تأتى بنتائج مبهرة من حيث نجاح العمل.

6- تتكامل باقى العناصر من الألحان والمؤثرات الصوتية مع ما ذكرنا حيث يتم الوصول فى النهاية غلى عمل مميز جدير بالاحترام وبجذب جماهير المستمعين.

7- إذا وصلنا إلى هذه النتيجة سنصل فى النهاية إلى ما يريده المعلن الذى سيسعى خلف هذا العمل ليشترى مساحات قبله أو بعده وأرفض بشدة أن تتخلل الاعلانات الدراما الاذاعية.

وهكذا وضح أن الأصل فى الدراما الاذاعية هو أن العمل الجيد يجذب الجمهور ومن ثم يجذب المعلن، أما الواقع الموجود اليوم فى النموذج المصرى فهو أن المعلن يبحث عن النجم ليقدم أى عمل.

النتيجة فى هذه الحالة هى أنه لن يحصل على الجماهير المطلوبة لاعلانه وهنا يجب توجيهه من خلال القائمين على العمل الاذاعى الفاهمين له من أجل أن يتطابق الواقع الدرامى مع أصله.

النموذج المصرى

مشاركة منتدى

  • أيضآ أكافيك جزءآ مهم

    هناك عدة صراعات فالتمثيليه الإذاعيه يجب التغلب عليهآ منها :
    1ـ صراع الأنسان مع نفسه
    2ـ صراع الإنسان والإنسان
    3ـ بين الإنسان والطبيعه
    3ـ بين الأفكار المتعارضه أو الفلسفات أو الأراء الإجتماعيه
    4 ـ بين الإنسان وقوى غيبيه كالقدر والآلهه.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى