من أغنية على الممر إلى مدرسة المشاغبين
فى أول يناير 1972 يتم عرض الفيلم العلامة فى تاريخ السينما المصرية وهو فيلم"أغنية على الممر"والبطولة لمجموعة من عباقرة الفن على رأسهم محمود مرسى (الشاويش محمد) وأحمد مرعى (حمدى) والإخراج لعلى عبدالخالق. كاتب قصة الفيلم على سالم.
والفيلم وثيقة تتناول قصة فصيلة مشاة مصرية يتم حصارها أثناء حرب 1967 وهم يدافعون عن أحد الممرات الإستراتيجية في سيناء ويرفضون التسليم. فى النهاية رغم روعتها وعبقرية سردها هى لحظات مقاومة وانكسار وشباب يُقتل حتى لو كان يمتلك القوة والوطنية والانتماء، هزيمة وانكسار رهيب بشكل يجعلك تشك فى النية الحقيقية الكامنة خلف صناعة الفيلم خاصة بعد أن تظهر خبايا مؤلفه بعد سنوات كما سنرى
(وبالرغم من كل الظروف أنا أعشق هذا العمل من الناحية الفنية البحتة بعيدًا عن أى تصنيفات أو تفسيرات)
فى 24 أكتوبر 1973 يتم عرض المسرحية المثيرة للجدل"مدرسة المشاغبين"والجميع يعلم أبطالها بل ويحفظها عن ظهر قلب ولا يكاد أحدنا إلا ونفذ أحد مقالبها أو قلد أبطالها أو على الأقل استخدام بعض مصلحاتهم.. والمسرحية لنفس المؤلف"على سالم".
وقد ذكرت أنها مسرحية مثيرة للجدل لأن اتهامات انهيار منظومة التعليم ثم منظومة الأخلاق من بعدها تلقى باللائمة على هذه المسرحية وإن كان صناعها وعلى رأسهم على سالم نفسه يقول"إن المسرحية كانت انعكاساً لفترة انهارت فيها القيم التقليدية للمجتمع المصري والعربي بشكل عام، والمعروفة باسم فترة ما بعد النكسة وما بعد الانفتاح حيث تحولت قيم كثيرة إلى مثار للسخرية". وهو نفس المنطق الذى يتبعه الأسطورة حبيشه الألمانى"محمد رمضان"اليوم بأعمال تنشر البلطجة والجريمة. وهو بالطبع منطق مغلوط مخلوط سمه فى عسله، التناول الفنى لأى قضية أو حدث يعتمد على زاوية الرؤية لهذه القضية أو ذاك الحدث، الأصل: كيف نرى الأمر وكيف نعالجه فنيًا..؟ هل نصدره للمتلقى كعمل يجب أن يُحتذى أم نقدمه كعمل سيئ ضار قبيح..
فهل تقدم المجرم كبطل.. أم تقدمه كضحية؟ زاوية الرؤية هى الأصل..
الجندى فى المعركة.. الطالب فى المدرسة.. العامل فى مصنعه.. الفلاح فى أرضه.. المرأة فى المنزل وفى الطريق وفى العمل.. المرأة كضحية.. أم غانية.. الزوايا كثيرة والمعالجة مضنية والكاتب يسير على حد سيف وقلمه سلاح نارى مصوب إلى رأسه وكلماته وأفكاره طلقاته. وكاتب عبقرى بحجم على سالم (فأنا لا أستطيع إنكار عبقريته) إذا تم تجنيد قلمه أو استغلال قلمه كانت كارثة كبرى..!! ولم لا وهى القوة الناعمة التى تصل إلى كل مكان وعقل فى يسر وسلاسة.
لم يخفى على سالم داخله لفترة طويلة من الزمن فقد أعلن موقفه الصريح بالتطبيع مع العدو الصهيونى بمجرد أن وقع السادات اتفاقية السلام في نوفمبر 1977، ولكنه لم يزر إسرائيل حتى سنة 1994 بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى. سرد سالم أحداث رحلته ولقاءاته مع إسرائيليين في كتاب رحلة إلى إسرائيل. بعد صدوره في مصر تم ترجمة الكتاب إلى اللغتين العبرية والإنكليزية حيث صدر أيضا في إسرائيل وفي بلدان أخرى.
منذ زيارته إلى إسرائيل كان سالم من أشد المؤيدين للتطبيع مع إسرائيل من بين الأدباء العرب، ولم يتنازل عن موقفه هذا بالرغم من الإدانات التي نشرت ضده في الصحف والمجلات المصرية والتي انتهت بمحاولة لطرده من جمعية الأدباء المصرية وقد فشلت المحاولة لأسباب قضائية، ولكن الأجواء العدائية تجاه سالم ما زالت سائدة بين عدد من زملائه.
في يونيو 2005 قررت جامعة بن غوريون في النقب، الواقعة في مدينة بئر السبع جنوبي إسرائيل، منحه دكتوراة فخرية. أما السلطات المصرية فمنعته من الخروج من مصر لحضور الحفل في بئر السبع دون أن تعلن السبب لذلك. أعرب سالم والجامعة الإسرائيلية عن عدم ارتياحهما لمعاملة السلطات المصرية معه. فاز بجائزة الشجاعة المدنية والتي تقدمها مؤسسة تراين الأمريكية، وقيمتها 50 ألف دولار أمريكي وتسلمها يوم الأربعاء19 نوفمبر2008 بمقر إقامة السفير الأمريكي في لندن.
وكانت وفاته فى 22 سبتمبر 2015 وبالطبع تمر ذكرى وفاته أو ميلاده كل عام فى صمت بعادل صمت القبور ذلك لأنه بتطبيعه المعلن وزياراته لاسرائيل يُعد أحد مَن لفظتهم الحياة الأدبية والفنية بل والجماهيرية المصرية.
*صورة لأبطال فيلم أغنية على الممر.
*صورة تجمع بين علي سالم، وممثلة حركة الأمهات والنساء من أجل السلام الإسرائيلية. عام 1998