الأربعاء ١٢ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
الروائي المصري وحيد الطويلة:

كل مسابقة جدية تفرز لنا شعراء جدد وشعرا حقيقيا

أسماء علي

مسابقة ديوان العرب تنظر بعين التقدير للشعر.. وتترفع عن المجاملات والصغائر

وأفضل "باب الليل" من بين أعمالي

الكتابة خيط موصول تتغير عبر الكتابة ونحتاج إلى تطوير التعليم

"يملك العديد من المؤلفات القيمة، ويتمتع بحس إبداعي مميز. قضى مشوارا ممتدا يعتز به قوامه علاقة وطيدة بالكتابة"، الكاتب الروائي وحيد الطويلة، الذي وقع الاختيار عليه ليكون ضمن المكرمين من رموز الثقافة العربية ضمن فعاليات الدورة العاشرة من مسابقات ديوان العرب الأدبية، والتي شهد لها بالنزاهة وإظهار التقدير اللائق للمبدعين والكتاب والشعراء.
يرى الطويلة أن مشاركة قدر هائل من المتسابقين في مسابقة ديوان العرب، هو مدعاة لإفراز مجموعة من الشعراء الحقيقيين، قبل أن يعول على دور المبدعين والشعراء في ترسيخ أواصر الثقافة والوعي بمجتمعاتهم، موضحا خلال حوار مطول طبيعة علاقته بالكتابة والكيفية التي يرى بها مسابقة ديوان العرب.

حازت مسابقات ديوان العرب الأدبية اهتمامًا واسعًا، وأنت من ضمن المكرمين من رموز الثقافة العربية لهذه الدورة، في رأيك ما الذي يميز هذه المسابقة عن غيرها؟

رأيي في الجوائز يتمثل في ألا تكون مثل شهادات التطعيم بل يحصل عليها من يستحقها. الفارق ليس كبيرًا بين شاعرين حقيقيين إلا في طعم قصيدة كل منهما. الجوائز تعطي المبدع بعض المال الذي يستحق أضعافه، لكنها توسع للشعر بابًا أمام الناس والحياة، وتعطي الشعراء بابًا ليفرحوا نعم ولينظروا أيضَا بعين جديدة في قصيدتهم.

وجميل أن تتصدى جهة كديوان العرب للقصيدة بدون حسابات كبيرة وبأقل قدر من الهوى. جميل أن جهة نظرت بعين التقدير للشعر ومدت يدها، كلنا نحتاج للتقدير، لتلويحة أننا أنجزنا شيئًا جميلًا، لكن الأهم أننا نستحقه.

وبالنسبة لي فوجود أسماء مثل د. صلاح السروي ود. أحمد الخميسي، ضمانة للنزاهة والترفع عن الصغائر والمجاملات، فهما رجلين نذرا عمرهما للفن الجاد الخلاق، كما تضم القائمة الشاعر النحرير الدكتور حسن طلب.

كيف تقرأ مشاركة (٦٦٤) متسابقًا من 26 دولة في المسابقة؟ وما مدى انعكاس ذلك على حيوية القصيدة العربية واهتمام المبدعين بها؟

أراها من زاوية جيدة جدًا، الشعر يظل هو الشعر، سامقًا، أحد أحلامنا الكبيرة، كلنا تمنينا أن نكون شعراء، بعضنا أخذه معه إلى فن آخر، الشعر يرقص داخل لغتنا، يحذف ويوميء، ما أجمل الكتابة التي توميء.

وأتمنى للشعراء أن يكونوا مثل عماد أبوصالح، أو عبد المنعم رمضان، أو ريتسوس وسعدي يوسف، في البحث عن الجديد، في الصدق الفني، في اختلاف العالم واللغة من ديوان لآخر، ليس مهمًا أن يكونوا مشهورين، أن يقرأوا علي الدكروري. حين تختلط التجربة والثقافة وعفوية القصيد، فكل مسابقة جدية حقيقية تفرز لنا شعراء جددًا والأهم شعرًا جديدًا.

كيف انطلقت رحلتك الأدبية في بداياتها؟

أصعب سؤال يواجهني، هو لماذا كتبت، لم أستطع أن أقربه، الكتابة هي الشق الأكبر من الحياة بما قبلها بما بعدها، الكتابة التي تشمل القراءة والمتعة والمعرفة وإنك تفتح بابًا لأحد لا تعرفه. وقد ولدت بعيدًا في أكثر المناطق تهميشًا في مصر، حتى لو كان الصعيد مهمشًا فإننا في المنطقة المنسية أو المجهولة، إذا كانت كفر الشيخ حتى وقت قريب محافظة نائية.

ليس عندنا أنبياء من خارج المنطقة ولا شياطين، كله إنتاج محلي، منطقة ليست محملة بالأساطير، هي ذاتها أسطورة، أرض طينية بلا طريق معبد حتى السبعينات، بلا كهرباء بالطبع، مطر مقيم لشهور كأننا في المغرب العربي. الذئاب تتجول بحرية في المنطقة قبل أن تغيب الشمس، بل وتصادق الكلاب.

صدرت لك العديد من الأعمال الأدبية المميزة، مثل "ألعاب الهوى" و"حذاء فيلليني". ما هي الأعمال التي تحمل مكانة خاصة لديك؟ ولماذا؟

أحب "باب الليل"، عالم لم نكن نعرفه في مصر، أو في الشرق عمومًا، لذا كان احتفاء المغرب العربي به كبيرًا. سبقني يحيى القيسي برواية "باب الحيرة"، لم أسمع بها إلا بعد أن انتشرت روايتي، لا أعرف الخلطة التي دفعت بهذه الرواية وجعلتها وقتها في سرة الحديث ومازالت، ربما على الحداثي أن يكون كلاسيكيًا كما قال أدونيس.
كما أحب "ألعاب الهوى"، الفكرة الوجودية حول الموت، شيخ الجامع الذي يطارده عزرائيل لمده عشرين عامًا، والشيخ يراوغه ويطلب منه أن ينتظره حيث يبحث عن حسنة واحدة ليدخل الجنة بها.

كيف تصف علاقتك بالكتابة؟ ما هي طقوسك؟

تأتي الكتابة مثل حبيبة، تمد يدًا وتخفي يدًا، الحبيبات التي يقدمن نفوسهن كاملة تجدينها في ألف ليلة وليلة، أو ربما في زمن العباسيين والأمويين، الكتابة عصية مراوغة، لكنها حين تحبك، حين تدرك تمامًا أنها عشيقتك الأولى والأولى- ليس هناك مكان للفظ الأخيرة حتى- سوف تمنحك ما لا يخطر ببالك، سوف تدهشك بعطائها.

كتبت كثيرًا عن علاقتي بالطقوس، عشت زمنًا أعتقد أنني كائن أممي، من الممكن أن أحارب مع ثوار الباسك وأن أشرب السيجار مع كاسترو، قلبي يستجيب لكل الأحبة مهما اختلفوا، لكنني تواضعت وأدركت أنني فقط أنتظر انتهاء الليل لأذهب للمقهى في الصباح، وأنتظر بدء الليل حتى أحط كطائر ليلي في المقهى، حيث أكتب في الشتاء ولا أكتب في الصيف طيلة حياتي.

ما هي مشاريعك الأدبية القادمة؟ وهل تخطط لتجربة مجالات أدبية جديدة؟

ربما أكتب جزءً من سيرتي الذاتية، ربما تباغتني فكرة، ربما يدفعني شيء مما يحدث في الواقع ويهزني لأكتب، أفكر وأتمنى أن يطول بي العمر بصحة معقولة حتى أغني في فرح إبنتيَ، فرشت المحبة لكثيرين في الكون، وأتمنى أن تكون الدنيا رحيمة بي لأسعد بهما.

ما هي النصائح التي تقدمها للشباب الطموح الذين يسعون لدخول عالم الكتابة والإبداع؟

قبل أن أنصح الكتاب الشباب، عليَ أن أصرخ: التعليم ثم التعليم ثم الثقافة، التعليم الرديء أنتج قارئًا رديئًا، لذا يمرح الكتاب المتوسطون بحرية، لم أجلس يومًا في موقع الناصح، نصيحتي أن تقرأوا، أي شيء وكل شيء.

الكتابة خيط موصول تتغير فيه طعم الطبخة أو تتغير تمامًا عبر القراءة، والصدق الفني، ننتظر كل صباح فنانًا جديدًا، نحن نكتب كتابًا ولكننا نقرأ مائة كتاب.

أسماء علي

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى