الأربعاء ١٦ آب (أغسطس) ٢٠٠٦
قصص قصيرة من وحي العدوان على لبنان
بقلم أحمد زياد محبك

السيد المسيح يعود إلى الجنوب

ـ 1 ـ

سمع عن عرس في قانا، حث الخطا، يريد مباركة الجمع، يخشى ألا يكفيهم الشراب، الطرق مقطعة، والجسور مدمرة، سبقته طائرات فـ15 والأباتشي، حين وصل كانت الجرار كلها مملوءة بالدم النازف من الأطفال.
ـ 2 ـ

أصيب أخوها في الجنوب، أثخنته بالجراح شظايا صاروخ من طائرة فـ15، أخذت تعدو في كل الجهات، تسأل عن السيد، ترجوه أن يضمد الجراح، السبل مقطعة، الجسور محطمة، قبل أن تصل إليه استهدفها صاروخ، لم يصبها، نجت بأعجوبة، الطائرة دارت دورة، ثم قذفتها بصاروخ آخر، نالت منها الشظايا، التفَّ حولها جمع من الرجال والأطفال، حملوها على الأكتاف، قالت خذوني إلى السيد، لا أريد سواه، واستهدفها مع الجمع صاروخ ثالث، قالت: أرجوكم، لا، لا تأخذوني إليه، أصبحت أخشى عليه، لو كنت وصلت إليه لكانوا استهدفوه، يكفيني أنه حي، وأنا على يقين بأنه سيساعد أخي في الجنوب.

ـ 3 ـ

رآه الجميع وهو يمشي فوق الماء متجهاً نحو الجنوب، أسرعوا إليه ليتباركوا به، وإذا الماء الذي في البركة دم ينزف من قدميه.

ـ 4 ـ

نزل عن الصليب، أشعل فيه النار، حمله على كتفه، وسار به، مشوا في إثره، رأوه يتجه نحو الجنوب، سألوه، قال: سأحرق به دبابات ميركافا.

ـ 5 ـ

حمل مائدة العشاء، وتوجه، ساروا في إثره، دخل مدرسة لجأ إليها المهجَّرون، وأخذ يقسم خبزه، ويوزعه مع الشراب على الأطفال، وهو يقول لهم: اطمئنوا، سأبقى معكم، هذا ليس العشاء الأخير.
ـ 6 ـ

طائرات فـ15، وطائرات الأباتشي تستهدفها، تقذفها بالصواريخ، تتناثر منها بعض الحجارة، وتبقى صامدة، كان أصحاب تلك الطائرات قد سمعوا أن السيد سينزل في منارة بيروت القديمة.
ـ 7 ـ

رأى أولمرت السيد جاثماً على صخرة، قال له: إذا كنت السيد حقيقة، فاقفز من فوقها، أجابه السيد: ستعرف لاحقاً حقيقتي، ولكن لستَ أنت من يختبرني.

ـ 8 ـ

أحاطت به دبابات الميركافا من كل جانب، أطل الجند من أبراجها المحصنة، سألوا عنه، من غير أن يغادروا الدبابات، ولكن أحداً من الحواريين لم يدل عليه، وكان معهم في الخندق، لم يعرفه الجند، رجعوا مخذولين.

ـ 9 ـ

قال السيد: لم تتغير مقولتي، من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، لأن من سيصل إليك ويضربك على خدك الأيمن هو الصديق والأخ، ولا بد أن تسامحه، أما العدو فلن يصل إليك، ولن يتمكن من ضربك.

ـ 10 ـ

قال السيد: أؤكد لكم مقولة أخي أحمد، الذي أتى من بعدي، ستبرزون لهم من وراء الصخور والأشجار، لأن الأرض هي أرضكم، وهم سيتحصنون بجُدُر، من حجر أو من حديد، وكما قال الرب: تحسبونهم جميعاً وقلوبهم شتى، صدقوني، هذا هو صوت الحق، فآمنوا به، وبه اعملوا.
ـ 11 ـ

أنا رأيتها هناك، مصلوبة على الحديد وكتل الإسمنت، في الدور الرابع عشر من البناء، وقد دمرت الأباتشي الدار، ومزقت الأهل، وظلت هي هناك معلقة، لا يستطيع أحد من رجال الإنقاذ الوصول إليها، هي مثلي، ولكنها لم تكن قد بلغت الثالثة والثلاثين.

ـ 12 ـ

أطللت، فرأيت سيارة تحمل صليبأ بلون دمائي، باركت السيارة، وهي قادمة من الجنوب، مسحت على جراح من بداخلها، ولكن انقضت عليها طائرة أباتشي وضربتها بصاروخ استقر من الصليب في القلب.

ـ 13 ـ

رأيت قوافل المهاجرين من أحبائي وأحباء أخي أحمد، بعضهم يمسك يد بعضهم الآخر، يخرجون تاركين بيوتهم، من صيدا من صور من قانا من بنت جبيل من دبين، وقبل أن أصل إليهم لأباركهم، كانت طائرات الأباتشي وفـ15 تقصفهم، ورأيت الأطفال يتدحرجون على الصخور كالخراف.
ـ 14 ـ

رأيت الراعي على قمة الصخرة، يعزف على شبابته، والخراف من حوله ترعى آمنة، باركته، ولكن فجأة انقضت على القطيع في أسفل الوادي طائرات الأباتشي وفـ 15، الخراف شردت، اختبأت وراء الصخور، ولكن حملاً صغيراً يشبهني، نزفت منه الدماء.

ـ 15 ـ

لكم أقول: ها قد عدت ثانية، لن أحمل صليبي، لن أصعد إلى الجلجلة، سأتجه إلى بنت جبيل، إلى قانا، إلى مروحين، إلى مارون الراس، سأكون هنا وهناك وهنالك، على كتفي قاذفة صاروخ، وفي يدي قصفة زيتون، لأعانق السيد حسن نصر الله، فيا أحبائي، اتبعوني.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى