الطُّـوفانُ
ضَاقَتْ بِكَ الأَرْضُ، ما ضَاقتْ بِكَ المُقَلُ
يا زارِعَ العَزْمِ فِيمَنْ عَزْمُهُم وَشِلُ
يا مُخْرِجَ الفَجْرِ مِنْ دَيْجُورِ ظُلمَتِهِ
يا شَعْبَ غَزةََّ فيكَ النَّصْرُ يَكْتَمِلُ
خَمسٌ وَسَبعونَ مِنْ عَجْفاءَ كالِحَةٍ
لَمْ تُبْقِ سُنْبُلَةً، لَمْْ يُورِقِ الأَمَلُ
حَتَّى أَغَارَتْ خُيولٌ مِنْ مَرابِضِها
عِندَ الصَّباحِ، فَوَلَّى الجَمْعُ أَوْ قُتِلوا
جَاسوا الدِّيارَ، فَمَا هَانَتْ عَزائِمُهِمْ
وَعْدٌ تَنَزَّلَ في القُرآنِ إِذْ فَعَلوا
خَارَتْ عَزائِمُ صِهْيَونٍ عَلى عَجَلٍ
لَمْ تُغْنِ عَنهُم حُصُونٌ خَلْفَها نَزلُوا
هارَتْ عَليهم بُيوتُ العَنكَبُوتِ مَعاً
لَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ مِنَ الطُّوفانِ إذ ثُكِلُوا
ما بينَ طالِبِ عَفْوٍ قَدْ أُطيحَ بِهِ
أَوْ راكِبٍ رَأسَهُ المَأفونَ، قَد ذُهِلُوا
سِيقوا أُسارى بِلا حَوْلٍ يُخَلِّصُهُمْ
مُسْتَسْلمينَ، كَما لَو أَنَّهم ثَمِلوا
أما الرُّؤوسُ التي تاهَتْ على صَلَفٍ
قَدْ مَزَّقَتْها أُسُودٌ ما بِهِمْ وَجَلُ
أبطالَ غَزَّةَ صَبْراً، لَنْ يَضُرَّكُمُ
غَدْرُ الأَعاريبِ، إِنْ خَانُوا وإِنْ خَذَلُوا
نامُوا عَلى الظُّلْمِ، لَمْ يُوقِظْهُمُ دَمُنَا
”رَقَّ الحَديدُ لِبَلْوانَا“، وَمَا سَأَلوا
حَطُّوا الأَصابِعَ في آذانِهمْ وَمَضَوْا
كَيْ لا يُلامِسَ أَسْماعاً َلهُم عَذََلُ
”لا يًسألونَ أخاهُمْ حينَ يَنْدُبُهُمْ“
في الجاهِليَّةِ بُرْهاناً، لِكَيْ يَصِلوُا
أمّا هُمُ اليَومَ أقْوامٌ مُمَزَّقَةٌ
شِبْهُ النَّواطيرِ، يَمْشي بَيْنَهُمْ هُبَلُ
يا أُمَّةً نُكِبَتْ، ماتَتْ فَضائِلُها
كَيْفَ اسْتَوى عِنْدَها المَقْتولُ وَالقَتَلُ؟
أَيْنَ اللذينَ إذا مَا اسْتُنْهِضَتْ هِمَمٌ
لَبُّوا النِّداءَ، وَمَا هَانوا، وَمَا انْعَزَلوا؟
أبطالَ غَزَّةَ، لا حُزْنٌ وَلا وَهَنٌ
نَصْرٌ مُبينٌ، بِهِ الأَجْفانُ تَكْتَحِلُ
ما ضَرَّكُمْ أَبَداً خُذْلانُ أُمَّتِكُمْ
هَيْهاتَ هَيْهاتَ أَنَّ الشَّعْبَ يَنْخَذِلُ
فُزْتُمْ عَلَيْهِمْ وَرَبُ البَيْتِ في زَمِنٍ
قَلَّ الرِّجالُ بِهِ، واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ
شاعر من فلسطين، أستاذ القانون الجنائي الدولي ورئيس المركز الدولي للعدالة والمساءلة، مونتريال، كندا.