الأحد ٢٥ حزيران (يونيو) ٢٠٢٣
بقلم آدم عربي

الفلسفة العلمية مُركَّب كيميائي من كل العلوم!

لا بدَّ من ذكر أمر في منتهى الأهمية وهو أنَّ الفلسفة ما لا نعرف، بينما العلم ما نعرف، ولولا ذلك لما أخذتْ الفلسفة كل هذا الجهد من الفلاسفة منذُ الاف السنين، انها علم الواقع والذي ضاق به كل علم، الفلسفة كيف ينظر المرء إلى العالم وكيف يفهمه ويتصوره، لذلك نحن بحاجة لها ولا يمكن أنْ تنتفي الحاجة إليها.

وكل من يضرب صفحاً عن الفلسفة العلمية إنما اختار أنْ يجهل الواقع الموضوعي في كلِّيته، وطريقاً لفهم العالم كأجزاء منفصلة لكل منها قوانينه الموضوعية، وفي الحقيقة حتى كتابة هذه السطور، لا قوانين عامة تشترك فيها أجزاء هذا العالم، لكن في سعينا هذا يكفي أنْ نُقِرَّ بالحقيقة الكبرى وهي أنَّ هذا العالم على تنوعه هو وحدة واحدة وبالتالي لا مناص من علمٍ يبحث في اكتشاف القوانين الموضوعية العامة والتي هي أوسع من قوانين الكيمياء والفيزياء...الخ، وهذا العلم يجب أنْ يكون الفلسفة، والتي تبحث عن المعرفة بمقياسها الموضوعي العلمي، وفي إِشكالية المعرفة لا بُدَّ من تعظيم أَهمية التجربة العلمية في معرفة القوانين الموضوعية المادية في سعينا نحو المعرفة، وهذة القوانين الموضوعية المادية هي الطريق نحو نجاح أَيِّ عمل نقوم به، إِنَّ الانسانَ لا يستطيع ضمان فعل ما يشاء ما لَمْ يكن عارفاً بالقوانين المادية لأَيِّ فعل، ولا بد من التجربة التي تتوافق مع الواقع لإِقامةِ الدليلِ على صحته، حاول أَنْ تقطعَ نهراً مشياً على الماء كما المسيح لتعرف عاقبة مَنْ لا يعرف قوانين الطفو على الماء. الفكرُ و التفكيرُ ينبغي لهما أنْ يراعيا، تلك القواعد والمبادئ، وأنْ يستمسكَ بها إذا ما أراد صاحبه الوصول إلى الحقيقة، لذلك نقول كيف جاء المنطق إِلى رأْسِ الانسان بتلك المباديء والقواعد؟، بإِعتقادي أَنَّ له مصدر واحد لا غير وهو التجربة العلمية والممارسة للإِنسان في صراعه مع الطبيعة، وإِنِّ النجاحَ والفشل في تجارب الإِنسان العلمية قيدَ الصراع وبالصراع هما ما فَرَضَا على الانسان أَنْ يكونَ منطقياً، والمنطقية لَمْ تُوجَد ولَمْ تنشأ لدى البشر إِلَّا بصفة كونها شرط بقاء. وحتى لا أُتهم بمثالية الطرح في موضوع ايجاد قوانين موضوعية عامة أعم وأشمل من الأجزاء، وعلى إعتبار تسليمنا بالحقيقة الموضوعية الكبرى ، وهي أنَّ هذا العالم وحدة واحدة رغمَ تنوعه هناك مثال يمكن أنْ يميط اللثام عما أقصد، هناك قانونٌ فلسَّفيٌّ أَو أحد القوانين العامة (الفلسَّفية) للعالم يقول: التغيُّر يعتري كل شيء؛ وما التغيُّر إلاَّ تحوَّل الشيء إلى نقيضه ،هلْ لنا أَنْ ننفي وجود هذا القانون الفلسَّفي الموضوعي العام؟ هلْ لأحد أنْ يأْتي ولو بمثالٍ واحدٍ يُثبت فيه أنَّ التغيُّر لا يعني تحوُّل الشيءِ إلى نقيضِه؟.

الصاعقة هي ظاهرة طبيعية، إن فهمنا الصاعقة فهماً ميتافيزيقياً، بأنها غضب السماء، فلا سبيل للتخلص من أثرها إلَّا بالدعاء والصلاة إلى الله، أما إنْ فهمناها فهماً موضوعياَ، فلا أسهل من استخدام مانعة صواعق للتخلص من خطرها، بالصلاة والدعاء لا يمكن التخلص من خطرها أبداً بينما بمانعة الصواعق يمكن . وفي إطار سعينا نحو الحقيقة فلا بدَّ من استحضار قول الشاعر "لكل امرئ في ما يحاول مذهب"، كل جماعة بشرية تحرص على بقاء الواقع كما هو فكراً وعملاً ما دامت تخدم مصالحه الإقتصادية والمالية، السعي في إدامة الواقع الذي يدر عليهم لبناً وعسلاً وإنكاره في الوقت نفسه، فاعترافهم به يضر بمصالحهم ويحرض المتضررين منه على السعي لتغيره، قد نسأل عن سبب الفقر مثلاً، وقد نتوصل إلى إجابة موضوعية دقيقة وصحيحة ، لكن مصير هذه الإجابة تقرره مصلحتك، فإن كانت مصلحتك تقضي محاربة الفقر وتغيير الواقع الموضوعي المُنتج له، فإنك تسعى إلى إبراز وإظهار تلك الإجابة، أما إنْ كانت مصلحتك تقضي بإدامة الفقر فإنك تسعى جاهداً لحجب تلك الإجابة بكافة الطرق عن الفقراء مستخدماً أفكار ومعتقدات بعيدة عن الواقع الموضوعي ومنافية للعلم، وعندما يعجز الإنسان أو يُعٌجَّز عن معرفة وفهم أسباب المصائب التي تحيط به، فإنَّه من السهل جعله ينظر لها على أنَْها قضاء وقدر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى