القصة الكبيرة
الساعة الخامسة والنصف صباح يوم الخميس 21 مارس عام 1968 بدأت معركة الكرامة حيث هاجمت القوات الإسرائيلية ثلاثة جسور في وقت واحد وقام المهندسون العاملون في القوات الإسرائيلية ببناء جسر عائم في الشمال كي تتمكن القوات من عبور النهر وجرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن على الضفة الشرقية من نهر الأردن ونسبت المعركة إلى قرية الكرامة التي حدثت أهم الاشتباكات فيها وقربها وتقع قرية الكرامة في الجزء الشرقي من غور نهر الأردن وهى منطقة زراعية منخفضة جغرافياً اشتهرت ببساتينها الكبيرة وخضرتها الدائمة وكانت تسمى بمنطقة الآبار وذلك لكثرة الآبار الارتوازية فيها وتسمى أيضا بغور الكبد باعتبارها جزءا من منطقة زراعية واسعة وتعتبر هذه المنطقة سلة الغذاء الأردني ويعتمد 95% من سكان هذه المنطقة على الزراعة
استمرت المعركة 16 ساعة في قتال مرير على طول الجبهة وصدر خلال المعركة عن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أحد عشر بلاغًا عسكريًا ما بين الساعة السادسة صباحًا وحتى الساعة التاسعة من مساء يوم المعركة وبلغت خسائر القوات الإسرائيلية تدمير 45 دبابة و 25 مجنزرة و 27 آلية مختلفة وإسقاط خمسة طائرات و 200 قتيل ومجموعة كبيرة جدا من الجرحى واستشهد من أبطال الأردن 20 بينهم 6 ضباط وإصابة 65 منهم 12 ضابط وتدمير 10 دبابات و 10 آليات مختلفة و 2 مدفع
لجأت إسرائيل إلى طلب وقف إطلاق النار في الساعة 11 والنصف يوم المعركة أي بعد 5 ساعات من بدء المعركة لكن الملك حسين عاهل الأدن الأردن أصر على عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جندياً إسرائيلياً واحداً شرقي النهر
بعد النصر الكبير الذي حققه الجيش الأردني في معركة الكرامة طلب صلاح أبو زيد من الرحبانية وفيروز كتابة وتلحين وغناء أغنية لبثها في أول احتفال بالذكرى السنوية للكرامة وبالفعل نفذوا هذا المطلب واتصلوا به قبل يومين لإبلاغه بأن الأغنية جاهزة للبث في الذكرى الأولى للمعركة فطلب منهم صلاح أبو زيد إرسالها على وجه السرعة وكانت المفاجأة أن السلطات السورية أغلقت الحدود ومن المعروف أنه لا طريق من لبنان إلى الأردن إلا عبر سوريا فطلب منهم إرسالها بالطائرة وكانت المفاجأة الثانية أن موعد الرحلة القادمة سيكون بعد أيام من الاحتفال بذكرى الكرامة ولم يكن هناك يومها إلا رحلة واحدة أسبوعيا بين عمان وبيروت وكان مدير الإذاعة قد أبلغ رئيس الوزراء والديوان الملكي الأردني وقيادة الجيش بأمر الأغنية
تفتق ذهن صلاح أبو زيد يومها لطريقة إحضار الأغنية وبثها يوم 21 مارس 1969 وتتمثل في أن بث الإذاعة اللبنانية كان يصل الى المناطق الجنوبية من سوريا فقط فأرسل فريقا فنيا ومعه سيارة بث إذاعي كبيرة إلى الحدود مع سوريا وتم اختيار منطقة مرتفعة تمركزت بها السيارة وتم الاتفاق مع الرحبانية على بث الأغنية في السابعة صباح 21 مارس 1969 ضمن فقرة فيروزيات التي تبثها الإذاعة اللبنانية صباحا ليقوم الفريق الأردني بالتقاط البث وتسجيل الأغنية وإرسالها إلى عمان لبثها من الإذاعة الأردنية بعد ذلك وعلى وجه السرعة وزيادة بالحيطة والحذر قام الفريق الفني بتسجيل الأغنية على شريط وإرسالها مع سيارة إلى الإذاعة وفي نفس الوقت قامت سيارة البث ببثها إلى أقرب محطة إرسال إذاعي وهكذا بثت الأغنية من محطة إلى محطة حتى وصلت إلى الإذاعة الرئيسية كاحتياط في حال تآخر السيارة وبالفعل وصلت في الوقت المناسب وتم إجراء بعض العمليات الفنية عليها وإعادة بثها مرات ومرات في ذلك اليوم والأغنية هي القصة الكبيرة كلمات وألحان الأخوين رحباني وغناء الفنانة اللبنانية فيروز هذا قد خصصت الإذاعة الأردنية بعد ذلك نصف ساعة يوميا من السادسة والنصف وحتى السابعة صباحا للمطربة فيروز والرحبانية كنوع من التكريم والعرفان بما قاموا به تجاه الأردن واستمر ذلك لسنوات طويلة