

الوطن: "حوار مع صديق براغماتي"
– ماذا وجدتَ وأنتَ في "حضنِ الوطنْ"؟
– كُـلُّ المَلامِحِ و المعاني .. تَختلفْ
– حدِّدْ بمَاذا تختلفْ؟
– سَمْتُ الأثيرِ هُنا يُحرِّكُ سِدْرةَ المعنى بشكلٍ لولبيٍّ صاعدٍ نحوَ السَّماءِ كرقصةٍ صوفيَّةٍ
– هـوَ أيُّ معنى فلتُجِبْ؟
– معنى الحياةِ و أن تعيشَ بكُلِّ ما أوتيتَ من صَخبِ المشاعرِ فالهُويَّة تكتملْ.
– ماذا عنِ الأصواتِ و الأشياءِ حدِّثني عن المرئيِّ و المَسمُوعِ في ما قدْ يُسَمَّى بالوَطنْ؟
– الصوتُ مألوفٌ هُنا، لغةٌ تجيدُ بُلوغَها كلُّ الحواسِ و كلُّ ما فوق الحواسِ و كلُّ مافي القلبِ من حذقِ البصيرةِ،
و الشُّعورُ هنا رهيفٌ ... و الحنينُ كثيفُ ظلٍّ
قد تُصيبكَ بالذّهولِ سحابةٌ مرّتْ على عجلٍ فـتُمطرُ مَدمعَكْ
تحتاجُ ساعاتٍ لكي تجتازَ أمتاراً على ذكرى رَصيفٍ مفعمٍ بالياسمينِ،
و قد يمرُّ أمامَ عينكَ مشهدٌ فتقولُ ( هذا مرَّ بي في ما مضى!)
هلْ تلكَ ذاكرةُ المكانِ أمِ الزمنْ
– قلْ كيفَ يحدثُ كلُّ هذا في الوطنْ؟
– يتوسَّعُ الإحساسُ في أبعادهِ
و يعانقُ الزمنُ المكانَ على نسيجٍ مُتَّسِقْ
يتشابكُ الطفلُ النقيُّ مَعَ الفتى متمرِّداً
و العنفوانُ شبابهُ مَعَ نُضْجِ أحلامِ الرُّجولةِ داخِلكْ
... فهناكَ في الوادي لعبتُ معَ الصَّدى
و هناكَ فوقَ العشبِ نمتُ مُمَدَّدا
و هنا صُفِعْتُ لأنَّنِي دَخَّنتُ - أوَّل مرَّةٍ - تَبغَاً و كنتُ مردَّدَا
و هنا كتبتُ قصائدي الأولى بلا تفعيلةٍ و بدون وزنٍ ضيّعَـتها الرِّيحُ هدراً في المَدَى
و هناكَ أوَّلُ حُـبّنا و الحبُّ أوَّلهُ بريءٌ كالنَّدى
و هنا على بابِ المطارِ تكوَّمتْ أحلامُنا بحقيبةٍ جُمِعتْ سُدَى ...
– فإذنْ لماذا لا يعودُ مسافرٌ و متى نعودُ إلى الوطنْ؟
– هيَ لعبةُ القلبِ المراهقِ ... حينَ ينضجُ، يرتقي في ذوقِهِ و تـقـلُّ قدرتُهُ على الإنكارِ
يَختَارُ الوطنْ ..........