الجمعة ١٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٤
بقلم عبد العزيز زم

جُـثّــة

آخر ما أذكرُهُ:

كانَ الجوعُ يُحاصِرُنا

خمسة أطفالٍ وأنا

لم نأكلْ مِن آخرِ قَصفٍ

أنـقـذَ أمّيْ وأبِـيْ

مِن هذي الدُّنيا الوَحشِيّة

****
كي أنجو مِن زفراتٍ حَـرَّى

تُحرِقني،

بِالكَادِ خرجتُ لأستجدي شربةَ ماءٍ

أو قطعةَ خبزٍ

في رِحلةِ بحثٍ عَـبَـثِــيّة

****
قصفٌ عشوائيٌّ

بعثَرَني في الشَّارعِ أشلاءً

قِطَعاً من لحمٍ وعظامٍ

في مِزَقِ ثيابٍ مَشويّة

****
وصَعَدتُ بروحي للأعلى

فوقَ ركامٍ في نارٍ ودُخانٍ

راحتْ تلفظُ أشلاءً من قومي،

جيراني، والأطفالِ الخمسةِ

حممٌ ليستْ بُركانيّة

****
وَعَلوتُ

حَملتُ معي عطشي

ليسَ لماءٍ وشرابٍ

بَـلْ للتّحريرِ وللحريَّـة

****
وَيَدي المقطوعةُ

لم تـتركْ مِفتاحَ البابِ

وينزفُ في قَبضةِ كَــفِّي

كَـشَظِــيّة

****
قلبي يتخبّطُ وَحدَهُ

فوقَ رُكامِ البيتِ

ومازالتْ في النّبضِ قَضِيَّة

****
ورأيتُ بلادي ما أجملها

عَكّا، حَيفا، يافا، قيساريّةْ

والرملة واللدّ وطبريّا

إنَّ الوطنَ يَحِنُّ لأهلهِ

غَـسّانَ ومحمودٍ وصَفيَّةْ

إنَّ الأرضَ فـلـسطينيّة

****
وصعدتُ إلى الأعلى أكثر

فرأيتُ بلاداً عَرَبيّة

كانت تشجبُ وتُــندّدُ

بكلامٍ لا يُسمِعُ أحداً

وعباراتٍ مَخصِيّة

****
ونظرتُ بعيداً فرأيتُ مَمَالكَ غَـربيّة

(قامتْ تحتَ شِعارِ الإنسانيّة)

قد عَرفتْ من لَونِ دِمائي

أنّي القاتلُ والطائرة ضَحيَّة

قد شَمَّتْ في رَثِّ ثيابي

رائحةً ضِدَّ السامِيّة

****
وانكشفَتْ سَوءَةُ أمريكا

وتَعَرَّى الغربُ كَعاهرةٍ

تُسعِفُ شَبَقَ الصُهيونيَّة

سَقَطتْ أقنعةُ مُلوكِ النفطِ

وما عادتْ

في الرّوحِ العَـرَبيِّ حَمِيَّة

*****
أكمَلتُ إلى شُرُفاتِ اللهِ

وأعلى

"ما أشهى طعمَ الحريّة"

وصَرَختُ بكاملِ وَجَعي

وذُهُولي:

يا آدَمُ، لا تَـقـربْ شَجَراً

ما أقبحَ وَجهَ البشريّة

يا آدَمُ، لا تأكلْ ثمَراً

ما أقبحَ وجهَ البشريّة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى