السبت ٢٤ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم
بـين ظُلْمتيـن
حطَّ النهارُ رحالَهُفوق البلادِ الغافية.طرق النوافذَحاورَ الأحياءَ والأمواتَلكنْ لم يجدْ مَنْ راقَبَه ..من بعد ذلك جاءَهم في غفلةٍحملَ الضياءَ إلى سرابِ الحلمِألْهَبَ كفَّهُ ،فرأى الأغاني في الدروبِ تلاحقُهْ ..وكذا الشعاراتُ الرصينةُفي الزوايا والحواري تمضغُه ..لم يقرأ الأسماءَلم يحفظْ عناوين الصحفْنسيَ المدارسَ والمعابدَما تبقّى من حكايا أمِّهِ ..كلُّ الذي في ذهنِهِأنَّ الزمانَ يخاتلُهْ ..سَمِعَ الحجارةَ بل رآهاتجمعُ الأذكارَ والشطّارَتدعوهم ، وأذنُ القومِ عنها شارده ..هي لفحةٌ مِنْ بعدها لم تبقَ فينا ذاكره ..سنةٌ يشحُّ النفطُ فيها ، والمياهُإلى الضياعِ مهاجره.سنةٌ مضَتْ ..سنةٌ أتتْ . والحالُ سهمٌوالحصارُ على النفوسِ الحائره ..لم تنقطعْ قنواتُ شدويفالخصورُ عجينةٌوالجالسونَ على الصدورِ فيالقٌوعلى البطالةِ دُرِّبوا ..هي لحظةٌ سَلَبَ الزمانُقديمُهُ وحديثُهُ عبقَ الندىمن ثغرهاهي قصَّةٌ لا تشتهيها الأدمعُ ..قد غُرِّبتْ فاستعذبَتْوجعَ الجفونِوقبَّلَتْ يدَ قاتلي ..وأتى النهارُ محمَّلاً بالماءِوالخيراتِ ،جاءَ بمائِهِ ورياحِهِ وشموسِهِ ..واللّيْلُ فينا رابضٌ مُتكبِّرُ ..بينَ الدموعِ وبين أحلامييبثُّ مخافره ..قد جاءَنا بعد الضحى ..والرملُ يعبَثُ بالجيادِوخيلُنا في غرفةِ التبريدِنامَتْ . كبِّلَتْ برجالها ،عقم الرجولةِ شاهرٌ إفلاسَهُ ،جرِّدْ حُسامَكَ فالسفينةُ ثقّبَتْجرِّدْ غيابَك فالدروبُ توعَّكتْوالسَّاهرون على العروشِ تغيَّبوا .هُمْ في البلاهةِ والعقوق تصلَّبوا ..جرِّدْ يراعَكَ فالمرافىءُ أغلقتأحلامها واستعذبَتْ وأد الندى ..والصَّمْتُ جيشٌ عاطِلٌوالرابضون على المقابرِحزنهمْ مُتَرَهِّلُ ..والزاحفاتُ إلى الموائدِ وجبةٌ ملغومةسكنتْ جفونَ الذاكره .أيقظْ بريقَ مشاعركْفالثلجُ غاب بياضُهُوتعطَّلَتْ لغةُ الهوىفي لجَّةِ الأشواقِ أمسَتْ مقبره .اقرأ عليَّ بيانكمْواشهدْ بأنّي غاضِبٌأشهِدْ عليَّ رجالكمْقل للورى : إنَّ البيانَ معاندٌ لاينثنيواشهدْ بأنّي كافرٌبالأدعياءِ الأوصياءِوبالنخبْ ..إنِّي فتحتُ حقائبي ودفاتريمنذا رآها تزهقُ ؟لم يبقَ طيرٌ في الحدائقِ ، قد أتاها الأحمقُ ..أشهِدْ علينا فالسماءُ تثاءَبَتْوالأرضُ نامَ رجالهاوالحربُ أزكتْ بُؤسَهاأين السؤالُ إذا أتاناموكبُ الأحزانِيعزف للمُدى ؟ !كيف الجوابُ ونارُ مَنْ حاوَرْتُهمْمدَّتْ إليَّ ظلامها وظلالهاراحَتْ تفتِّتُ باللَّظىأخبارناهلاَّ قرأْتَ مواجعيفاشهدْ أمامَ الربِّأنَّكَ قاتلي ..فاشهدْ أمامَ الربِّأنّكَ قاتلي …