تاريخ الحياة الاجتماعية بدولة الکويت
یهدف هذا المقال إلی تقديم صورة عن الحياة الاجتماعية في دولة الکويت منذ تأسيسها حتی یومنا الحاضر حيث مرت بهذه الدولة الفتية فترات کانت ذات تأثير علی مختلف جوانب الحياة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) والمقال يقسم مراحل الحياة الاجتماعية تقسيما تاريخيا: مرحلة قبل ظهور البترول،ومرحلة بعد ظهور البترول،ومرحلة الاحتلال العراقي والتحرير. ويلقي المقال الضوء علی نماذج من العادات والتقاليد في کل مرحلة من المراحل التي سبق ذکرها بالإضافة إلی أن القارئ سيتعرف علی مدی تغيير العادات والتقاليد التي کانت سائدة في هذه المنطقة العربية حيث أصبحت الآن أخری مختلفة کما أن هناک عادات وتقاليد لم تطرأ عليها أي تغيير
المفردات الرئيسة:
– الکويت، المجتمع، الشعب، العادات، التقاليد
تمهيد
إذا ما نظرنا نظرة فاحصة إلی تاريخ الحياة الاجتماعية في دولة الکويت يمکننا القول إن للحياة الاجتماعية في هذا المجتمع العربي ثلاث مراحل أساسية تتصف کل مرحلة بميزاتها الخاصة حيث أن المرحلة الأولی هي مرحلة قبل ظهور النفط ثم تتبعها مرحلة ما بعد ظهور البترول وأخيرا المرحلة التي تقع أثناء الاحتلال العراقي وبعد تحرير الکويت.
ثم إن مجتمع دولة الکويت مجتمع عربي مسلم وعاداته وتقاليده وتعاليمه مستمدة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
والمتتبع للأنظمة الاجتماعية في معظم البلاد العربية يری أن السکان ينقسمون إلی مجموعتين متميزتين: البدو والحضر.
والبدو- کما هو معروف – هم السکان الذين تتصف حياتهم بعدم الاستقرار في بقعة واحدة ويعتمد اقتصادهم علی تربية الحيوان ونظامهم الاجتماعي يتميز بالقبلية التي تتکون من مجموعة أسر وهي ما تسمی بالأفخاذ والکل يخضع لقيادة شيخ القبيلة والعصبية القبلية هي التي تحمي الفرد. (التحضير وتأثيره علی القيم والاتجاهات الدينية في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، عبد الحفيظ محمد شناق، مؤسسة دار الفکر الجديد للطباعة والنشر، ص 128 بتصرف)
أما الحضر فهم الذين يعيشون في المدن والقری وحياتهم الاجتماعية خاضعة لنظام السلطة المرکزية.
وإذا کان من حديث عن الحياة الاجتماعية في دولة الکويت - قبل ظهور النفط - فلا بد أن نتحدث عن طبيعة سکانها قبل کل شئ حيث لا يمکن الجزم أن الکويتيين تعود جذورهم إلی البدو الرحل بل هناک مصادر تشير إلی أن أمر النظام الاجتماعي في هذه الدولة يختلف شيئا عن باقي الدول العربية وفي هذا الصدد يمکن الاکتفاء ببعض الأدلة التي قدمها الدکتور خليفة الوقيان في کتابه "الثقافة في الکويت" حيث يشير إلی أن الجماعات الکبيرة من المهاجرين إلی الکويت لم يکونوا من البدوالرحل لأسباب: أولا، لأن الداعي الأکبر في نزوحهم إلی هذه المنطقة يعود إلی أنهم وفدوا إلی هذه المنطقة وهم کانوا ينشدون فيها الأمان وکانوا ينأون بأنفسهم عن بؤر الصراع القبلي والعرقي والطائفي في المناطق المجاورة ولاتوجد هناک أدلة تشير إلی أنهم کانوا من البدوالرحل الذين شردهم القحط. ثانيا، إن الهجرات الکبيرة من داخل الجزيرة العربية لم تکن قادمة من الصحاري بل من مدن وقری معروفة مثل الهدار التي جاءت منها واحدة من أکبر الهجرات المبکرة وأهمها وهم العتوب ويرجح حدوث هذه الهجرة في أواخر القرن السابع عشر أوأوائل القرن الثامن عشر. ثالثا، ما يدل علی البيئة الحضرية في الکويت هودعمهم للمؤسسات التعليمية والثقافية في فترة مبکرة کما أسهموا في تأسيس النوادي الأدبية والاجتماعية. رابعا، يصف الرحالون طبيعة الحياة الحضرية التي کانت واقع حياة الکويتيين آنذاک فأحد هؤلاء الرحالين عندما زار الکويت عام 1916م يصف مضيفه الکويتي أنه کان راقيا في أسلوب حياته ويفضل العيش بطريقة عصرية وتوجد في بيته حجرة للاستقبال تحوي أرائک وثيرة ومقاعد مريحة وطاولات وألبومات صور... ويوجد هناک أيضا جهاز حديث للحاکي....خامسا، کان سکان الکويت يعتنون بتنمية معارفهم حيث اتجه عدد من المواطنين إلی مصر للدراسة خلال القرن التاسع عشر. سادسا، هاجرت طبقات اجتماعية مختلفة بعد العتوب إلی الکويت منهم العلماء والتجار وأصحاب الحرف والصناعات المختلفة من بنائين وحدادين ونجارين وفي مقدمتهم "القلاليف" أي صناع السفن الشراعية الکبيرة القادرة علی عبور المحيطات. وهذا ما يشير إليه الکثيرون من الرحالين الذين زاروا الکويت تلک الحقبة التاريخية. (الثقافة في الکويت، د. خليفة الوقيان، الطبعة الثانية، 2007م، صص 14 حتی 20 بتصرف )
ولا شک أن هذه العناصر البشرية المختلفة ذات مهارات متنوعة تخلق بيئة حضرية تکثر فيها الحرف والمشاغل وسبل العيش الکريم خاصة ما يتصل اتصالا مباشرا بالبحر بسبب تجارتهم البحرية ما ينم عن مهارة الکويتيين في صناعة السفن وکل الحرف التي ترتبط بالسفينة من الملاحة وعلم الفلک لمعرفة اتجاههم في المحيطات.
ثم إن المجتمع الکويتي مجتمع منفتح علی العالم لأسباب کثيرة منها: وفود الأجانب إلی هذه المنطقة في فترة مبکرة ثم رحلاتهم المتتالية إلی الهند والبلدان النائية للتجارة ونقل البضائع ما أدی إلی اتصالهم بالکثير من الشعوب ذات المصادر الثقافية المتنوعة والتأثر بها. (الثقافة في الکويت، د. خليفة الوقيان، الطبعة الثانية، 2007م،ص 28 بتصرف)
ولا شک أن هذا الانفتاح أدی إلی ولوج کثير من المفردات الهندية والفارسية وغيرها إلی اللغة العربية.
فهناک کلمات مثل: (الجرخ) وهوأداة خاصة بخلط المواد السائلة تستخدم لخلط الحليب والبيض أو( الکاري) وهما عجلتان أوأربع عجلات من الحديد يمسک الأولاد مقوده ويدفعونه ويسيرون به رکضا أومشيا أو(البقشة ) وهي قطعة کبيرة من القماش يوضع بداخلها ملابس الغسيل أو (البادقير) وهوعبارة عن برج له فتحة من الأعلی يأتي منها الهواء إلی داخل الغرفة أو(البنجرة) وهي عبارة عن شباک مستطيل الشکل من خشب الصاج أو( الدهريز) وهوعبارة عن طريق طويل يربط ما بين دخول باب المنزل والفناء. (غطاوي جديدة بعبق من ماضي الکويت، ثامر إبراهيم السيار، 2001م، صص 37 حتی 124 بتصرف) ولا ريب أن کل هذه الکلمات هي مفردات فارسية دخلت اللهجة الکويتية قبل ظهور النفط عن طريق رحلة الإيرانيين إلی دولة الکويت.
هذه هي الحالة الاجتماعية قبل ظهور النفط ولکن بعد أن ظهر البترول تغير کل شئ وهناک ظاهرة مهمة نجدها بعد ظهور البترول وهي توافد البشر علی هذه المنطقة من مختلف أنحاء العالم ويمکن اعتبار هذه الظاهرة السبب الرئيس للتغييرات الاجتماعية علی المجتمع الکويتي.
وهؤلاء الوافدون ينقسمون إلی ثلاثة أقسام: القسم الأول هم العرب الذين تجمعهم مع المواطنين لغة مشترکة وتقاليد متقاربة ويشتغلون في الدوائر الحکومية خاصة في المدارس. القسم الثاني هم الأوروبيون الذين أغلبهم من الخبراء المتخصصين ولهم رواتب عالية جدا. القسم الثالث هم بقية الوافدين من البلدان الأسيوية وهم طبقة العمال التي تمارس مهنا عديدة متنوعة کالخدمة في البيوت والمزارع وغيرها.
ولا شک أن ما أدی إلی تغيير جذري في المجتمع الکويتي يعود إلی أمرين: الأول، وفود الأجانب الذين سبق ذکرهم آنفا وأضفوا علی المجتمع التقليدي عادات وتقاليد جديدة لم تکن معروفة من قبل.والثاني، رحلات الکويتيين الدراسية والسياحية إلی أنحاء العالم بسبب تمکنهم الاقتصادي ما أدی إلی تعرف الکويتيين علی تقاليد البلدان المختلفة وعودتهم ببعض هذه العادات والتقاليد الغريبة إلی بلدهم.
وتتجلی هذه العادات والتقاليد الجديدة في أمور کثيرة نخص بالذکر: الزواج والمناسبات والأزياء.
« فالزواج في المجتمع التقليدي الکويتي کان يعد نوعا من التحالف بين الأسر التي تتمتع بمرکز اجتماعي ومادي وعقائدي متماثل وکان اختيار الشريک من مسؤولية الأهل لا يد لأي من الطرفين سواء الزوج أوالزوجة فيه.وإذا تعثر العثور علی شريک من الأقارب أوالمعارف تتم الاستعانة بخاطبة لتقوم بهذه المهمة نيابة عن الأهل، وما أن تعثر الخاطبة علی فتاة مؤهلة حتی تقوم بإعلام أهل الشاب، وبعد موافقتهم تعود إلی أهل الفتاة لإعلامهم، وإذا حاز الاختيار رضاهم يتم تحديد موعد لالتقاء الأسرتين وخلال فترة الخطوبة لا يسمح للفتاة بمغادرة البيت أوالالتقاء بأحد، ويقوم والد الشاب بإعطاء زوجته مبلغا من المال لشراء هدية الزواج التي تسمی "دزة" والتي تتکون من أربعة أثواب ثمينة: لفتان من الأقمشة ومناشف وأغطية للسرير وبطانيات وترسل هدية الزواج إلی بيت الفتاة مساء يوم الخميس أوالإثنين تحملها أعضاء فرقة متخصصة من النساء في إحياء الحفلات حيث يقطعن الطريق وهن يغنين من بيت الشاب إلی بيت الفتاة علی ضوء الفوانيس وإذا قبل والد الفتاة وتمت موافقته علی هدية الزواج فإنه يبارک لهن ويطلب من والد الفتاة تجهيزها للزواج.وفي ليلة الزفاف يسير الشاب من بيته إلی بيت زوجته يرافقه والده وأعمامه وأقاربه والجيران وعند وصوله إلی بيت العروس تستقبله المغنيات.وبعد أسبوع في بيت الفتاة ينقل الزوجان إلی بيت أهل الزوج يصحبهم الأهل والجيران ولايسمح لأم الفتاة بمرافقتها حيث يتشاءمون من ذلک ويعدونه فعلا غير حسن.
إلا أن بعد ظهور البترول تغيرت العادات والتقاليد الخاصة بالزواج حيث أصبح « مناسبة ظلت تعامل بحرص کبير وينفق فيها ومن أجلها أقصی ما يمکن أن تتحمله الأسرة من نفقات وقد کان للتغييرات الاجتماعية أثر علی طريقة اختيار الشريک حيث أن المرونة التي لحقت بموضوع الاختلاط والفصل بين الجنسين أعطت الفرصة للشبان والفتيات للالتقاء في المناسبات الاجتماعية والعائلية والجامعة وأماکن العمل والنوادي وغيرها ونتج عن ذلک الزواج المختلط.»
وهناک ظاهرة حديثة هي الزواج بالأجانب حيث « صارت الفتاة الکويتية يمکن أن تخطب لشاب أجنبي وصار الشاب الکويتي ممن يدرسون في الخارج يعود بزوجة أجنبية کما أن فرصة التعليم العالي وفرص العمل في المجالات المختلفة أخرت نوعا ما سن الزواج العادي والمتعارف عليه.وتقام حفلات الزواج اليوم في صالة عامة کبری أوفي أحد الفنادق فيکون هناک حفل الرجال لمجرد التهنئة وآخر للنساء يتخلله الغناء والطرب.
أما المناسبات الاجتماعية السائدة في الکويت فتغيرت بعد ظهور البترول فمن ناحية « اختفت تماما کثير من الأغنيات والرقصات الشعبية والاحتفالات مع التغيير الذي طرأ علی حياة الکويتيين مع اختفاء الغوص علی اللؤلؤ وصيد السمک والسفر للتجارة وبناء السفن.
ومن ناحية أخری إذا « کانت المناسبات الدينية فرصة للاحتفال ففي العصر الحديث اختلف الاحتفال بتلک المناسبات نوعا ما إلا أن بعض المناسبات الدينية مثل عيد الفطر الذي يأتي في نهاية شهر الصوم في رمضان وعيد الأضحی الذي يکون في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة قد احتفظت بمکانتها التقليدية ويتم ترقبها باحترام شديد وهذه المناسبات يتم الاحتفال بها لمدة ثلاثة أوأربعة أيام وکما في الماضي يطوف الأطفال في الليلة الثالثة والرابعة والخامسة عشرة من منتصف شهر رمضان ببيوت الحي في جماعات تغني في دعوات بأن يحفظ الله أطفال البيت الذي يزورونه لتقدم لهم ربة البيت أطباقا من الحلوی وهذا الاحتفال يسمی "القرقيعان" وفي أثناء عطل المناسبات الدينية تغلق جميع المحلات والمؤسسات أبوابها ويقوم الأهل والأصدقاء بزيارة بعضهم لتبادل التهاني وتناول المرطبات.بالإضافة إلی ذلک هناک مناسبات دينية أخری تعطل فيها الأعمال لمدة يوم واحد مثل المولد النبوي الشريف والإسراء والمعراج ورأس السنة الهجرية کما أن هناک مناسبات وعطلا يحتفل بها بحسب التقويم الميلادي ومنها رأس السنة الميلادية والعيد الوطني في الخامس والعشرين من شهر فبراير احتفالا باستقلال الکويت عام 1961م ويوم السادس والعشرين من شهر فبراير وهواليوم الذي تحررت فيه الکويت من العدوان والاحتلال العراقي الغاشم.
أما الأزياء الشعبية فکان الشعب الکويتي متمسکا بلبسها قبل ظهور البترول تمسکا صارما حيث کان جميع الرجال يلبسون الدشداشة ويضعون علی رؤوسهم الغطرة والعقال کما أن معظم النساء الکويتيات کن ملتزمات بلبس البرقع علی الوجه والعباءة التي تغطي الجسد بالکامل إلا أن بعد ظهور البترول تعد الأزياء التي يتم ارتداؤها نموذجا من التغيير الواضح الذي طرأ علی المجتمع الکويتي حيث أن « التباين بين الماضي والحاضر يتضح من التطور المحلي للثوب العربي المعروف ليناسب الأحوال البيئية والثقافية والممارسات في هذا التطوير المستمر أصبحت أکثر تنوعا، فالأزياء الأوروبية ما عادت حکرا علی الأجانب الذين يعملون في الکويت بل صار يرتديها الکويتيون أنفسهم.
وهذا التغيير لا يدل علی نبذ الکويتيين أزياءهم الشعبية وإن جاز للباحث أن يتحدث عن واقع تجربته فله أن يتحدث عن زيارته للکويت أنه شاهد بأم عينيه رغبة الکويتيين في لبس الدشداشة وتوفر الملابس الشعبية في أسواق الأقمشة والأزياء حيث يقوم الخياطون بإعداد هذه الملابس وعرضها للشعب الکويتي وما أکثر الأسواق والمحلات التي تملأ عيون الزبائن من مختلف الأزياء الشعبية العربية إلی جانب البدلات والأزياء الأوروبية « فالکويتيون من النساء والرجال مازالوا علی وعي شعوري أوفطري بأهمية المحافظة علی الزي التقليدي کرمز للهوية الوطنية کما أن ارتداء الملابس التقليدية مفضل لدی الکويتيين لأنها توفر الراحة والانتعاش أکثر من البنطلونات والمعاطف الأوروبية.
وأخيرا تجدر الإشارة إلی حالة الشعب الکويتي الإجتماعية أثناء العدوان العراقي وبعد تحرير الکويت والمقصود من هذه المرحلة هوالإشارة إلی الأضرار الإجتماعية التي لحقت بالمجتمع الکويتي أثناء الاحتلال وبعد التحرير حيث « ترتب علی هذا العدوان مشکلات اجتماعية ونفسية سلبية شملت کافة فئات المواطنين في المجتمع ومعظم المقيمين علی أرضه وقد تمثلت الممارسات العدوانية العراقية في الإعتداء علی الأرواح وقتل الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء وعمليات التعذيب الوحشي ناهيک عن سلب الممتلکات الفردية وانتهاک الحرمات والأعراض في محاولة لتدمير الذات الکويتية علی مستوی الفرد والأسرة والمجتمع وهي ممارسات تشهد بها الوثائق العراقية الرسمية التي خلفها العدوان العراقي عند التحرير.» (الکويت والتنمية الاجتماعية، مرکز البحوث والدراسات الکويتية، الکويت، 1995، ص 143)
« کما أجبر العدوان قطاعات عريضة من السکان علی الحياة خارج الوطن لفترة قاربت السنة الأمر الذي تجسد في مجموعة من التأثيرات السلبية وبخاصة الإحساس بالتشرد والغربة عن الوطن.» (الکويت والتنمية الاجتماعية، مرکز البحوث والدراسات الکويتية، الکويت، 1995، ص 143)
ولاتخص هذه الآثار السلبية الناتجة عن العدوان العراقي بمرحلة الاحتلال – سواء لمن غادر البلد أومن ظل داخله طوال فترة الاحتلال – إنما تجاوزت ولربما تمتد إلی أکثر من نصف قرن « فالأطفال الذين فقدوا آباءهم والنساء اللاتي ترملن والأسر التي تفککت أواصرها ومئات المدنيين العزل الذين أسروا بيد المحتلين کل ذلک يشکل عوامل شديدة التأثير في الجوانب الاجتماعية والنفسية والسلوکية ولقد أدت هذه الممارسات إلی هجرة جماعية مرتدة للسکان الوافدين أوقوة العمل الوافدة وتعرضت آلاف الأسر العائدة منها للهلاک وضياع الممتلکات بسبب المغادرة العشوائية وممارسات الجيوش المحتلة ضدهم.» (الکويت والتنمية الاجتماعية، مرکز البحوث والدراسات الکويتية، الکويت، 1995، ص 144)
کما أن هناک ظهرت فئات اجتماعية جديدة تتطلب عناية خاصة من الحکومة مثل أسر الشهداء والأسری والمعوقين. (الکويت والتنمية الاجتماعية، مرکز البحوث والدراسات الکويتية، الکويت، 1995، ص 199، بتصرف)
الخاتمة:
تمت الإشارة إلی أن الکويتيين لم يکونوا من البدوالرحل بل کانوا حضريين لأسباب ودواعي تذکرها المصادر الموجودة.
والمجتمع الکويتي کان منفتحا علی العالم منذ البدايات وقبل ظهور البترول بسبب موقع الکويت المتميز ما أدی إلی ولوج بعض الفردات الأجنبية إلی لغتهم العربية.
وبعد ظهور البترول أدی انفتاح الکويتيين علی العالم إلی توافد البشر علی هذه المنطقة من مختلف أنحاء العالم وتعد هذه الظاهرة السبب الرئيس للتغييرات الاجتماعية علی المجتمع الکويتي.
إن أهم العادات والتقاليد التي طرأت عليها التغييرات يتمثل في الزواج والمناسبات والأزياء.
فالزواج لم يعد مجرد تحالف بين الأسر التي تتمتع بمرکز اجتماعي ومادي وعقائدي متماثل وتغيرت طريقة اختيار الشريک بعد المرونة التي لحقت بموضوع الاختلاط بين الجنسين کما ظهرت ظاهرة الزواج بالأجانب والأجنبيات.
أما المناسبات الدينية والأزِياء فلم تطرأ عليها تغيير جذري حيث أن لعيدي الأضحی والفطر مکانتها السابقة وبقية المناسبات الدينية مثل المولد النبوي الشريف والإسراء والمعراج ظلت تحتفل بها باحترام کما حدثت هناک مناسبات جديدة لم تکن موجودة من قبل منها: رأس السنة الميلادية والعيد الوطني وعيد التحرير.
وظل اهتمام الکويتيين بالأزياء الشعبية کالسابق لسببين رئيسين: الأول، هوأن الکوينيين يعتبرون المحافظة علی الزي التقليدي رمزا للهوية الوطنية. ثانيا،يفضل ارتداء الملابس التقليدية لدی الکويتيين لأنها توفر لهم الراحة نظرا للبيئة التي يعيشون فيها.
وإذا کان من حديث عن الآثار الاجتماعية التي نتجت عن العدوان العراقي وحرب التحرير فليس لنا إلا أن نتحدث عن الأضرار التي لحقت بالمجتمع الکويتي جراء العدوان ما أدی إلی ظهور فئات اجتماعية جديدة تتطلب عناية خاصة من الحکومة مثل أسر الشهداء والأسری والمعوقين.