

ثلاث قصائد شامية
1 ـ حكاية من أرضِ الشآم
مررنا مصادفةً بعرسِ حمام ، كنّا على مسافةِ بَحْرَين من أرضِ الشام .خُذي نَفَساً آخرَ من تبغِ الليلِفأرض السوادِ مخيفة و واسط منذ ليال تركناهافوجدنا، على سريرٍ غامضٍ، هديلاً يتنفس وقتاً مرّاًوورقةَ توتٍ سوداء يُحرّكها الهواءُخُذي جرعةً أخرى من خمورِ الشامحينما مررنا مصادفةً بعرسِ حمام ووجدنا، في الغرفِ الفارغةإلاّ من أسرّة مهجورةٍ وستائر ملونة ، طيفَ رئاتولم نرَ جالساً يُحاكي الليلَ وينشد طلعةَ الفجرِأكْرَمَنا الحفلُوزقّنا من خموره زقاًخذي معنا جرعتينواقنعي القمرَأن يقصّ علينا زمانَه في ليلةِ صيفسكرْنا وبنا على الأسرّة التي لم نشمّ منها رائحةَ العرسِ طاف الحمامُخذي نشقةً من عنق حبيبوبادليه الحريقفنحن ما زلنا ضمن جيش عبدالملك بن مروانما بين الشآم و واسطيطوف بنا الحمامُوبالطريق نمرّ مصادفةً2 ـ قيثارة صيدامرّةً وأنا أبحثُ عن شمائلِ السوسنرأيتُ في أُفقِنا ناراًتُطلقُ الأسماءَ الحسنىوبعضاً من رؤىًتلامسُ وجدَقيثارةٍ صغيرةٍ سوداء ، صُنِعتمن بهجةِ الصندلأو من جَفْلةِ الأبْنوسوشئٍ من لوعةِ وطنٍ مأسوركلما انعتقَ في محاجرِنااستعبدته دمعةُ امرأةٍهي قيثارة صغيرةٌ .. صغيرةتُحفةٌ أثريةٌانسلت من سفينةٍ غارقةٍ في مياهِ نهرٍكأنه السرابودخلت ليلاً بحريّاً مدهشاً أزرقلا ندريلأيٍّ منهما تنتمي الزرقةُصنعها جارُنا أثناءَ استراحةِ المحاربينعلى مشارفِ صيدافي حربِ الأُرزِأو على أبوابِ تبريزفي حربِ الأهواءقيثارة تُدندنُ مرّةً وتصمتُ مرّاتٍلكنها وبكلِّ أناقتِها صُممت للصخبِ .. للصمتِ .. وللصدمةِتئنُّ .. جعلها الصانعُ .. تئنُّوفي غيابِنا مرّاتٍ تئنُّهكذا أخبرتنا البابلية القاطنة طبقاتِ الشوقِمن مسرحِ أوهامِنا السامقِقالت : تسترقُ السمعَ لهمسِ الصلاةِ ،ثم في وحدتِها تُردد ، على أُذنِ الخميلةِ ، الهمسَقيثارة تَنسجُ ، في دفءِ الحانةِ ، أنفاسَناوتنزفُفي كأسِ النهايةِوهمَنا الجميل3 ـ هي الشامتأرجحت على جسد الفرات فاتنةٌوفتك بلوعةِ النهدِ ماءُفانحنِ دهشةً يا بجعَ الرخامِوتمايل عزّةً يا نخل الجزيرةفنحن بالنسيمِ ابتهجنا وصرنا على أبوابِ شامولمّا كنّا بالبيارق نلهجُ وبالسيوفِ كلما زأرت في التخومِعاصفةٌ نُلوِّح ، بعثنا مِنِ السراة من يجتلي أمرَ وهج ، توّسط الباديةَ وحيرنا.نحن أبناء الفراتِوهمس الصلاةنحن القادمين مِن ديارِ سادةٍ لا دار ندخل غابَ كبيرُهاوبها لن نختلي حين تخلوهي الشام جوهرة المسافرهي الشام حانة للعابرهي الشام سكرة العاشق ولذّة المغامرتُخَضِّب وجدَ المُيَمَّمِ بهمس ندائها وتطوف برأس الدليل إنْ أغفى على شامهي الشاميعابثنا سجعُ اليمام إنْ طوينا لها الخلاءوإنْ هجست بنا شاملم يعد سراةٌ منا غادرواإنما بالوهج أعلمنا سارهي الشام