حاسَّةُ النَّرجسِ وشهوةُ النُّورِ
(إِلى أَكثرَ مِن شاعرٍ/ ةٍ)
(1)
مُنتظِرًا مطرًا مَا، يجلسُ فِي حضنِ الوقتِ.. أَمامَهُ طيفٌ قزحيٌّ خطَّهُ بأَهدابِ عينَيْهِ الحالمتَيْنِ.. يفكِّرُ طويلاً فِي رسمِ كلماتٍ، كادتْ أَن تَرميهِ مِن عليائهِ البرِّيِّ، لولاَ أَن هدَّأَ إِلحاحَها إِذ واعدَها جانبَ إِطارِها الدُّخانيِّ، إِذ كانَ مشغولاً: أَيرسمُها بماءٍ سيأْتي، أَم بدخانٍ لاَ ينفكُّ يتسلَّقُ فروةَ رأَسهِ؟ فـ(تَكتمِلُ) الحكايةُ الَّتي لَم تكنْ بدأْتهُ بَعدُ!
(2)
قرَّبَ إِلى غيابِها إِزميلاً وقدْ تمثَّلتْ لهُ قطعةَ رخامٍ صمَّاءَ.. تحسَّسَ خريطتَها طويلاً فاتحًا شهيَّةَ حاسَّتهِ الإِضافيَّةِ، ثمَّ قالَ للإِزميلِ وقدْ تركً يدًا لاَ تَزالُ تَقرؤها ذرَّةً ذرَّةً: إِنَّه الغبارُ.. الغبارُ الفلسفيُّ فقطْ.. لاَ أُريدُها نثريَّةً كمَا يَراها (جان بول ساتر)، بلْ أُريدُ، إِن كان (راينر ماريا ريلكه) يعتقدُ أَنَّه انتقمَ مِن نَفْسهِ ومِنَّا فِي مراثيهِ العَشر "مَراثي دوِينو"، أَن يتأَكَّدَ أَنَّهُ وأَنَّنا معًا مرثيَّةٌ واحدةٌ، ولكنْ لَها فروعُ شجرةٍ أَزليَّةِ، وأُريدُ مِن (لوتر يامون) أَن يؤمنَ بأَنَّ اللهَ حينَ سلبَهُ جمالَ طلعتهِ طوالَ حياتهِ، كانَ وضعَهُ فِ أَناشيدهِ "أَناشيدُ مالدورور " طوالَ الحياةِ!
(3)
"منذُ بدأَتِ الحياةُ،تعيشُ الطُّيورُ لكيْ تغنِّي أُغنيتَهابسيطةً، جميلةًمِن غيرِ شكٍّ، أَو سكونٍ للحظةٍأَنَّها تغنِّي الحياةَ المُعطاةَ لَها..."
لكنْ، أَيُّها الشَّاعرُ (تاتوجي ميُّوشي)، ليستْ كلُّ الطُّيورِ؛ هناكَ طيورٌ تعتقدُ أَنَّ الحياة لَم تُعْطَ لَها، بلْ هيَ الَّتي منحَتْها لنفسِها بقدرةٍ ذاتيَّةٍ، لهذَا فإِنَّ غناءَها ليسَ بسيطًا، ولاَ جميلاً، ويَكفي أَن أضربَ لكَ مثلاً: طاووسٌ فِي حديقةٍ ليستْ لهُ، لكنَّهُ امتلَكها بصوتهِ القبيحِ؛ إِذِ الآذانُ مريضةٌ، ويصعبُ شُفاؤها، وشِفائي مِن رفضِها!
(4)
أَنتَ.. أَيُّها الشَّاعرُ (كوتارو تاكامورا).. أَيُّها القائلُ:
"لماذَا تصبحُ المرأَةُ أَكثرَ بهاءً
حينَما تتخلَّى عنْ أَشيائِها الثَّانويَّةِ تدريجيًّا؟!"
لَو كنتَ قُلتَ القصيدةَ بدلَ المرأَةِ، لكُنتُ أَعدتُها إِلى المرأَةِ، فِي نُسختي على الأَقل، ودونَ إِذنٍ منكَ، علَى الرَّغمِ منْ أَنَّني لاَ أُفرِّقُ بينَهما أَحيانًا، خصوصًا حينَما تكُونانِ منبعَيْ أَلمٍ لنهرٍ يصبُّ فِي كيانِي!
(5)
دَعاني إِلى الاقترابِ منَ النَّارِ أَكثرَ.. قالَ لِي: الشَّاعرُ – فراشةٌ.
دعوتُهُ إِلى الاقترابِ منِّي أَكثرَ: قلتُ لهُ: الشَّاعرُ – نارٌ.
دعَتْنا إِلى الاقترابِ مِنها أَكثرَ.. قالتْ لنَا: الشِّاعرُ – فراشةُ نارٍ؛ جسَدي مُوقِدها ومَوقِدها، وبِي قوَّةُ جذبٍ لَم تُدرِكا كُنهَها بَعدُ... لذَا لنْ تَسترِيحا!
\