الأحد ٣٠ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم عبد السلام العبوسي

حسين العساف رجل لكل الأزمنة

تسكنُ صورتُهُ في الذاكرة مثلما يسكن بيتٌ شعريٌّ جميلٌ في ذاكرةٍ طفوليَّةٍ وكلَّما كبرتْ الذاكرة كبرت الصورة.

تلك القامة السمراءالأنيقة رغم تعاقب السنين عليها تقف شامخة ناضجة تستمد قوتها من نُسْغِ الأرض وعظمة التراث.

أكتب هذه الكلمات وأكاد أجزم أنه يراقب الآن قلمي ويقول لي أحسنت هنا وأخطأتَ هناك، وأبدعتَ في تلك الجملة وتواضعتَ في ذلك السطر.

هكذا عوَّدنا الأستاذ حسين العساف في مرحلة دراسية مضتْ وليتها لم تمضِ.

غرس في قلوبنا محبة العميد البصير طه حسين وأوقد في مشاعرنا حبَّ اللغة العربية والتحدث بها فصيحةً نظيفةً في البيت وفي الشارع وفي المدرسة.

كنَّا نَذُمُّ صلابته وقسوته ونتهرَّبُ أحياناً من حصَّته الدَّرسيَّة لكنَّنا عندما كبرنا أدركنا أننا فَوَّتْنا على أنفسنا أثمن وأغلى ساعات العمر وها نحن الآن نقلِّد أسلوبه في التدريس ونمارس قسوة المحب على طلابنا.

لقد أبدع كثيرٌ من طلابه في مختلف مجالات الأدب ونالوا جوائز أدبية على مستوى الوطن العربي وهذا نتاج ما زرعت يداه الكريمتان وأذكر في هذا المقام الشعراء : عيسى الشيخ حسن والشاعر منير خلف وبكل تواضع :عبد السلام العبوسي وآخرون

هذا الرجل النادر يذكِّرني دائماً بقصيدة لحافظ إبراهيم حيث تعاتب اللغة العربية أبناءها على تقصيرهم في حقها وإهمالهم لها وأكاد أراه بين أبياتها خافقاً قلبُه بإنشادها
هذا الرجل أمضى سنيَّ عمره مجاهداً من أجل الحفاظ على هوية العرب الأولى ورابطهم القوي وإن كنت أعتبُ على شيء فإنني أعتب على وسائل الإعلام وأخص الرسمية منها لأنها حجبت الضوء عن هذا الرجل وأمثاله متعمدةً كانت أم غير متعمدة.

وأطال الله في عمر الصحافة الإلكترونية التي وفَّرت الفرصة لظهور مثل هذه الكنوز العلمية والأدبية التي عاشت زمناً طويلاً مخبوءةً بين جدران النسيان.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى