

حوار للتاريخ مع البطل سعد أحمد زغلول
نصر أكتوبر العظيم الذي تحقق في أكتوبر 1973م / رمضان 1393 هـ مازال يدرس في الأكاديميات العسكرية العالمية حتى يومنا هذا،ومن الأبطال الذين شاركوا في معارك وانتصارات أكتوبر البطل سعد أحمد زغلول والذي أجرينا معه هذه المحاورة .
•.......................................؟
سعد أحمد زغلول ولدت في قرية تابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية وتم تجنيدي في عام 1970 ضمن قوات الإستطلاع.
•........................................؟
كنت ماهرا في لعب كرة القدم وعندما كنت في منطقة التجنيد مع زملائي المجندين جاء وقت توزيعنا على الأسلحة وانتظرت بشوق توزيعي على سلاح الصاعقة الذي أحبه.
•........................................؟
لم يتم توزيعي على سلاح الصاعقة بل وجدت نفسي في مركز تدريب المخابرات الحربية والإستطلاع وبدأت التدريبات وتعلمت اللغة العبرية.
•............................................؟
كانت تتوفر لدى الرغبة فى التعلم بعدما أدركت أهمية تعلم لغة العدو والتي سوف نستخدمها في تنفيذ المهام.
• ............................................؟
كان المشير محمد عبد الغني الجمسى يأتى إلى مدرسة المخابرات الحربية بين الحين والأخر للإطمئنان على مستوى اللغة مما أدخل فى نفوسنا أهمية الدور الذى ينتظرنا وهو الإستماع والترجمة المباشرة لاتصالات العدو اللاسلكية وتحديد مواقعه على الطبيعة وبالتالى كشف تحركاته والتحذير منه أو تعيين مكانه لمهاجمته مباشرة وإنزال أكبرقدر من الخسائر بين قواته فسلاح الإستطلاع فكر وعلم بالإضافة إلى أن صناعة المعلومات تضمن التحكم فى تحركات قواتنا وتقديم العدو كالكتاب المفتوح.
•............................................؟
عام 1970 شهد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة ومجلس الأمن لوقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل وذلك في الثامن من شهر أغسطس عام 1970 نظرا لتفوق مصر وأذاعت وكالات الأنباء فى الثلاثين من شهر أغسطس تصريحا لأبايبان قال فيه : (لولا وقف إطلاق النار لواجهت إسرائيل تصاعدا فى الحرب مع مصر وبالتالى زيادة القتلى والجرحى وتآكل التفوق الجوى الإسرائيلى إن وقف إطلاق النار يضع إسرائيل فى موقف أخطر وأشد صعوبة مما هو الآن)،وذكر ب.ك.نارايان الضابط الهندى :لقد أثبتت حرب الاستنزاف للمصريين أن المثابرة والعزيمة هما الضمان الرئيسى للنجاح كما اكتسبت القوات المصرية خبرة فى مواجهة الغارات الجوية الإسرائيلية والتكتيكات البرية بعد أن استوعبت الأسلحة الحديثة وبدلا من الحرب الخاطفة ذات النتائج السريعة البراقة التى اعتادها جيش إسرائيل اضطرت إسرائيل إلى أن تقوم بحرب دفاعية وتكتيكات دفاعية ضد الإغارات الإسرائيلية ولقد حزن الإسرائيليون لهذا الإنقلاب فى الموقف العسكرى و السياسى والذى فرض على إسرائيل إتباع الحذر.
•............................................؟
كما شهد عام 1970 وفاة الرئيس جمال عبد الناصرففى يوم 26 من شهر سبتمبر عام 1970 كانت قمة القاهرة ووساطة الرئيس جمال عبد الناصر لإيقاف أحداث أيلول(سبتمبر) الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية وفى يوم 28 عاد الرئيس جمال عبد الناصر من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت فإذا بنوبة قلبية تداهمه وفاضت روحه إلى بارئها وأُعلنت وفاته للشعب المصرى والأمة العربية والعالم،وفى جنازة مهيبة لم يشهدها التاريخ من قبل خرجت جموع الشعب المصرى والعربى والقادة والساسة يودعون الرئيس جمال عبد الناصر إلى مثواه الأخير.
•............................................؟
تولى الرئيس محمد أنور السادات رئاسة مصر خلفا للرئيس جمال عبد الناصر وواصل كفاح الزعيم جمال عبد الناصر (رحمه الله) لأجل تحرير سيناء الحبيبة.
•............................................؟
قبل معارك أكتوبر كان العدو الإسرائيلي يعيش في غطرسة وغرور فمن خلال المطبوعات والخطابات الغرامية التى يبلغ عدد صفحات الخطاب الواحد منها 35 صفحة عرفنا أن إسرائيل تثق في البقاء في سيناء للأبد فقد جاء في كتب العدو الإسرائيلي:(من المعلوم جيدا أن أى تفكير من جانب مصر فى تجديد الحرب ضد اسرائيل أو البدء فى حرب استنزاف جديدة كمن يضغط على زناد مسدس ٍ مصوب إلى قلبه) وكان العدو الإسرائيلي بترويج ذلك وقد حصلنا على نشرة إسرائيلية في السابع عشر من سبتمبر لشهر سبتمبر 1973 م تتضمن ذلك.
•............................................؟
في شهر إبريل عام 1971 أتممت دراسة اللغة العبرية (المستوى الرفيع) بامتياز مع إجادة المحادثة والإستماع،وبدأت مهمتي فى جبهة البحر الأحمر (الغردقة) لرصد تحركات العدو الإسرائيلي ونشاطه البحرى والبرى والجوى فى جبهة جنوب سيناء واكتشاف خططه ومن ثم منعه من التسلل للقيام بعمليات الإستطلاع أو التخريب فى جبهة البحر الأحمر المترامية الأطراف.
•............................................؟
تمكنت من التقاط إشارة قبيل بزوغ فجر يوم جديد،وهذه الإشارة كانت تحمل عزم قوة من قوات الكوماندوز البحرى الإسرائيلى التسلل إلى الساحل المصرى،وعلى الفور قامت بإبلاغ القيادة عنها وتمكنت زوارقنا الحربية من التصدى لها.
•............................................؟
في عام 1972 اتنقلت البطل إلى الإسماعيلية،وشاركت فى عمليات الإستطلاع لرصد قوات العدو على طول الجبهة بداية من بورسعيد وحتى بئر عديب جنوب السويس،وأيضا شاركت رفاقي الأبطال عمليات المراقبة المستمرة لقوات العدو الإسرائيلي فى خط بارليف مع رصد الدوريات والتدريبات والاتصالات مع القيادة فى منطقة رفيديم (רפידים ) وكذلك النشاط الجوى والبحرى والتدريب بالأسلحة المشتركة.
•............................................؟
من المهام وعمليات الإستطلاع التي قمت بها أذكرأيضا:التقاط المحادثات المدنية بين ضباط وجنود العدو الإسرائيلى فى خط بارليف وبين أهلهم فى اسرائيل،والإشتراك فى عمليات عديدة مع رجال الضفادع البشرية وأبطال منظمة سيناء فى العبور إلى شرق القناة ليلاً لتنفيذ المهام الخاصة.
•............................................؟
قي يومى الرابع والخامس لشهر أكتوبر 1973 كنت على حافة قناة السويس لمراقبة العدو وأثناء قيام ابطالنا بعمليات سد مواسير النابالم قمت بتقارير قصاصى الأثر وتأمين وصول أبطالنا إلى خلف خطوط العدو تمهيدا لساعة الصفر يوم السادس من أكتوبر.
•............................................؟
في السادس من أكتوبر عام 1973 / العاشر من رمضان 1393 هـ بدأت ساعة الصفر وبدأ بركان عبور العبور وكادت أجهزة الإلتقاط تهتز من صراخات وعويل القوات الإسرائيلية الموجودة في خط بارليف بسبب ضراوة وشدة القصف المصرى،وفي المساء كُلفت بكتابة نداء باللغة العبرية وتسجيله بصوتى على حافة القناة لإذاعته على جنود العدو المحاصرين أدعوهم للإستسلام مع وعد بالمعاملة الحسنة وعلاج الجرحى حسب اتفاثية جنيف بشأن أسرى الحرب.
•............................................؟
أبلغت عن بيان القيادة الإسرائيلية رداً على طلب النجدة من سلاح الجو (حسب تعليمات القيادة سلاح الجو غير مسموح له بالإقتراب من خط القناة لمسافة 15 كيلو متر) وقمت بترجمة خريطة سريوس (סריוס) الخطيرة والتى تم عن طريقها فك شيفرة مواقع العدو وأصبحت قواته مكشوفة بعد كل اتصال ومن ثم أنهمرت عليهم داناتنا المصرية،وأيضا كشفت بالصوت والإحداثيات قوات العدو أثناء تحركها إلى الفردان للقيام بالهجوم المضاد،وأيضا رصدت اتصال (شلومو اردنيست) قائد نقطة لسان بور توفيق وهو يطلب من قيادته الإذن بالإستسلام.
•............................................؟
في يوم 11 أكتوبر عام 1973 / الخامس عشر لشهر رمضان 1393 هـ قمت بتحديد مكان الجنرال (إبراهام مندلر) قائد المدرعات فى جبهة سيناء على إثر اتصاله اللاسلكى بقائد الجبهة (شموئيل جونين) ومن ثم وجهت إليه النيران المباشرة وتم قتله،وفي مساء 15 أكتوبرسمعت أحد قادة إسرائيل أثناء إبلاغ قيادته:(أنا أقوم بتنظيم قواتى ومتحرك على محور لقيقان (לקיקן ) وفى طريقى إلى خط المياه).
•............................................؟
في 19 أكتوبر1973 / 23 رمضان 1393 هـ التقاطت معلومات خطيرة تفيد بخطة تمركز القوات الإسرائيلية المتسللة إلى الغرب وتم إبلاغ القيادة العامة بالقاهرة ومن ثم تم توجيه ضربات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة،وظل القائد الإسرائيلي يصرخ حتى الصباح:(إننا فى الجحيم..أرسلوا طائرات الإخلاء..لدى مئات القتلى والجرحى ..) وفي هذا اليوم تمت ترقيتي إلى رقيب أول مجند.
•............................................؟
رصدت بطولات قواتنا الخاصة ومنع قوات العدو من دخول الإسماعيلية وارتداده جنوباً باتجاه جبل جنيفة والوقوف على مشارف السويس،وعملت في قطاع تبة الطالية حيث توجد قيادة المدرعات الإسرائيلية فى جنوب سيناء.
•.............................................؟
في صيف عام 1974 تشرفت بمرافقة قواتنا البحرية من باب المندب باليمن الجنوبى وتأمين وصولها بسلام إلى أرض الوطن.
•............................................؟
في الأول من شهر يناير عام 1974 تم إنتهاء فترة خدمتى بالقوات المسلحة وخرجت إلى الحياة المدنية محملا بأغلى الذكريات،طاوياً بين جوانحى أسمى آيات التقدير لشهداء مصر الأبرار.
•............................................؟
ماوفقنى الله له لايساوى قطرة واحدة من الدماء الذكية للشهداء.
•............................................؟
من أشعاري هذه القصيدة التي بعنوان (حين رأيتك أول مرّة) وقلت فيها:
أتذكرُ حين رأيتكِ أول مرةوالمدن الخربة ترفلُ فى أثواب جراحقفز الحزن إلى أحداقى ..ماتت فى قلبى أشواقىهامت من حولى الأشباحلاصوت لطفل ٍ يلهو ..لامدرسة تهتفُ كل صباحوطيور النورس باكية ..تتهاوى بضفاف (التمساح)أتذكرُ حين حبرتُ إليكٍ لأول مرةأبصرتُ دموعك ترمقنىمن خلف جــدار الأسروالليل الباردمتشحُ ..بثياب الذلة والقهرفكرهتُ الليل وطعم الظلمة قبل الفجركرهتُ الصــــبر ..طويت مرار جراح الأمسلكى ألقاك ِ بضوء الشــمسونسور الجو تمد إليك جسور الشوقوتضربُ فى الأعماق مدىوهدير رج جبال الصمت ِفأصبح حصن الظلم سدىو( الحائط) مصرى القصفات ِيقطّعُ للأعداء يـــــــداوالزورقُ كبّر والمجـــــداف ِعلى صفحات الماء شــــداوأتيتك ِ ..كم اقسمتُ لرملكأنى يوماً سوف اعود ..واتيتك ِ باليوم المشهودورأيتك والرايات مخصبةيحملها خير رجال الأرضجـــنـــــــــــودساعات ست قد مرتفاندكت كل حصون يهودوارتفع العلمُ ينادينايكتبُ أسماء الشهداءوبلالٌ قد عانق مينـــــــاوامتزجت بالرمل دمـــاءوالساتر يهوى والألغاموالسلك الشائك ..محض كلامواللهب السائل فوق الماءأكذوبة بارليف الجوفـــــــاءقد صارت سِفرا منسياًبل عاراً يبقى أبديـــــــابجبين جبين الأعداء .أكتوبر يأتى يسكننى ..يغمر وجدانى بضيـــاءفأعود إلى طيفك أسعىكالعاشق برجو طيف لقاءتدنو لرحابك مرساتى ..كحبيب ٍ بعد غياب ٍ جاءأتذكر حين لمستُ رمالكأول مرة ياســـيناء.
•............................................؟
أخى الأديب الصحفي والمؤرخ الوطني المخلص ابراهيم خليل إبراهيم هذه ملامح تجربتى قدمتها إليك بكل تواضع في هذا الحوار الذي سعدت به كثيرا،وكفاحي أضعه بين يدى من يقدر التاريخ ويحسن تسجيله عبرة ونوراً للأجيال .
مشاركة منتدى
2 تموز (يوليو) 2013, 03:18, بقلم الكاتب الصحفي / إبراهيم خليل إبراهيم
بعد أن طالع البطل سعد زغلول حواري هاهنا قال :
Saad Zaghloul
أخى الحبيب إبراهيم خليل إبراهيم ..تشرفت بمطالعة ماتفضلت به ..ولا أجد الكلمات التى أشكرك بها ..وأود أن أهنئك على أسلوبك الرائع وطريقة طرحك التى تنم عن خبرة وتمرس ..إنها لغة الصحفى الأديب ..(عكس صحفى بمؤسسة كبيرة كتب عنى ولكنه كان يفتقر إلى مهارتك فى طريقة العرض ) لك ياغالى ولديوان العرب كل تحية وتقدير ..وإلى لقاء بإذن الله تعالى لكى تقف عن قرب من هذه التجربة وترى بعينك الأوراق التى تركها العدو بخط بارليف ..وتقرأ كيف كان العدو يفكر ويكتب لقواته بلغة الغرور قبل الحرب ..وإنى لأتطلع بشوق لهذا اللقاء بإذن الله تعالى .