الاثنين ١٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٣
بقلم رحال امانوز

خطوات الهزيع الأخير؟

استيقظ على وقع أصوات تقترب. ضربات أحذية على الأرض. فتح عينيه المغمضتين. تراءى له شعاع خافت... انه الهزيع الأخير من الليل... هاهم زوار الفجر قادمون لا محالة؟ هي النهاية بلا شك. لكل شيء بداية ونهاية...!

تعالت اصوات الأسر المكلومة: الإعدام للوحش! ممثل الحق العام طالب بإعدام القاتل المتسلسل... وبنبرة جافة أصدر القاضي حكمه: الإعدام رميا بالرصاص...!؟ كان يوما مشهودا في المدينة... أعداد غفيرة حجت لحضور محاكمة القرن... تنفس سكان البلدة الصعداء أخيرا...!

لم تشهد المدينة مثل هذه الجراءم المتسلسلة ضد الطفولة البريءة .. اختطاف واحتجاز واغتصاب واغتيال وابتزاز... فهل حقا هو من فعل ذلك؟! ظل يخاطب نفسه وهو قابع داخل زنزانته الانفرادية بحي الاعدام بالسجن المركزي: الذنب ليس ذنبه. هو ضحية... نعم ضحية أب جاء به للعالم . وهو لايملك قوت يومه. لم يوفر له أدنى متطلبات العيش... ترك له عند مماته كوخا قصديريا وعربة. هو وامه وفرقة من الاخوة. عضه الجوع بانيابه الحادة. طرد من المدرسة. تسكع في الازقة.

زاحم القطط والكلاب الضالة. في المزابل للحصول على ما يملأ بطنه الخاوية. اغتصب مرات ومرات. مورس عليه الاعتداء... خبر السجون منذ حداثة سنه. سرقة واعتداء. كان الشارع مسكنه. المشردون اهله وعشيرته ...!؟

صوت الخطوات يقترب...! ظل لسنوات طويلة حديث المدينة الكبيرة. عاشت الساكنة تحت وطأة الخوف. الكبار مثلما الصغار... ظهر الوحش في المدينة... يختطف الأطفال... يغتصبهم ويغتالهم بوحشية . بعد ان يطالب آباءهم بالفدية. يأخذ منهم مبالغ مالية طاءلة... ينفقها على نزواته من خمر ومخدرات... عاشت المدينة اياما عصيبة. الأمهات يرابطن أمام المدارس خوفا على أطفالهن... الأباء يمنعون أبناءهم من اللعب خارج المنازل... رهاب جماعي سيطر على الجميع ...!

هو يتذكرهم جيدا واحدا واحدا. اطفال في عمر الزهور . يتربص بهم امام منازلهم. اوعند ابواب مدارسهم... يغويهم بكلامه المعسول وقطع الحلوى... يستدرجهم الى الأمكنة المظلمة الخالية... يعبث بأجسادهم الصغيرة...؟ في كل ليلة... هاهم يقفون عند رأسه. صراخهم يتعالى لا يفارق أذنيه... يبكون يولولون يقهقهون في وجهه... يتشبتون بتلابيبه... يطالبون بإعدامه. بقتله كما قتلهم... الخطوات تقترب... ونهايته تقترب...انهم قادمون ...

منذ شهور وهو ينتظر مصيره المحتوم ... يريد الخلاص من العذاب... التكفير عن جرائمه البشعة... وفجأة انفتح باب الزنزانة الانفرادية... في حي الإعدام ... ستة رجال يقفون أمامه. تقدم نحوه إثنان منهم... احاطا به وأخذاه إلى الساحة... لم تقو رجلاه على حمله.. جراه جرا. على الأرض يتبعه ساءل كظله... تغوط وبال على نفسه ... أسدل الرجلان غطاء على رأسه... لم يعد يرى شيئا إلا الظلام ... انطلقت الرصاصات من البنادق. لعلع صوت الرصاص. انبعثت النيران من فوهات الفنادق .تهاوى الجسد على الأرض...,وعاد الهدوء للمكان ....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى