الجمعة ٣ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم حاتم جوعية

رجالُ السّياسة

معظمُ رجالِ السياسةِ والذين يعملون في هذا المجالِ هَمُّهُم ودينهم وديدنهم هو الأمورُ المادية والمكاسب الشخصية حتى لو كانت على حساب دماء الأبرياء والفقراء وعرقهم ومعاناتهم... ولم يخطىء الشاعرُ السوري العربي الكبير (نزار قباني) عندما قال: ((لا فرق ما بين السياسة والدعارة)).. وقد قال أفلاطون قبل أكثر من ألفي سنة: ((إني لأعجب أن يعملَ رجلٌ في السياسةِ ويبقى نظيفا)). إن معظمَ رجال السياسةِ في كل مجتمع يحققون الكثيرَ من المكاسب المادية ويصبحون أغنياءً على حساب أبناءِ شعبهم،وخاصة الفقراء والبسطاء منهم... وأما المبدعون والأفذاذ والجهابذة في المجتمع وأعني الشعراءَ والأدباء والفنانين
والعلماء المبدعين فيقدمون دماءَ قلوبهم وزهرة شبابهم وكلَّ طاقاتهم وحياتهم لأجلِ شعبهم ولا يأخذون شيئا من هذه الحياة،ويعيشُ معظمُهم فقراء وَمُهَمَّشين ومسحوقين ولا ينالون أية وظيفة أو مركز في بلادهم لأجل مبادئهم المثلى والسامية التي يمشون عليها ويطبقونها في حياتهم اليومية، وخاصة في بلادنا هذه التي لا يوجدُ فيها أيُّ تقدير واهتمام من قبل الجهات والمؤسسات المسؤولة (السلطويّة وغيرها من المؤسسات والأطر المستقلة شكليا) للأدب والشعر والفن والموسيقى والإبداع.....إنَّ معظمَ رجالِ السياسةِ الدجالين والمشعوذين ومصاصي دماء الشعب، وأعني أولئك الذين يتبجَّحُون بالوطنيةِ كذبا وزيفا وبهتانا هم عملاء متواطئون ومتآمرون على قضايا شعبهم المصيريَّة ومصيرهم إلى مزبلة التاريخ ، والذين يخلدون همُ الشعراء والكتاب والفنانون والعلماء المبدعون... وسيبقون في ذاكرةِ ووجدان

وضمائر شعوبهم والبشريَّة والعالم مدى الأزمان والدهور لأنهم الضمير الإنساني الحي والصادق والمتفاني لأجل الإبداع ونشر الفضيلة والمثل والقيم السامية والخير والمحبّة في كل مكان يكونون موجودين فيه على هذه الأرض. ولهذا نجدُ معظمَ الشعراءِ والأدباء والفنانين الحقيقيين المبدعين محليا غير منتسبين ومنتمين لأيِّ حزب أو مؤسسة سياسية في الداخل..
وانتماؤهم فقط لشعبهم بشكل مباشر وقضاياه الوطنية والإنسانية العادلة. وأتساءلُ هنا: ما الذي قدَّمَهُ رجالُ السياسةِ وأعضاء الكنيست العرب للأدباء والكتاب والشعراء والفنانين والعلماء والمبدعين الفلسطينيين في الداخل؟..وما هي البصماتُ الإيجابيَّة والخيرة التي تركوها على الصعيد المحلي داخل المجتمع العربي في جميع المجالات،وخاصة في المجال الإنساني والإجتماعي والإقتصادي والمعيشي وتحسين ورفع مستوى المواطن العربي في الداخل من ناحية معيشيَّة وتعليميّة وتثقيفيَّة وتأمين كل الخدمات الصحيَّة والحقوق الإنسانية المطلوبة؟..طبعا لا شيىء، بل قسم منهم قد يكونُ بل كان حجرَ عثرةٍ أمام مسيرةِ وانطلاق بعض الأدباء والشعراء والفنانين والعلماء المبدعين الأفذاذ، وخاصة الوطنيين الصادقين الملتزمين والمناضلين الذين قدَّمُوا حياتهم وضحوا بمستقبلهم لأجل خدمة شعبهم عن طريق الفن والأدب والعلم والفكر والإبداع المميز. والجديرُ بالذكر ان بعض الأحزاب العربيَّة وأجهزة إعلامها تُعَتِّمُ على كبار وخيرةِ كتابنا وشعرائنا المحليين المبدعين والوطنيين الصادقين الملزمين والذين لهم تاريخ عريق ومشرف ولهم سنين طويله حافلة بالنضال والكفاح لأجل قضايا شعبهم، ولم يوظفوا في أيةِ وظيفة حكومية لانهم شرفاء ووطنيون صادقون وأحرار...وفي نفس الوقت نجدُ الأجهزةَ الإعلامية عند بعض هذه الأحزاب العربية - وهي معروفة - أصبحت منبرا ومرتعا لكلِّ أذناب السلطة وعملائها الذين يتبَوَّءُون الوظائفَ الحكومية العالية داخل دولةِ إسرائيل في شتى المجالات: الثقافية والمهنيَّة والإدارية وغيرها... مثل مدراء مدارس ومفتشين في وزارة المعارف ومحاظري جامعات في الدولة من العرب..وهم بالتأكيد مرضيٌّ عنهم سلطويا..وقسم كبير من هؤلاء هم أذناب ويخدمون الأجهزة السلطوية.. ولولا هذا لما وظفوا في مثل هذه الوظائف الحكومية العالية والحساسة..والأحزابُ العربيةُ وإعلامها الآن هي منبر لهؤلاء-كما ذكرت- وتريدُ أن تعملَ وتصنع منهم مناضلين ومبدعين، وهؤلاء جميعهم سيكون مصيرُهم وكل من يدعمهم ويقف معهم إلى مزبلة التاريخ...وأما الوطنيون الحقيقيون الأشاوس الذين عانوا كثيرا و سجنوا ولوحقوا من قبل السلطة فترة طويلة ولم يوظفوا في أيةِ وظيفة حكومية في دولة إسرائيل مع انهم يحملون الشهادات الأكاديمية العالية في شتى المواضيع والمجالات،وخاصة المجال الأدبي والفكري ويكتبون شعرا وأدبا على مستوى عالمي لا تنشرُ لهم صحفُ هذه الأحزاب العربية شيئا من كتاباتهم الإبداعية.. وتفسيرُ هذه الحالةِ والظاهرة واضحٌ ومفهوم لمعظم الناس..وهو لأن قيادات هذه الأحزاب والمسؤولين فيها غير صادقين وملتزمين ونظيفين وأنقياء وطنيا كما يبدو.. هذا إذا لم يكونوا عملاء بكلِّ معنى الكلمة ويخدمون الأجهزة
السلطوية.. وهنالك أرقام وأعداد كبيرة من عرب الداخل الحاصلين على الشهاداتِ الأكاديمية العالية كالدكتوراة وغيرها في شتى المواضيع، ولكنهم عاطلون عن العمل ولم توظفهم وتستوعبهم المرافقُ والمكاتبُ وأماكن العمل في دولة إسرائل..وخاصة في مجال التربية والتعليم أو المجالات الإدارية أو الإقتصادية والطبية والجامعات و الشركات الحكومية ومشتقاتها وغيرها.. وذلك لأن هؤلاء وطنيون وشرفاء.. وحتى الذين لم يتدخلوا بالسياسةِ إطلاقا وهم حياديون لم يوظفوا ولم يُقبلوا في أيةِ وظيفة تابعة ومرتبطة بالمكاتب الحكومية.. والسبب لأنهم ليسوا عملاء وأذناب سلطة وغير مرتبطين مع المكاتب السلطوية وأجهزتها الأمنية.. كغيرهم من عرب الداخل الذين وظفوا في الوظائف الحكومية،وقد وظفوا هؤلاء الذين أعنيهم ليس لاجل كفاءاتهم أو شهاداتهم العالية.. بل لأنهم عملاء وأذناب سلطة ويخدمون الاجهزة الأمنية في السلطة الإسرائيلية - كما يقولهُ وَيُؤكِّدهُ الكثيرون، والبعض من هؤلاء الذين أعنيهم لم يحصلوا على شهادة البجروت (التوجيهي) وعينوا مدراء مدارس ومفتشين في دولة إسرائيل.. وبالمقابل هنالك أشخاص حاصلون على شهادات الماجستير والدكتوراه لم يعينوا مدرسين ومعلمين للمرحلة الإبتدائية..وحتى معلمين أو مهنيين ومدربين في منتديات ومراكز جماهيرية...هذا هو تحليلي وتحليل كل إنسان عربي في الداخل...وحتى الإنسان البسيط وغير المتعلم يعرف هذه الحقيقة وعنده هذا التفسير والتحليل..وأقول هنا: ماذا فعلَ أعضاءُ الكنيست العرب لمثل هذه الظاهرة المأساوية المقرفة: ((كُنْ عميلا وذنبا للسلطاتِ الإسرائيليَّة وأكرَهْ شعبَكَ الفلسطيني وكل شيىء اسمه عربي واشتغل واعمل ضد قوميَّتِكِ العربية وقضايا شعبك سيوظفونك.. وإذا لم تفعل هذا فمعناهُ لن تُوَظفَ في أيةِ وظيفة ثقافية أو أجتماعية أو إداريَّة وغيرها تابعة ومرتبطة بالمكاتب الحكوميةِ في هذه الدولةِ التي يسمونها واحة الديمقراطيَّة)... وهذه الظاهرةُ كانت منتشرة بشكل واسع زمن الحكم العسكري في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. ولكننا نحن عرب - ال 48 لم نتحرر بعد ولم نخرج كليا من هذه الحالة والظاهرة..والشرط الأساسي لكلِّ عربي في الداخل أن يُوَظّف في أية وظيفة تابعة لمكاتب الحكومة وحتى لو وظيفة صغيرة كمعلم في مدرسة إبتدائية وليس مديرا أو مفتشا في وزارة المعارف أو محاظرا في الجامعات الإسرائلية أو مذيعا في التلفزيون الإسرائيلي والإذاعة الإسرائيلية وفي محطات التلفزة والإذاعة والصحافة المستقلة شكليا وهي في حقيقة أمرها عميلة ومذدنبة ومأجورة.. أو طبيبا في مستشفى أو في عيادات صناديق المرضى (كوبات خوليم).. يجب أن يكون مرضيا عنه رضاء تاما من قبل السلطات الإسرائيلية وعنده واسطة قوية جدا تزكيه..أو أنه يخدم الأجهزة السطوية بشكل مباشر..

والحكومة الإسرائيلية تُفَضِّلُ عادة العميلَ والفسادَ والذنبَ التابع لها والذي يخدمُهَا من عرب الداخل بالنسبةِ لمجالاتِ العمل والتعييتن والتوظيف. وماذا فعلَ أعضاءُ الكنيست العرب وعملوا بالنسبة لقضايا وأمور أخرى هامة ومصيرية للأقليةِ الفلسطينيَّة في الداخل أولا؟؟.. ولا نطالبُهم للعملِ في مجالٍ وأبعادٍ أكبر من هذا النطاق ولتحرير فلسطين كاملة من البحر إلى النهر..هل طالبوا بإلغاءِ الواسطاتِ وأن تكون التوظيفاتُ حسب الكفاءات والشهاداتِ والقدرات وليس حسب علاقةِ الشخص بالمؤسَّسةِ السلطويَّة وأجهزتها الأمنية وبالواسطات التي عنده (كرت غوار).. وماذا فعلوا بالنسبة للمؤامرةِ الخظيرة والرهيبة على اللغة العربية؟..، حيث توجدُ هنا في الداخل مؤامرةٌ ومخطط سلطوي لأجلِ إلغاءِ موضوع تدريس قواعد اللغة العربية والصرف والنحو في المدارس العربية... وهذه المؤامرة كمرحلةٍ تمهيديّةٍ وتنفذ بدهاءٍ وببطىء لأجل أسرلةِ عرب الداخل وفقدانهم هويتهم القومية ونسيان تراثهم وتاريخهم وكيانهم وحضاراتهم العريقة وأدبهم وفنهم وعلمهم وعاداتهم وتقاليدهم العريقة والاصيلة.. ولقد حاولَ الأتراكُ أن يقومُوا بهذا العمل والمخطط اللئيم وغير الإنساني قبل أكثر من 100 سنة مع العرب وغيرهم من الشعوب المحتلة التي كانت تحت حكمهم الجائر.. ولكنهم أخفقوا وفشلوا في هذا المخطط (تتريك الاقليات القومية أو ارتكاب مجازر رهيبة لإبادتها كما فعلوا مع الأرمن).. وفي هذا الموضوع والمجال والصدد ماذا فعل الموظفون العرب الكبار الذين يعملون في جهاز التربية والتعليم، كمدراء مدارس ومفتشين ومحاظري جامعات (مراتسيم باللغة العبرية) لأجل التصدي لهذا المخطط الفاشي.. وبماذا صَرَّحُوا وتكلمُوا،وماذا فعل أعضاءُ الكنيست العرب أيضا؟.وبالنسبة لمضمار الأدب والثقافة أيضا فهنالك جائزة التفرغ السلطوية،حيث الحكومة الإسرائيلية كل سنة تمنحُ عدةَ جوائز مادية لكتاب وشعراء عرب محليين تقديرا لإبداعاتهم الكتابية وغيرها.. ولكن في حقيقة الأمر الهدف من هذه الجوائز هو اختراق الجبهة الثقافية والأدبية الفلسطينية الوطنية الحرة في الداخل والقضاء على شعر وأدب المقاومة الفلسطيني وأسرلة العرب الفلسطينيين وتهجينهم وتدجينهم وتفرغيهم كليا عقليا وفكريا وروحيا ووجدانيا من الإنتماء العربي الحر والإبتعاد عن كل شيىء يخدمُ القضية الفلسطينية والقضايا العربية..أي سياسة تهجين وتدجين الفكر العربي الفلسطيني في الداخل. وعدا هذا فهذه الجوائز لا تُمنحُ حسب قدرات وطاقاتِ وإبداع الشاعر أو الأديب العربي الفلسطيني في الداخل.. بل حسب علاقتهِ مع السلطةِ والواسطة التي لدية والتي تتوصى به..وهنالك أشخاصٌ لا توجدُ لهم أيةُ علاقةٍ مع الأدب والإبداع،بل هم متخلفون عقليا ومعقدون نفسيًّا وأخلاقيًّا وسلكوكيا أخذواهذه الجائزة..ومثال على ذلك:هنالك شخص لم يكمل الصف الثالث الإبتدائي، وهو معروف للجميع بتخلفهِ العقلي وبعقدِه النفسيةِ وانحرافهِ السلكوي والأخلاقي، وهو مَسْخٌ مقرفٌ قبيحُ المنظر..ولقد ضبطوهُ مرة يقيمُ علاقة شاذة مع بهيمةٍ (حمارة) وَضَبَطوُهُ أيضا أكثر من مرة يحاولُ الإعتداءَ الجنسي على طفلة صغيرة وقد هربَ من قريتهِ لعدة سنوات..وهذا الشخصُ فسَّادٌ وعميلُ سلطةٍ وقد أعطوهُ هذه الجائزة بسهولة، وحدثت ضجةٌ كبيرةٌ آنذاك- يوم أن استلمَ هذه الجائزة- بين صفوف الشعراء والادباء.. والشاعرات أيضا، وخاصة المتكالبين والمستميتين على هذه الجائزة..والمكانُ الطبيعي لهذا الشخص الشاذ والمتخلف - حسب رأيي -هو السجن أو مستشفى المجانين.. وحسب تعاليم التوراة يجبُ أن يُقتل - كما جاء في سفر التثنية (الكتاب المقدس- العهد القديم): (" ويل لمَن يضاجع بهيمة يُقتلُ هو وتقتلُ هي لأنها تدنّسَت بسببهِ)..أي ليس فقط مرتكب الفعل المشين والشاذ يقتل،بل البهيمة أيضا تقتل معه سواء كانت حمارة أو حيوانا آخر مع انه ليس لها أي ذنب بهذا...ولكن هذا الشخص المجنون والشاذ وغريب الاطوار بدل أن يُعَاقبَ في هذه الدولةِ التي يسمونها واحة الديمقراطية (الدولة العبريَّة) ويحاكم حسب دينها وتوراتها بالقتل..أو حسب القوانين المدنيَّة والحضاريَّة اليوم في الدول الراقية والمتحضرة حيث يُحكمُ عليه بالسجن وثم تحويله لمصح عقلي ومستشفى المجانين لانه غير طبيعي ومجنون ويشكلُ خطرا على المجتمع فهم يعطونه الجوائز في دولة إسرائيل وَيُسَوِّقونهُ للوسط العربي ويفرضونهُ فرضا على الساحةِ الأدبية ويجعلون منه أديبا وكاتبا بالقوة..والقصصُ والنهفاتُ والطرائفُ عن جنون وشذوذ هذا الشخص المعتوه يرويها ويتحدثُ بها الكثيرون من أبناءِ شعبنا، وخاصة من بين الشعراء والأدباء والمثقفين. وقد ينطبقُ على هذا المعتوهِ والأبلهِ والعميل والممسوخ وغريب الاطوار هذان البيتان من الشعر:..
(هذا القميىءُ ضَاجَعَ الحِمارَهْ = رُكبُ الحميرِ عندهُ شطارَهْ
مَسْخٌ عميلٌ سافلٌ مُنْحَرِفٌ = يظلُّ رَمزَ الخزي والقذارَهْ)

وهنالك كتاب وشعراء كبار وحاصلون على شهاداتِ الدكتوراة في اللغةِ العربيةِ وأدابها قدموا لسنوات طويلة لهذه الجائزة وبعد يأس حصلوا على هذه الجائزة المشينة..ومن بين جميع الشعراء والكتاب من عرب الداخل لا يوجدُ سوى بضعة أشخاص مقاطعين هذه الجائزة المشينة وأنا واحد منهم..والتي لا تشرفُ أيَّ إنسان عربي وفلسطيني حرٍّ وشريف ونطيف ويحبُّ شعبَه ويغارُ على أمتهِ وقوميته العربية..وأنا لستُ رجلا سياسيا ولا أعملُ بالسياسةِ ولكنني مقاطع هذه الجائزة لأسباب أدبية وثقافيّة.. ولا يشرفني أن أقدم لجائزة يعطونها لكل من هَبَّ وَدبَّ وللمتخلفين والشاذين عقليا وجنسيا ولعملاء السلطة ولأراذل الناس أولا...ولا يشرفني أيضا التقديم لجائزة من هذا النوع يضعون لجنة تحكيم كل سنة معظم أفرادها دون المستوى الثقافي والأدبي والنقدي المطلوب لتقييم الأعمال والإصدارات الادبية والشعريَّة وإعطائها الحكم المناسب والعادل والصحيح...ومن الذين أخذوا هذه الجائزة هنالك اشخاص ليسوا شعراء ولا أدباء ولا يعرفون قواعد اللغة العربيَّة

ونحوها وصرفها...وحتى كتابة الإملاء، وهنالك من يكتب لهم القصائدَ والقصصَ وغيرها التي دون الحَدِّ الأدنى للمستوى المطلوب، بل كلها هراء وهبل وتخبيص...ومنهم أيضا غربيو الأطوار والمتخلفون عقليا وأذناب سلطة. ولا يسرُّني ولا يشرفني أنا أن أأخذ جائزة مشبوهة ومشينة وبهذا المستوى الساقط ويكون اسمي النظيف والناصع والوطني مع حثالاتِ ومسوخ وقطاريز من هذا المستوى.. وأتذكرُ هنا قولَ دريد لحام (غوار الطوشي) في مسرحية كاسك يا وطن عندما كان يخاطبُ أباه من الجنة: (كل شيىء موجود عندنا ولكن ينقصنا شويَّة كرامة). وبالفعل نحن ينقصنا شويَّة كرامة..أقولها للذين يقدمون لهذه الجائزة ومهما كانت المُبَرِّرَات...

والجديرُ بالذكر انه في فترة الحكم العسكري كان العربي الفلسطيني الوطني والشريف في الداخل يُلاحَقُ من قبل السلطاتِ الإسرائيليَّة وَيُسجنُ ويضيقون عليه الخناق ويسدون كلَّ أبواب المعيشةِ أمامه. وأما اليوم فبإمكان المواطن العربي في الداخل أن يتكلمَ بكلِّ ما يريدهُ ويعبر عن رأيه بشرط ألا يمس بالأمن..ولكن إذا كان وطنيا وصادقا ونظيفا فلا يوظفونه في أية وظيفةٍ حكوميَّة ويسدون كلَّ الطرق والأبواب أمامه.. وحتى إعلاميٌّا إذا كان هذا الشخص كاتبا وأديبا أو فنانا وعالما ومفكرا فهم يعتمون عليه ويمنعون بشكل غير مباشر وسائل الإعلام السلطوية والمستقلة شكليًّا ومعظمها عميلة ومأجورة تخدم السلطة الغاشمة أن تنشرَ لهُ أيَّ شيىء أو تكتب عنه وتغطي أخباره ونشاطاته في شتى المجالات.. فيهمشونه بكلِّ معنى الكلمة. وهنالك أشخاصٌ يلعبون على الحبلين (عملاء مزدوجون) حيث يتظاهرون بالوطنيَّةِ والنضالِ المزعوم وينتقدون الدولة ولكنهم يخدمون الأجهزة السلطوية من وراءِ الكواليس، ولهذا يوظفونهم في الوظائف الحكوميّة. والإعلامُ المحلي جميعهُ بكلِّ أنواعِهِ وماركاته ينشرُ لهم هراءَهم ودجلهم. ولكن في فترةِ الحكم العسكري كان يبرزُ ويتألقُ نجمهُ فقط بالرغم من كلِّ وسائل التعتيم والقمع السلطويةِ الشعراءُ والأدباءُ الكبار المبدعون والعمالقة والوطنيون الاحرار... وأما الطهابيب المجاذيب والشويعرون والمهابيل والعملاء والذين ارتموا في أحضان السلطة ومدحوا هذا الدولة وحكوماتها وزلمها فلم يكن لهم أيُّ اسم أو شهرة. . ..

ولقد صدق الشاعرُ الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان (شاعر فلسطين قبل النكبة) عندما قال قبل أكثر من تسعين عاما:

((إنَّ قلبي لبلادي لا لحزبٍ أو زعيم))

وأريد ان أوجِّهَ سؤالا بشكل مباشر لرجال السياسة ولأعضاءِ البرلمان (الكنيست الإسرائيلي) من عرب الداخل وللمرشحين الجدد لإنتخابات هذا البرلمان: لو أنَّ العملَ السياسي والبرلماني مجانا دون مقابل، بل وسيدفعون من جيوبهم أيضا ومن قوتهم اليومي هل هم مستعدون أن يخدموا شعبَهم (الأقلية الفلسطينية في الداخل) - والقضايا القومية والعربية ككل.. كما أفعلُ أنا والعديدُ من الشعراء والأدباء والفنانين الفلسطينيين المحليين الوطنيين الصادقين والملتزمين، ولأجل نشر الادب والفن والفكر والإبداع والكلمة الصادقة ولتنوير شعبنا وتثقيفهِ وتوعيته: فكريا ووطنيا وأدبيا وعلميا وسلوكيا ونضاليا... والجوابُ معروف للجميع...والجدير بالذكر ان كلَّ عضو في الكنيست الإسرائيلي (سواء كان عربيا أو يهوديًّا) يجب أن يقسمَ يمين الولاء للدولة قبل أن يستلمَ وظيفته في البرلمان.. وهنا ومن هذا المنطلق يعيشُ أعضاءُ الكنيست العرب في ازدواجيةٍ وتناقض كبيرين.. فكيف يُقسمُون يمينَ الولاءِ من ناحية للدولة العبرية كما يسمونها وينعتونها وفي نفس الوقت يتبجَّحُون بالنضال الدَّؤُوب وبتصعيدهِ لأجل قضايا الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وَيُحَرِّضُون الأقلية العربية على الإعتصامات والمظاهرات في كلِّ قضية وموقف، أو لأيِّ غبنٍ وإجحافٍ أو مَسٍّ بحقوق هذه الأقلية.. ويشاركون في المظاهرات.. بل يقودونها ويكونون الخطباءَ فيها.. وهذا يتناقضُ كليًّا مع أمنِ هذه الدولة والتي أقسمُوا بدورهم يمينَ الولاءِ لها بالمحافظةِ على أمنها الدائم.. وهنالك مثل شعبيٌّ مشهور يقول: ((لا أحدٌ يأتي بالدّبِّ إلى كرمهِ))...ولو أن أعضاءَ الكنيست العرب يشكلون خطرا حقيقيا ولو ضحلا جدا على نهج سياسةِ هذه الدولة وليس بالأحرى على مصالحها وأمنها هل قيادات هذه الدولة والمسؤولون يفتحون المجالَ لهم لكي يصلوا إلى كرسي البرلمان؟.. وبالتأكيد لا.. وكلُّ عربي يصلُ إلى البرلمان أو إلى إلى أية وظيفة حكومية عالية داخل دولة إسرائيل - سواء كانت سياسية أو ثقافية أو عسكرية أو أجتماعية ومرتبطبة مع المكاتب الحكومية يجب أن يكون مَرضِيًّا عنه رضاءً تاما من قبل الدولة وأجهزتها الأمنية.. ومن المفضل أن يخدمَ أجهزتها الأمنية بشكل مباشر ويقدم لها كلَّ ما يطلبونه منه..وإذا وصلَ شخص عربي - من عرب الداخل - بالخطأ إلى وظيفة حكوميَّة مرموقة وبعدها لم يرقْ لهم ويرونه أنه يتصرفُ بشكل لا يرضيهم ولا يخدم أهدافهم ومصالحهم.. ولم يكونوا على علم في البداية بمشاعره الوطنيَّة الصادقة تجاه شعبه الفلسطيني وانتمائه القومي العربي الصادق والحر.. فبسهولة وبمليون طريقة ووسيلة يبعدونهُ ويقصونهُ عن وظيفته ولا يُسْمَحُ له بتبوإ أية وظيفة أو مركز مرموق بعدها.. وأنا لا أريد أن أتهمَ جميعَ أعضاء الكنيست العرب والسياسيين بالتواطىء فقد يوجدُ بينهم الوطني والصادق، ولكن الاجهزة والجهات المسؤولة في الحكومة تعمل ما بوسعها وبطرق ملتوية لتبعد كلَّ شخص عن الوصول لكرسي البرلمان إذا لم تكن راضة عنه ولم يتصرف بما يرضيها..
وحتى إذا وصلَ إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أعضاء عرب عندهم النوايا الحسنة تجاه شعبهم وليس هدفهم الراتب الشهري الكبير والمغري من الدولة والسيارة الفخمة من الوكالة، ويكون تحت تصرفهم أكثر من سائق وحارس شخصي، والإمتيازات العديدة التي سيحصلون عليها،حيث ينامون في أفخر وأرقى الفنادق ويتناولون طعامهم في أفخر المطاعم وعندهم الحصانة البرلمانيّة الشكليَّة ودائما تسلط عليهم الأضواء وَتُجْرَى معهم اللقاءاتُ الصحفية..إلخ.. فسيكونون مقيدين ولا يستطيعون أن يفعلوا أو يقدموا أيَّ شيء لشعبهم (الأقليَّة العربيّة الفلسطينيَّة في الداخل). ولقد صدقَ أحدُ أعضاءِ الكنيست العرب عندما قال هذه الجملة التي يصفُ وَيُشبِّهُ فيها حالَ ووضعَ أعضاءِ الكنيست العرب داخل البرلمان والمحاطين والمحاصرين بمجموعات من أعضاء كنيست يهود يمينيين ومتطرفين يكرهون كلَّ شيىء إسمه عربي- قبل أكثر من ثلاثين سنة.. والجملةُ مقتبسة من خطبةِ القائد طارق بن زياد الذي فتح الأندلس: ((نحن كالأيتام على موائد اللئام)).

والجديرُ بالذكر أنه يوجدُ داخل الأقليىةِ العربية العديدُ من الشخصياتِ الفذة والمتعلمة والمثقفة وعندها المؤهلات والقدرات والطاقات الخارقة في شتى المجالات: السياسية والعلمية والفكريَّة والأدبية والفنية.. وبإمكانها أن تكون في مراكز قياديّة بارزة وفي الرئاسة وتدير حكومة ودولة بأكملها وليس فقط أن يكونوا أعضاء برلمان.. ولكن لأنهم شرفاء ووطنيون وأحرار فالأجهزةُ السلطوية وبالتعاون مع أذنابها وعملائها من عرب الداخل تضعُ كلَّ العراقيل والحواجز أمامهم ولا تسمحُ لهم بالتقدم في حياتهم والوصول إلى أيةِ وظيفة أو مركز مرموق وحساس في أيِّ مجال من المجالات المذكورة.. وحتى النجاح والتألق بشكل مستقل وبعيدا عن الوظائف السلطويَّة، وخاصة على الصعيد السياسي وفي صددِ قيادة وتمثيل وتوجيه الجماهير العربية في الداخل.. وهنالك الكثير من العيِّنات والأمثلة على ذلك ولا داعي لذكرها. وكما أن وسائل الإعلام المحلية وخاصة العربية منها وعلى مختلف أنواعها وماركاتها معظمها مرتزقة مسيرة وموجهة من قبل السلطة الإسرائيليَّة وتخدمُ الأذنابَ والمأجورين والعملاء من عرب الداخل وتعملُ على إشهارهم وتسليط الأضواء عليهم دائما ونشر هراءاتهم وخزعبلاتهم بشكل مكثف، وتنشرُ وتبرزُ كلَّ ما هو رديىء ومستهلك لا يعني ويهمُّ الأقلية العربيَّة... وفي نفس الوقت تعتمُ على القاماتِ الوطنية الباسقة وعلى جميع الوطنيين والأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا الذين لديهم الطاقات والقدرات العظيمة في جميع المجالات لأجل خدمة شعبهم بصدق ووفاء وبإخلاص وتفان: سياسيا وثقافيا واجتماعيا وعلميا وفنيا وإنسانيًّا.. ولهذا يجب على المواطن العربي في الداخل أن يفكر مليون مرة قبل أن يمنح ويعطي ثقته وصوته لأولئك الإنتهازيين المستفيدين ماديا من مصائب وكوارث شعبهم.. وهم حسب رأيي ورأي كل إنسان واع ومتنور ولدية الرؤية الثافبة والآفاق الواسعة والتحليل الصحيح والشامل للمشهد السياسي والثقافي والإجتماعي في الداخل والخارج: هم أكبر مصيبة وكارثه لهذا الشعب البريىء والمسكين والمعثر الذي ما زال قسمٌ كبير منه مضلّلاً ومغترَّا بهم وبخطبهم العصماء وبخزعبلاتهم الفارغة ويصدقهم وللأسف... وينطبقُ عليهم (على قسم كبير من رجال السياسة العرب في الداخل) المَثلُ الذي يقالُ دائما للأمةِ العربية في عدم الوحدة والتعاون المشترك بين دولها والتي زعماؤها وقياداتها يعانون من عقدةِ جنون العظمة وحبِّ الزعامة ويفكرون فقط في المصالح الشخصيةِ الضيقة، وكل زعيم مستبدٌّ برأيه يريدُ أن يفرضَ رأيَه ومخططه على الجميع: ((واتفقَ العربُ على ان لا يتفقوا)). . وفي مواسم الإنتخابات للبرلمان الإسرائيلي يكثرُ عددُ السماسرِةِ والمقاولين وتجار الأصوات من العرب ومن معظم الأحزاب (العربية واليهودية -اليسارية واليمينية) فيقومون بالتجوال في القرى والمدن العربية وبالتكثيف من الزيارات البيتيّة والإحتكاك والتواصل المباشرمع جميع شرائح المجتمع العربي في الداخل ويعدون كلَّ شخص يجلسون معه بالكثير من الوعود العرقوبية كالشيكاتِ التي بدون رصيد، مثل: إيجاد عمل محترم له أو لأولاده وللبعض من أفراد عائلته العاطلين عن العمل وبحوزتهم الشهادات الأكاديميَّة العالية.. او بتحقيق أمنية هامَّة حيث سيعملون من أجل إعطائه رخصة بناء من قبل دائرة التنظيم لبيته ولجميع البيوت في قريته التي لم تحصل بعد على رخص بناء ومهددة كل لحظة بالهدم.. وأمور وامتيازات كثيرة لا تحصى.. وكله كلام في الهواء..ويستفيدُ فقط بعد فترة الإنتخابات هؤلاء السماسرة والمقاولون حيث يأخذون مبالغ مادية حسب عدد الأصوات التي يجلبونها لحزبهم الذي يخدمونه. وقد يُوظّف البعض من هؤلاء المقاولين ومُرَكزي الأحزاب في كل قرية بوظيفة تابعة للمكاتب الحكوميَّة.. وأما السوادُ الأعظم من المجتمع والناس في كل بلدة عربية فلا ينالهُم ويطولهم شيىء من الخير والشهد الذي وُعِدُوا به.....

وينطبقُ على معظم السياسيين العرب في الداخل أيضا والذين يتكلمون باسم الأقليةِ العربيةِ زيفا وبهتانا ويقبضون ثمنَ كلامهم وهرائهم الرواتبَ والمعاشات من الحكوماتِ الإسرائيليَّة ما قالهُ الشاعرُ الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان عن القياداتِ السياسية الفلسطينية زمن الإنتداب البريطاني وقبل أكثر من 80 سنة.. وكأنَّ التاريخَ يعيدُ نفسَه:.
(" أنتم المخلصون للوطنيَّة أنتمُ الحاملونَ عبأ القضيَّة
وبيانٌ منكمُ يعادلُ جيشا بمعدَّاتِ زحفهِ الحربيَّهْ
في يدينا بقيَّةٌ من بلادٍ فاستريحُوا كي لا تضيع البقيَّهْ
ولقد قلت أنا قبل أكثرمن 12 سنة في قصيدة طويلة لي:
(أحزابُنا قوادُنا ورموزُنا دون الحذاءِ وبعضُهم عملاءُ)

وعن الصحافةِ المحلية العميلة والمأجورة التي تُعَتِّمُ على الأقلام الوطنية الحرةِ والشريفة والمناضلة قلتُ:

(بعضُ الجرائدِ والمنابرِ عندنا دون الحذاءِ عميلةٌ تتقوَّدُ)

وأنا والكثيرون غيري نقول لهم: أستريحوا واصمتوا كي لا نصاب بكوارث ونكبات أخرى أشد وأصعب من نكبة عام 48. والسؤال الذي يطرحُ نفسه هنا: لو أنه لا يوجدُ تمثيل برلماني عربي اطلاقا للاقليةِ العربية في الداخل..أي لا يوجدُ عضو كنيست عربي واحد في الداخل ما الذي سيتغيرُ بالنسبةِ لوضع وأحوال وأمور الأقليّةِ العربية داخل دولة إسرائيل؟؟.. وبالطبع لا يكونُ أيُّ تغيير بالنسبةِ لأحوالهم ووضعهم المعيشي والإقتصادي والثقافي والإجتماعي. ..
وأخيرا وليس آخرا:لقد صدقت نبوءةُ إبراهيم طوقان ونبوءةُ تلميذهِ الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود أيضا بنكبةِ الشعب الفلسطيني وتشريده، والذي قال مخاطبا الأمير سعود بن عبد العزيز عندما جاء لزيارة المسجد الأقصى قبل عام 1948-عام النكبة وكان يومها وليّا للعهد وليس سلطانا.

("المسجدُ الاقصى أجئتَ تزورُهُ أم جئتَ من قبلِ الفراقِ تُودِّعُهْ)

ولهذا دائما الشاعر والفنان الصادق والملتزم والشريف يكون لسانَ حال شعبهِ ومجتمعِهِ وقلبه وضميره النابض، وعنده الفكر الثاقب والإحساس الجياش والرؤية المستقبليَّة والتوقعات الصادقة، ويستطيعُ أن يتنبَّأ بالذي سيحدثُ في المستقبل وليس رجال السياسة المرتزقون الذين يلعبون ويرقصون على مليون حبل والمنتفعون بمهنةِ بيع الكلام والتشدق والتغني بالوطنيَّة زيفا وبهتانا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى