الاثنين ٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٥
بقلم حفيظة مسلك

زرقاء اليمامة (النص 1)

في سياق الكلام المباح ولحظة مخاض عسير، توفيت تلك الجزيئة المعبرة عن ذاتها لتحلق عاليا غير آسفة على وطن مغترب وعالم متمرس على أذية كيونته ،لا شيء يستحق هذيانها داخل مجرات الوهم،هكذا تجلس قبالة نافذتها تستشعر خبايا الوجع الذي يرسمها ،غياب المنطق ولوعة الرؤية الموحدة لحياتها.. الصماء..البكماء..الموحشة في هندامها والمتعالية في قرارة روحها،المستبدة في صحو أفئدتها، تحت ظل عمقها تظهر خوفها منه وفي دمعة خاطفة تخفي حبها الشائخ لطريدة أعياها طول المسير واقناع كل من حولها أنها جاثمة على شعور رغم كل جراحاته العلنية وقت مغيب الشمس..

السماحة تغطي جزءا مهما من انفعالاتها وضجيج التسبيحات التي تلازم جلستها التي تروم كل هنيهة بصخب مفتعل،تمطر السماء معلنة فوضى الدمع والعمر الذي تقدم بها،مطر مقدس في سقف من الانهيار ينزل أرضا ، يسابق الزمن لأخد موضعه ضمن لائحة الناجين من السقوط ، كل فلاسفة الحب لذيها يغوصون معها في أفق الخطأ و براثن المدينة الفاضلة،أسرها جنون الاحتضار في كل مرة تنظرالى ذاتها ،لا يكفيها تفويت جنون يركع وآخر يمهد لها طريق الأماني،كل الشعراء لديها يقفون قبالتها بقصيدة غزل لا تنتهي ، هذا السندباد يراقص تفعيلة ماضيها وأخر يدندن سراج بيت شعري يلوك بعزته تنهيدة ملائكية لتكتب وصيتها الأخيرة،ظل إمرأة غرقت في صورة طبقية، تطوي عش طير لذغته سم الأفاعي ، سيبقى ينادي كنت هنا حرا طليقا ، في معقل اللاإنسانية يستوي الجموح والرغبة الزائلة وتعداد فريسة أضناها عبقرية السوط الذي يضرب من حديد كل قلب هش، يرفض الانصياع للميوعة والشبقية،كل نزيل على الرصيف لا بد أن يتحمل شعبوية مرقده و ثورة أفكاره، كل بعد يساوي مقدار عقد من الزمن وللخسارة مرجع يؤكد زوال الجسد وهو يأكل بعضه بعضا ،في سمفونية هستيرية تخلد المجد بين مقتنيات الروح والنفس ،كل بنات أفكارها يحرقن الأمسيات بكلمات ساخرة، يزلزلها ضوء النهار ليفضح سلطته النرجسية وسواد الليل بأبجديته الحالكة ، تلك تيمة الأقوياء في قالب التيه الأرعن،لا شيء سيمنعها عن ممارسة ظل الشبح في ظلاميته المعتادة شتاءًَ وقزميته الشائعة صيفا، هو القلب عندما يشيع الى مثواه الأخير،قرب أمنياته الهلامية ، قرب معالم السكون المنتعش من اللاشيء ، يغريها تفاهة المماطلين في ترسيخ اشتياق طال أمده قرب ظلم ذوي القربى أو بالأحرى قرب نافذة تعري مصداقية واقع لا يتعب من التغيير ورصيد لا يشبع من النهب ،هكذا يتصافح الهم تحت الجليد معلنا عن ولادة الركن الخالي فالقهقهة والبكاء و الصراخ و سحق الجدران ثورة لا يفهمها إلا من جرب إيذاء زرقاء اليمامة و تلذذ بقدح آسن و فقدان المفتاح أثناء العبور، تنتقل الى نافذة أخرى لعلها ترى خيلاء عالم مغاير فتناديه ليتك معي، سند مبهم في شرعية مقروءة مكشوفة التفاصيل فالنسيان بوحشيته أرغمها في ليال كان فيها الركض الهارب يحرث الأرض علانية بغية احتوائها، لا أزهار تلامس قدرتها على استنشاق عبق أميرة إستعملت الرحيلا رجلا واختفت تحت أسِرّة مهترئة ،كلما سمعت صوتا "أخرجي من هناك " تزيد تمسكا بدميتها فنوبة الطفولة تكشف كهولتها، بلسان الرجل الذي يسكنها تعبر عن هلوستها فالأدوية بريئة منها وان خلعت قبعتها الدائرية و ارتمت في حضن زنزانتها ستعود بين ذراعيها لتطالب بحق اللجوء، نفسها لا تطيق تلوين الأماكن ولا الاستجداء بحياء المتعاطفين معها،كل الرجال في عينيها حب أعمى يروقه العذاب المحصن،حتى الخوف الأزرق لا يقبل القسمة عندها ما دامت لا تتقن حديث القرون الوسطى ولا تداعيات سقوط جذار برلين والتقاء المتحابين بعد فراق مرير،نقطة الضوء تراها قبالة الخاتم الذي يزين أصبعها بالرغم من اتساعه عبر السنوات المترامية الأطراف والمتجعدة الأوصال ، تلك الرسالة التي تضعها كل ليلة تحت أجنحتها المنكسرة ،جهل يوقظ الشرود في معطف قوس قزح، بطولة لمغازلة الذكريات لا يشفع لها بالراحة ولا الاستكانة وها هو الآدمي يلامس مكابح أحجيتها فلا أحد يعرف إسمها ولا من أين جاءت..؟ لتبقى في قفص الزهايمر عنوانا منحها الوجود بدم بارد وكيانا مستعارا الى حين.

النص 2 نار الحقيقة

إنطلق يومي عبر خطوط الغمام العريضة، بريق رقصات هشة ..تائهة..رطبة

الظهور منحنية تفرض الواقع الساكن تحت قمصان قلوبنا المرتعشة

خارطة تلتصق بلون الليلة الحالكة ،أيام أصبحت تحتضن الأربعين تستأنف سقوطها،

تحاول ممارسة حقوق الكلام بين أنفاق مظلمة،تلك هي وضعيتي،

وثيقة تم ترحيلها، تحترق كلماتي وتبتلع تنهداتي،أصبح شغلي الشاغل ،

الجلوس كالقرفصاء أمام جهاز التلفاز والنت حيث تسافر أصابعي عبر الألم

ومع كل منظر فظيع تهرب نفسي نحو مخبئها،عقلي أصبح يمارس هواية الصمت،

المشهد يستنزف جليد الشتاء والحقول اليابسة ،صخب مشتعل يعانق المساء الطويل ،الأرقام في ارتفاع مهول

،هكذا أصبحت ستائري الملونة بين صفرة تعتلي وجهي ،ألوان حمراء تزركش نفسيتي المتعبة،

أصبح لدي خندق مثل العساكر ،عند كل فاجعة احتمي بجمجمتي رافعة يديّ فوق رأسي،

أظنها ليس بخودة أحتمي بها، بقدر ثوران سرب الغيوم وهي تغتال حدود المكان،

لغة الحدود توقظ بداخلي إحساس المسافة ،تبتلع لساني،تغتال معالم الجغرافيا،

أي صدى لتساؤلات جانبية لأسرتي: لا أرد عليها إلا بشق الأنفس،

فالأحداث سرقتني من فوهة بركان مشتعل ،لا أعرف المكوث كعاقلة في مكامنها والتربع بين ثنايا أشواقها

ولا الاستفادة من أجنحتها، فيومي مقسم بين ثنايا الغرف ،عندما يمل مني صندوقي العنكبوثي،

أهرع الى عجبي الآخر.. حتى ملت مني آلة التحكم عن بعد،وجهي المربع تعتليه قمم ،جبل نائم يخدش حياءه الدبابات والصواريخ،

أصيبت عيناي..انطفأت بلا سلام...بلا كلام

تململ الدخان منتعشا في سرايا رئتي،اضطراب.. انقلاب.. تطاير للأفئدة..أشلاء امتلأت بها الفراغات

القليل من الخبز والكثير من الموت ،سديم الحريق أتى على الأخضر واليابس،

 أرى الطعام أمامي فأتذكر الجهة الأخرى، أبراج بطونها الجوع والضعف

 أرى الماء سيلا متدفقا ،فتراودني ترانيم الجفاف هناك

 أشاهد ضفائرها والوشاح يخنق آذميتها

موسم الانهيار على مرأى التاريخ

صاح الموج من شطط السؤال:

أين أنتم يا عرب؟

المغتصب الشيطان في حضرة الشظايا ،بالرمل والجرافة تم تكبيد غصن الزيتون شحنة كهربائية،

غنت لها ذكرى الأرملة على مرآى الكائنات،

أخبار الانفجارات تقبل وجه الشعب، تمتمات اكتسحت الأفواه المنقوشة بالضعف

انحناءة تلك التي أراها خلف نافدتي أم هي تماثيل لصورة حية تملأ أمة المليار؟

عمق الخطيئة واحتدام المصقلة ، تنكس أعلام الطفولة والأبرياء تراود الوجوه المكشوفة

أخجل من نفسي عندما أترك الباب مواربا على حقيقة مضنية.. ممزوجة بلغة شاحبة..

لهاث بداخلي غير عابئ بالمسافات وعلى شفا الفجيعة تحترق الحرية والحق في الحياة

لا أعرف حيث اللحظة وأنا جالسة أخطط هذه السطور وعلى هامة عجزي تنساب سلسلة الدموع

تلة تم قطافها وتذويبها في كيان الطوفان، ذرعها ألف ذرع يجعل من العالم هراء ،

صليل الصمت أرحم من صخبي وعين العنقاء مسودة بثقل الحلاوة الكاذبة

وقتي عربي ..وطني عربي .. أرضي عربية.. مكسوة بالدماء

تقتنصها طلقات الرصاص واحتباس الانفاس ..

مطعونة بالرماح حتى أصبح نسغ الماء ملوثا بالقدائق الشتوية

يكفي أنه كلام أم أزيد صاحبه؟؟

زجاجة الضمير الغائب يلوح في زند الجسد ، يجرجر أناته المتبقية المحنطة بالشوق المعتق للفرج

ومن شرق الضباب وزاويتي الضيقة أترك توارب كلماتي الفقيرة

فلغزة رب يحميها ..تسبح الريح في كفيها

الشمس في صدرها وذنبها في رقابنا

الى أين أنا مختفية متوارية؟

تجدونني خلف نار الحقيقة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى