صدی قضية فلسطين في شعر الجواهري
مساعد الکاتب: حامد فتحعلیانی
ملخّص البحث:
لقد شغلت قضية فلسطين بال الشعراء الإسلاميين، فراحويسجّلون حضورهم السياسي من خلال القصائد المتتالية في المهرجانات والصحف؛ هذه القضية تتحدث عن مأسآة الشعب الفلسطيني وعن المداخلات الدولية التي تحيط بها، وعن الواقع الإسلامي المحيط بها، وعن الموقف المطلوب من المسلمين تجاه هذه القضيّة، فعلي إثر قيام الكيان الصهیونی ونشوب الحـرب عـام 1948 وإثر سقوط القدس القـديمـة بيـد الجيـوش الغربيّـة.
وإنّ هذه القضيّة كانت موضوعاً أثيراً عند محمد مهدي الجواهري بمدّة نصف قرن ـ بين عامي 1922 و1974 ـ وقد خلّف ديواناً ضخماً مملوءاً بأحـداث هـذا القـرن.
الکلمات الدلیلیة: صدی، قضیّة فلسطین، الشعر، محمد مهدي الجواهری.
الجواهری وقضیّة فلسطین:
بدأ الجواهري اهتمامه بقضية فلسطين، مع بداية رحلته مع الشعر، وهويحاول أن يجد لنفسه مكاناً رفيعاً بين الشعراء الكبار، بينما هوفي شرخ شبابه؛ إنّ أوّل محاولة الجواهري في هذا المجال تكون قصيدة تحت عنوان «علي فلسطين الدامية» في ثلاثة وأربعين بيتاً، وقد افتتح الشاعر قصيدته، بمقطع عبّر فيه عن حزنه لما حدث لفلسطين من النكبات والأحداث فقال:
لَوْ اسْتَطَعْتُ نَشَرْتُ الحُزْنَ وَالْألَمَـا | عَلـَي فِلِسْطينَ مسـوّداً لَهَـا عَلَمــا |
سَـاَءتْ نَهَـاريَّ يَقْظَانًــا فَجَائِعُهَــا | وَسِئْنَ لَيْليَ إذ صَوَّرْنَ لـي حُلُمَـــا |
رُمْتُ السّكوتَ حِدَاداً يَوْمَ مَصْرَعِهَا | فَلُـوتُركْتُ وَ شَأني مـا فَتَحْتُ فَمَا |
أكُلَّمَـا عَصَفَتْ بـالشّعب عـاصِفَــةً | هَوْجَاءُ نَسْتَصْرِخُ الْقِرطَاسَ وَالْقَلَمَـا |
(دیوان الجواهری، المجلد الاول، ص395)
وإنّ ما يحدث في فلسطين يثير أحزانَ الشاعر، ويعود به للماضي المؤلم، كما نري أنّ الأندلس تكون هاجس الشاعر، حيث ضاعت من يد المسلمين، وخلّف جرحـاً لـم يطب أبـداً:
فَاضَتْ جُرُوحُ فِلِسْطينِ مُذكِـرةً | جُـَرحاً بأنْدَلُسِ لِلآن مـا الْتـَأمَـا |
(دیوان الجواهری، المجلد الاول، ص395)
ويظل يهتّم الشاعر علي خلفیة الأندلس، ولعلّه يريد بهذا الاهتمام أن يستثير الهمم، بوصف الأندلس حقيقة ماثلة، وشاهداً حيّاً علی الهزيمة والانكسار. ويؤكد علي أنّ الاستعمار سيسلب الخيرات ممثّلةً في اللحم:
سَيَلْحَقُون فِلِسْطِيْناً بِـأنْدُلسِ | وَيَعْطِفُونَ عَلَيْهَا البَيْتَ وَالْحَرَمَا |
وَيسْلَبُونَكَ بَغْدَاداً وَجَلَّقَةً | وَيَتْركونكَ لَحْمـاً وَلَا وَضَمَـا |
(دیوان الجواهری، المجلد الاول، ص396)
ويستمرّ الشاعر في خطابه للأمّة العربية ويشجّعها علي مواجهة العدوّ . ويخلّص الشاعر من هذا إلي أن لاسبيل لأمّته إلا القتال تجاه الظلم والمستبدين، فإنّ الشاعر لم ييأس من أمته في الانتصار لفلسطي:
فَيَـا فِلِسطِينُ إنْ نَعْدمكِ زاهـــرةً | فَـلَسْتِ أَوَّلَ حــقٍّ غِيْـلـــةً هُضِمَـــــا |
سورٌ مِنَ الـْوَحْدَةِ اِلعَصْماء راعَهُـمُ | فَاسْتَحْـدثُـوا ثَغـْرَةَ جَـوْفَاءَ فَـانْثَلَمَـــــا |
هَزَّتْ زَرَايَاكِ أَوْ تـَاراً لِنـَا هِضـَةٍ | فِي الشَّرْقِ فَاهْتَجْنَ مِنْها الشَجْو َلا النَّغَمَا |
ثَارَ الشَّبَابُ وَ مَنْ مِثْلُ الشَّبَابِ إِذا | رِيْعَ الْحَمَـي وشُوَاظُ الغِيْرةِ احْتَدَمَـــــا |
(دیوان الجواهری، المجلد الاول، ص397)
ومرّت بفلسطين أحداث شديدة خلال أعوام (1936 إلي 1939)، كان أشدها الإضراب العام الذي دام ستّة شهور في وجه الانتداب البريطاني، احتجاجاً علي تشجيعه لهجرة اليهود إلي فلسطين، وقد أتيح للجواهـري ـ آنذاك ـ فرصة أن يكـون بدمشق، وأن يسمع بالأحداث عن قريب، وبنظم قصيدة «يوم فلسطين» في ثمانية عشر بيتاً:
هبت الشَّـامُ عَلَـي عَـادَتِهَـا | تَمْـلأ الأَرضَ شباباً حَنَقَــا |
نادبـاً بيتـاً أباحـوا قُـدْسَــهُ | في فلسطينَ وشَمْلاً مِزَقَـا |
بـرَّ بـالعَهْـدِ الـرّجــال أنفٌ | أَخَـذَ الشّعبُ عليهم مَوْثقـَا |
شَرفـاً يـومَ فلسطينَ فَقَـــدْ | بَلَغَ القمـةَ هَــذَا الْمُرتَقَـي |
ألْبَسَ الملكَ رِدَاءً وازدهتْ | روعةُ التّاريخِ منه رَوْنَقَــا |
(دیوان الجواهری، المجلد الثانی، ص311)
ويعود الشاعر في المقطع الأخير من القصيدة لتصوير البطولة ممثلة في التضحية والفـداء، ويرسم أنّ الطفل حذا علي حذوأبيه الذي سقط شهيداً:
يَسْقِطُ الطّفلُ عَلَـي وَالِـدِه | وَارِداً مَــوْرِدَه مُعْتَنِقَــا |
وتَمرُّ الأمُّ غَضْبي سَاءَهَـا | في سِبَاقٍ مِثْلِهِ أنْ تُسْبَقَا |
(دیوان الجواهری، المجلد الثانی، ص397)
أو في قصيدة «يافا» الجميلة التي ألقاها في الحفل التكريمي الذي أقيم علي شرفه في المجمع الثقافي في «يافا»، وكان فيه العديد من الوجوه الفلسطينية البارزة وأقطاب «يافا» وشخصيات كبيرة؛(الجواهری، ذکریاتی، ج1، ص428) هكذا ابتدأ قصيدته الفريدة:
بـ « يافا » يَوْمَ حُطَّ بِهَا الرّكَابُ | تَمَطّر عَارِضٌ وَ دَجَا سَحَـابُ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص27)
وعندما وصل إلي نهاية المقطع الأول، ختم وصفه قائلاً:
فَقُلْتُ وَ قَد أخذتُ بِسِحْر «يافا» | وَأترابٍ لِـ «يافا» تُسْتطابُ |
«فلسطينٌ» ونِعْمَ الأمُّ، هـذي | بِنَـاتُكِ كُلُّهـا خَـودٌ كِعَــابُ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص27)
خُـذِيِ مَسْعَاكِ مَثْخِنَـةَ الجـَرَاحِ | وَنَامـي فَــوْقَ دَامِيـَةِ الصِّفَــاحِ |
وفي عام 1945، ألقي الشاعر قصيدة أخري في مأسـاة الشعب الفلسطينـي تحت عنوان «ذِكْري وَعْدَ بلفور» في ستّة وخمسين بيتاً؛ وأدرك الشاعر فيها ما أحاط بفلسطين وما حددها من خطرٍ، ودعا في خلالها أهل فلسطين للصمود والتضحية في سبيل وطنهم وامتزج الدعوة بحالة من الحزن واليأس قائلاً في مطلعها:
(عبدالحسین شعبان، الجواهری جدل الشعر والحیاة، ص126)
الی أن یقول:
وَمـدِّي بِالْمَمَـات ألـي حيــاةٍ | تَسُــرُّ وبالعنـاء إلـي ارْتيـــاحِ |
وقرِّي فَوقَ جَمـْرِكِ أو تُـرَدِّيِ | مِـنَ العُقْبَـي إلَـي أمــرِ صُــراحِ |
وقُولي قد صبرتُ علي اغْتباقٍ | فماذا لوصبـرتُ عَلَي اصْطِبَــاحِ |
فـإنّ أمَّــر مـا أدْمَـي كِفـاحـاً | طُعـونُ الخـائفيـنَ مِـنَ النِّجَــاحِ |
فَكُوني في سَماحِكِ بالضَّحَايـا | كَعَهْدِكِ في سَماحكِ بالأضاحي |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص45)
ويري الشاعر أن فلسطين كتب عليها الأسي من بعيد، وعليها أن تتحمّل تبعاته وَحْدها، ولاتلتفت للعرب الآخرين، لأنهم لن يقدموا لها إلّا البكاء والصياح والعويل:
شَدَدْتِ عُري نِطَاقِكِ فَاسْتَمِرِّي | وَلَا يثْقُلْ عليكِ فَتُسْتَبَاحي |
وَ لَا تُعْنَــيْ بِنَــا إنّـا بُكَـــاةٌ | نمدُّكِ بالعويـل وبالصِّياحِ |
ولا تُعْنَـيْ بِنَــا فَالْفِعْـلُ جـوٌّ | مَغيْـمٌ عنـدنا والقول صَاحِ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص46)
تتابع قصائد الجواهري في هذه الحقبة الزمينة، وبعدمـا زار الشاعر فلسطين نظم قصيدة «اليـأس المنشـود» التي قالها فـي شباط 1947، في اثنين وخمسين بيتاً ؛ حيث قـال فيهـا:
رَدُّوا إلي الْيأسِ مَا لَـمْ يَتَّسِعْ طَمَعَـا | شرٌّ من الشرِّ خـوفٌ منـه أنْ يَقَعَـا |
… يَا نَادِبِيْنَ «فلسطينا» وعِنْدهُمُ | عِلْـمٌ بأنّ القَضَـاءَ الحَتْمَ قَـد ْوَقَعَـا |
… يَا نَادِبِيْنَ «فلسطيناً» صَدَعتُكُمُ | بِالقولِ، لَا مُنْكراً فَضْلاً لَكُمْ صَدَعا |
ولاجُحُــوَداً بــأنّ اللَّيــلَ يَـعْقِبُــهُ | فجـرٌ، تَفَجّـَرَ منـهُ الشَّمْسُ مُطَّلِعَا |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص89و90)
وكان «بشارة الخوري» ـ الأخطل الصغير ـ يزور العـراق في أواخر سنة 1947، ويستقبله الجواهري بقصيدة بعنوان «ناغيت لبناناً» (دیوان الجواهری، المجلد الخامس، ص361)، تحدث فيها عـن لبنان الهـوي والجمـال . وتكلّم في ذكرياته عن هذه القصيدة : «وكان مسك الختام ـ كما يقال ـ منها ما يختص بفلسطين، وربّما كان أبدع وأفخم ما في القصيدة كلّها، ممّا اسْتوجب النقيضين : أن يعجب، بل أن يهتزَّ لها عبدالإله المسوؤل الأول في الدولة، عمّا فيها، وبخاصة فعن حصّة بريطانيا شبه المسيطرة علي الحكم والحاكمين، ثم أن تغضب السفارة البريطانية، فتقدّم احتجاجها علي تلك الحصّة، ذلك أنّ الحصّة كانت رسميّة وبكل معني هذه الكلمة، ثمّ ألا ينتهي الأمر بهذا كلّه، بل أن ينتزعَ عبدالإله من عنق رئيس الديوان الملكي ـ آنذاك ـ تحسين قدري وسام الرافدين المذهب، ليخلعَهُ عليّ» (الجواهری، ذکریاتي، ج1، ص478و479)
حينما نقـرأ القصيدة نجد أن المعاني التي طرقها الشاعر فيها متكرّرةٌ، علي سبيل المثـال حديثه عـن المسجد الأقصـي وهـوحزين وفلسطين ذهبت ولم تجـد مطالباً بهـا و… قـائـلاً:
جئتَ العـَراقَ وَمِـنْ فِلِسطينٍ بـه | وَجْـــعٌ مطبّبــهُ يَعُـــــودُ عَليلَـا |
والمسجدُ المحزونُ يُلْقـي فَوقَـهُ | ليلاً ـ علي الشرقِ الحزينِ ـ طويلَا |
ذهبتْ فِلِسطيـنٌ كـأن لَـمْ تَعْترفْ | مِـنْ كـافِلِيْهـا ضَــامِنــاً وَكفيلَـا |
وَ المسجدُ الأقصي كأن لم يَرتَفعْ | فيـــه أذانٌ بُـكْـــــرةً وأصيـلَـا |
(دیوان الجواهری، المجلد الخامس، ص363)
وأمّا قصيدة « فلسطين»(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص191) التي أنشدها الشاعر في عام نكبة فلسطين 1948 في مائة بيتٍ وبيتٍ؛ جاء مطلع القصيدة معبّراً عن فرحة الشاعـر بما يسمع من فـوز وانتصار الجنود العـربية تجـاه اليهـود:
دِلَالاً، فـي مَيَـادِينِ الْجَهَـادِ | وَتيهاً بالجَرَاحِ وبِالضِّمَادِ |
ورَشْفاً بالثّغور مِنَ المَوَاضي | وَأخذاً بالعناق مِنَ الْجَهَادِ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص193)
ويبقـي الشاعر مع المقاتلين الأبطال ويجد في خطابهم والحوار معهم نشوةً، هكذا عبّـر عـن متعتـه:
حُماةَ الدّارِ مَسّ الدار ضُرّ | وَنَادَي بافتقادِكُمُ المُنَادي |
أرادتُكُـم لِتكفوهـا فُلُـولاً | مُعـرِّزة كأرْتـالِ الجــرادِ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص193)
هذه حالته مع الجندي الذي «تمرّس بالحتوف فلا يبالي» ! أمّا إذا ما استشهد ولقي وجه ربّه، فهويصبح من أعزّ الناس:
تَمَّرسُ بالْحُتُوفِ فَلَا يُبَـالي | أحَادَتْ عَنْهُ أمْ عَدَتِ الْعَوَادي |
أَعزَّ النّاس في أغْلي مماتٍ | وَخَيْرُ الزّرعِ في خَيْرِ الحَصَادِ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص194)
وبعد كلّ هذا، فخر الشاعر بالجهاد وترحيب بالقتال وثناء علي المقاتلين وتعظيم للشهداء في حديث طويل بلغ ثلاثة وخمسين بيتاً.
ولكن كانت نتيجة هذا القتال هزيمة علي فلسطين والأمّة العربيّة بعد أن اتّضحت النفوس عن الخبايا:
… حماةَ الدّارِ كلُّ مَسيلِ ظُلمٍ | وَإنْ طَالَ المَـدَي فإلـي نِفَـادِ |
وكـلّ مُحَشَّدٍ فَإلَـي انْفِضَاضٍ | وَكـُلُّ مُفَـرِّقٍ فَإلــي احْتِشـاد |
فَصبـراً ينكشفْ لَيْــلٌ عمــيٌّ | ويَنْحَسِرُ البَيَاضُ عَنِ السَّـوادِ |
وتَتَّضحُ النّفوسُ عَنِ الخَبَايَــا | ويُفْصَحُ مَنْ يُريدُ عَنِ المُرادِ |
وتَنْدفعُ الشُعُـوبُ إلــي محجٍّ | مُبيـنُ الـرُّشدِ مُوثوقُ السِّـدادِ |
وتُـؤذَنُ جـذوةٌ إلَــي انْطفـاءٍ | يــؤولَ مَــآلهـــا أم لِاتّقــادِ |
وَ مَهْمَا كانت العقبي فَلَسْتُمْ | بمَسؤوليـنَ عَـنْ غيبٍ مُـرادِ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص198)
وبعد تلك الهزيمة، سكت الجواهري عن الكلام في قضية فلسطين بمدة أربعة أعوام ـ أي حتي سنة 1952 ـ حتي نظم قصيدته «اللّاجئة في العيد» في 116 بيت، وقـد اشتملت القصيـدة علـي مقطعيـن فـي قضية فلسطين بصـورة مبـاشــرة، حيث قـال فـي مطلعهـا:
كادتْ حُجُول الدُّجَي تَطْوي عَلَي الغُرَر | وأوشك النّسر أن يّهوي بِمنحدرِ |
(دیوان الجواهری، المجلد الثالث، ص347)
ويتوقف الشاعر عن شعر فلسطين مرة أخري حتّي بعد نكسة حزيران بعامٍ ـ أي عام 1968 ـ وقد ألقي الجواهري في حفل تأبين «صبحي ياسين» ـ أحد قادة الثورة الفلسطينية فـي حـرب حزيرانـ قصيدة تحت عنوان «الفـداء والـدّم» التي جاءت في 130 بيتاً، ويتحدث عن الفداء والدم في مطلع القصيدة:
جَـلَّ الفَداءُ وجـلّ الْخُلْدُ صَاحِبُهُ | ضَاقَ الفَضَاءُ وَمَا ضَاقَتْ مَذَاهِبُهُ |
لَوْنٌ مِنْ الخَلْقِ والإبداعِ يُحْسِنُهُ | خَلْقٌ تُصَـاغُ جَـديـدَاتٍ رَغَائبُـهُ |
(دیوان الجواهری، المجلد الرابع، ص375)
هكذا كانت فلسطينيات الجواهري مجال فخره، خاصة قصيدة «يـافـا» وقصيـدة «الفـداء والـدم» كذلك قصيدته التي أرسلها إلـي «السيد صـالـح مهـدي عمـاش» ـ نائب الرئيس العراقي ـ عام 1969 حيث قال:
أذْكتْ قـوافــيَّ الجـريــ | ـحةُ مِنْ فلسطيـن الشغـافَـا |
وَ مَشَـي إلـيَّ دمُ الشهيــ | ـدِ يكـادُ يُـرتَشفُ ارْتشافَـا |
نـاغيتُ بـالـدَّم والهّـوّي | وبتلكُـمُ نفثــات «يـافـا» |
أنسيتَ إذ «حطَّ الركابا» | فيهـا وإذ لَثَــمَ الضّفَـافَـــا |
إذ رَاوحـتْ غُـرفُ الجَنـَا | نِ لَهُ عَلَي «اللّدِّ» السَّجافَـا |
وَ إذَا الجـراحُ عَلَـي قـَوَا | فَيـهِ تَقَطّـــرتِ انْتِــزَافَــا |
أنْسَيـتَ «أغنيـةَ الفَــدَا | ءِ» ومِنْ تَنَاسَاهَـا أحَـافَـا |
(دیوان الجواهری، المجلد الرابع، ص409)
كما نري أنه في الأبيات الثالث والرابع والخامس قد أشار إلي قصيدة «يافـا»، وفي البيتين السادس والسابع إلي قصيدة «الفـداء والـدم».
وتناول الجواهري موضوع فلسطين وبحثه باتجاهين ـعلي حدّ قول محمد حسين الصغيرـ : الاتجاه العربي والاتجاه الفلسطيني (محمدحسین الصغیر، فلسطین في الشعر النجفي المعاصر، ص61) ويقوم الاتجاه العربي علي أساس علاج القضية الفلسطينية وتقليص أزمتها عن الطريق العربي كمشكلة قومية لاتحلّ إلّا علي الصعيد القومي ويقوم الاتجاه الفلسطيني علي أساس حل القضية الفلسطينية علي صعيد فلسطيني، ويلقي عبء تحريرها علي الفلسطينيين أنفسهم، يدفع بهم إلي ميدان النضال، ويصدّرهم جبهات المعركة. (محمدحسین الصغیر، فلسطین في الشعر النجفي المعاصر، ص59)
ملاحظة
– الکاتب عضویة هیئة التدریس برتبة المربّی في جامعة الحرة الإسلامیّة بمرکز ملایر (مربی دانشگاه آزاد اسلامی واحد ملایر).
– عضویة هیئة التدریس برتبة المربّی في جامعة الحرة الإسلامیّة بمرکز ملایر (مربی دانشگاه آزاد اسلامی واحد ملایر).
المصادر:
– الجواهـري محمد مهدي، ديوان الجواهـري، خمسه مجلدات، لاطا، بيـروت، بيسان للنشـر وتوزيع، 2000م .
– الجواهري محمد مهدي، ديوان الجواهري، أربعة مجلدات، ط: 3، بيروت، دارالعودة، 1982م.
– الجواهري محمد مهدي، ذكرياتي، الجزء الأول، ط: 1، دمشق، دارلرافدين، 1988م.
– الجواهري محمد مهدي، ذكرياتي، الجزء الثاني، ط: 1، دمشق، دارالرافدين، 1991م.
– خليل جحا ميشال، أعلام الشعر العربي الحديث، ط: 2، بيروت، دارالعودة، 2003م.
– الدجيلي عبدالكريم، الجواهري شاعر العربيّة، لاطا، النجف، مطبعة الآداب، 1972م.
– شعبـان عبدالحسين، الجواهـري ( جـدل الشعـر والحيـاة )، ط: 1، بيـروت، دارالكنوز الأدبيّـة، 1997م.
– الصغير محمد حسين، فلسطين في الشعر النجفي المعاصر، ط: 1، بغداد، دارالصادق، 1968م.