ضيف اليوم الكاتب إبراهيم الدّيب من مصر
إبراهيم الدّيب في سطور:
كاتبٌ وقاصٌّ، ولدَ، ونشأ فى محافظة دمياط، وهوَ عضو في نادي الأدب بدمياط.
شاركَ في العديد من الأمسيات والمؤتمرات الأدبيَّة بمختلف محافظات مصر.
تمَّ تكريمه في العديد من الفعاليات.
صدرَ له عدَّة مجموعات قصصيَّة، وكتبٍ منها:
“قهوة الدّيب” مجموعة قصصيَة.
“بيت العجوز” مجموعة قصصيَّة.
“صخَب العمر” سيرة ذاتيَّة.
“البيت القديم ” مجموعة قصصيّة.
“الرّوتين اليوميّ ” كتاب يجمع بين القصّة، والمقال الأدبيّ.
” المتشبّثة بالحياة “ مجموعة قصصيّة
" الأسرة الكبيرة" كتاب يجمع بين القصّة، والمقال الأدبيّ.
"في الذّات والحياة "
نُشرت أعماله الأدبيّة في العديد من الصّحف، والمجلّات المصريّة منها:
مجلّة إبداع، الثّقافة الجديدة، جريدة القاهرة، أخبار الأدب والزّمان، الدّستور، العروبة، منبر التّحرير، الزّمان، وغيرها من الصّحف الورقيّة.
كما نُشرتْ أعماله في عدّة صحف عربيّة أدبيّة منها:
في الجزائر: جريدة كواليس الجزائريّة، جريدة الجديد، جريدة الأحرار.
فى العراق: جريدة الزّوراء، جريدة أوروك، وشواطئ الفرات.
وفي اليمن: جريدة الأنباء، وغيرها من الصّحف العربيّة.
يكتب زاوية ثابتة في جريدة صوت بلادي الّتي تصدر في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
كما نُشرت أعماله في عدّة مواقع إلكترونيّة في مصر وبعض الدول العربية، ومنها:
أوبّرا مصر، وأنطولوجيا المغربيّ، وإبداعات أخبار اليوم.
تناول إنتاجه الأدبيّ، وعالمه السّرديّ مجموعة من النّقّاد منهم:
الأديب والنّاقد التّشكيلي سيّد جمعة، الكاتب سمير الفيل، الدّكتورة ناهد الطّحان، الكاتبة باسمة العوام، الكاتب ناصر كمال المصريّ.
طرحَ الكاتبُ في قصصهِ قضايا مجتمعيَّة، وإنسانيَة عديدة، سأتحدَّثُ اليومَ عن مجموعتهِ القصصيَّةِ (بيت العجوز) الّتي صدرت هذا العام، وقد خصَّ والدَه بهذا الإهداء:
إلى روح والدي أوَّل أساتذتي، أوّل إنسان يقوم بيني وبينه حوار، لأكتشف بعد كلّ مرّة ناقشتُه فيها أنَّني أرى الدّنيا بصورة مختلفة، وبنظرة أعمق.
يستهلّ الكاتب مجموعته القصصيّة بقصّة (بائع الملوخيَة)، وفيها صورة للحياة المصريَّة بتفاصيلها الدّقيقة، فهو يبدأ القصّة بوصف الرجل الّذي يركب درَّاجة قديمة، ويتجوَل في الطَرقات من أجل بيع حُزم الملوخيَّة، فتشفق عليه إحداهنَّ بسبب حرارة الجوّ هذا من جهة، ومن جهة ثانية، لتطهو أكلة الملوخيّة بالأرانب، الّتي يحبّها زوجها، فتنزل سلّة مُعلّقة بحبل، وتحمل بداخلها الملوخيَة.
ويصف الكاتب هذه السَّلّة بأنَّها" لا تكفّ.. عن الصّعود، والهبوط... لعلَّ هذا الاختراع براءته مُسجَّلة باسم نساء مصر."
تنتهي القصّة بضرب مبرّح للبائع من قبل من أسماهم الكاتب(البلطجيّة)، وهو أيضًا تعبير ألفنا سماعَه في المسلسلات المصريّة.
وتتوالى قصص الكاتب، ونلحظ استخدامه للغة تشبه اللغة القريبة من العاميَّة، نجد ذلك في قصّة( المعلّم عبده)، حيث يقول عن عبده أحد شخصيَّات القصّة:
"وأثناء ذلك يشخط في القهوجي بلغة آمرة تحمل في طيّاتها بعض الإهانة.."
أو نجده يصف لنا بعض مظاهر الحياة اليوميّة، كما في قصّة (تأخّر الابن)، حيث يقول:
ووقف والده على باب المقهى، ونادى على ابنه، ووبَّخه توبيخًا شديدًا، لمشاهدته تلك المسخرة (فيلم لنادية الجندي).."
ونراه في قصّة (المجذوب) يصف شخصًا من ذوي الاحتياجات الخاصّة، ويحكي عن الموروث، أو المتداول حين يُسمَّى شخصٌ ما بالدَّرويش، فيطلق عليه النَاس تسمية أنَّه من (أهل الله)، ويرى هؤلاء أنَه لا يفعل شيئًا عن عبث، فإذا زار مكانًا، اختلفت الآراء؛ هل زاره رضىً، أم سخطًا، لأنَّ أهله عاصينَ، وسيحلّ بهم عقاب شديد؟
وفيما يتعلَّق بالقضيَّة الفلسطينيَّة، نقرأ له قصَّة (الفتى والوعي) يسلّط فيها الضّوء على القضيّة من خلال فتىً اعتاد مشاهدة الأخبار، الّتي تحكي عن الانتفاضة، وأبطال الحجارة، وتمنّيه أن يشارك معهم ضدّ قوّات الغاصب المحتلّ، ويؤكّد حقَّ هؤلاء في عدم التَّخلّي عن أرضهم، وجذورهم، وذكرياتهم، فيقول:
"الاقتلاع يبدأ بمحو الذَاكرة وقطع علاقة الشّخص بماضي أمَّته، الّذي يستمدّ منه تصوّره عن نفسه، وعن الحياة، والأشياء، والآخر...باختصار شديد تمثّل الهويّة موقفا كاملا من الحياة."
ويرينا الكاتب أنَّ هذا الفتى يذهب به الخيال إلى بأنَّه انتقم لهم ذهنيًّا، عن طريق المعجزات الإلهيَّة، والكوارث الطّبيعيَّة، ثمَّ يتخيَل هذا الفتى أنَّ هناك من يجعل في أيديهم بدلًا من الحجر بندقيّة، ويزدادُ خيالًا فيراهم يملكون طائرات، إلى أن يستبدَّ به النّعاس.
وفي ختام القصّة ينتصر الفتى ذهنيًّا لهؤلاء الأطفال وكان سعيدًا بما رآه على الشّاشة من انتصاراتهم وبطولاتهم، وعندها أدرك أنَّ هذيانه القديم تحقق على أرض الواقع بأيدي أطفال الحجارة، وكان كما يقول الكاتب:
"كأنَّه اتّفاق كبير بينه وبينهم، فقد قاموا بما تقاعست عنه سلطتهم المدجّنة من قبل العدوّ."
وفي هذا انتصار كبير للحقّ، والحقيقة ضدَّ الظّلم، والعدوان، وكأنَّ خيال هذا الفتى هو مدخل إلى بوَّابة النَّصر.
وفي قصّة أخرى عنوانها: (حلمي) يكون بطل القصّة شابٌّ ثلاثيني اسمه حلمي، يقول الكاتب مسوّغًا سبب وجوده في القصّة:
"مهمّة حلمي الأساسيّة كانت تتمثّل في بثّ الأمل في نفوس، وعقول الجماهير"
وكأنّه اعتراف من الكاتب أنَّ هذا الوضع المأساويّ الّذي نعيشه، يحتاج إلى شخصيَّة خياليَّة مثل (حلمي)، وأنَّ النَّاسَ بحاجة ماسَّة إلى من يزرع في نفوسها الأمل، والتَّفاؤل كي تقوى على الكفاح، وتحتمل الحياة المريرة الَّتي تعيشها في ظلّ ظروفٍ قاسية.
ولاحقًا يرينا الكاتب أنّ (حلمي) هذا يبحث عنه الجميع حين يختفي فجأةً، وعلى ما يبدو هو تلميح من الكاتب أنَّ (حلمي) ضرورة فرضتها الحياة الجديدة المأساويَّة، وحين يكثر التَّساؤل عنه من قبل النَّاس، يقول كلّ واحد بأنّه رآه في مقهى كذا، وآخر في مكان كذا، ومن ثمَّ يتساءل الجميع:
"كيف يمكن لشخص أن يكون في أكثر من مكان في الليلة نفسها؟"
وأخيرًا يظهر حلمي بعد أن بحث الجميع عنه، فيقول لهم:
ألم تشاهدوا ردّة فعل الغرب على ما حصل في السّابع من أكتوبر، ألم تستوعبوا تصريحات رئيس فرنسا الذي يدعو لتحالف غربي ينتصرعلى حماس، لأنَّ هزيمة إسرائيل ستكون من نصيب الغرب بكامله، ثمَّ نهض من أجل المغادرة، فحاول أحد الأشخاص أن يستبقيه، فلم يستطع حتّى الإمساك به...
وكأنَّه شبح قبل أن يقول، وهو يلوّح مغادرًا:
مازال أمامي أماكن على امتداد العالم العربيّ، أجلس فيها مع من ينتظرني، سنتقابل بعد المعركة، فقالوا فيما بينهم:
ألأم تلاحظوا أنّ رسائل الاطمئنان هذه المرّة يدعمها الواقع والأحداث الَّتي تجري على الأرض، ثمَّ اختفى دون أن يعلم به أحد أيّ الطّرق سلك."
ليكون اختفاء حلمي رسالة، وبشرى أنَّ النَّصر قادم لا محالة، وأنَّهم لن يكونوا في حاجة لمن يجعلهم يتفاءلون، فالحياة ستغدو أجمل بالنَّصر، والسَّلام.
أخيرًا أرجو التَّوفيق للكاتب، ودوام الألق والإبداع الجميل في مختلف المجالات.