عشرون عاماً مضت يا أسامة...!
دخل يوم الإثنين 14|11|2022م الأسير: أسامة الأشقر عامه الواحد والعشرين في الأسر.
عشرون عاماً مضت، ليس عدلاً أن نقول: عشرون ربيعاً، فخلف القضبان لا تتبدل الفصول.. هي أعوامٌ من العمر التهمها ظلام الزنازين، على أمل أن يأتي هذا العام بالخير ولا يشبه الأعوام الفائتة، على كل حال عام جديد كل يوم يمر فيه يُقصّر طريق الحرية الطويل.
فهل يسير الأسير للأمام أم للخلف؟! أم يقف مكانه؟!
لقد عرفنا أسيرنا البطل: أسامة الأشقر، من خلال كتاباته بطل شجاع لا ينكسر ولا يهزم، روحه حرة لا ترضخ لقيد، استطاع أسامة أن يلهمنا ويرسم الأمل في محيانا، ليس وحده بل خلف البطل عائلة تمده بالصمود، والدته الصابرة عندما التقيتها وأخبرتني عن حرمانها من زيارة فلذة كبدها فترة طويلة، عرفت كيف تصنع الأمهات الرجال، عرفت قيمة الحياة ومعنى الأمومة، وأدركت أنهم مختارون من الله لنيل درجة رفيعة في الحياة وبعد الممات، أما زوجته منار خلاوي، الفتاة الرقيقة الرائعة القوية ، هي جيش بأكمله يقف خلف كلماته الحرة تتعدها بالحياة.
منار والكلام عنها يطول، الحبيبة التي بددت ظلام الزنزانة بفيض حب لا ينضب، هذا الحب الذي ولد خلف القضبان، وصار قصة حب يتغنى بها، وتضاف إلى قصص الحب العذري الخالدة في التاريخ العربي.
منار قصيدة متزنة تخبر القوافي كيف يكون النظم وكيف تساق البحور
وقد التقيت بشقيق البطل أسامة "أشرف الأشقر" وأولاده، إنها عائلة رضعت حب الوطن والانتماء، أحبت ووفت وضحت، عندما يؤمن الإنسان بفكرة كل شيء سواها هين.
لقد ضيّع أسرانا البواسل على العدو لذة الانتصار، هي سياسة هدفها قهر السجّان، فكوني أم أشعر كم تتلهف والدة أسامه لعناقه، وكم تتألم وقد كبر صغيرها بعيداً عن حضنها.
عشرون عاماً.. وعشرون ألف حاجة لأب وأم وأخ وزوجة، عشرون عاماً.. وعشرون ألف رغبة لممارسة طقوس حرية الأماكن، لسماع دويّ أصوات الباعة في السوق، وضجة طلاب المدارس، وصوت خطواته تطأ ثرى صيدا، آلا تشتاق يا أسامة للصباح والمساء ...!
تلك الرغبات المكتومة لا نقرأها تبرق في بالك بين سطورك، لم تغدوا هدافاً في وطن سليب يحتاج للبواسل والأبطال.
ومع ذلك انظر إلى صورتك فألمس ومضة حنين للفتى الذي طوى عمره خلف باب حديديّ، رغم صلابة الحديد لم يغلق الباب على العشق بل تجاوز الحب جدران السجن الصماء وجمع عاشقان، نشعر بنسمات الحنين ومنها نتنسم حريتنا، فلولا وجودكم بالوطن ما لاحقنا حريتنا، من خلال صمودكم عرفنا أن للحرية ثمن غالي، يدفعه الشرفاء.
فهل نحن أحرار؟!
نحن بالقيد سوياً يا أسامة، لكنك تختلف عنا، فستنقضي مدة الأسر ويفك القيد، أما نحن فصمتنا يقيدنا، نعافر ببوح مجزوء حالك السواد.
وحدهم الشهداء والأسرى عرفوا الإجابة لكل التساؤلات وعرفوا مغزى الحياة وعاشوها بشكل صحيح.