الأحد ٢٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم عائشة بنت المعمورة

عـلاقـة المرأة بالكتابـة .

حضور في النص وغياب في الواقع ..

ليس من قبيل الصدفة أن تلتقي المبدعات الجزائريات في مدينة الزيبان..بسكرة.

وفي ظــل غياب التواصل والاتصال.. فإننا نتساءل لماذا لم يحدث هذا بالأمس البعيد أو القريب ، ما دام أن هم المرأة واحد.. هم الكتابة و الواقع و الأحلام المؤجلة .

وإذا تحدثنا عن الكاتبة والكتابة ..ذاك الفعل والانفعال المعبران عن الزمـن والمرحلة..اللذان يؤسسان لأفاق تعالج الهموم الإنسانية والوعي بالتراكمات المختلفة.

والمرأة في نصوصها الإبداعية تتجلى صورتها داخل النص كشخصية محورية تتحرك وتنمو وتتفاعل و تعترف وتُـنْكِر و تتعرى وتنتفض أحياناً بوجهات نظر مختلفـة وبخصائص وأمزجة قادرة على تحريك النص الأدبي من الإيجاب إلى السلب والعكس.

ومهما قيل عنها ذاتية فإن هذا لا يمنع من وجود تأثير الواقع الذي جعل من الكتابة صورة للرفض و للتفاعل و خصوصية التجربة بسبب المخزون النفسي المتصل باللاشعور .

وهذا يجرنا إلى طرح مفهوم الأدب النسوي و الرجالي الذي أثير مؤخرًا وحدد عدة مفاهيم و رُؤَى أكدت التكامل بينهما رغم اختلاف الأحاسيس التي نستشفها من خلال النصوص .

وبعيداً عن هذا الطرح وهذه المصطلحات التي تعيق حرية الإبداع أحيانا وتحاصر مفهوم الكتابة أحيانا أخرى و في ظل غياب عامل النقد الذي هو أساس كل عمل إبداعي و غياب أهل الاختصاص لا ننكر على أنفسنا وجود إنتاج يستحق التنويه والدراسة ..

ولكي نحكم على أي عمل علينا الاعتراف أولا بالحقائق لكي نصنع الحقيقة وهي الاعتراف بوجود إنتاج فكري ،ونِـتَـاج تجربة الكتابة كان حدثا يخضع للتفسير والتأويل والتفكيك .
إذ مورسـت الكتابة بفعل الحضور والإبداع والتأثر والتأثير في مجرى الأفكار وخلق بدائل لواقع مـر .

والكاتبة هي القارئة الأولى والأقرب لواقع المرأة، وهي التي تشخص الأزمة وتترجمها إلى مشكلة فكرية سادت المجتمع من خلال مفاهيم مختلفة وأفكار ساهمت في تغيير الواقع والحقيقة ، ومن هنا نحتاج فعلا إلى رؤية نقدية واضحة وحرية للابداع..

إذن علاقة الكاتبة بالواقع هي من أهم الأدوار التي يمكن لها القيام بها منتجة في مجال الفكر وصناعة الكلمة .

ولا ننكر على الكاتبة مهمة التأثر والتأثير و لا عدم ارتباطها بالوقائع من خلال المستجدات والتحولات التي تحيط بها.
فالاتصال يحتاج إلى وسط (الحرية) تـمارس فيه الفكرة أو الخطاب أو إعادة صياغة الحقيقة بالنقد والتفكيك و في صناعة الأحداث و كيفية التعامل معها .

وبذلك لا يمكن رؤية الجمال بعين واحدة و في وقائع مختلفة وأحداث متتاليــة،
و كما لدينا مفاهيم خاصة عن الجمال فالمطلوب إيجاد صيغ ونظريات في القبح أو البحث عن جماليات القبح التي تكون همـًا آخر في عملية النقد و التي تكشف عن نسق ثقافي آخر جديد يمكن أن يكشف عن مخزون القبح الذي يعادي الجمال في الآخر سواء كان رجلا أو امرأة .

و الغرض من الكتابة هو تحقيق الهدف من الكتابة و ليس الكتابة لمجرد الكتابة أو المزايدة بل هي مسؤولية بقدر ما هي رسالة و متعة وجمال .
وإذا مارسنا عملية الكتابة أو النقد فعلينا أولا :

ـ أن نحسن قراءة مجريات الأحداث و التطلع بصورة فعالة للمساهمة في الفعل الثقافي البناء والإنتاج الفكري المتجدد .

ـ تجديد قراءة النصوص لإتاحة رؤية ما لم ير وبذلك نقيم مع واقعنا علاقة متجددة وروحا متطلعة والخروج من قوقعة الأنا ،و من قوقعتنا الفكرية والاهتمام بما يجري من أفكار وأحداث هي كفيلة بالدراسة و الاستنباط و الكف عن ممارسة دور الحارس أو الشرطي الذي يمنع أو يحدد قوالب الكتابة.

ـ أن نجدِد صيغا جديدة للعلاقة التي تربط بين الذات والحقيقة و الفكر والواقع بطرح أسئلة الراهن التي تجعلنا نعيد النظر في وضع الكاتبة وفي مدى فاعليتها .

ـ أن لا تصبح الكاتبة مجرد كاتبة تنغمس في واقعها وتستسلم لمتغيراته وتنساق أمام تياراته ومصالحها الشخصية وأطماعها السياسية وبالتالي تكون قد تخلت عن مهمتها في الدفاع عن الحريات والقضايا الكبرى مسخرة بذلك قلمها و فكرها وقول كلمتها ليس أمام السلطة فقط وإنما أمام الفعل الثقافي نفسه .

إن التساؤل الذي يطرحه " جَانْ بُولْ سَارْتـَرْ " و القائل : ما هي الكتابة ؟ لماذا نكتـب ؟ لمن نكتب؟ يؤكد الحضور القوي للقارئ و الناقد الغائب في العملية الإبداعية ، وهذه العلاقة الغائبة مَرَدُهـا إلى عدم وجود الفعل الثقافي الذي يحرك هذه العلاقة لدرجة أصبح كل واحد منا يَخْلُـقُ جوًا خاصاً به و فضاء رحباً للنقاش وهذا من خلال شبكة الأنترنيت و عبــر فضاءات و مواقع أدبية خاصة وهامة لتبادل الآراء بين الأدباء و بإثارة المواضيع و القضايا التي تهم الكاتب و النص .
مما أدى إلى نشأة إتحاد كتاب الأنترنيت لِـمِلْءِ الفراغ والذي يؤكد هذا الغياب ويعزز قوة الاتصال ومن ثَـمَة تتم عملية تـأثيث هذا الفراغ بعدد غير محدد من القراء على اختلافهم .

وإذا طرح " سارتر" لماذا نكتب ولمن ؟ أقول لماذا نلتقي اليوم ؟ ومن أجل ماذا؟ .
أهو للتعارف و كفى ؟
ـ أين هي الكاتبة من الواقع ؟
ـ هل هي غائبة أو مغيبة بفعل الوصاية .. العادات و التقاليد .. سلطة الرجل .

وعليه أقترح رفقة الأخت القاصة نسيمة بن عبدالله ومجموعة من الكاتبات إنشاء نادي الكاتبات الجزائريات حتى يتسنى لهن العمل بحرية أكثر لأن الكاتبة مازالت غائبة بسبب الوصاية وبكل أشكالها .
ـ إنشاء دورية شهرية تعنى بالكتابة النسوية ومنشوراتها و التعريف بهن لاسيما المغمورات اللواتي ضاع حقهن إعلاميا خلف منصة كاتبـات الواجهة .

حضور في النص وغياب في الواقع ..

ـ الموضوع على إثر المهرجان الوطني للشعر النسوي في الجزائر ـ بسكرة ـ


مشاركة منتدى

  • أولا تحية كبيرة وعظيمة للشاعرة الجزائرية ربيعة جلطي التي أسست للمهرجان الشعري النسوي الأول في الجزائر وفي العالم العربي وأشرفت عليه وكانت مثل قائدة الأركسترا وكنا نراها في هدوئها تسير كل ما يدور حولها بصمت وتدبير عال مازلت أتذكرصورتها المبتسمة لحد الآن

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى