فنجان قهوة وعيون عسلية
– ألووو...
– أين أنت ؟
– آهلين محمد ... انا في البيت
– التقيني بعد نصف ساعة في الكافيتيريا .
– اوكي .. نصف ساعة مش ساعة ..باي.
– باي
كان هذا محمد صديقي يود التحدث إلي بخصوص العمل، جهزت نفسي للقائه
في المكان الذي اعتدنا أن نلتقي أن نشتكي أن نبحث في شتى الأمور فيه.
ها أنا أريد كسر ذلك الروتين الذي الم بي وانتكست أموري في الاونه الأخيرة.
ترجلت قاصداً الكافيتيريا . الحي يزدحم بالناس ، أبو محمود بائع الخضار تركته
بالأمس ينادي "بطاطا ... بطاطا.." ،والآن وبمضي ليله واحده يتطور لينادي
بكل ثقة : " بطاطس ... بطاطس ..
استمريت بطريقي لأشم رائحة ألطعميه "الفلافل" ولكن وقتي لا يسمح لي بان
التهم ولو نصف رغيف ، لاحظت تأخري عن الموعد.
وصلت الكافيتيريا بعد أن شقت الشمس رأسي فشمس الصباح في الصيف
لا تعرف كوكباً ، ولا تعترف بقمراً.
دخلت الكافيتيريا ، وجلست على طاولتي التي اعتدت الجلوس عليها ...
" اسعد ...صباح الخير..فنجان قهوة لو سمحت ".
قهوتي التي اعتدت أن اشربها وأتمتع بطعمها لعلها تكسر روتيني البائس وتفتح لي اوداجاً في عالم الحظ.
طال انتظاري لمحمد وانتظاري للقهوة كاد يشق حفرة برأسي .. ثم تصل القهوة بعد
طلوع الروح ، "..شكرا يا اسعد ... هذا كيف لو طلبت ساندويتش هههه ".
يضحك اسعد الذي اعتاد على مداعبتي له، ويمضي كالبرق لتلبية طلبات الزبائن
اشتقت أن أرى اسعد راكضاً أو مسرعاً أو متلهفاً لطلب من طلباتي..ليتني زبون.
بحثت عن علبة السكر لأزيد فنجاني حلاوةً فمرارته تكاد تصنع لها فجوة في قعر الفنجان، وجدتُ علبة سكر على الطاولة المقابلة لطاولتي فهرولت إليها كالنسر
لاصطادها ولكني فوجئتُ بفتاةٍ لا لا بل بملاكٍ يهبط على تلك الطاولة من أين أتت
مع من لا ادري ولكني اعترف بأنني عدت أدراجي لطاولتي وعيوني لم تفارق عينيها التي كادت تنتزع عيوني من محجريهما.
جلستُ أمامها كالمراهق أمام معلمته الجميلة، كالطفل في حضن أمه الحنون,
كالشاطئ أمام بحره العذب ،كم هي جميلةٌ أعينها ،خجلتُ من نفسي فرحت
ارتشف قهوتي التي كان يملأها المرار لتصبح قهوةً عربيةً أصيله امتزجت
بجمال تلك الفاتنة .
بدأتُ ارتشف قهوتي بنعومةٍ زرعتها أعينها على ارض شفتاي.
طلبت القهوه من اسعد هذا ما استنتجته عندما رايته مسرعاً إلى ماكنة القهوة ،
وكم تمنيت في تلك أللحظه أن تتلف ماكنة القهوة أو يحدث خلل فيزيائي بجسد
اسعد يجبره على إبطاء حركاته وسرعته, ليكون لي الوقت لان أبقى أسبح في أعينها أرفرف بين رموشها أكون رمحاً بين حاجبيها القوسين.
ها هو يأتي فنجانها القهوه وكأنه كان جاهزٌ قبل أن تدخل الكافيتيريا ..ويحك يا اسعد.
ولكنه يدنو إلي ويهمس بأذني قائلاً ".. تنظر إليك ".
ثم يذهب وتنبت على وجنتي ألحمره التي لم أشهدها من قبل .
اعتنقتُ قهوتي بشفتاي ارشف تارةً واسرق النظر إلى عينيها تارةً ،فأغرق في
بحر عينيها التي تملكتني حيث يشع من تلك العيون العسلية ذلك الخيط الرفيع
في بدايته نور وفي نهايته انسجه ذهبيه ترقص في سماء الكافيتيريا .
سحرتني بتلك العيون العسلية التي وان كان للعسل مذاق يتقوض مذاقه أمام
طرف واجم يخسر مذاقه أمام صرح نظراتها العظيم.
تنظر إلي وكأنها تعرفني ,تجذبني إليها برباطة جأشها المتمنطقة ، كنت كالمناط
أمام حضرتها ارتشف القهوة بلذةٍ غفلتها طيلة حياتي، فحينها أدركتُ طعم التمتع بالقهوة، تغمدت نظراتها داخل قهوتي لتخلق مزيجاً من ماءِ السلسبيل بمذاقها.
فرغ الفنجان من القهوة فأعلنتُ هزيمتي أمام عظمتها وسيادتها، نبتت بذور
الفضول على كتفاي، وراح تاج الجرأة يتربع على راسي لأنهض على قدماي
وانصاع لعينيها متجهاً إلى رقتها وفجأة!! ينادي صوت من بعيد يعج بالمكان
"..زينب .. يا بنتي بدنا نلحق الدور عند طبيب العيون " ، ثم أمسك الأب بابنته
المكفوفة مرشداً إياها السبيل وتركوا ورائهم فنجان القهوة وتلاشوا من المكان.
ذهلت واكتفيت بالصمت حينها ، نعم لقد كانت مكفوفة اسمها زينب، سأشتاق
لتلك العيون التي وان كانت لا ترى شيئاً فإنها أسقتني من رونقها وعذوبتها
وجمالها الذي سأشتاق إليه...إليكِ يا صاحبة العيون العسلية ..إليك يا زينب .
ثم يأتي محمد وابتسامة التأخير ترتسم على شفتيه.