الأربعاء ٣ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

في الخاطر والمبدعة أمل زيادة

يوم الجمعة 29 مارس 2013 وأثناء انتخابات التجديد النصفي لاتحاد كتاب مصر أهدتني المبدعة أمل زيادة روايتها (في الخاطر) الصادرة عن دار أكتب للنشر والتوزيع،قرأت الرواية بعناية فهي تقع في 150 صفحة من القطع المتوسط وفي الإهداء قالت المبدعة أمل زيادة:(إلى أرواح شهداء مصر في كل مكان وزمان ..إلى كل من فقد حبيبه في أي ظرف كان ولأن جراح الفر اق من أصعب الجراح وصعب أن يلتئم أهديكم هذا الكتاب...)وتمتاز الرواية بالسرد الروائي القائم على الصراعات النفسية بين الشخصيات مما يجعل القارىء يطالع الصفحة تلو الأخرى حتى يصل إلى الختام وقد كتبت المبدعة أمل زيادة في روايتها قصة حقيقية بطلها الشاب المصري سليمان خاطر ابن محافظة الشرقية وماقام به عندما كان مجندا بالقوات المسلحة المصرية،هذا والمبدعة أمل زيادة حاصلة على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس ونشرت سلسلة من المقالات المتنوعة في أكثر من دورية مصرية وعربية وهى عضو اتحاد كتاب مصر وجمعية أدب الخيال العلمي التي تعد أول جمعية مصرية لأدب الخيال العلمي وقد قام بتأسيسها الدكتور حسام الزمبيلي.

يذكر أن سليمان محمد عبد الحميد خاطر من مواليد عام 1961 بقرية أكياد التابعة لمحافظة الشرقية وهو من أسرة بسيطة وهو أصغر أبناء الأسرة حيث له من الأشفاء ولدين وبنتين،وفي طفولته شهد آثار قصف القوات الإسرائيلية لمدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة يوم 8 أبريل عام 1970 حيث جري بسرعة لمشاهدة ما حدث وعاد مذهولا مما رأي،التحق سليمان خاطر بالخدمة العسكرية حيث تم توزيعه على قوات الأمن المركزي،وفي الخامس من شهر أكتوبر عام 1985م وأثناء قيامه بالخدمة وحراسة منطقة رأس برجة بجنوب سيناء فوجئ بمجموعة من الجنود الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فأطلق رصاصات تحذيريه ثم أطلق النارعليهم حيث إنهم لم يستجيبوا للطلقات التحذيريه.

قام سليمان خاطر بتسليم نفسه بعد الحادث،وصدر قرارا جمهوريا بموجب قانون الطوارئ بتحويله إلى محاكمة عسكرية ولكن محامي سليمان طعن في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعي،ولكن تم رفض الطعن،وفي خلال التحقيقات قال سليمان خاطر:(إن الإسرائليين تسللوا إلى داخل الحدود المصرية من غير سابق ترخيص،ورفضوا الاستجابة للتحذيرات بإطلاق النار).

وصفته الصحف الموالية للنظام في ذلك الوقت بالمجنون،وقادت صحف المعارضة حملة من أجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلاً من المحكمة العسكرية،وأقيمت مؤتمرات وندوات وقدمت بيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية ولكن لم يتم الاستجابة لها،وفي المحكمة قال سليمان خاطر:(أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه.. إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم).

من خلال أقوال سليمان خاطر في محضر التحقيق نذكر قوله:(كنت علي نقطة مرتفعة من الأرض،وأنا ماسك الخدمة ومعي السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عرى فقلت لهم : ستوب نوباسينج ... بالانجليزية،ماوقفوش خالص وعدوا الكشك،وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي،دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها،وده أمر وإلا يبقي خلاص نسيب الحدود فاضية،وكل اللي تورينا جسمها نعديها (وذلك في إشارة منه إلى حادثة كانت ما زالت حديثة حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعري على أحد الجنود في سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزي هناك بعد أن ادخلها الشاليه المخصص للوحدة).

سأله المحقق:لماذا يا سليمان تصر علي تعمير سلاحك؟

فى بساطة قال سليمان خاطر:لأن اللي يحب سلاحه يحب وطنه ودي حاجة معروفة واللي يهمل سلاحه يهمل وطنه.

ساله المحقق:بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟

قال سليمان خاطر:لأني بحبه زى كلمة مصر تمام.

في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام 1985 صدر الحكم على سليمان خاطر بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا،فقال:(إن هذا الحكم هو حكم ضد مصرولأي جندي مصري أدى واجبه) ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلاً :(روحوا واحرسوا سينا..سليمان مش عايز حراسة).

تم سجن سليمان خاطر في السجن الحربي ثم تم نقله إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا،وفي رسالة من السجن كتب...أنه عندما سأله أحد السجناء :بتفكر في إيه؟ قال : أفكر في مصر أمي، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمي تتعب وتعمل مثلها،وأقولها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين...من ترابك...ودمي من نيلك،وحين أبكي أتصورها تجلس بجانبي مثل أمي في البيت،في كل إجازة تأخذ رأسي في صدرها الحنون،وتقول:لا تبكي يا سليمان،أنت فعلت كل ما كنت أنتظره منك يا بني.

في السابع من شهر يناير عام 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة ولكن لم يصدق الشعب المصري كل ذلك فالشاب المصري الحر والوطني المخلص سليمان خاطر لايفكر في ذلك،وإن كانت القيادة السياسية في ذلك الوقت قد فعلت مافعلته في روح سليمان خاطر فهاهى محكمة التاريخ قد كشفت الحقائق لأنها لاتعرف إلا الصدق وإعطاء كل ذي حق حقه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى