الجمعة ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
إلى روح الشهيد المخرج العربي القدير مصطفى العقاد
بقلم داليا إيهاب يونس

في جوار عمر المختار..

أقول..
كان الوقت ليلاً..
وكانت صحراء ليبيا تلفّها برودة الشتاء وصقيع الاحتلال الإيطالي..
وكنا نتسلل ليلاً..
وكانت صحراء ليبيا تنام في عيون أسدها.. وشيخ مجاهديها..
أقول..
أنه كان بانتظاري..
يرقب النار التي تلتمع في الأثافي وفي عيون أتباعه الخضراء..
ورفع عينيه إليّ فجأة وقال :
منذ متى صار الإسلام "أزرق" في العراق.....؟
* * *
على الرمال جلست أمامه..
مغروسة -كما رماح الرجال من حولي- في الرمال أمامه..
يفرقني عنها أنها رماح تغرسها العزة..
وأنا يغرسني الخجل..
قلت له :
يا شيخنا.. ما هم بمجاهدين.. وما هم بالمسلمين..
إنما الذي ينسب نفسه للون الأزرق لبعيد الشبه بسماء زرقاء للإسلام..
وإنما قريب الشبه بكدمة زرقاء حول عين الإسلام....
* * *
تنهد..
تنهيدة طويلة الطول.. حزينة الحزن..
وأخبرني أن نورًا من أنوار الله الأرضية -غير التي في السماء- قد انطفأ..
وأنه أحس به يخبو في الشام من مكانه في ليبيا..
كنت لحظتها أدير أناملي لأكتب ألف قصيدة على الرمال التي أجلس عليها..
وابتسمت وسط رمال شرودي..
وقلت له :
أتعرف يا سيدي..؟
ماتت ابنته قبله بلحظات.. وعرف بموتها قبل موته..
وقيل أنه "مات متأثرًا بجراحه"..
ولم يحدد القائل أبدًا..
بأي جراح مات...؟
* * *
دخل علينا رسول..
آتٍ من تركيا ربما.. أو إيران..
وقال أن صلاح الدين مازال ينتظر الخروج..
مازال ينتظر من يضعه في متحف التاريخ كما المرسل إليه عمر المختار..
فنظر لي الشيخ.. وأشار لي أن "ردّي عليه"..
فقمت..
وذابت ثلوج الأحزان في عيوني وعيون الشيخ.. لتشق طريقها كالجداول على وجهينا..
وقلت للرسول :
قل لصلاح الدين.. أن ينتظر خروج محرره من العدم..
فالرسالة بعد مصطفى العقاد عدم..
والإبداع بعده.. عدم..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى