قارورة صمغ في اتحاد كتاب مصر
عقد اتحاد كتّاب مصر ندوةً أدبية لمناقشة مخطوطة ديوان "قارورة صمغ" للشاعرة فاطمة ناعوت. حضر الندوة لفيفٌ من أدباء ومثقفي مصر للاحتفاء بالشاعرة التي فازت مخطوطتُها مؤخرًا بالجائزة الأولى في مسابقة الشعر العربي 2006 في هونج كونج التي ينظمها موقع "الندوة العربية" برئاسة الشاعر المصري المهجري سيد جودة.
والموقع يعد جسرا للتواصل بين الأدبين الصيني والعربي. كان على رأس الحضور الناقد الكبير د. محمد حافظ دياب الذي قدم دراسة معمّقة عن الديوان الذي يعد الخامس في تجربة ناعوت. وقف الحضورُ دقيقة حدادا وتكريمًا لشهدائنا في لبنان وفلسطين ثم بدأت وقائع الندوة ليفاجأ الحضور بوجود موريس اسكندر بشاي وهو مدرس الرياضيات للشاعرة في مرحلة الدراسة الثانوية، وكان أن طلب منه الشاعر حلمي سالم، مقدّم الندوة، إلقاء كلمة بمناسبة فوز تلميذته بالجائزة الشعرية فقال إنه كان يراهن عليها منذ كانت في الرابعة عشر من عمرها إذ توسم فيها ملامح ذكاء واجتهاد في مادة الرياضيات وكانت من أوائل فصل المتفوقات في مدرستها، وكان يعلم أنها ستكون ذات شأن يوما ما سوى أنه لم يتوقع أن يكون ذلك في دنيا الأدب بل في دنيا الرياضيات أو العمارة التي درستها. وطلبت المنصة من الشاعرة إلقاء قصيدتها عن أستاذها التي جاءت في ديوانها الأول "نقرة إصبع" والتي تحمل اسمه: موريس إسكندر بشاي فكان مشهدًا إنسانيا رفيعًا يشي بالوفاء بين التلميذ والمعلّم. تكلم د. حافظ دياب في ورقته الثرية عن الحساسية الجديدة للشعراء وملامح كتابة فاطمة ناعوت وتميزها بين أقرانها في دراسة عنوانها: فاطمة ناعوت وغواية القلب.
ذكر فيها أن الشاعرة تكتب قصيدة النثر على أنها تطعمها بخيوط رهيفة من الأوزان الخليلية كي تصنع صوتها الخاص. قائلا إن قراءة نتاج هذه الشاعرة يشبه حال الاندفاع في سيول، كما يجرف الموج قشة فتتخبط وتدور كأنما لا قرار لها ولا محطات إذ تترك الشاعرة نفسها للدفق الشعري باعتباره أكثر المشاغل الإنسانية براءة. وشعرها إنما هو حوار مطول بين ذاتها والذات المضادة وهو ما يسم صاحبة "قارورة صمغ" بالعفوية الناغرة كالجرح. وذكر أن قراءة ناعوت تحتاج شيئا كثيرا من القراءة المتعمقة غير العجلى كي نقف على أسرار جمالياتها الخبيئة. وأنه قبل أن يكتب هذه الدراسة عكف على قراءة كل نتاج الشاعرة من دواوين سابقة ومقالات وحوارات وكذلك طالع العديد من تجارب قريناتها من الشاعرات المجايلات لها كيما يقف على أسرار تميز صوت ناعوت وخصوصيته. وفي الأخير قدم تحية للشاعرة التي "شهقت في عكارة هذا الزمن، وحاولت استعادة التوازن بين هيكلته وأنسنته حين رشت قطرات صمغ من قارورتها لتمضي مواصلة سعي رأبه من جهته الحرونة. كما قدم العديد من الحضور مداخلات مهمة حول تجربة الشاعرة منهم الشاعر والصحافي محمد القدوسي الذي أعلن أنه من أشد المناوئين لقصيدة النثر وكتب كثيرا حول هذا، لكنه يحب تجربة ناعوت ويحترمها لأنها لا تنطلق إلى من نقطة وعي حقيقي بماهية الشعر وهو الآن يعتبر أن هذه الجائزة التي تنالها اليوم هي جائزة لذائقته هو الخاصة لأنه حدس مع أول قصيدة قرأها لها بأنه أمام شاعرة حقيقية. وقدم الناقد د. أيمن تعيلب مداخلة أشاد فيها بتجربة الشاعرة التي يتابعها دوما آخذا على النقاد عدم التوغل عميقا في تجارب الشعراء الشباب.
وقدم العديد من الأدباء مداخلاتهم منهم الكاتب والمترجم وجيه القاضي والشاعر إيهاب خليفة والشاعر حلمي سالم الذي ذكر إن ناعوت قد أفلتت من ثلاث مهالك يقع فيها بعض مجايليها هي عدم احترام اللغة والمجاز والتراث لأن الفكرة هي كيف نتعامل مع هذه الأشياء بحيث نطوعها لكتابة نص جيد ومعاصر وهو ما تفعله ناعوت. كما ألقى مازن نبيل، نجل الشاعرة، كلمة قصيرة قال فيها إنه عادة لا يفهم شعر والدته ويجده صعبا عكس مقالاتها التي يحبها ويتابعها. بعد ذلك ألقى سيد جوده كلمة عن حيثيات فوز ديوان "قارورة صمغ" بأغلبية أصوات لجنة التحكيم في الجائزة وهم جميعهم شعراء صينيون وإنجليز وأمريكان، وقد جاء في تقرير اللجنة أن الديوان الذي يحمل رمز (س) وهو الذي يشير إلى ديوان ناعوت، ينبع من ذات شاعرة غير مشغولة بالأنا بقدر انشغالها بالآخر وبالمأزومين في الحياة وأنه نجح في التعبير عن آلام وأحلام المهمشين في الحياة. بعد ذلك سلم الشاعرة شهادة التقدير المقدمة لها من موقعه بهونج كونج واعدًا بترجمة الديوان إلى الصينية والإنجليزية على أن يطبع في أنطولوجيا مجمعة واحدة باللغات الثلاث خلال الشهور القادمة.