قراءة نقدية في رواية (خويا دحمان)
صدرت مؤخرا رواية (خويا دحمان). للروائي الجزائري مرزاق بقطاش في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007 . (مرزاق بقطاش) صاحب الكثير من المؤلفات في الترجمة وا لنقد ونصوص أخرى في مختلف الأجناس الأد بية...الخ.
والذي لا يعرف مرزاق بقطاش المبدع فهوبإيجاز من الصف الطويل من الكتاب العرب الذين نهلوا من الأدب الغربي ونقلوا أجمل روائعه الى اللغة العربية. و مرزاق بقطاش هوأيضا من المبدعين الذي تأثروا بألم كبير في عوالمهم الداخلية بنكسة ـ 1967ـ. ولذلك حينما نقرأ له تبدومثل هذه الجراح بارزة للعيان في عمق نصوصه باللغتين ـ الفرنسية والعربية ـ ....أ نين يشي بحنين خفي الى هزائمنا وانكسارتنا...التي كانت من المفترض في منتصف القرن الماضي كل أملنا أننا نلج القرن والواحد والعشرين على أمل التحضر والتقدم وقوة في مختلف مناحي الحياة....على غرار ما تحقق في الثورة الفرنسية في القرن التاسع عشر....
والنص الذي نحن بصدد قراءته ـ خويا دحمان ـ ما هوالا عينة من مكبوتات الروائي ـ مرزاق بقطاش ـ. يحاول لفت إنتباهنا اليها...ذلك الماضي المؤلم الذي لم نعد نفكر فيه نحن أبناء وأحفاد ""حلقي الرؤس لابسي البرنس آكلي الكسكس"" لكن الروائي ها هو يعيد تسليط الأضواء على نقا ش حاد مازال مفتوحا. لوأ ننا ننساه لنعيد اكتشافه بين محطة وأخرى نقاش يحمل في أعماقه، أسئلة محرجة مفادها: من أين جئنا؟ من نحن ؟ والى أين المصير؟ أسئلة تبحث في أسباب الانحراف الذي عرفته مسيرتنا وما نجم عنه من خيبات وهزائم...؟.
وقبل السفر في جغرافية النص الروائي وتضاريسه الحافلة بالكثير من المعوقات لا بد من الاشارة الى مفاتيح القراءة التي استندت عليها في تفسير هذا النص جماليا:
أهميــــــــــــــــــــــة التــــــــــــلقي.
إن وظيفة القارىء، كما يوضحها(أدونيس) بقوله: إن القارىء الحقيقي كالشاعر الحقيقي، لا يعنى بموضوع القصيدة، وانما يعنى بحضورها كشكل تعبيري إنه يبين لنا اسهام القارىء الحقيقي، في بنية مورفولوجية النص التعرف على النص ولونه الأدبي واسم المؤلف ثم ينفذ ـ أي القارىء ـ الى المراحل الموالية. الى فكرة النص ويحاول استنطاقه فتتبلور بذلك فكرة المبدع في وعيه الرفيع المستوى فيتطلب من المتلقي قدرة عالية وكفاءة مميزة على تجاوز النمطية السائدة في تلقي النصوص ومنها مثلا ـ الإعجاب بالنهاية السعيدة ، كما يتطلب منه التفاعل مع طموح المبدع الى التجديد ومن هنا كما يقول فاضل ثامر اللغة الثانيةـ ص 49ـ فإن فاعلية القراءة الإبداعية: تعيد قراءة إنتاج النص المقرؤ.
ويتم ذلك على ضوء جدلية الحضور والغياب حضور الدال وغياب المدلول ودور القارىء في استحضار المدلول الغائب : ومما تقدم يتضح أن القارىء في ظل هذه المنطلقات والمفاهيم خاضع بشكل أوبأخر لبنيات النص ولنوايا الكاتب وذلك مرتبط طبعا بطبيعة القارىء ومستوى مؤهلاته الثقافية، والذوقية وطريقته الخاصة في قراءة وما أضافته المدرسة المانية يستحق الأخذ به.
فقد أضافت هذه المدرسة لنظرية التلقي ـ أي مدرسة كونتس ـ " ايزر ياوس " الذي يعتبر المرجع الأساسي، في جمليات التلقي. لقد أصلت هذه المدرسة للثالوث المعروف " الكاتب، النص، المتلقي ـ. حيث ترى أن النص الأدبي له قدرات فنية تكمن في ممتلكاته، غير أن الجمال يكمن في ذات المتلقي. والعلاقة بين ما تملكه الذات المتلقية ، من رؤى جمالية، وما تسمح به ممتلكات النص، من استجاب لذلك الكشف الجمالي هوما يدعوه ياوس " بجمليات التلقي ، وفي هذا السياق تحضرني أمثلة كثيرة فعلى سبيل المثال لاالحصر قراءة الألمان لقصيدة ـ بيرجنت ـ للكاتب النرويجي " هنريك ابسن ". إنه لم يقصد على حد توضيحه، مطلقا أن تكون هذه القصيدة رواية تمثيلية تظهر على خشبة المسرح. بل هو قد ألفها للقراءة ولتنبيه شباب بلاده الكسلان المتراخي الى عيوبه الخلقية والسلوكية، وإنه يسلم روحه لأحلام الكسالى المتراخين في زمن استيقضت فيه الأمم على صوت الثورة الصناعية ، وما أحدثته الأفكار الفلسفية ، من وعي عام في كثير من بلاد العالم، لكن ـ هنريك ابسن ـ سمع برجال المسرح الألماني يخرجون قصيدته " بريجنت " في قالب مسرحي فلم يملك الا أن سافر الى ألمانيا ليشهد ماذا يصنع هؤلاء الألمان في تلك القطعة التي يكاد يكون اخراجها في المسرح مستحيلا فلما شاهدها راعه الاخراج وأذهله ا لتمثيل
لكن الذي حيره وشغل تفكيره. هوأن هؤلاء الألمان قد فسروا المسرحية تفسيرا جماليا ورمزيا. وخرجوا منها بمعان لم تخطر للمؤلف نفسه على البال.
وهي نفس الحادثة كادت تتكرر مع النص ـ خويا دحمان ـ لكن للأسف أن هذا النص لم يعرف طريقه الى الركح المسرحي. حتى تستفيد منه أكبر شريحة من المجتمع وعلى غرار ما أشار اليه الشاعر الفلسطيني ـ محمود درويش في قصيدته ـ بديوان أوراق الزيتون ـ قصائدنا بلا لون...؟ / بلا طعم بلا صوت...؟ / اذا لم تحمل المصباح من بيت الى بيت...؟/ ولم يفهم " البسطا " معانيها......؟ / أولى أن نذريها....؟ / ونخلد نحن للصمت....؟. / قلت وحسب تصريح الروائي ـ مرزاق بقطاش ـ أن هذا النص كتب بناءا على طلب ممثل جزائري. الا أن هذا الممثل اعتذر في آخر لحظة ، بحجة عدم قدرته على الحفظ ، والحقيقة تبدوبرأي غير ذلك فالرجل تعذر عليه تفسير ما بالنص من جماليات. وهوما دفع بالروائي الى اعادة كتابته بالعربية الفصحى في شكل أوجنس روائي وبادرت ـ دار القصبة ـ الى اصداره، ثم اعيد طبعه في اطار جزائر عاصمة الثقافة العربية نظرا قيمته الفنية.
إن ما اقدم علبه الروائي ـ مرزاق بقطاش ـ يعد مجازفة ففي حدود تجربتي المتواضعة أنه يمكن توظيف كل الأجناس الأدبية ـ قصيدة شعر، قصة، رواية ـ في الإخراج المسرحي ويكون الاقدام على مثل هذا العمل في غاية السلاسة من التوظيف. لكن أن نحول نصا مسرحيا تم تفصيله على مقاسات، الركح المسرحي، ونعيد صياغته في شكل نص روائي فقد لا يبدوالأمر طبيعيا وقد يتساءل سائل عن الغرابة في ذلك؟
و الاجابة في حدود تقديري: لأنه لا يوجد تقاطع بين تقنيات الكتابة المسرحية، وبين تقنيات الكتابة الروائية الا في الحوار والشخوص ؟. وبعبارة أدق وأوضح أنه بامكاننا قراءة نص روائي وفهمه ولكن من المستعصي علينا قراءة نص مسرحي وفهمه خارج الركح المسرحي بحكم أن النص المسرحي مثل السمكة التي أبعدت عن الماء ...؟.
إن العملية التي قام بها الروائي ـ مرزاق بقطاش ـ والتي تمكن من خلالها انقاذ حياة النص عبر ازالة الكثير من التقنيات المعقدة والدقيقة في مجال الكتابة المسرحية والانتقال السليم بمضمون النص الى مجال الكتابة الروائية بعد إعداد شروط التأقلم والانسجام لتأدية وظيفته السردية والفنية والجمالية والفكرية مثل هذا العمل ـ جدير بالوقوف عنده والتنويه به ـ
صياغة النـــــــــــــــــــص مذهبيـــــــــــــــا:
ومن خلال التعامل مع جسد النص، عبر مداعبته ومشاكسته والدخول معه في حوار، يتجلى لنا أن غاية الروائي ليست تجميع أحداث تاريخية ؟. والتي قد تبد و من الوهلة الأولى معروفة لدى السواد الأعظم..... إنما غاية الروائي من سرد هذه الأحداث وفلسفتها يريد من طرح الأسئة التالية: /من أين جئنا؟ من نحن؟ والى اين المصير؟. إنه يطلب منا ومن خلال هذه الأسئلة المحرجة أن نغوص في البحث عن حقيقتنا في أعماق هذه الأحداث التاريخية التي لا يمكن لنا فيها بأي حال من الأحوال الاكتفاء بظاهر النص الروائي والذي لا يمكن اختصار مضمونه في جملة أوجملتين كونه يتضمن عقدة واحدة مفادها قلق البطل ـ خويا دحمان ـ على ابنه محمد الذي سافر في بعثة دراسية الى الخارج..فهو يريد منه أن يعود الى أرض الوطن غانما بالشهادة وليس مرفوقا بابنة الرومية وبالفعل تنتهي الرواية بنهاية سعيدة كما كان يأملها حيث يعود محمد سالما غانما وبمفرده.
لكن مهلا: النص على ما يبدوا مازال حافلا بالأحجيات ويحتاج الى أكثر من قراءة جادة وحادة . القراءة التي تتجاوز النمطية السائدة في تلقي النصوص كالاكتفاء بنهايته مثلا... الى اكتشاف الحقيقة الكلية المبهمة لمعرفة معنى الحياة. لذلك القارىء التجريبي من خصوصياته. أنه لا يأخذ بظاهر النص . القارىء التجريبي كما تعرفه نظرية التلقي الحديثة وهوذلك القارىء الذي يطلق العنان للبحث في أعماق النص والسباحة فيه انطلاقا من منابعه الى مصبه. لاكتشاف خلفياته وأبعاده لذلك من السذاجة حصر قلق وحيرة " خويا دحمان " في زواج ابنه من ابنة الرومية .
ان مفاتيح قراءة النص الروائي نجدها تكمن في شخوص الرواية التي ما هي الا معان لرموز ـ خويا دحمان ـ مثلا رمز به الروائي الى الأجيال ما قبل الاستقلال، والأ جيال المخضرمة وابنه الى جيل الاستقلال؟ وما بعده وابنة الرومية الى تبعية الاستعمار الفرنسي وما أحدثته في الذاكرة الجماعية الجزائرية من علل لم تبرأ بعد؟.
وللفت الانتباه أيضا في هذا النص الروائي هي طريقة السرد التي توخاها الروائي. لقد اعتمد على ذاكرته نعم كان يكتب من الذاكرة الشعبية وليس من أماكن مازالت قائمة ومعروفة. ان لجوء الروائي الى هذه التقنية في الكتابة معناه أن الأمور غير عادية وتحتاج الى أكثر من تفسير . هل هذا يعني أن ذاكرتنا الراهنة صارت موبوءة ؟. الجواب نتحسسه ونلمسه عبر هذه المحطات التاريخية.
من أين جئنــــــــــا:
إن تاريخ 14 جوان1930 لم يدرجه الروائي اعتباطيا في نصه الروائي " خويا دحمان " فهويوحي لنا بأن له الكثير من الدلالات. ففي هذا التاريخ يقول الروائي ـ حضر الرئيس الفرنسي " جاستون دوميريغ " يقول الروائي: قد جاء من باريس في موكب من الأبهة والعظمة، وزراء عظام وضباط كبار وخيالة وقياد وباشغوات وخونة من بعض الجزائريين من جهة... وشعب عمل على تجويعه ثم الدوس على ما تبقى له من كرامة
ذهب الجميع الى شبه جزيرة سيدي فرج وأقاموا الاحتفالات العظيمة فوق الضريح الولي نفسه كانت تلك طريقتهم في استذكار عملية الهبوط ببلادنا ومن أجل اعلاء مجد فرنسا التي تكون قد مسحت مدنا جزائرية بأكملها. فما مبررات هذه المجازر ياترى ؟ هل يوعزها الضمير البشري الى محبة الانسان وميله الى التفوق؟ والتفوق على حســــــــــاب ماذا؟ والا ما معنى اقامة احتفالات بهذا المستوى ؟. آلا يعني مثل هذا الصنع جريمة نكراء وقد تزينت بثوب البراءة بعد أن خرجت من قفص الاتهام ؟ وها هي صارت صاحبة الأمر والنهي فتبا لذلك الزمن الذي صار فيه القتلة زعماء وقضاة ومصدرين للحضارة؟ نعم في مثل هذا التاريخ وقع الرئيس الفرنسي " جاستون دومريغ " وثيقة تجفيف منابع الثوابت الوطنية ـ الجزائر، العربية، الاسلا م ـ بعدما تم القضاء على كل القلاع الثقافية. الآن بامكانهم أن يغنوا ويرقصوا ويشربوا كؤوس نخب الانتصار ويتبولوا على ضريح الولي الصالح سيدي فرج، ما دامت أماكن مثل "" كليدونيا الجديدة ، وسجن كيان بأمريكا اللاتينية ولومباز بضواحي مدينة باتنة. تضمن لهم البقاء؟ لأن هذه الأماكن لا تتوفر الا على الموت؟ لكل من تسول له نفسه الاشتياق والبوح والارتباط بثوابته الوطنية. لذلك هذه الأماكن حفظها الشعب الجزائري على ظهر القلب .
لاحظوا ماذا تعلم الجزائريون من حضارة فرنسا؟ يضيف الروائي ملمحا وتدعيما لما سلف ذكره سوف ندرج مقطعا من الرواية كدليل عما كان يعانيه الجزائريون على لسان الروائي بقوله ـ خويا دحمان ـ يعرف جيدا سجن ـ لومبيز ـ لأن أمه حدثته كثيرا على هذا السجن اللعين بقولها: إثنان من رجال الدرك كانا على متن جوادهما ووالدك مربوط بالحبل كأي حيوان من الحيوانات. يمشي من ورائهما متعثر الخطو مسافة عشرين كيلومتر كاملة من المكان الذي اقتيد منه الى سجن " لومبيز " وقبل أن يقذف به داخل ذلك السجن اللعين أبصر العديد من الناس من الأطفال والرجال واقفين على جانب الطريق كل واحد منهم يترجاه دون أن يقتربوا منه خوفا من الدركيين " يا عمي يا عمي أعطيني ثيابك فأنت داخل الى ـ لومبيز ـ وهوينظر اليهم دون أن يفهم ما يقصدونه وخيل اليه في لحظة من اللحظات أنه قادم فعلا من دنيا أخرى لشدة ما التبس عليه الأمر. وعندما أغلقت عليه الأبواب ذلك السجن العتيد عرف السبب وراء تلك الترجيات الملحاحة. اذ أن كل من وجد نفسه بداخله شعر وكأن الموت في انتظاره وأيا كان نوع الحكم الذي صدر في حقه وبمعنى آخر فهوإما أن يموت داخل السجن أويخرج منه في أتعس حال: السل داء المفاصل، الجنون، الى غير ذلك من ألأمور الرهيبة الأخرى والعياذ بالله كان الناس في عراء تام "
وبالرغم من كل هذه المعاناة الشعب الجزائري لم ينته ولن ينتهي بل يبقى انسانا متمردا بالفطرة ظاهرا على الحق حتى تقوم القيامة فلا الدروب المسيجة بين المنافي والسجون والأطراف المنسية قادرة على اسكاته ولا العصور والأعاصير تستطيع أواستطاعت مسح ذاكرته الوطنية وتدعيما لتلميحات تالروائي ندرج أكبر شخصية وطنية قررت مصير الشعب الجزائري بمنتهى الصدق والاخلاص ووالأمانة إنه المغتال الرمز ـ محمد بوضياف ـ الذي أعلن الحرب من أجل اجتثاث الاستعمار الفرنسي هذا الرجل الذي تحدى الجميع بما فيهم رفاقه حينما تلككوا في حذوحذوه بقوله: الشعب مهيأ للجهاد وبالتالي سوف أخوض هذه الحرب بكم أو بدونكم ولوتطلب مني الأمر الاستعانة بقردة جبال الشفة ـ وأثناء تجواله بين المدن والقرى والمداشر الجزائرية لجس نبض الجزائريين بخصوص الكفاح المسلح نزل " محمد بوضياف" ضيفا عند صديقه في بداية الخمسينيات من القرن الماضي الشهيد " الهاشمي بن يونس " وهذا الأخير كان موظفا بادارة الاستعمارية وأثناء نقاشاتهم و في الحيز الفاصل بين " مقهى النادي " وسوق المواشي " بمدينة المسيلة " مسقط رأس محمد بوضياف" قلت تعجب الشهيد " بن يونس الهاشمي " من أمر "محمد بوضياف" الداعي الى الكفاح المسلح بقوله بعد أن أشار الى المتسوقين الحفاة العرات الجائعين الهزلي الأجسام انهم اخشاب "" أبهذه الأخشاب المسندة تعلن الحرب على فرنسا " فأجابه محمد بوضياف ": إن هذه الأكوام البشرية التي تصفها بالأخشاب المسندة تحتاج الى من يشعل فيها عود ثقاب وسوف ترى كيف تصير قوة وأرمدة الاستعمار الفرنسي رمادا " ويتحقق حلم الرجل وينخرط الجميع في الكفاح المسلح بما فيهم الشهيد ـ بن يونس الهاشمي ـ الذي سخر كل الامكانات الادارة الاستعمارية الفرنسية لخدمة الثورة الجزائرية وبعد أن ينكشف أمره يتم اغتياله بطريقة بشعة رفقة اربعة عشرة شهيد حيث تم رميهم في بئر أحياء الى أن لفظوا أنفاسهم وفي الثمانينات من القرن الماضي تم اظاهر عظامهم واعادة دفنها . وهكذا تحققت المعجزة وتم تحرير البلاد والعباد من الظلم والاستعباد.
مــــــــــــــن نحــــــــــــــــــــــــــــن:
في المحطة التاريخية الثانية، التي تؤرخ لها الروائي ب 5جويلية 1962 فقد عرفت الكثير من الانحرافات، نتيجة لضعف أداء الحكم. وهوما تأكد سنة بعد سنة، وعشرية بعد أخرى الى أن اتسعت الهوة بين الحكام والمحكومين. وبرز الى السطح ما اصطلح عليه كما عبر عنه الروائي بقوله " الأخوة الفوقانيين والأخوة التحتانيين ". ومع ذلك الشعب الجزائري لم ينزعج ولم يغضب وتسامى بتصوراته ورآه الى طموحات البناء والتشييد مادام ما صدر من الأخوة مجرد عوارض لا يطول مقامها أومجرد زفرة عابرة لا تستحق سوى الشجب والتنديد. وكيف له أن يشك لحظة واحدة في إخوانه من الحكام؟ وهم الذين عاشوا المحن أكثر وشاهدوا بأم أعينهم رفقاء السلاح وهم يسوقون نضالاتهم وجهادهم ضد الجوع وضد اليأس وضد الموت. يسقطون في جبهات القتال الواحدة بعد الآخر من أجل ما تبقى من هذا الشعب ولرفاهيتة أجياله اللآحقة . هكذا كانت طريقة " خويا دحمان " في أخذه بالأسباب.
وحفاظا على المكاسب مادام من المستعصي تثمينها بسبب الصراعات التي ضربت بأطنابها في أوساط الإخوة " الفوقانيين " على كرسي الحكم ودفئه؟ " خويا دحمان " المنتمي الى الجيل المخضرم يفضل أكل " الخشخاش أي الكلاء " على العودة الى الماضي الذي لا ير فيه الا السجون والمنافي ولومبيز وكيان وكاليدونيا الجديدة ؟ وجملة هذه الانحرافات يحصرها في الأحداث التالية:
في شهر جويلية 1962يتطاحن الأخوة على كرسي الحكم فتلتهب الحرب بين الولايات كادت تتطور الى حرب أهلية.
في 11 جوان 1965 يعود الصراع من جديد على الكرسي فتغيب وجوه وتظهر وجوه من الأخوة الفوقانيين دائما.
في جانفي 1979وبعيدا عن الشعب ونتيجة لعامل لانتقام بين الأخوة االفوقانيين ينفرد السيد الشاذلي بن جديد بكرسي الحكم وتعم الفوضى يؤكدها الروائي بقوله " الأخوة الفوقانيون بقوا محافظين على سيرتهم العادية ويعزفون نفس النغمة " الثورة وما أدراك من الثورة " وكلما تلفظ واحد منهم بكلمة الثورة ازادات السرقات والاختلاسات والنهب وهذه طبقة أصحاب الملايير تبرز نعم " ياخويا دحمان ". طبقة اصحاب الملايير ؟ ومع ذلك تعرف جيدا أن الجزائريين كلهم انطلقوا من الصفر بعد أن انتزعوا حريتهم ".
ولوضع حد لهذه الفوضى الروائي يصف انتفاضة 5أكتوبر 1988 بالثورة الجديدة، ويرجع أسباب فشلها الى الفتيان الذين لم يعرفوا كيف يحركون الأمور بسبب افتقارهم الى القيادة صحيحة توجههم ويتساءل عن تمادي الأخوة الفاوقانيين في عدم ادراكهم لحقيقة بروز جيل جديد. كما لم يدركوا أيضا أنهم لم يتمكنوا من نقل الروح الوطنية الى هذا الجيل الجديد.
الى أيــــــــــــــــــــــــــــــن المصيـــــــــــــــــــر؟:
لقد تعمد الروائي ترك نهاية النص الروائي مفتوحا فاسحا بذلك المجال للقارىء للاجتهاد وهي طريقة ذكية القصد منها تجاوز نمطية ممارسة آلية الوصاية كالتفكير والتعبير نيابة عن المتلقي. لقد بذل الروائي كل جهده في عرض الحقيقة مجردة من كل لبس وتدليس . وتنحى جانبا احتراما للمتلقي ولقدراته العقلية والفكرية في المناقشةوالتحليل والتعليل والاستنتاج ومن هذه الحقائق المغيبة التي لا يمكن القفز عليها بحكم أنها أحد الأسباب الجوهرية التي أدت بنا الى ما نحن عليه من تعفن في كل مناحي الحياة؟.
إن جيل ما بعد الاستقلال كما يقدمه الروائي في نصه يكاد يكون أمام مصير لم يتسبب فيه . ولم يشارك في صنعه، ومثل هذه القناعة اذا سادت وعمت وتجذرت في حركيتنا الاجتماعية فان الخروج من النفق المظلم ليس غدا؟ وخاصة اذا طال عمر مصطلح ـ غير معني ـ عند محاولة القيام بأي مبادرة تتوج مبادرة " اصلاح ما أفسده الدهر "
ولتجميع شتات الأمة من هذا التشرذم الروائي يوضح بأن تحقيق ذلك ليس بالأمر العسير فمن خلال استقرائه للتاريخ الذي صنعه أبناء وأحفاد هذا اباء هذا الجيل تبين له من أين الطريق الى عودة الثقة بين الحكام والمحكومين من خلال محاكاته لعدة وثبات وطنية:
– الوثبة الوطنية الأولى: خلال شهر اكتوبر 1963العرش المغربي يهجم على الحدود الجزائرية، وعندما تضيق الدنيا بالرئيس أحمد بن بلة يلجأ الى الشعب طالبا النجدة بقولـــــه "" لقد اعتدوا علينا يأخوتي لقد اعتدوا علينا يا أخوتي(
– الوثبة الوطنية الثانية : 24 فيفري 1971 الرئيس بومدين يخطب في العمال وبوقفته تلك أغلبية الشعب الجزائري يتغاضى عن أخطائه الشخصية كلها (قررنا) ونقر المنصة بأصبعه قررنا أن نأخذ بدءا من اليوم 51 بالمئة من الشركات البترولية الفرنسية العاملة بالجزائر ، فهل من وثبة وطنية ثالثة؟ يتم من خلالها تقليص الهوة بين الحكام والمحكومين ومادام الروائي قد ترك نهاية الرواية مفتوحة وكأنه بعمله هذا يريد من القارىء أن يتصور النهاية التي تناسبه . فانني لا أجد ماتعا في ادراج رؤية موقف لشاب أعجبت بها كثيرا خلاصتها أنه لما طلب منه وضع حد لحياده كانتسابه الى حزب من الأحزاب للمشاركة في الحياة السياسية للبلاد كان رده: عندما يولد حزب يضع في برنامجه مطالبة الاستعمار الفرنسي بتقديم الاعتذار للشعب الجزائري وتعويضه ، على غرار مت فعلته الحكومة الايطالية مع الشعب اللبي الشقيق "
ختاما الرائي مرزاق بقطاش حاول من خلال نصه تبليغ جملة من الرسائل مفادها: الرجوع الى قيمنا الوطنية المؤسسة على الاخاء والمحبة والتعاضد والتكافل والتعاون وتجنب الأنانية ونبذ العنف بجميع أشكاله، و بالرغم من أخطاء الحكام ومع ذلك الروائي لم يغفل طيلة سرده لأحداث النص في تسميتهم بالأخوة أملا منه في أن ينتصر الحب على الحقد والتسامح على التعصب إنها قيم لو وظفت سوف يتم تضييق الهوة بين الحكام والمحكومين ويعم الوئام ومتى أخذ الحاكم بأسباب التقرب من المحكومين لكي يحبونه لا لكي يخافون منه لعادت المياه الى مجاريها .
- الوثبة الوطنية الأولىك خلال شهر اكتوبر 1963العرش المغربي يهجم على الحدود الجزائرية ، وعندما تضيق الدنيا بالرئيس أحمد بن بلة يلجأ الى الشعب طالبا النجدة بقولـــــه "" لقد اعتدوا علينا يأخوتي لقد اعتدوا علينا يا أخوتي .......""
– الوثبة الوطنية الثانية ك 24 فيفري 1971 الرئيس بومدين يخطب في العمال وبوقفته تلك أغلبية الشعب الجزائري يتغاضى عن أخطائه الشخصية كلها "" قررنا "" ونقر المنصة بأصبعه قررنا أن نأخذ بدءا من اليوم 51بالمئة من الشركات البترولية الفرنسية العاملة بالجزائر . فهل من وثبة وطنية ثالثة؟ يتم من خلالها تقليص الهوة بين الحكام والمحكومين ومادام الروائي قد ترك نهاية الرواية مفتوحة وكأنه بعمله هذا يريد من القارىء أن يتصور النهاية التي تناسبه . فانني لا أجد ماتعا في ادراج رؤية موقف لشاب أعجبت بها كثيرا خلاصتها أنه لما طلب منه وضع حد لحياده كانتسابه الى حزب من الأحزاب للمشاركة في الحياة السياسية للبلاد كان .ردهك عندما يولد حزب يضع في برنامجه مطالبة الاستعمار الفرنسي بتقديم الاعتذار للشعب الجزائري وتعويض، على غرار مت فعلته الحكومة الايطالية مع الشعب اللبي الشقيق "
ختاما الروائي مرزاق بقطاش حاول من خلال نصه تبليغ جملة من الرسائل مفادها: الرجوع الى قيمنا الوطنية المؤسسة على الاخاء والمحبة والتعاضد والتكافل والتعاون وتجنب الأنانية ونبذ العنف بجميع أشكاله ، وبالرغم من أخطاء الحكام ومع ذلك الروائي لم يغفل طيلة سرده لأحداث النص في تسميتهم بالأخوة أملا منه في أن ينتصر الحب على الحقد والتسامح على التعصب إنها قيم لو وظفت سوف يتم تضييق الهوة بين الحكام والمحكومين ويعم الوئام ومتى أخذ الحاكم بأسباب التقرب من المحكومين لكي يحبونه لا لكي يخافون منه لعادت المياه الى مجاريها .