

قصيدة حَيِّدْ عن الجيشِي يا غبيشي
إنَّ قصَّة غبيشي التي انبثقت منها هذه القصيدة ُ الشَّعبيَّة ُ البدَّاويَّة ُ المشهورة ُ\
مفادُهَا أنّ شابًّا سشجاعا وسيمَ الطلعةِ جريئا مقداما يُدعى "غبيشي" من شرقيِّ الأردن أحبَّ فتاة ً رائعة الجمال تُدعَى " حسناء " وكان ذلك في العقد الرابع من القرن العشرين (فترة الإنتداب البريطاني على شرقيّ ِ الأردن وفلسطي) . وحسناءُ هذه تنتسبُ لقبيلةٍ قويَّةٍ وكبيرةٍ وعريقة في الأصالةِ والمناعةِ والشِّرفِ.. ولمَّا تقدّمَ غبيشي طالبًا يدَها من أبيها رفضَ أبوها مُصاهرتهُ لكون غبيشي فردا من قبيلةٍ صغيرةٍ وقليلة الشأن . ولم يدع غبيشي سبيلا أو دربا إلاَّ وسلكها لنيل مراده ومبتغاه... ولكن دون فائدةٍ.. ولأنَّ حبَّ غبيشي وحسناء كان صادقا وعميقا وعظيما وروحانيًّا مُنزَّهًا ومُجرَّدًا من النَّزعات والنزواتِ الماديَّة ولا يبصرُ الفوارقَ الطبقيَّة والجاهَ فقد قرَّرَا وَعزما النيَّة َ أن يتزوَّجَا ويهربا من " الدِّيرة " أو القبيلة.. وهذا ما حصلَ بالفعل رغم المخاطر والأهوال المرتَّبة والناتجة من ذلك التصرف . فهربا بدورهما بعيدا إلى منطقةٍ وعرةٍ منيعةٍ واستقرَّا على قمَّةِ جبل وهنالك اتفقا على أن يسهرَ كلٌّ منهما على الإخر خلال الليل وذلك اتقاءً ووقاية ً من خطر المباغتةِ من قبل قبيلة حسناء.. وبعد هروب حسناء وعشيقها غبيشي جُنَّ جنون والد حسناء وأقاربها والعشيرة بأجمعها فاستنجدُوا بالقائد الإنجليزي غلوب باشا (أبو حنيك) قائد قوَّات إمارة شرق الأردن (في عهد الإنتداب.. فتعهَّدَ أبو حنيك بإحضار رأس غبيشي فاصطحبَ كتيبة ً من الجدنود والحناطير والمصفحات ومدجَّجين بالأسلحة والرَّشَّاشات وشرعوا بالبحث عن العاشقين الفارّين (غبيشي وحسناء) .
وفي إحدى الليالي، عندما كان غبيشي نائما لاحظنت حسناء التي كانت تسهرُ على زوجِها وترقبُ المكانَ جلبة ً وضجيجَ عساكر وحناطير فأيقظتهُ وطلبت منهُ " كفَّ الشَّرّ " و"التَّحييد " عن الجيش قبل أن "يطلُّوا " فأنشدت الكلمات الشعريَّة الجميلة الصَّادقة وَردَّ عليها غبيشي بكلمات وتعابير في منتهى الصِّدق والرَّوعةِ والجمال..وكانت هذه القصيدة التي جاءت على شكل حوار بين غبيشي ومحبوبتهِ حسناء بعنوان : "حَيِّدْ عن الجيشي يا غبيشي " والتي سرعان ما انتشرت وذاعَ صيتُها في كلِّ مكان وأصبحَ الناسُ يُرَدِّدُونها ويغنُّونهَا في كلِّ مناسبةٍ، في الأفراح والأعراس بألحان مختلفةٍ..وما زالت تغنَّى في أعراسنا وليالينا وأفراحنا إلى يومنا هذا. \
أمَّا نصُّ القصيدة كاملاً حسب معظم الروايات فهو:
حسناء : ( " حيِّدْ عنِ الجيشي يا غبيشي قبل الحناطير ِ ما يطلُّواغبيشي : ( وَاحَيِّدْ عن ِ الجيشي لويشي ولْ يِقحَم غبيشي يا ذلُّوحسناء : " عين دربَكْ زين شيل شدّي واقطع درب الصِّين واعَى تهدِّيتراهُنْ جايينْ فندي وفندِي معَاهُمْ مارتينْ وبرابيلُّوغبيشي:( ماخِذْ متراسي وقاعِدْ حاضرْ فرودي حُرَّاسي والخناجرْوبساحة ْ برجاسي مين يخَاسِرْ ومِنْ عنِّة رصاصي يولُّوحسناء: " يا ويلي عليكْ ويلي حينَكْ مالكْ قبيلهْ حتى تعِينَكْوإن صابكْ إشي وحياة عينَكْ لقُصِّ الجديلهْ وشعري حِلُّوغبيشي: ( وِينِكْ يا حسنا وقت العَركِهْ ودموم سايلِهْ مثل البِركِهْوإن قتلوني إوعِكْ تبكي وغبيشي ارحمنوا حَسَنلُوحسناء: " نزلْ العسكرْ ووقف القايِدْ وبصوتو الغدَّارْ قتلَكْ رايِدْيا الله يا ستَّارْ كلّ سايدْ وغبيشي المغوارْ لا يذلُّوعبيشي: ( قوطرُوا صوبي يبغوا قتلي مشيوا دروب إل ما بغتليسمعت محبوبي يزغرتلي أعطيتهم نوبِهْ قلوب خلُّوحسناء: " لوِ إنَّكْ جبان ما حَبِّيتَكْ تقهَر العدوانْ يُعمُرْ بيتَكْباكِرْ في البلدانْ يفقعْ صيتَكْ تسمَع العُربانْ وتجلُّو ( تجلُّو )غبيشي :( لا يهمني الجيش ولا الدولِهْ بيدي إم كركار وإلهَا صُولِهْوقت شبوب النار تبقي تقولي وغبيشي الغوار لا تذلُّوهَدَر الماتورْ وإجَا العسكَرْ إثننعشَرْ طابُورْ والاَّ أكثرْوالسيف المشهُورْ وفردي المَنشرْ وعددهُم موفورْ الله يقلُّوشوفي رصاصاتي ما يخيبُو بقلوب عداتي دوم يصيبُووثلاث ساعات قبل ما يغيبُو راحُوا شتاتي وما يندلُّواغبيشي:( " بُو حنيكْ" أعطيتُو منِّي هديِّهْ ثلاث دعيتو بحالِهْ رثيِّهْوخرَّبتْ بيتُو بها العطيِّهْ وخلفي رميتُو بطنُو يغلُّوحُطّي إيدِكْ بيدِي لنوَلّي لوين تريدي ما تندَلّيوالعيشِهْ طريدِهْ ولا تذلّي ولا تقلُّو سيدي وتخضعلُوسافرُوا العشَّاق بليل الدَّاجي يا عناق وبوس وضمّ وغناجييا الله للمشتاق تقضي حاجِهْ والحلو ما يِنذاقْ تا تذوق خِلُّو
مشاركة منتدى
26 أيلول (سبتمبر) 2016, 11:39, بقلم وديع عواودة
هذا النص يشبهني كثيرا. نشرت هذا النص في " كل العرب " في 16 نوفمبر 2001 !!!