الخميس ٢٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٠
بقلم جمال الدين بوزيان

ملكات الجمال في بوليود ورقة اليانصيب الرابحة أحيانا

الموضوع مستهلك، و كثير من المواقع الهندية تتحدث عنه و مواقع أخرى أيضا بما فيها العربية.
أكثر سينما تستقطب ملكات الجمال و عارضات الأزياء هي بوليود، تقريبا لا توجد ملكة جمال هندية لم تتجه نحو التمثيل في السينما الهندية، و إن كانت أغلب مواقع النت تحصي 13 او 14 ملكة جمال توجهت نحو التمثيل في بوليود، إلا أن الواقع يقول بأن عدد ملكات الجمال اللواتي مثلن في بوليود هو تقريبا بعدد سنوات إجراء هذه المسابقة تقريبا منذ ظهورها في الهند.

لأنه كل عام، و بعد انتخاب مكلة جمال الهند، يتم تقديم عروض كبيرة أو صغيرة للملكة المتوجة، و لو يتسع المجال هنا، أستطيع ان أعرض اسم كل واحدة منهن و التحدث عن مسيرتها التمثيلية الناجحة او الفاشلة، حيث أن الكثيرات منهن لا يستطعن البقاء طويلا أو إقناع المخرجين بقدرتهن على الاحتراف في التمثيل بعيدا عن الجمال الطاغي و الجسد الفاتن.

لكن، في عالم بوليود، بعض من ملكات الجمال أثبتن أنه يمكن لملكة الجمال أن تصبح ممثلة محترفة، هي معادلة صعبة، لكن حققتها أيشواريا راي و بريانكا تشوبرا، هما أكثر الممثلات القادمات من عالم الجمال اللواتي أثبتن قدرتهن على التمثيل، حيث سيطرت الأولى على عرش التمثيل في العشرية الأولى من الألفية الثالثة، بينما سيطرت الثانية على العشرية الثانية.

أيشواريا راي هي أيقونة الجمال في العالم كله، لكن المتتبع لمسيرتها الفنية يرى بأن نجاحها لم يكن فقط بسبب العيون المميزة جدا و الجسم الرشيق و اللباس الأنيق الفاخر، لأن ملكة الجمال في السينما الهندية يجب عليها تعلم التمثيل و الرقص و أداء الأغاني بطريقة البلاي باك، مثلا يمكن للاستعراض الواحد أن يتضمن تمثيلا و رقصا و أداءا غنائيا أو تظاهرا بالغناء و كل هذا يتطلب مهارة و احترافا و إتقانا للتحكم في تعابير الوجه حسب مضمون الأغنية و سيناريو الاستعراض و السياق الذي جاء فيه ضمن القصة ككل.

و هذا ما أتقنته أيشواريا راي (ملكة جمال العالم لسنة 1994)، و بريانكا تشوبرا (ملكة جمال العالم لسنة 2000)، جوهي تشاولا (ملكة جمال الهند لسنة 1984)، سوشميتا سن ( ملكة جمال الكون لسنة 1994): ممثلة جيدة لكنها قليلة الحظ مقارنة مع أيشواريا خاصة، لارا دوتا (ملكة جمال الكون لسنة 2000)، ضياء ميرزا (ملكة جمال آسيا لسنة 2000).

القائمة طويلة جدا جدا لملكات الجمال الهنديات اللواتي توجهن نحو التمثيل في بوليود خاصة، لكن حسب رأيي الشخصي، اللواتي ذكرتهن هن الأكثر نجاحا و استمرارا و لفتا للانتباه، خاصة أيشواريا و بريانكا، مع أن هذه الأخيرة استعملت الإغراء و الجسد كجسر لعبور العالمية و حتى في بعض أعمالها الهندية، عكس أيشواريا التي وضعت شروطا لتواجدها الأوروبي و الهوليودي، فخسرت بعض العروض التي كان من المفروض أن تشارك فيها، و اقتصر وجودها حاليا في الغرب على مشاركة سنوية دائمة في العبور على البساط الأحمر لمهرجان كان السينمائي، حيث أصبح مرورها السنوي هذا تقليدا شبه مقدس ينتظره المعجبون و الصحافة الفنية و المهتمون بالموضة كل عام.

المتتبع لمسيرة الممثلات الناجحات في بوليود و القادمات من عالم الجمال و عرض الأزياء، يلاحظ مدى التطور و التجدد الذي يظهر في تمثيلهن و أدائهن في الأفلام، حيث أن أيشواريا التي رأيناها في أوائل أفلامها الناجحة في فيلم Hum Dil De Chuke Sanam سنة 1999، ليست هي نفسها التي تابعناها في فيلم Guzaarish مثلا، و المنتج سنة 2010، أو في فيلم Ae Dil Hai Mushkil المنتج سنة 2016، أو في الفيلم البريطاني Provoced المنتج سنة 2006، و الذي يحكي قصة حقيقية لسيدة هندية تقتل زوجها بسبب تعرضها الدائم للتعنيف و الضرب و الإهانة، و تدخل بعدها في دوامة من المحاكمات و الجلسات و تضارب الآراء بين كونها مجرمة أم ضحية.

بريانكا تشوبرا أثبت نجاحها في التمثيل بدون غناء و بدون عري أو رقص أو أي شيء أثنوي حتى، من خلال فيلم "ماري كوم" سنة 2014، و الذي يروي القصة الحقيقية لبطلة الملاكمة الهندية الأولمبية ماري كوم، و تفوقت فيه بريانكا على جسدها و أقنعت المشاهد بأنها ماري الملاكمة، و نجح الفيلم حينذاك جماهيريا و فنيا.

كما أثبتت قدرتها على التمثيل من خلال دور المعاقة ذهنيا و الذي مثلته مرتين، مرة في فيلم What’s Your Raashee سنة 2009 و مرة أخرى في فيلم Barfi سنة 2012
.
لارا دوتا، ملكة جمال الكون لسنة 2000، أيضا كان أقل حظا من زميلتها في نفس السنة، بريانكا تشوبرا، لا را موهوبة في الأدوار الدرامية و التي تتطلب تمثيلا حقيقيا بعيدا عن الجسد و العري، أبدعت في دور القروية الفقيرة مع الراحل عرفان خان في الفيلم الناجح "بيلو" سنة 2009، و في فيلم Chalo Dilli سنة 2011، و الذي أعتبره من أحسن أدوارها، حيث كانت بطولة مطلقة لها مع الممثل Vinay Pathak، الفيلم يحكي قصة سيدة أعمال ناجحة و بسبب تعطل سيارتها، تجد نفسها عالقة في الريف الهندي و تضيع وسط المواصلات للانتقال من منطقة نائية إلى منزلها بوسط المدينة، و تتعرف على مواطن بسيط يبدو لها في الأول إنسانا محتالا و استغلاليا من الطبقة الفقيرة في الهند، لكن مع سير أحداث القصة تصل في الأخير للوقوف على حقيقة شخصيته و على ظروف معيشته و كيفية تكفله بزوجته المقعدة في منزله بإحدى العشوائيات الهندية.

الفيلم يحتوي على بعض الأغاني لكن في السياق الدرامي لسير الأحداث، و لم يكن للبطلة أي استعراض أو تغيير للملابس أو تركيز على جسدها و جمالها.

ممثلة أخرى من الجيل الذي قبل أيشواريا، نجحت و كانت من نجمات بوليود خلال النصف الثاني من الثمانينات و طيلة التسعينات من القرن الماضي، و بدأت مشوارها كملكة جمال الهند لسنة 1984، جوهي تشاولا، أثبتت جدارتها و قدرتها على التمثيل، و كثير من المتابعين الجدد للسينما الهندية لا يعرفون بأنها ملكة جمال، برزت في عدة أفلام، مع شاروخان و مع غيره من الممثلين، في بداية الألفية الثالثة، أتذكر لها دورين مهمين رغم أنها كانت ممثلة مساعدة فيهما، دور الطبيبة في فيلم Dosti المنتج سنة 2005، و دور الزوجة التي تحاول إنقاذ زوجها من عشيقته، في فيلم Salaam-E-Ishq المنتج سنة 2007، حيث أتقنت الدور جيدا بجانب الممثل أنيل كابور، و كان بينهما انسجام كبير كزوجين في منتصف حياتهما الزوجية وفي مفترق طرق خطير، ملامح وجهها البريء و ابتسامتها الشهيرة لا تمنعانها من إتقان الأدوار الحزينة أو الدرامية، و في هذا الدور بالذات كنت أتمنى أن يكون لـ جوهي تشاولا فيلما منفردا، لأن فيلم Salaam-E-Ishq كان بطولة مشتركة بين أكثر من عشرة نجوم معروفين في الهند، و كان تجربة جميلة لا تتكرر كثيرا في السينما الهندية، حكايات و قصص منفصلة و مرتبطة ببعضها البعض، مثل فيلم Life in a... Metro المنتج سنة 2007 أيضا.

و رغم قوة المنافسة و صعوبة ولوج الوسط الفني في بوليود خاصة، تبقى السينما الهندية هي قبلة ملكات الجمال و العارضات الهندية، و هي أكبر مستقطب لهن، سواء حققن نجاحا عالميا مثل أيشواريا راي و بريانكا تشوبرا، أو فشلن مثل سيالي بهاغات التي بدأت مشوارها التمثيلي بفيديو كليب هشام عباس "قول عليا مجنون" و بعدها شاركت في تمثيل بعض الأفلام لكنها بطولات ثانوية، و أخريات كثيرات فشلن و لا يتذكرهن أحد، و لعل أكبر مأساة حصلت لملكة جمال في الوسط الفني الهندي هي انتحار نفيسة جوزيف سنة 2004، و التي كانت ملكة جمال الهند لسنة 1997، و كانت لديها مشاركات قليلة في السينما و الدراما و التقديم التلفزيوني، لم تحقق خلالها شيئا يذكر، و للأسف كان انتحارها هو أكبر إنجاز لها تتحدث عنه الصحافة الفنية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى