الأحد ٢٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم
مَخاضٌ من أجل غزة..!
يا سيّدةَ الهذَيانْيا مدينةً باتَتْ تَسْكُنَنَا كوابيسًا، تَتَكَشَّفُ خَبَايَاهَا في نشراتِ الأخْبَارحُبْلَى بِهَوَاجِسِ اشتياقِي يَا غزَّة..يَعْسُرُ مَخَاضُ الكلِماتْ .. فِي مَنأىً عَنْكِهَذِيْ غُرْبَتُنَا تُصَادِرُ عُنْوةً حُبَّنَاأَفْكارَنَاوحتَّى أصواتَنَا فِي المسِيْرَاتدَثِّرِيْنِي مِنْ ذُعْرِي كَي لا تَغُصَّ أَقْلامِي بِحَنْظَلِ الكَلِمَاتدَثِّرِيْنِي مِنْ وَجَعِ غُرْبَتِي كَي لا يَقْضِي الحُلْمُ بَعِيْدًا عَنْكِدَثِّرِيْنِي بِثَبَاتِكِ كُلَّمَا بَاغَتَتْنِي صُوْرَتُكِ غَارِقَةً فِي دَمِ أبْنَائِكمُبَعْثَرَةً فِي كُلِّ الحَارَاتأَحذِيَةً وَقُبَّعَاتبَيْنَ نَشْرَةِ أخْبارٍ وأُخْرَىيَصْرَعُنِي مَخَاضُ الجُنُوْنأَتَمَنَّىْ لَو أَلِدْكِ بَعِيدًا عَنْكِ / عَنْهُمأَنْ أَحْمِيكِ إذا ما ابْتَهَلْتِ في مَسْجدٍ .. أَو غَفَوْتِ تَحْتَ وِسَادَاتِ المَكْلُومِيْنبَيْنَ نَشْرَةِ أَخْبَارٍ وأُخْرَىيَكْبُرُ تِيْهُ الصَّمْتيَتَغَوَّلُ وَحْشُ الهَوَاجِسِأَخْشَى وأَخْشَى أَنْ أَفْقِدَكِ.. وآهٍ مِمَّا أَخْشَىعَلَى غَيْرِ هُدَىًطُفْتُ فِي جنبَاتِ رُوحِي عَارِيَةَ الأَفْكَارأَنْبُشُ أَدْرَاجَ ذَاكِرَتِي، وَوُجُوْهَ مَن أَحْبَبْتُهُمبَحْثًا عَن رَقَمِ هَاتِفِكهُوَ خَيْطٌ وَاحِدٌ يَفْصِلُنِي عَن دَوّامَةِ الهَذَيَانأَنْ أَبُثَّكِ وَجَعِي يَا سيِّدَةَ الهَذَيَانوَتَقُولِي لِي (مَا تِقْلَقِيْش ) مِثْلَمَا رَدّدْتِهَا مِرَارًا لِتُسَكَّنِي خَوْفِي عَلَيْكِلا تَقْلَقِي..امْتَدَّتْ أَيَادِي الغَدْرِ بِأَكْثَرَ مِمَّا امْتَدَّتْ أَسْلاكُ الحِصَارِ ..إلى رِقَابِنَافَاض مِلْحُ الفُرْقَةِ علَى جِرَاحِنَا أكثرَ مِمَّا فَاضَ.. فِي مِيَاهِ شَرْبِنَاغِيْضَتْ لُحْمَةُ العرَبِ أكثرَ مِمَّا غِيْضَ القمحُ مِن مَخابِزِنَالا تَقْلقِي..نُولَدُ فِي مُدُنِ الظلامِبِلا تَمائِمَ تُبْقِي مَوَاقِدَنَا مُشْتعلةً كَيْ يَنْضُجَ الخبزُ ويَكْبُرَ الأولادبِلا تَعاوِيْذَ تَنْقُلُ أجسادَنا حيثُ نَشَاءبَعدما أَنْهَكَتْنَا حَرْبُ نفادِ الوَقُوْدنَعِيشُ حاضِرَنا بِبَساطَةِ المُحَارِبِيْننَخْتَزِنُ مَدِيْنَتَيْنِ فِي قُلُوبِنَاكَي تَكْتَسِبَ الأشياءُ مِن حَولِنَا مَعانٍ أكثرَ غِنَىًتَصْطَفُّ أرْواحُ الشُهداءِ عَلى حاجزٍ مِن طائرَاتعَلَّها تَحمِلُ أَحْزِمةً مِن نارٍ وموتعَصافِيرُنَا الصُوْدِرَت فضَاءَاتُهَا، تَبْحثُ عَن خَيْمةًوكُوْبُونَةُ شمسٍ وغَيْمات ..شِتاؤُنَا قارِسٌ جُوعُهُعُيونُ السَّماءِ تُمطِرُ نارًامَن يَقْطُفُونَ عناقِيدَ السَّمَكأَوْ يَرمُوْنَ شِبَاكًا لِاصْطِيَادِ السَّنَابِلوَتَطْفُو البَقَايا على الأكتَافِ وغضَبِ الحناجِريا سيِّدةَ الهَذيَان..(مَرِّجِينِي) بِدِماءِ مَن فَجَّرُوا مِن أطفَالبَخَّرِيْنِي بِرَمادِ مَا أحْرَقُوا مِن سَرْوِ وبُرتقالبَارِكِي مَخَاضِيعَوِّذِيْنِي بِيَاسِينَ والأنْفَالوَاسْمَحِي لِي أَنْ أَهِبَكِ مِن ذَرْوَةِ رُوحِيقمحًا .. ومُضادًا للطائِرَاتوأولادًا كُثُريَمْلأونَ شَوارِعَ لَم تَعُدْ تَعرِفُسِوَى مُلْصَقاتٍ تَنْعِي فُقْدانَ الصَّخَبِ والابْتساماتدَعِينِي أَهِبْكِ مِنْ سُطُورِي مَنازلاًتَرْدَعُ قنَابِلَهُمُ الذكِيّة .. كَيْما تَغتالَ الأحْلامفَأنَا لا أَلِدُ سِوَى الكلِمَاتوأَعرِفُ ما سَتَقولِينَهُ لِيلا تَقْلقِي..سَنَتجرَّعُ وجَبَاتِ الأَلمِ شَوكةً.. شَوكةوَنتأَقلَمُ بِصَمت ..عَلى طُقُوْسِ حِنَّاءِ الدَّمِ السَريعَة، لأعراسِ موتِنَا البَطِيءلأنَّنَا نَحملُ الماضِي في حَنَايَانَاوآخِرُنَا لَمّا تَحِنْ ساعَتُه بَعْدلا تَقْلقِي ..نحنُ هنَا نتألَّمُ على طرِيْقَتِنَا الخاصَّة .. ولانَخَاف !!