مَلكُ الْموتِ يَنتعِلُ السّاعةَ في الْقدم
الْيُسرى
الْموتُ رَجلٌ وَسيمٌ بِنظّارةٍ سَوْداء وَربْطةِ عُنقٍ وَجواربَ مُلوَّنة. بَياضُ أوَّل النّهارِ في طريقِ الْمَمرّاتِ اللّامِعة، مَلائِكةٌ على هيئةِ أَخْيلةٍ من حَوْلكَ تلْتفُّ حوْلَ هذا الْجسدِ الطَّرِيّ، أَمْثلةٌ واضِحةٌ فوقَ بلاطِ الْعافِيةِ تَسيرُ بِمَهلٍ على عُكّازَتيْن، عجوزٌ يَحْملُ مَلفّاتٍ لصُورِ الْقلبِ الضَّعيف.
زائِرٌ يَشْربُ الْقهوةَ أمامَ قِسمِ الْعِنايةِ ولا يُعيرُ عِباراتِ مَنْعِ التَّدخينِ أيّ اهْتمام.
بِملابسَ بَيضاءَ يَتجوَّلُ بينَ النّاسِ على أنَّهُ مَلكٌ رَحيمٌ وَسُلَّمُ نَجاةِ يُشاكسُ فَتاةً تَتوجَّعُ من قصَّةِ حُبٍّ فاشِلة، يَعْبثُ بِروحِ امْرأة على وَشكِ السُّقوط.
الْموتُ هَديَّةُ الْأحياءِ الْغامِضةَ، الْواضِحة، أَلْوانُ الْأزْهارِ الْفاتِحة، صُنْدوقُ الْعَجائِب، مَلاذُ الْمُحْبَطينَ والْمؤمنين.
رَسائِلٌ مُكدَّسةٌ بالصُّورِ وأَسرارَ النِّساءِ والْأدْعِية، وهوَ الْحقيقةُ الوَحيدةُ التي يُسْدلُ عنها السِّتارُ والْمُتفرِّجونَ يُواصِلونَ الْمِسْرَحيّة.
الْموتُ انْتقالٌ من الْحِسّيِّ إلى الرّوحيّ، من الْكذبِ إلى الصَّواب، من الْحيرَةِ إلى الْيَقين.
الْموتُ مَلكُ الْوقتِ الذي يَنْتعلُ السّاعةَ في الْقدمِ الْيُسْرى، وهوَ منْ يُقرِّرُ في اللَّحْظةِ الْمُناسِبة وقْفَ اللُّعْبة، "ها أنتَ اعْتَزلْتَ الْحَياة "
قَديماً كانتِ الْحروبُ تجعلُ من الْموتِ ظاهرةً عادِيَّة.
الآنَ كوكاكولا ، شَركاتُ التَّبغِ، قِطعُ الهمبرجر هيَ من تَفعلْ ذلك.
الْموتُ مُؤامرةٌ في بَعْضِ الْبلادِ لِتَقْليصِ عددَ الشُّعوبِ إلى الرُّبْع.
رِحْلةٌ تَبْدأُ بِتأْشيرةِ سَفرٍ لا عودةُ فيها.
امْرأةٌ تَحْتضنُ اللَّيلَ الْمُكْتظّ بِاللَّونِ الْكاكي.
الْمُنادي عَليَّ وَعلى جميعِ الْأَسْرى الْمُصابينَ بِوَباءِ الْحَسرَة في غَزَّة.
الْكلامُ سهلٌ، واضِحٌ، لا يَحْتملُ التَّأْويل.
يا موتُ أنا لا أَنْسى الْوُدَّ ولا أُنْكِرُ الْعِشْرةِ لكنّي أَقْطعُ الْوَصلَ إذا نَقُصَ قَدْري.
تَذكرْ؛ يُمْكِنكَ كَسْرَ كُلّ شيْءٍ في ثوانٍ ولكنّكَ عليكَ السَّعْيَ لإِصْلاحهِ إلى الْأبَد.
اتْركني هذهِ اللَّحْظةَ، وارْجِعْ مرّةً ثانِيةً ومعكَ من الكعكِ ما يَكفي الْعيد ثَلاثةَ أَيّامٍ، ومنَ الْعُشبِ ما يكفي أَرْنبينِ وَدودَيْن.
مَسْكونٌ أنا كَمُشرَّدٍ فوقَ رَصيفٍ نَظيفٍ يَعجُّ بِالْحَمقى.
يا موتُ؛ كيفَ يُمكِنَ للْمَرءِ أن يَتحمّلَ كُل هذهِ السَّخافَة دونَ أن يَفقِدَ دَوْرهُ في السُّخْرِية.
يا موتُ؛ أعْطِني فُرْصةً أَكْبحُ جِماحَ رَغْبتي كي أَنْجوَ من مُثيري الْمَذْبَحة بمَحْضِ الْمَصْلَحة.
سَأنْفِضُ الْغبارَ عن روحِيَ الْهَشَّة، سَأقْتلُ الدَّهْشَةَ، وَعِنْدما أشعرُ بالْقَهرِ فَوْراً سَأغادِرُ هذا الْقَطيع، وَأتَجاهلُ النَّرْجِسيّين من حَوْلي.
"لا وَقْتَ للْوَقْتِ" الْمَوقِفُ صَعبٌ وَسهلٌ جِدّاً، أن تَكْتَشفَ أنَّهمْ يَعْرفونَ وَيفْهمون، لكِنَّها الْبَلادةُ أكَلتْ أرْواحَهم الْمُتواطِئَة معَ الرَّذيلةِ معَ الْغلطِ وَالْعَبطِ وَ العندِ الْكافِر .
أَعرفُ أن هذا الْحِوارَ عارٌ، والاهتمامُ في هذا الْمقامِ مُرْعب. شاهَدْتُ الْأَعْداءَ عن قُربٍ من حَوْلي، كانَ الألْعنُ مِنْهم الذينَ اعْتَقدتُ أَنَّهمْ أَهْلى وَأوْلادي وَأصْحابي.
تَذكَّرَ عندَ مَوْتكَ لن يَعنيَ أحدٌ من الشُّعراءِ هذا الْحَدث، ولنْ يُشَبِّهوا مَوْتكَ باحتِراقِ مَدينةً كامِلة.