إلى من نسيتُ اسمَه
في وجهِكَ لمعةٌ على سطحِ الماء. لوَّنتكَ الحقيقةُ، تعَضُّ الزُّرقةُ روحَك، تقبِضُ بيدينِ من خشبٍ على وترِ الأرغُول، دُموعُكَ يغرقُ منها البحرُ، وجوهٌ مشدوهةٌ تدلَّت في القاع، "يَقشرُ الشمسَ كبُرتقالة" لونُ غُروبكَ واضحٌ، وجهُكَ؛ كورالٌ يردّدُ خلفَ الأطفال " استُر يا ربّ " وها أنتَ بينَ الموتى وبينَ وُضوحِ اللّحظةِ، أنت أحسنُ مَنْ يَنسى مَنْ أنتَ. النّسيانُ صديقُك الأبديّ، تحاولُ أن تنسى موتَكَ كموعدٍ إلى السّينما. ما أطولَ بالَكَ! غنّي لِرفح، للشّوارعِ، والمساكينِ، والجدَّاتِ الطيّباتِ. الموتُ يحبُّ الصَّوتَ الرّخيم، موجٌ أزرقُ يجمعُ صَدفَ الأخبارِ عنِ الرّصيفِ العاصي على البيانِ، تقبِضُ على جمرةِ قهرٍ كي لا يفرَّ منكَ اللّحنُ إلى الماء، هل تذكَّرتَ صلاتَكَ المُؤجَّلةَ في اللّحظةِ الخَبيرة! افرشَ موجتينِ على بِساطِ الزَّبَدِ، حاورَ حُوتًا يرقصُ بينَ صخرتينِ، فتِّشْ عن رُوحِكَ قبلَ أن تُصبحَ وجبةً شهيّةً وتضيعَ، اجمعْ صدفاتِ الصُّدفةِ بعدَ كلِّ غرقٍ، استمرَّ في الغِناءِ للموتِ الذي يَمتنعُ عنِ الظهورِ، يومًا ما كنَّا واحدًا فَلماذا صِرْنا اثنينِ؟ الود المسكون بعينيك واضحٌ في الصّـورةِ التي أتعبتكَ. الآنَ أنتَ في مكانٍ جميلٍ على ما أظنُّ، بلا ملابسَ جديدةٍ، بلا حذاءٍ يلمعُ، بلا مسؤوليّةٍ، صوتُكَ الدافئُ بينَ زهرتينِ يُوصِلُ الأحلامَ لنا على متنِ سفينةٍ خَرِبة. مُكتظَّةٌ شوارعُكَ. الشُّواطئُ لا أشرعةَ فيها، لا نوارسَ مزعجاتٌ، لا شهودَ أمامَ هذا الواسعِ. آن لكَ أن تخلعَ الحُزنَ من قَدمَيْكَ، وسِرْ واثقًا من مَوتكَ بينَ رصاصتيْنِ في حقلِ وردٍ، لا تصاحب من يجادلون في لونِ المِنديلِ وأحمرِ الشِّفاهِ وتكويرةِ نَهدٍ. لقد قتلوكَ مرّةً وقَتلوها ألفَ مرَّةٍ في الثّانية.
وما زالَ في وجهِكَ عَلاماتُ نبيٍّ
وما يَكفي من حبٍّ لمدينةٍ كَاملة.