

نادتنا ألحاننا
بلًّلت النارُ خيامنا
وتُرِكَ الأطفالُ للعزاءِ
قُلِعَتْ أثداءُ المرضعاتِ
من صدرِ الحنانِ
يغرقُ الغذاءُ بالجفافِ
ووجعِ الأمعاءِ
نبعُنا ما كان يشحُّ
إذا غابَ عنه المطرْ
يشحُّ الآنَ رغم وبلِ الغزارة
ترى من ذا الذي
أربكَ ثمارَ الشجرْ
من ذا الذي يقلقُ القدرْ
يروّضُ كَفَنَ الربيعِ بالعفنْ
فتلبسُ الأغصانُ بياضَ السحَر
والكون يفتحُ صدره
لجنازاتِ الوطنْ
و أشلاءِ البشرْ
***
قد زرعنا الدفءَ في ارتواءِ السبيلِ
وفي العودةِ شربنا من ماءِ النزوحِ
ونزيفها أوقفهُ الصمودُ
ملحُ بحرِها ذَوبَتهُ الدموعُ
ترِكتهُ بين الصخورِ
والعزةُ تحلمُ واقفة
لا تخافُ من العاقبة
العزةُ تحرسُ المدافنَ والشواهدَ الباكية
ملحُ الأرضِ وحلاوةُ العبور
عزةُ مفاتيحِ الجذور
ملحمةُ البقاءِ
في الأعاصيرِ الكافرة
وأسيرةٌ غاضبة
هي لا تشكو من القادمِ
هي بحرٌ يضربُ الصخرَ
بالموج الكاسرِ
هي أشواقُ السرّ العائدِ
تحملُ المستحيلَ
وتعانق الدليلَ
في زمن العشقِ الكافرِ
لأنّها مراراتُ المنفى السجين
دفّاقةٌ بالحقدِ
عيونُ شرايينها الجاهزة
ووديانُها عامرة
بالبقاءِ الملازمِ
والشفاءِ المكابرِ
أغرقَتْنا معاصرُ التحقيق
ومعابرُ التفتيش
رفضتنا محاكمُ غاضبةٌ
نقلتْنا بين السجونِ الحاقدة
ألزمتْنا ساحاتٍ غاضبة
مزَّقتْنا
مجاهيلُ النفورِ الحزينة
أنكرَها النخيلْ
***
يسألُها الغيابُ
لماذا تغيَّرت ملامحُ الجليلْ
في مرابعِ الخيامِ
وأوتارُ العقلِ والتوكّلِ
والحبالِ الثابتة
ضدَّ الحركاتِ القادمة
ووهجُ السبلِ المغايرة
معْ خجلٍ ودودْ
كانتْ تنامُ بلا أمنياتِها
نادتْ ربوعَنا أوتارُها
وغزلتْ جفونَنا
منْ نسيجِ نبضِ قلوبِنا
وإيقاعاتِ ألحانِنا
تنادي أوتارُنا