الاثنين ١٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢١
بقلم نايف عبوش

نقل المعارف والعلوم باللغة العربية

لاريب أن تراكم العلوم والمعرفة، يعد من بين أهم وسائل التنمية والتقدم، حتى بات ما يمتلكه بلد ما من المتراكم منها في حوزته من المعرفة والعلوم، معيارا لمستوى تقدمه في شتى الميادين، العلمية والتقنية والصناعية والتجارية.

ولاهمية العلوم والمعارف المعاصرة،باعتبارها عنوانا للقوة، فقد دابت الدول الصناعية المتقدمة على احتكار العلوم والمعارف والتقنيات، بما تراكم لديها من رصيد معرفي هائل يفوق التصور.

ولهذا السبب فإنها حرصت على أن تكون مبدعة للعلوم والمعارف والتقنيات، ومصدرة لها إلى البلدان النامية في نفس الوقت، حيث سادت معاييرها المعدة بلغتها، واللغة الإنجليزية بالذات في التلقي، والتعاقد والاستخدام والتطبيق والتشغيل لدى المستهلكين، والمتلقين، مما عمق التبعية العلمية والمعرفية للأسواق العالمية.

ولا ريب إن تحصيل العلوم والمعارف بغير اللغة الوطنية الأم، وخارج الإطار الثقافي للمجتمع، يظل محدود الفائدة،مهما كانت كفاءة استخدام اللغة الأجنبية، لاسيما وان اللغة لم تعد مجرد وسيلة تفاهُم واتصال، وحسب، وإنما هي منظومة فكرية، ووعاء للأفكار والمعرفة عامة، وبالتالي فإن اللغة الأم، تظل هي الوعاء الأنسب للتمثل، والإبداع، والإنتاج المعرفي، ناهيك عن مواكبة واستيعاب مايستجد من معارف وعلوم وتقنيات، في اللحظة .

وما دام الأمر كذلك، فلا شك إن التعليم باللغة الوطنية الأم، يظل مفيدا وايحابيا، في رفع القدرات التحصيلية ، والإبداعية، للمتلقين ، ورفع الكفاءات التعليمية، ناهيك عن توفير الجهد والزمن، وتقليل الأكلاف، لإستيعاب العلوم والتقنيات المستوردة، وبالتالي فان اللغة العربية قادرة على استيعاب المعرفة العلمية، والتكنولوجيات المعاصرة بجدارة ،وذلك بسبب كثرة مفرداتها الأصلية منها، والمنحوتة، وغناها اللغوي، حيث تزخر بالكثير من الألفاظ والدلالات، خاصة وأنها كانت يوماً ما، هي لغة العلوم في فترة ازدهار الأمة الحضاري، إذ لا تزال الكثير من الإصلاحات العلمية والمعرفية، تستخدم في الحضارة الغربية المعاصرة، بنفس مسميات ومصطلحات الكثير من إنجازات ذلك الحال العربي المزدهر، وكما وضعها العلماء العرب، ودون أي تعديل.

والسؤال الذي يطرح نفسه في الأوساط العلمية والاكاديمية، هل ان اللغة العربية، بل واللغات الوطنية الأخرى، قادرة على أن تكون وسيلة لنقل المعارف، وتسهيل عملية استيعابها، وتوطينها، بما يمكن البلدان النامية المتلقية لها، من تجاوز تحديات احتكار عولمة التعامل، ونقل المعارف إليها، باللغات الأجنبية، والانجليزية منها، على وجه الخصوص،حيث باتت اللغة الإنجليزية في عالم اليوم، هي الشباك المتاح، الذي تطل من خلاله الدول النامية على سوق المعرفة، والتقنيات في العالم الصناعي المتقدم؟

ولعل الجواب يأتي بالإيجاب بكل تأكيد. فمع أن اللغة العربية تواجه تحديات علمية وتكنولوجية، بسبب هيمنة اللغة الانجليزية في النقل والتلقي والتعليم، فإن العمل الجاد على إنجاز هذه المهمة، يتطلب من المعنيين بالأمر، جامعات، ومراكز بحوث، وهيئات تدريسية، العمل على تمكين اللغة العربية من استيعاب حركة نقل المعارف والعلوم، من خلال تعريب المصطلحات أو اشتاققها، وتحديث المفردات، واستعمالها في كل مجال العلوم الممكنة، ومن ثم الشروع باستخدام اللغة العربية في تعليم العلوم والتقنيات، والمعلوماتية في كل مستويات التعليم الاولي والجامعي، دون تردد، وزج اللغة العربية بالاستخدام الرقمي الواسع على الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت)، لتكون عند ذاك واسطة نقل المعرفة وتوطينها، في الكليات والجامعات ومراكز البحوث.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى