الأربعاء ١٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم
نَهْر النّزيف
يَكْسرُني شَكْلُ النهْرِ الجاريأُسْرِعُ نَحْوييَصْرُخُ نَهْري قاناصارتْ في الماءِ رِمالاً وَدِماء ،صارتْ في الماءِ خَريفاً وشِتاء ،قانا صوتٌ يَجْرحهُ الليلُوَيحْفرُ فوق الصخْرِ صَباحاً وفَضاء ،يَكْسِرُني شَكْلُ البحْرِ الهادرِأسْجدُ للشمْس الحُبلى فوق قبابِ الريحِفَكوني فَجْري وَنهاري ،....، في قانا شَعْبيمَنْفى يَسْجُنُني في دَائرة ِالموتِفأمْضي وَحدي جُرْحاً وَرثاء ،هذا النَهْرُ الجاري يكْبرُ ، يُسْرعُحولي ، خلْفي ، وَأماميكالقَبْرِ يشعُّ شهيداً وضِياء ،وَيُنادي في ظُلْمةِ ليلٍ ثكْلىعكّا بيتي ،وهُناكَ هُناكَ ،دِمائي أمْستْ فوق صَليبي خيلاً وَدُعاء ،يَكْسِرُني شَكْلُ العالمِ في نفْسيتَنْساني أُمّي ،أهْربُ مِنْها ،تَهْربُ مِنّي ،وَكأنّي لا أُدْركُ أُمّييا أُمّي .....فكّي عنْ عُنُقي طَعْمَ الجمْرِ الساريفُكّي هذا الموجَ السابحَ في صدْريفي صَدْرِكِ .....ضُمّيني ، لَسْتُ غَريباًفي ضِفّةِ نهْرٍ يَرْفعُ نَعْشيهذا النّازِفُهذا الجامِحُ يَصْعقُنيهذا الحائرُ في أعْماقِ الأعْماقِ يُباغِتُنيفي الزمنِ الدّامييَشْتعِلُ بُكاءً ماءً وَدِماء ،حينَ أطيرُ بعيداً صوبَ رَحيليتذْرفُ دَمْعاًداليتي الظّمْأى فوق سطوحِ البيتِتُناديني ،بَلدي تَابوتٌ يَحْملهُ الصوتُ الدامعُقانا كَفني ،كانتْ تهْمِسُ ،يا رِيحي كُفّي عنْ رَقْص الرمْلِ بصحْرائيقُرْبي ، حَولي ، وَورائييلْعبُ وَحْشُ الحرْبِ الطّاغييَقْصفُ بيتاً حَقْلاً وسَماء ،حينَ أغيبُ بعيداً صوبَ حَياتيتشْدو في الأرْضِ المحْروقةِ أشْعاريأنْأى نحْو الحُبّ المكْسورِأَضيعُ ،وَراءَ بِلادٍ فيها قَاناتغْرقُ في القاعِوَفيها أرْضي تغْرقُ في الدّمّ الفائضِكالأمْواجِ معَ العاصِفةِ الأُولىتَتْرُكُني داري ،تَرْثيني ،أَهْرمُ في غَاباتِ الحُزْنِ اليافعِنَزْفاً ، خَوفاً ، وَنداء ،كَانَ البؤْسُ صَديقييَسْكُنُني في الدّرْبِ الواحدِفي الصّبْحِ المدْفونِوَكُنْتُ صديقيفي اليومِ المَحْفورِ على وَجْهيأشْرُدُ في مَاءِ النّهْرِقليلاً ،وَيُصاحِبُني في العتْمةِ تابوتيفالموتُ على بَابيقدْ يأْتي ،قدْ يأْتي الموتُ هُنايا صَوتي غرّدْ في المنْفىحتّى لا يُمْسي الليلُ رِداء ،حتّى لا يُمْسي الليلُ رِداء .