

هـــوامـــــش أوروبـــــا
قصة كوردية قصيرة
هـــوامـــــش أوروبـــــا
قصة: د. فرهاد بيربال ترجمة: مكرم رشيد الطالباني
هذه القصة:
إن المتتبع لما ينشره الدكتور فرهاد بيربال يدرك أنه يكتب القصة والشعر والمقالات الفنية والتاريخية واحياناً يدس أنفه في السياسة أيضاً، حيث نشر في السنوات الأخيرة عدداً من القصص القصيرة في المجلات الأدبية من أشهرها(اللاجيء) و(آكلو البطاطس) و(الشيزوفرينيا)، لكنه نشر في العدد (38) من (رامان) قصة أخرى بعنوان (هوامش أوربا). بطل القصة هو (كوردو)، وهو رمز يدل على الكورد الذين يهاجرون إلى أوروبا والذين يجدون صعوبة في التعرف على الأوربيات ولا يجدون منهن من تهتم بهم من الفتيات، لهذا تجدهم يتلهفون للإنقضاض على أي شيء ولو كان هامشياً من هوامش أوربا. كوردو لاجيء أمضى سنة وثمانية أشهر وحيداً غريباً في (كوبنهاغن) حيث يسترعي إنتباهه إعلاناً في زاوية التعارف في إحدى الصحف بأن فتاة شقراء زرقاء العينين من سكان مدينة (سكاكن) قد أعلنت تحت صورتها بأنها تود التعرف على رجل شرقي لطيف المعشر لديه إهتمامات فنية.
فيتوكل (كوردو) على الله ويبتاع بطاقة الذهاب والإياب ومن صدف القدر أنه يتعرف في القطار على إمرأة عجوز تبلغ الخامسة والستين وتجري بينهما أحاديث شتى حتى يصلان (سكاكن)، وهناك يندهش كوردو حين تميط العجوز اللثام عن حقيقتها وتحكي عن صورة الفتاة الشقراء وعنوانها وحكاية رغبتها في التعرف على رجل شرقي بهذه الصورة، وهنا ترحب العجوز بـ(كوردو) الذي يقرر بدوره البقاء بصحبة (بيركيت) ويمزق بطاقة العودة وهو يقول بينه وبين نفسه: (فإن لم تكن لتنفع لشيء آخر فإنها تفيده في تعلم اللغة)، لهذا يقرر: (سأعيش معها).
تبدأ القصة بشكل سردي وبضمير الشخص الأول المخاطب، ثم تستمر على شكل حوار، وبين حين وآخر، يتدخل القاص بين فقرات الحوار ليمهد الطريق لحوار جديد.
والأمر الجديد الذي يعتبر شيئاً جديداً في هذه القصة، وعلى ما أعتقد بانه أستخدم لأول مرة، هو إعتماد الهوامش، حيث عمد القاص إلى وضع الأرقام في بعض مقاطع القصة، ومن ثم توضيح الأمور أكثر في المتن من خلال الهوامش، وهذا شيء جديد في القصة الكوردية، حسب علمي، يعتبر القاص أول رائد في هذا المجال.
ولكن الهدف من كتابة القصة هو أن الكورد الذين يتركون وطنهم (كوردستان) ويلجأون إلى أوروبا، لن يجدوا أبداً أعمالاً أو مكاناً بارزاً هناك كالتي يجدونها في أحضان كوردستان البديعة، لهذا نجدهم يعيشون في هامش حياة الحضارة الأوربية وهم مضطرون للعيش حتى مع عجوز مسنة كـ(بيركيت) في هامش من هوامش الحياة هناك. أما الشيء الذي بقي والذي يجب أن نؤكد عليه، فيبدو من هذه القصة بأنها قصة حقيقية حدثت للاجيء كوردي والقاص على إلمام بها. فقام بتوظيفها على هذا المنوال في هذه القصة، حيث الهوامش يمكن أن تثبت ذلك.
كان الوقت الرابعة والنصف فجراً، إستيقظت من فراشي، رتبتُ حقيبتي وأتجهتُ نحو محطة قطار نوربورت. إبتعتُ تذكرة وأتجهتُ مباشرة إلى (سكاكن) (1) التي تبعد حوالي (28) ساعة بالقطار من (كوبنهاغن).
كنتُ أفكر أكثر من ست عشرة ساعة (عند تناول الغداء، عند الذهاب إلى المرافق، عند غسل الوجه واليدين، عند التمشي) حول (أذهب أم لا؟ أذهب أم لا؟). وأخيراً قررتُ الذهاب، وكنتُ أجدُ نفسي وكأنني ذلك الفتى الأسطوري الأصلع الذي يقرر الذهاب للإتيان بدواء لمعالجة العمى الذي أصاب عيني والدته.
ولم َ لا؟ إني كنتُ أجد أن هدف ذهابي أكثر أهمية وضرورية من هذا وهو نوع من الضرب على باب الجنة، ووضع النهاية للكارثة، وتحرير مستقبل وحياة إنسان، بل إنسانين (؟).
ـ شكراً.
أستلم كوردو منها سيجارة.
ـ هل أنتَ فنان أيضاً؟
ـ كلا.
ـ إذن إنها جميلة.. هل تسمح لي بالنظر إلى هذه الخطوط،، ما هذه الخطوط والرسوم الجميلة في هذا الدفتر؟
كان (كوردو) لا يفقه من أغلب الحديث باللغة الدانماركية):
ـ هل تسمحين لي التحدث بالإنكليزية؟
ـ نعم، دون شك، أهووو ... إنك لا تجيد الدانماركية بصورة تامة؟
سألتك: (ما هذه الرسووم الجميلة في هذا الدفتر؟).
ـ ليست هذه رسوماً، إنها كتابة. إنها كتابة كوردية بالحروف العربية.
ـ إعذرني، إنها من فرط سعادتي حيث ينتابني الضحك من هذه الخطوط البديعة، فجمال هذه الرسوم والكاليغراف يدخلُ فرحاً غامراً إلى فؤادي، والتي تدعي أنت بأنها كتابة، إذن في كتابتكم سحرٌ أخاذ وفنٌ جميل، هذا الجمال غير موجود في كتاباتنا، كم سنة مضت على وجود كلاجيء هنا؟
ـ سنة وثمانية أشهر.
ـ أين تعيش؟
ـ في كوبنهاغن. وهل أنتِ فنانة سيدتي؟
ـ أرسم، أرسم لنفسي، ولهذا سحرتني هذه الخطوط والكتابات الغريبة الجميلة في دفترك. إذن أنت كوردي!
ـ نعم، يسعدني إنني أتعرف عليكِ، سيدتي، إني أدعى كوردو(2).
ـ بيركيت. إنني إطلعتُ على أخباركم من خلال الصحف فقط.
ـ عذراً، الإسم الكريم؟
ـ بيركيت(3).
سألها كوردو:
ـ لوحة الوحدة! الوحدة هي الموضوع الوحيد للوحاتي. حتماً إنكِ تهوين رسم اللوحات؟
ـ كان العديد من زملائي هم من الرسامين وقد عشتُ بينهم، لهذا تجدني أغتبط لرؤية اللوحات. وفي الحقيقة كثيراً ما أطلع على اللوحات من خلال الكتب والألبومات.
ـ إنني أمضيت أكثر من نصف عمري في الرسم. ألا ترى أناملي هذه والتي أصابها الهزال؟ فقد هزلت جراء تلك اللوحات، وحتى إن ناظري أصيبتا بالضعف جراء الرسم.
أرتدت العجوز نظارتها ثانية وهي تضحك بتأني وبراءة الأطفال.
ـ نعم، عزيزي.
ـ ومن الممكن بأنكِ أقمتِ العديد من المعارض؟
ـ أبداً. ولم أقدمها لأي معرض. لنفسي. فقط أرسم لنفسي (4).
سألها كوردو:
ـ وهل تعرفين كيرك كارد؟
ـ من؟
ـ كيرك كارد!
ـ أوو ..(كيرك كورد). أعبده. كيف تعرفه أنت؟
ـ لقد قرأت بعض المقالات عنه.
ـ نعم، لقد عرفت الآن لماذا تذكرت كيرك كورد بهذه السرعة. إن حياتي وفني ومصيري تشبه إلى حد بعيد حياته ومصيره. إني و(كيرك كورد) دانماركيان حتى النخاع والدانمارك عبارة عن الوحدة، الوحدة، الوحدة، والسبب كما أسلفت: (إني أرسم للوحدة فقط).
كان كوردو قد نسي نفسه في عربة القطار وكل ما يتعلق برحلته وهدف رحلته. وأخذ يهتم بنشاط ورغبة عارمة وعن كثب بمشكلة حياة العجوز المثيرة، وخاصة هذه هي المرة الأولى في حياته يتجاذب فيها الحديث بهذه الصورة مع مواطن دانماركي. لذا فقد كان متلهفاً لإطالة الحديث.
ـ (صحيح إني أعيش منذ سنة وثمانية أشهر في الدانمارك، لكن أعتقد أن دانمارك اليوم لا تشبه دانمارك عصر كيرك كورد).
ـ إن الأمور التي تراها اليوم، هي المظهر وشكلها الخارجي، إنك لم تستطع بعد الغوص في أغوار جذورها ومضامينها. إن كل إنسان دانماركي، في كل لحظة وبإستمرار يشعر بالوحدة ويتوجس خيفة:
يتوجس خيفة من التهديد بالإنفصال والإنقسام والبقاء وحيداً، هذا عوضاً عن هؤلاء هم وحيدون ويعيشون لوحدهم. أنت، هنا، ألم تطلع على نسبة الإنتحار جراء الوحدة؟
تقول الصحف: (إن نسبة الإنتحار جراء الوحدة، في بلد كالسويد، مقارنة بأوروبا جميعاً هي الأكبر)، لكنني أعتقد إن هذه النسبة العالية، هي هنا، في بلادنا! وعلى أية حال، فالحال في كافة أرجاء أوروبا هو هكذا! وليس الدانمارك والسويد لوحدهما، عدا أن تراجيديا هذه الوحدة أكثر إنتشاراً في الدانمارك.
ويعود سبب هذا إلى كوننا شعب صغير لا نتجاوز الخمسة ملايين نسمة. هل تعرف؟ ومن ضمنهم مليون لاجيء.
ـ لم أكن لأعرف بأن المواطن الدانماركي ليشعر بالوحدة إلى هذا الحد.
ـ نعم نحن الدانماركيون، وحتى أوروبا كما أسلفت، نتهرب من هذه الوحدة ونكون المجتمع، وخوفاً من الوحدة هذه نثق ببعضنا البعض ونتزوج، أو نغامر ونرحل إلى بلدان أفريقيا وآسيا وخاصة الشرق. حتى إنني أعتقد بأن من ليس لديه شعور بالوحدة ليس دانماركياً ولا أوروبياً. لقد غارت الوحدة هنا في كل بوصة من حياة الإنسان.
تذكر كوردو في تلك الأثناء قصيدة (الماء القذرة) لـ(رامبو)، وقال في نفسه (صحيح). وبادر ليسأل العجوز الفنانة:
ـ وهل من المفروض أن يغوص هذا الواقع في وجهات نظر كل فنان؟
ـ بالنسبة لي، أعتقد، إن لم يعالج الفنان الدانماركي وحدة وغربة الإنسان الدانماركي، فإنه ليس دانماركياً، وليس على إطلاع بدقات قلب أوروبا! من المفروض أن يدق ناقوس الخطر ويحذرنا من هذه التراجيديا. كان (كيرك كورد) وقبل مائة وخمسين عاماً قد توقع بأنه سيحدث للإنسان الدانماركي والأوروبي بصورة عامة ما يحدث اليوم وسيتمرغ في داء الوحدة.
تنهدت العجوز تنهيدة إرتياح وكأنها افرغت كل ما تشعر به من هموم وحسرات. وأشعلت سيجارة أخرى. ومن ثم فتحت حقيبتها الوردية، وأخرجت منها طقم ماكياجها وبدأت بترتيب وجهها قبالة المرآة الصغيرة التي كانت في كفها.
وأنتهز كوردو هذه الفرصة كي يتمعن في تغضنات وجهها. وجهها الذي كان لا يزال يخبـيء جمالاً مشعاً. وشعر لأول وهلة بأن الصف الأول الأسفل من أسنان العجوز هو أسنان إصطناعية. والأغرب من ذلك هو أن كل سنوات عمر هذه العجوز المتصابية، البالغة من العمر خمسة وستين عاماً، لم يؤثر تأثيراً يذكر على حيوية وجمال ونفس وأعماق هذه الإنسانة.
وكان كوردو يود ألا تشعر العجوز بتأملاته وملاحظاته. وكان في الوقت عينه يتمنى أن يبادرها بالسؤال:
ـ سيدتي، إعذريني، كم تبلغ من العمر؟
لكنه لم يحبذ أن يبادرها بسؤال من هذا القبيل، أو كان على الأقل يعتبره سؤالاً في غير ذي محله. ولو كان يدقق النظر أكثر في البقع الحمراء أسفل رقبتها ونهديها الكبيرتين المتهدلتين ـ الذين كانا يبدو عليهما علامات شيخوخة تعسة بوضوح تام ـ كان من الممكن أن تخمد كل تلك الرغبة الجياشة التي كانت لدى العجوز للتحدث، دون أن تبقى لديها أية رغبة أخرى للحديث، ولهذا لم يبادرها بالسؤال أهي أرملة أم إنها إنفصلت عن زوجها؟ هل لديها أطفال أم لا؟ هل هي ميسورة أم إعتيادية؟ وقال في نفسه: (ليس لكل هذه الأمور أية أهمية تذكر، ما برحت هذه الإنسانة تشعر بالوحدة! فالعجوز تشعر بغربتها وإنصهارها في أتون الوحدة. هذه هي المسألة بوضوح).
ـ إني وحيدة أيضاً. وأشعر بوحدتي هذه بكل عمق، رددت العجوز هذه الكلمات فجأة مع نفسها. ومن ثم بدأت تنظر من نافذة القطار إلى المشاهد المتحركة للجبال البعيدة وأردفت فائلة؟
ـ أنتم الشرقيون، مختلفون.. فالشرق شيء آخر.
لم يكن كوردو يرغب في إفشاء مزيد من المعلومات عن حياته، غير أنه ومن أجل الترويح عن قلب العجوز الوحيدة، الخفيفة الظل، أردف قائلاً:
ـ إنني ومنذ وجودي في الدانمارك، أشعر بأنني طوال السنوات السبع والعشرين الماضية من حياتي لا زلتُ أعيش وحيداً.
كان كوردو يود أن يكون أكثر صراحة من هذا ويقول:
(فمثلاً لم أستطع حتى الآن من التعرف على أية إمرأة دانماركية وشمشمة رائحة صدورهن)، لكنه أدرك بأن هذا (الإعتراف) سيجعله يبدو وكأنه رجل مهزوز.
ـ إذن، هل ترى؟ كنت في البداية تعمد لطمأنتي؟
ـ ولكن سيدتي، إنني لاجيء، ولاجيء مثلي: لا أجيد لغتكم. ولست مطلعاً على ثقافتكم ولا تقاليدكم .. وليس لدي أية وظيفة، فمن حقي أن أعيش وحيداً وأبقى وحيداً وأشعر بالوحدة.
ـ أنا أتحدث عن بلادكم: أنتم لبعضكم البعض ومع بعضكم البعض في داخل بلادكم!! لا أعرف لقد وصلتني عن طريق كتب المستشرقين والأفلام والحكايات: بأنكم الشرقيون لا تعرفون للوحدة والطلاق من معنى، أنتم أنموذج للعشق والتعايش والتعايش الجماعي والأسرة والمصالحة.
ـ لكن، أنا واثق بأنه لا يخفى عليكِ، بأننا نحن الشرقيون، جميعاً نحسد أوروبا.
ـ وسبب هذا هو أنكم تتهرّبون من معركةٍ قد فرضتْ عليكم.
ـ كلا، إننا نحسد أوروبا على تقدمها.
ـ إذن يجب أن تخلقوا أوروبا خاصة بكم!
ـ لماذا، لماذا مختلفة؟
ـ لأن أوروبانا المعاصرة هي الوحدة، هذه الوحدة القاتلة التي تراها. نحن من خلقنا أوروبانا، فكونوا شجعاناً: وأصنعوا بأنفسكم أوروباكم الخاصة بكم (5)!.
ترك هذا على كوردو المتفتح تأثيراً فائقاً، ولم يكن ليرغب أن يتفاخر أمام هذه العجوز الذكية الصريحة, وقد أدركه الفشل والإنكسار. وحاول أن يكون صريحاً في حديثه بقدر صراحتها:
ـ إني أعيش هنا دون أن يكون لي زوجة أو منزل، لكني لن أشعر بتأثير هذه الوحدة إلى هذا الحد.
ـ كنتُ أقصد في حديثي السابق: لو كنتَ أنتَ في بلدك بوضعك الراهن، ألم تكن لتشعر بأنك أكثر حظاً وسعادةً؟
ـ نعم، لكنني لم أستطع البقاء في بلدي.
ـ حتماً أعرف بأن هناك حرباً دائرة في بلادكم، ولكن كان سؤالي حول النظام العائلي والإجتماعي والروحي.
ـ دون شك أنا أتفق معكِ.
ـ إني أشعر بالغربة تجاه زوجي السابق وأطفالي، أشعر بالغربة تجاه طفولتي ومراهقتي وفتوتي. وأوروبا تشعر بالغربة تجاه قرونها السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر.
ـ وأنا بدوري أشعر بالغربة تجاه مدينتي.
ـ إذن فإننا جمعاً غرباء. جميعنا وحيدون، وكل منا يشعر بالغربة تجاه شيء أو شخص. وكل منا ينقصه شيء أو شخص ما بحاجة لبعضنا .. وفي حاجة إلى بعضنا البعض .. ونحن مساكين (6).
ومنذ هذه اللحظة وما بعدها خيم عليهما السكون لبعض الوقت، وهما يذرفان الدموع على جثة وحدتهما وغربتهما مدراراً.
حينما لمح (كوردو) سيماء العجوز الطالح، رأى : بأن العجوز بدأت تغمض جفيها التعبى من خلف نظارتها المربعة الشكل رويداً رويداً، وما فتأت أن خلدت إلى النوم. يبدو إنها لم تتحدث منذ فترة طويلة مثلما تحدثت اليوم، وكذلك (كوردو)، فإنه لم يتحدث مثلما تحدث فيه اليوم لا مع أصدقائه الكورد في كوبنهاغن ولا مع اللاجئين الفرس واللبنانيين والسريلانكيين والفلسطينيين الذين يعيشون في عمارته! إنه متعبٌ أيضاً، متعبٌ جداً.
أدار كوردو رأسه إلى الخلف وأسند رقبته على الجزء الناعم الأملس من الكرسي وبدأ يغرق في خيال عشقه: تذكر مباشرة ذلك الصباح حين رمي ساعي البريد مجموعة من الصحف والإعلانات والدعايات من خلف الباب إلى داخل غرفته .. طب .. طب ... طب ... حيث عمد، من أجل ملء فراغه والقضاء على الشعور بالوحدة، إلى تصفح إحدى الصحف صفحة إثر أخرى فشاهد في إحدى زوايا (التعارف) فتاة شابة جميلة شقراء، زرقاء العينين وقد كتبت تحت صورتها بأنها من سكان مدينة (سكاكن) في جزيرة (زيلاند) الواقعة شمال الدانمارك (في حي توستغوب، شارع بروندي، الدار رقم 7) وتتمنى التعرف على رجل شرقي وسيم وخفيف الظل، ولكن بشرطين: الاول، أن يكون لاجئاً ولديه إقامة من قبل الشرطة ويجيد اللغة الدانماركية والإنكليزية. والثاني: أن يكون من هواة الأدب والمطالعة ويكون رومانسياً وعاطفياً!
إذن هو بدوره، كوردو (كوردو ذو الشوارب الكثة، والوسامة، وخفة الظل)، الذي كانت وسامته وأناقته، لسنين عديدة في خانقين، تلوكها ألسنة فتيات (إعدادية شورش) الحسناوات. ومن ثم في قسم اللغة الإنكليزية في كلية الآداب بجامعة الموصل، ها هو، ومنذ أكثر من سنتين لم يشمشم فيها عبق صدر أي فتاة. صحيح، إنه هنا في أوروبا لن يكون الحصول على الفتيات بفعل الوسامة والأناقة! لقد أصابه الملل إلى درجة عمد لدس رجولته في ثنايا الأفرشة الطويلة خلال وحدته وغربته وعدم تعرفه على الفتات! إن أصدقائه: (سامان، عبدالله، مغديد، زيلوان) يعيشون مع نساء عجائز في الخمسين أو الستين من عمرهن، لكنه لا يستطيع فعل ذلك أيضاً!
وفي الحقيقة ، فقد واتته الفرصة مرتين: الأولى في (إيرش بار) والثانية في (تيفولي)، لكنه لم يكن ليرغب في ذلك ـ إنه يشعر بالخجل ـ أن يشير إليه الناس بذلك! أليس من المستحسن أنه لم يفعل كما فعل (شيروان) و(رحيم)، ليذهب ويوطد علاقاتة مع المخنثين والرجال الذين يحاولون تغيير جنسهم إلى أنثى والعيش مع هؤلاء؟. إذن لم َ لا؟ إنه عين الصواب وفي محله أن يختبر هذه الطريقة ويدق هذه البوابة؟ إنها رحلة وها هو في طريقه، يترنح داخل عربة القطار، وهو يحلم، ويتمنى، ولم َ لا؟ ولم َ لا يذهب؟
فتاة دانماركية فاتنة وأنيقة، مادامت قد أشترطت أن يكون الرجل (رومانسياً وعاطفياً) ومن هواة الأدب والفن والمطالعة، يعني أن الفتاة رومانسية وعاطفية أيضاً وتهوى الأدب والفن والمطالعة، في أوروبا، يحتمل ألاّ يكون لتلك الفتيات اللائي يعشن خارج العاصمة وفي المدن البعيدة والأرياف، نفس تصرفات وأخلاق وعادات فتيات العاصمة والمدن الكبيرة وألاّ يكنَّ مثلهن مترفعات ومتكبرات، وأن تكون البساطة وشيء من تصرفات الريفيات لا زالت منتشرة بينهن!
نعم لم يفسدن تماماً جراء زحام الحضار الأوروبية الأنانية. صحيح هذا. فإن فتيات القرى والأرياف، تسري حتماً فيهن نوع من دماء فتياتنا الزكية، ولكن لِم َ لم يذهب، وقبل صعوده إلى عربة القطار، ليحلق شاربه الكث عن آخره؟ إن الفتيات الدانماركيات عامة لا يحبذن الشوارب، لا ضير، سيحلقه بعد فترة وجيزة في تواليت القطار.
ولكن كلا، لا، يريد أن يبقى على حاله. كيف حاله الآن، وكيف كان فيما مضى. من لا يدعي بأنها أيضاً من تلك الفتيات اللائي يحبذن الشارب؟ لكن ليترك الأمور تسير لوحدها ليعرف ماذا سيحدث (7)!
ـ في اللحظة التي سيترك القطار فيها جزيرة (شيلاند) التابعة لـ(كوبنهاغن) نحو جزيرة (أوذنسة) سيدخل إلى سفينة عملاقة، ومن ثم أن السفينة ستعبر ظهر اليم لتوصيل القطار إلى مدينة (أوذنسة). وفي تلك اللحظة لم أكن لأجرؤ وأقوم بإيقاظك، بينما كنتَ غارقاً في النوم، فنزلتُ لوحدي وخرجت لأرتقي ظهر السفينة وأتناول الفطور.
قال كوردو:
ـ لم أكن لأعرف هذا. أستيقظتُ مرة وكان القطار واقفاً، يحتمل أن القطار كان قد دخل السفينة تارة أخرى، وكان الظلام يخيم على تلك الأرجاء، بينما كنتُ غارقاً في النوم. وكان هناك شخص ما (رجل عجوز) يجلس جنبك. فقمت وأتجهت نحو المرافق الصحية وتناولتُ وجبة من الطعام وقفلتُ راجعاً.
ـ نعم في هذه المرة كان القطار قد دخل السفينة، وكان هذا وقت عبور المسافة بين جزيرة (أوذنسة) و(زيلاند).
ـ هذه هي المرة الأولى التي أسلكُ فيها هذا الطريق.
ـ هلا أخبرتني إلى أين وجهتك؟
ـ إلى مدينة سكاكن.
ـ بجد؟
ـ نعم، إنني أسكن تلك المدينة.
ـ وكنتِ في زيارة عمل إلى (كوبنهاغن)؟
ـ كلا، منذ أكثر من أثنتين وعشرين سنة وأنا لم اقم بزيارة كوبنهاغن, فمنذ اللحظة التي أفترقنا فيها أنا وزوجي، لم أغادر (سكاكن). وبعد إنقضاء تلك السنوات، هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها كوبنهاغن. ذهبتُ لأزور ولدي، الذي لم أكن قد ألتقيته منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف.
في اللحظة التي كان كوردو ينظر إلى المرأة العجوز ويصغي إليها وفجأة ـ ولم يكن ليعرف شخصياً لماذا ـ شعر بفظاظة تلك المرأة العجوز المتصابية، شعر بانها ثقيلة على قلبه وقد قطع هذه المسافة الطويلة مع هذه الإمرأة العجوز الثرثارة الصلفة.
سألها:
ـ كم بقي من الطريف لنصل إلى (سكاكن)؟
ـ لقد إجتزنا مدينة (أولبورك) منذ فترة.
نظرت إلى ساعتها:
ـ أظن بأننا سنصل بعد ربع ساعة.
قالت العجوز هذه ومن ثم نهضت واقفة وأردفت داخل باب العربة قائلة:
ـ (سأذهب إلى التواليت (8)، توقف القطار، كانت العجوز تحمل حقيبة في يدها وتحمل أخرى فوق كتفها. وكان كوردو يحمل حقيبة سفر فوق كتفه، وتمكنا من خلال زحام مسافري القطار من الوصول إلى رصيف محطة (سكاكن)، وكانت الساعة حوالي الثامنة صباحاً. حين وصلا أول شارع من شوارع المدينة، نظر كوردو إلى الجبال والقمم الجميلة الخلابة البعيدة التي تحيط به وأردف قائلاً:
ـ سكاكن مدينة بديعة.
ـ لكنها تبدو صغيرة، أليس كذلك؟
ـ مقارنة مع كوبنهاغن، نعم.
ـ سكاكن آخر مدينة في شمال الدانمارك، نحن الآن نحاذي حدود النرويج. فهذه الجهة من تلك القمة، هي أراضي النرويج، فقل لي إذن لماذا قصدت هذه البلاد البعيدة؟
وكان كوردو لم يخبر العجوز حتى الآن بأنه أطلع في زاوية (التعارف) بإحدى الصحف على صورة فتاة شابة فاتنة شقراء زرقاء العينين كتبت تحت صورتها بأنها تعيش في مدينة سكاكن حي (توستغوب) شارع (بروندي) دار رقم (7). وترغب بالتعرف على رجل شرقي وسيم، وها هو الآن، في طريقه إلى تلك الفتاة الشابة الفاتنة، كلا لم يكن قد أخبرها، كان يشعر بالخجل، أو كان على الأقل يشعر بأن هذا (لو تناهى إلى علم العجوز) سوف يط من شخصية كوردو، وعلى أية حال، لم يجد ضرورة أن يفشي سرّه هذا، حيث قال:
ـ جئت لزيارة أحد أصدقائي.
ـ وأين يقيم؟
ـ حي (توستغوب).
ـ هل أنت جاد في كلامك؟
ـ نعم.
ـ إنه نفس الحي الذي أسكن فيه، ها هو لقد أقبل الباص.
ـ كان الباص، وظهره للمدينة، قد إبتعد حوالي ربع ساعة من مركز المدينة. فبين الآلاف من الأشجار والشجيرات والتلال الخضراء المرتفعة يلفها الضباب، كنت أشاهد بعض الدور المتفرقة، إذ كانت غارقة حتى آذانها بضباب وأغبرة جمال الصباح، وكنت جراء النظر إلى كل هذا الجمال الطبيعي، لم أكن لأرغب في توجيه أية كلمة أو أسئلة إليها.
وفجأة بادرت العجوز لتسألني:
ـ الشارع يدعى (بروندى).
ـ نعم.
ذهلتُ حين عرفتْ إسم الشارع من تلقاء نفسها، قلت:
ـ كيف عرفتِ ذلك؟
ـ لأن لحينا شارعين فقط.
ومن ثم توقفت قليلاً وأردفت قائلة:
ـ كم هو رقم دار صديقك؟
قلت ـ (سبعة).
قالت ـ : حسناً. تمام.
حين ترجلنا من الباص، اشارت العجوز إلى بعيد، أشارت بأنملها إلى مجموعة من الدور المنعزلة البعيدة، كانت قابعة في سفح أخضر كأن الإنسان لم يطأ قدميه على هذه الأرض، فقالت:
ـ هذا هو حي (توستغوب).
تقدمت العجوز وسارت بين الزهور الرقيقة والأعشاب الدافئة المشبعة بالرطوبة قليلاً، تغمرها سعادة فائقة. وكنت أسير خلفها الهوينا، حائراً صامتاً، غريباً، وكأنني أجد من الضرورة أن يقدم أحدهم لإستقبالي، وكنت أجول بناظري بين الدور، فقرأت كلمات اللوحة المعلقة في بداية الشارع: توستغوب، شارع بروندي.
مقتفياً آثار أقدام العجوز، ومع أول خطوة خطوتها على شارع (بروندي)، إرتسمت إبتسامة على شفتي، إرتوت على إثرها جل روحي وفؤادي وكياني. فأنبعثت فيّ بسعادة، روحاً أخرى.
وفجأة وعند شارع (بروندي):
شاهدت العجوز تتوقف أمام باب إحدى الدور، فأدارت المفتاح في ثقب الباب. حين ألتحقت بها، كانت منهمكة في فتحه. وقامت تسألني بإرتياح وإبتسامة مشرقة:
ـ صديقك يدعى (بريكيت)؟
إستغربتُ كثيراً.
ـ كيف عرفتِ؟
أزاحت بيسراها أحد مصراعي الباب، وأردفت تقول:
ـ أرحب بك في حي (توستغوب)، هنا شارع (بروندي)! ومن ثم كنا قد أصبحنا مع العجوز صديقين، وكانت قد دعتني للدخول، وكان الباب موارباً، فدخلتُ وحقيبتي معي: مرتبكاً!
رحبت بي العجوز قائلة:
ـ تفضل واسترح.
جلست على الكرسي، في الثيل على اليسار. غابت العجوز. قلت في نفسي (تمام)، تدعى (بريكيت).
فعادت فجأة وقدمت قدحاً من الماء، وقبل أن أرتشف الماء، بادرتها بالسؤال:
ـ هل حقيقة انتِ بيركيت بولسوني؟!
وأخرجت العجوز هويتها وقدمتها لي. دققت النظر فيها: (بيركيت بولسون. معلمة متقاعدة. مواليد (1938) سكاكن. حي توتسغوب، شارع بروندي، الدار رقم (7)، نفس العنوان الذي كنتُ قرأته في زاوية التعارف في الصحيفة، نفس العنوان الذي اتي بي من كوبنهاغن إلى هنا.
قلت لها:
ـ لكنكِ نشرتِ مع العنوان صورة فتاة شابة!
ـ تلك الصورة كانت صورة أيام شبابي، وكنت قد فعلت ذلك عن قصد.
ـ لماذا؟
ـ لو لم أفعل هكذا .. هل كنت ستأتي إليّ؟
شربتُ الماء وناولتها القدح.
ذهبت العجوز وهي سعيدة كي تعيد الصينية والقدح. وقالت:
ـ سأعودحالاً.
فنظرت من الخلف إلى كفلها وردفها الممتليء. فتملكتني الرغبة أن أدخل عليها الغرفة حالاً.
وقلتُ في نفسي: (ما الضير في ذلك، فإن أغلب أصدقائي، مغديد، وزيلوان وعبدالله وسامان ..يعيشون مع عجائز في الخمسين والستين من العمر، فلأفعل بدوري ما فعلوه)، (آه)، (يبدو نحن الجيل الشاب المغترب في أوروبا كُتبَ علينا أن نكون هامشيين: من هوامش أوروبا).
ومن ثم قلتُ في نفسي ببالغ الحزن:
ـ لقد اختنقتُ في كوبنهاغن في أتون الوحدة والغربة: منذ سنين وأدركني التعفن، إن بيركيت إمرأة حنونة ومثقفة (إن لم يكن لشيء فمن أجل تعلم اللغة). سأعيش معها ...تماماً ...(9) .
حين عادت العجوز إلى الحديقة، كان كوردو جالساً على الكرسي وقد أحنى رأسه على المنضدة الموضوعة امامه وكان يدقق النظر في البطاقة الممزقة المرمية فوقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إنها محطة قطار في كوبنهاغن، فالقطارات المتجهة إلى الجزر الواقعة .. في شمال الدانمارك تنطلق من هذه المحطة.
(2) إن بطل قصتي هذه المسمى (كوردو) وقبل ثمانية وعشرين عاماً، حينما كان في بلده في (خانقين)، كان قد قرأ رواية روسية كانت تتحدث عن معاناة أحد النبلاء الشباب من العزلة والوحدة.
إن ذلك الشاب الوحيد لم يكن ليعرف كيف يعالج مشكلة أح أصدقائه المقربين مرة فقل له: (صديقي، جد لك شيئاً تُمضي وقتك معه، أو جد شخصاً تحبه!).
وكان كوردو في عربة القطار، التي كانت فيه عجوز دانماركية تجلس قبالته، يفكر في هذا القول الذي كان قد قرأه في الرواية الروسية. كان يفكر ويتصفح صفحات دفتر صغير أحمر اللون، الذي كان يدون فيه ذكرياته بين حين وآخر.
وكانت العجوز الدانماركية، تبدو بأنها تنظر إلى الدفتر الصغير ذات اللون الأحمر بين انامل كوردو، وكانت تود كثيراً التحدث إلى الغريب والـ(لاجيء) كوردو، وفي النهاية قدمت العجوز الدانماركية .. وبخلاف الدانماركيين... سيجارة لـ(كوردو)، وبدأت تستنطقه.
(3) صمتَ كوردو حين سمع إسم بيركيت ومن ثم ومن دون أن يشعر بالعجوز قال من كل قلبه:
ـ إه إسم بديع.
وكانت العجوز تبدو أنها أغتبطت بشعور كوردو هذا:
ـ شكراً لك.
هدأت العجوز للحظات، وخيم الصمت عليها، بين الخجل والشعور بالثقة بالنفس، كانت تنظر إلى النافذة.
(4) كان كوردو يشعر بأن هناك جمالاً وثقافة وإنسانية تراجيدية تكمن وراء سيماء وأحاديث هذه العجوز ذات الخمسة والستين عاماً من العمر وخاصة حين تحدثت العجوز عن الوحدة وأردفت تقول (إنني أرسم الوحدة، الوحدة هو الموضوع الوحيد للوحاتي) تذكر كوردو رأساً (كيرك كرد).
(5) أحس كوردو في أعماقه ببعض الإنحطاط، وشعر بأنها قد أفشت بإحدى نقاط ضعفه هو فما قصدها حين قالت: (إننا صنعنا أوروبانا الخاصة بنا، كونوا شجعاناً، وأصنعوا أورباكم الخاصة بكم)؟!
إنها تقصد بأننا الكورد في بلادنا منهمكون في الحرب بحماقة وتراخٍ، وقد قمنا بسجن نسائنا ونأتي إلى هنا، إلى أوروبا باحثين عن الجنس والمرأة والعقل والطمأنينة؟
أم إنها تقصد أن تول لـ(كوردو) (تفضل . هذه هي النتيجة كونك تركتَ وطنك وأعتبرتَ أوروبا جنة في وجه البسيطة)، فمن المحتمل أن تكون هذه العجوز الفنانة قد تعرفت على العديد من اللاجئين الشرقيين من أمثاله في الدانمارك ولها إطلاع تام على كل أسرار لاجيء وحيد مثله!
إنها من هذه البلاد فليس من المعقول ألا تكون على دراية تامة وإطلاع على كيف يعيش (رجل كوردي لاجيء في الدانمارك)؟ ويحتمل بأنها تبدي الآن عطفها على حال كوردو كثيراً وتدرك كم هو قاسٍ ومضني حال رجل لاجيء يبلغ السابعة والعشرين من العمر، مثله مثل كافة اللاجئين الآخرين (اللبناني، الفلسطيني، السريلانكي، الهندي ..)!
فمَلل وإنكسارات وحسرات كل الليالي المتأخرة لك كم هي مريرة حين تعود وحيداً ثملاً، من إحدى رقصات الديسكو أو حانة ملأى نساءً (بأيدي فارغة) ولن تكون هناك أية فتاة، إمرأة، وحتى مطلقة، تقول لك: (تصبح على خير) وقتما تنطفيء المصابيح.
(6) أردف كوردو يتحدث مع نفسه: (لم أكن لأعرف بأن أوروبا تجعلني هزيلاً ميؤوساً إلى هذه الدرجة) ولم أكن لأعرف بأن أوروبا ذاتها مهمومة ووحيدة وتعيسة إلى هذه الدرجة).
(7) ومع إستمرار كوردو في تخيلاته اللذيذة هذه والتمني بالوصول إلى سكاكن بدأت جفنيه تنطبقان رويداً رويداً بالة المرأة العجوز ومن ثم أستغرق في نومٍ عميقٍ.
المصدر :
مجلة (رامان) الكوردية العدد (38)، آب 1999.