هوية تراثية منقوشة في عصر العولمة
صدر كتاب هوية تراثية منقوشة في عصر العولمة عن مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي سنة ٢٠٢٤، و هو مركز يعكف منذ تاسيسه على جمع مادة التراث الفلسطيني لحفظها من عمليات الطمس و التهويد و الاندثار. حيث صدر عنه ٣٥ كتابا في موضوع الذاكرة الشفوية والموروث الشعبي منها (كي لا ننسى) و (الالعاب الشعبية الفلكلورية في فلسطين) ووالصلح العشائري وحل النزاعات و(الاغنية الشعبية النسائية) و (فحات عطرية من القصص التراثية) والفنون السردية والزي التقليدي وكتب عن قرى الخليل سعير-ترقوميا-الشيوخ-العديسه- وغيرها من الكتب والمقالات.
تعتبر الأزياء الشعبية من اهم معالم الهوية الثقافية للشعوب، فهي تعكس الحكاية العميقة للإبرة والخيط مع الأجيال المستقبلية، علاقة الاجداد مع الاحفاد. فهي الكنز المتوارث الذي يضمن الحفاظ على الارث الانساني. فقد وثقت النساء الفلسطينيات عبر خيوط اثوابهن صفحات خالدة من امجاد التاريخ و التراث العميق، و جعلت من تصاميم تلك الاثواب و الازياء مراة عاكسة للموروث الاجتماعي من تقاليد و قيم تبرز الهوية الاصيلة للشعب الفلسطيني. اضحى اقتناء هذه الازياء الشعبية و الظهور بها في المناسبات الاجتماعية و الرسمية من اهم مظاهر الحرص الشديد لحمايتها من الاندثار و محاولة منع انصهرها ضمن الثقافات الحديثة والأزياء عصر العولمة الحديثة.
مما يجب الإشارة اليه ان الزي الشعبي يتمركز حضورا مميزا في المشهد السياسي و الثقافي و الاجتماعي للدول، فهذه الازياء الشعبية تحمل في طياتها رموزا و معاني تميز كل دولة عن اخرى، ثقافيا و حضاريا و تاريخيا. حيث توجد مبادرات فردية و مؤسساتية لارتداء هذه الازياء ضمن فعاليات و انشطة اجتماعية متنوعة مثل المؤتمرات او الندوات او احداث رسمية للدولة، سواء كان عربي او عالميا تعبيرا صدق الانتماء وإبراز الهوية الوطنية للمجتمع. من جانب اخر, لا ننسى مساهمة الازياء الشعبية في تطوير السياحة الثقافية للدولة, من خلال تعزيز اهتمام الزوار و السائحين بالاطلاع على ثقافة البلد و تاريخه و اخذ الصور بارتداء هذه الازياء و شرائها كهدايا و مقتنيات تذكارية.
كتاب ازياء شعبية و مطرزات يدوية، يتكون من ٤٢٨ صفحة و الذي تم اصداره بمساهمة فريق عمل من مختلف الدول العربية تحت اشراف الدكتور ادريس جرادات مدير مركز السنابل للدراسات و التراث الشعبي، بمشاركة كل من الدكتورة سليمة مليزي من الجزائر، الدكتورة نائلة نهيلة جريس حداد التي ساهمت في التصميم، الدكتورة عهد أحمد الجردات من فلسطين، نجلاء الخضراء فلسطينية مقيمة في لبنان, بيان الدراويش من فلسطين وصبحية كريم والدكتور صالح الطائي من العراق والدكتورة أميمة من مصر.
هدف الكتاب الى التعرف على خبرات الامهات و الجدات في فن التطريز و الصناعة و الحرف و تقديمها للاجيال المستقبلبة ضمن الية تربوية تضمن الحفاظ على التراث و الهوية، الى جانب بيان الاختلاف في المناطق الفلسطينية في انتشار الازياء و مدى تميز كل منطقة جغرافية عن اخرى في شكل و الوان التطريز. و السعي لاعتماد فنون التطريز و الزي الشعبي كجزء من من الصناعات المحلية و تعزيزها في المناسبات الاجتماعية و المواسم الدينية. تسجيل التراث و تدوينه و حفظه، بما يضمن العمل على تعزيز مكانة الازياء الفلسطينية من خلال عكسها عربيا و عالميا كموروث شعبي حضاري تاريخي للمجتمع الفلسطيني، و حمايتها من اجراءات التهويد و السرقة التي تمارسها سلطات الاحتلال بمحاولاتهالاظهار هذه الازياء على انها "الثقافة الاسرائلية".
محتويات الكتاب
شمل الكتاب من مقدمة و اهداء مقدم للامهات و الجدات الحاضنات للتراث الشعبي, للباحثين و العاملين على الحفاظ على التراث الفلسطيني و حمايته من الاندثار و التزوير. و شكر لكل من ساهم وعمل على انجاح اصدار هذا الانجاز المرموق.
يتكون الكتاب من مجموعة ابواب و فصول ناقشت فيها مضامين متنوعة من ناحية تطريز و شكل و زخرفة، بالاضافة للجانب التاريخي و الاجتماعي و القانوني لمكانة الازياء و انعكاساتها داخل المجتمع الفلسطيني. الى جانب عرض جزء من الفصول لازياء بعض الدول العربية الشقيقة و مميزاتها. كما و تم التاكيد على دعم الكتاب بالتوثيق من خلال الاستناد على ملاحق تصويرية ملونة توضح شكل الازياء و الوانها و تطريزها حسب توزيعها الجغرافي للمناطق الفلسطينية و الدول العربية، الى جانب الملاحق القانوية التي تكفل حماية الارث الإنساني استنادا للقوانين الدولية، حيث شمل الباب الأول: ناقش الباب الاول بفصوله موضوع التطريز الفلاحي بما يشمله شرح عن الاثواب الفلسطينية مثل ثوب الشتلة و الثوب التعمري و ثوب الملك التلحمي، و الثوب المكشكش، الثوب الملق المقدسي، كما و يتضمن موضوع التطريز و الازياء في الموروث الشعبي و علاقاته بالدور الاجتماعي. في الفصل السادس يناقش موضوع التزييف و سرقة الازياء الشعبية الفلسطينبة ضمن محاولات تزوير الثوب الفلسطيني و الكوفية من خلال عكس محاولات الاحتلال على طرح هذه الازياء كجزء من الثقافة الاسرائيلية، و توضيح اهمية العمل الدؤوب و المشترك على حماية الموروث الفلسطيني استنادا على القوانين الدولية التي تضمن توفير الحماية و الحفاظ على تراث كل شعب باعتباره جزءا من التراث الانساني. الفصل السابع يدخل في شرح زي الرجال من قمباز و الصاية و الكبر و الطقم. كما و يطرح الفصل الثامن التطريز اليدوي للمخدات و المساند و اللحف و الفراش الارضي، كجزء اساسي لهذه التطاريز في الجانب التزييني داخل المنزل الفلسطيني خصوصا في الجلسات العربية. في نهاية هذا الباب يوثق لنا الكتاب التطريز الفلسطيني في البراويز و المعلقات التزيينية من ناحية الاشكال و الوان المستخدمة.
الباب الثاني يناقش التراث الفلسطيني و انعكاسه على الهوية الاجتماعية و الوطنية للشعب الفلسطيني كثقافة و تاريخ و دور هذا اللباس في تميز الشعب الفلسطيني و بناء كينونته باعتباره شعبا مستقلا. الى جانب الفصول التي تتناول موضوع اللباس التقليدي لبعض الدول العربية الشقيفة مثل اللباس الجزائري و التونسي و ازياء المراة في العراق و الازياء الشعبية في مصر و الزي اليمني و الزي الاردني و دعمها بالصور، بحيث يتم التطرق لخصوصية كل لباس و تميزها عن الاخرى، الى جانب العلاقة الترابطية بين هذه الدول و طبيعة التشارك في اللباس بين بعض المناطق خصوصا في الشكل و الية التطريز.
في النهاية يعرض الكتاب ملحق صور للزي الشعبي الفلسطيني (النساء و الرجال) حسب المناطق الجرافية.