ضمير الفصل «أو العماد» مادة مركزة
ضمير الفصل (أو العِماد)- هو أحد الضمائر المنفصلة، يأتي لإزالة اللُّبس في الكلام، ويكون عادة بين المبتدأ والخبر، أو ما كان أصله مبتدأ وخبرًا – بعد دخول النواسخ عليه*.
ضمير الفصل نستخدمه لتمييز الخبر من التابع (كالنعت أو البدل)، ففي قولنا - "جميلٌ الناجح" قد يُفهم أن (الناجح هو نعت لجميل)، وعندها ينتظر المتلقي تتمة الجملة، أو قد يفترض انتهاء الجملة، وكأن كلمة "الناجح" أخبرت عن جميل، ومثل ذلك في الإعراب قوله تعالى: الله الصمد.
نأتي بضمير الفصل (هو) لنقول إن (الناجح) خبر لجميل.
فعندما نقول: "جميلٌ هو الناجح" تكون الجملة واضحة تمامًا.
ولكن لنا خياران في الإعراب:
الأول وهو الأيسر:
جميلٌ: مبتدأ مرفوع
هو: ضمير فصل، حرف لا محل له في الإعراب (لأنه يؤتى به لمجرد الفصل، وليس للإسناد)
الناجح: خبر المبتدأ مرفوع.
الإعراب الثاني:
جميلٌ: مبتدأ مرفوع.
هو: ضمير منفصل مبني، وهو في محل رفع مبتدأ ثان.
الناجح: خبر المبتدأ الثاني- أي خبر الضمير، وهو مرفوع.
الجملة الاسمية= "هو الناجح"- الجملة الاسمية الصغرى- في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
في قولنا:
كانت فاطمةُ هي السباقةَ:
يجوز لنا أن نعتبر "هي" ضمير الفصل- وهو حرف لا محل له في الإعراب، و "السباقةَ" خبر كان منصوبًا. وهذا الإعراب أيسر. ومثل ذلك: "صار الحقُّ هو الأبيـنَ".
كما يجوز لنا أن نعرب في الجملة:
هي: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
السباقةُ = خبر المبتدأ مرفوع،
وجملة "هي السباقةُ- خبر كان في محل نصب.
ومثل ذلك: "صار الحق هو الأبيـنُ".
كثر هذا الضمير في القرآن الكريم، وأكثر ما ورد على أنه حرف لا محل له في الإعراب. وتسميته ضميرًا مجاز، لمشابهته صورته، واعتبره أغلب النحويين حرفًا لأنه يعني إفادة المعنى في غيره.
وقد أعرب محيي الدين الدرويش قوله تعالى- إنهم لهم المنصورون- الصافات، 173:
إن واسمها، واللام المزحلقة، هم- مبتدأ أو ضمير فصل، المنصورون خبر هم، أو خبر إنهم، وضمير الفصل لا محل له، ومثل ذلك إعراب تتمة ما ذكرت من الآية: وإن جندنا لهم الغالبون.
* لا يغير حكم الخبر بعد دخول النواسخ، نحو: ما زال الصادقون هم المفلحون، ظننت المعلمَ هو الغائبَُ، إنك أنت الشاعرُ.
أورد العدناني في كتابه (معجم الأخطاء الشائعة، ص 260) أن في بعض القراءات "كانوا يقرأون الآية 76 من سورة الزخرف:وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمون- راجع الجزء الأول من كتاب سيبويه، ص 395)".
ضمير الفصل يؤتى به لفائدتين:
* أن يتميز الخبر من التابع- كما ذكرت أعلاه.
*القصْر، ففي قولي: "سعيدٌ هو الرياضي"، يفهم المتلقي أن الرياضة مقصورة على سعيد ولا تتجاوزه.
يقال في القصر والتأكيد: "سعيد هو الرياضي لا محمودُ".
البصريون يسمونه "ضمير الفصل"، والكوفيون يسمونه "عِمادًا" ووجه تسميتهم إياه بذلك أنه يُعتمد عليه في تأدية المعنى المراد.
* عود على بَدء:
شرط ضمير الفصل أن يتوسط بين المبتدأ والخبر، نحو "زيد هو الناجح"، أو بين ما أصله المبتدأ والخبر نحو: "إن زيدًا لهو الناجح".
يكون ضمير الفصل على صيغة ضمير الرفع.
يطابق الضمير ما قبله في الغيبة أو الحضور، وفي الافراد أو التثنية أو الجمع، نحو قوله تعالى: كنت أنت الرقيب عليهم- المائدة، 117، فأنت للخطاب، ويكون في الخطاب وفي الافراد كما قبله، ونحو- وإنا لنحن الصافّون- الصافات، 165- فنحن للتكلم كما قبله.
(انظر شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ج1، ص 372 وما بعدها، القاهرة: دار التراث-1980)
مشاركة منتدى
8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020, 08:20, بقلم عبد الله بحيري
في قولكم: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.
أرى أن الصواب (أحد المديرين)؛ فصيغة الجمع (فُعَلاء) لا تصاغ إلا إذا كان المفرد على وزن فعيل.
ولكم الشكر
7 كانون الثاني (يناير) 2021, 08:51, بقلم مازن عبد الوهاب
جزاكم الله خيرا أستاذ فاروق ، تعريف واضح ونافع .
لي سؤال إن تكرمت:
في قولنا : أحبك أنت
هل الضمير المنفصل جاء للتأكيد؟ ، ولماذا هو مرفوع؟
30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021, 00:04, بقلم زائر زائر
إعراب.. كان الشركاء هم أشخاص طبيعيون... مع خالص الشكر وكريم الامتنان..
14 حزيران (يونيو) 2023, 19:35, بقلم حسين السايس
شكرًا لك.
ولوتكرمت هل هي اللُّبس أم اللَّبس هي الصحيحة؟
من معاني القرآن للنحاس :—
[الأنعام ٩]
وقوله جلَّ وعز: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً﴾.
قال قتادة: أي في صورة بني آدم.
ثمّ قال تعالى: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾.
قال الضَّحّاك: يعني أهلَ الكتاب، لأنهم غيرُّوا صفةَ النَّبيِّ ـ ﷺ ـ في كتابهم وعَصَوْا ما أُمِروا به.
قال الكسائي: يقال: لَبَسْتُ عليهم الأمرَ: أَلْبِسُهُ لَبْساً، إذا خلطته أي أَشْكَلْته.