الاثنين ٨ تموز (يوليو) ٢٠٢٤
كتاب «أسياد البلاد»..
بقلم سري سمور

المستوطنون يطمعون في كل شيء «4»

(جيوش إسرائيل هي جيوش الرب، وتسير الأمور كما رآها الحاخام بتطبيق دبابات ومدافع وطائرات الجيش الإسرائيلي فرضا من فروض الله تجاه عباده، وواجبنا المقدس هو تنفيذ الأوامر الربانية الداعية إلى الاستيطان في أرض إسرائيل)

الحاخام حاييم دروكمان (الاقتباس مع اقتباسات أخرى مشابهة موجود بالنص الحرفي في مقدمة الكتاب)

هذه هي الحلقة الرابعة، وبها نصل محطتنا الأخيرة من رحلتنا مع كتاب (أسياد البلاد، المستوطنون ودولة إسرائيل 1967-2004) تأليف عقيبا الدار وعديت زرطال، وترجمة عليان الهندي.

جيل جديد من المستوطنين

يصف الكتاب (ص515) جيل (شبيبة التلال) الجدد بمدمني المخدرات المجرمين اللصوص، وعمرهم أقل من 18 عاما انفصلوا عن عائلاتهم ويعتبرون الحكومة(سلطة أجنبية) وهذه الأوصاف أبلغت إلى مؤلفيّ الكتاب من جهات في الادعاء العام، ولكن رفضوا التعريف بأنفسهم.

ولنتصور الوضع الآن بعد عقدين كيف تسلّح هؤلاء وسيطروا فعليا على أرض الضفة الغربية!

خطة الفصل

تم إصدار الكتاب قبل تنفيذ الانسحاب من غزة، ولكن الخطة والتحضيرات كانت جاهزة عند إعداده.

فقد قرر شارون إخلاء 20 مستوطنة في قطاع غزة وبعض المستوطنات في الضفة(تحديدا 4 في جنين).

وبحسب الكتاب (ص518) فإن شارون ربما قام بذلك بسبب تصاعد رفض الخدمة في الجيش ووحداته المختارة وبسبب وجود خطط سلام كثيرة.

فكان لا بد لشارون أن يقدم خطة خاصة، ولكن من الناحية العملية فإن خطة شارون بحسب مستشاره المقرب(دوف فايسغلاس) تهدف إلى ((إزاحة لفت الانتباه العالمي عن إسرائيل والمحافظة على يهودا والسامرة.))

واجتثات عدة آلاف من المستوطنين من هناك سيخلد مئات آلاف المستوطنين هنا، أي في الضفة الغربية. (ص520)
وفي خاتمة الكتاب يؤكد المؤلفان على تجنّد المستوطنين لرفض خطة شارون فهم بطبيعتهم الثابتة لا يقبلون التخلي عن قليل للحصول على كثير، لأنهم يريدون كل شيء، وقد عمدوا على تحريم وتجريم إخلاء المستوطنات.

ويقول المؤلفان: الخروج من غزة ربما يؤدي إلى تخليد المستوطنات في الضفة الغربية وكذلك الصراع الدموي مع الفلسطينيين، وربما لا، وربما يكون الانسحاب من غزة خطوة أولى مرهقة لتحرير إسرائيل من المناطق التي احتلتها عام 1967 بعد أن وضعتها على حافة الهاوية، وربما لا.(ص522)

وفي الحقيقة فإن خروج بل هروب شارون من غزة كان بفعل ونتيجة المقاومة، أما الاستيطان في الضفة فهو فعلا شهد تضخما واسعا، ونلاحظ أن الاستيطان يتوسع بعد كل اتفاق تسوية، فقد ازدادت المستوطنات وتوسعت بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر.

أما بعد توقيع أوسلو في 1993 فقد تضاعف عدد المستوطنين إلى سبعة أضعاف، وبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية حوالي نصف مليون مستوطن، وفي القدس ربع مليون أي ما مجموعه 750 ألف مستوطن بحسب تقرير أصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في أيلول/سبتمبر 2023 الماضي.

وغني عن القول أن التراجع الدراماتيكي في زخم المقاومة في الضفة الغربية هو ما أوصل المستوطنين والمستوطنات إلى ما نراه ونعيشه حاليا.

استعراض لملاحق الكتاب

عشرة ملاحق أرى أن استعراضا عاما لبعضها مفيد، فهي تشمل بيانات وتواريخ، ومن ذلك وضع جدول (ص523+524) بأسماء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية من سنة 1967-2004.

وبحسب هذا الجدول فإنه ما بين 1967 حتى 1976 هناك 24 مستوطنة منها كفار عتصيون وكريات أربع.

وما بين 1977 وحتى 1992 هناك 93 مستوطنة منها كدوميم وكرني شمرون وألون موريه ويتسهار.

أما من 1992 حتى 2004 فهناك مستوطنة جديدة واحدة هي موديعين عيليت.

وهناك ملحق تحت بند (سرّي جدا) عن وثيقة تشمل خطة للتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية يبدو أنها وضعتبعد هزيمة 67 مباشرة، وصيغت من نقاشات هيئة الأركان والاستخبارات واستطلاع رأي القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية.
المهم في الوثيقة أنها تتحدث عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح تضم الضفة وغزة، وتكون تحت حماية جيش إسرائيل مع ضم القدس إلى إسرائيل وإعطاء مكانة للأماكن المسيحية والإسلامية.

وضم قرى عربية في إسرائيل إلى هذه الدولة العتيدة، كما وتدرس الخطة إمكانية توطين الفلسطينيين في العريش وضمان وجود ميناء وحرية التنقل بين غزة والضفة.

والخطة(الوثيقة) أعدها مجموعة ضباط أهمهم هو(دافيد كمحي) والمذكور رجل موساد نشط لعب أدوارا مهمة.

وهناك (ص534) ملحقا يتضمن ما يصفه المؤلفان بـ(ميزانية غير عادية) نهاية سنة 1999 للمجلس الإقليمي (ماطيه بنيامين) وهو تجمع مستوطنات مركزه منطقة رام الله والبيرة تخصص فيه جهات حكومية وغيرها مبلغ مليون وستمئة ألف شيكل لصالح هذا التجمع الاستيطاني.

ومن ص538-ص546 هناك ملحق هو عبارة عن جدول تفصيلي أعدته حركة(السلام الآن) عن البؤر الاستيطانية في أيلول 2004 ويشمل كشفا بتلك البؤر ما بين 1998-2002 وعددها 125 بؤرة.

خاتمة الرحلة

بعد هذا الاستعراض الذي قد يبدو طويلا لمادة الكتاب التوثيقية، فإنه قد زاد اليقين، لمن كان عنده شك في أمور عدة منها:-

1) الاستيطان هو في صلب عقيدة وعقل المشروع الصهيوني في فلسطين، ويحظى بغطاء سياسي وديني ومالي من كل مؤسسات الحكومة الإسرائيلية، أيا كان رئيس تلك الحكومة وزملاؤه.

2) الولايات المتحدة حتى ولو انتقدت الاستيطان إلا أنها لا تتخذ أي إجراء للحد من توسعه وتكتفي أحيانا بتصريحات إعلامية لا رصيد لها على أرض الواقع.

3) كلما كان هناك اتفاقيات سلام وتسوية كلما زاد نهب الأرض لصالح المستوطنين، وقد لاحظنا توسع الاستيطان بعد كامب ديفيد، وانتشاره وتغوّله الرهيب بعد أوسلو.

4) المقاومة فقط هي التي أجبرت إسرائيل على تفكيك المستوطنات في قطاع غزة، وقبلها بسالة الجيش المصري في رمضان(حرب أكتوبر 1973) جعل شارون أبو الاستيطان يفكك مستوطنة ياميت في سيناء لاحقا، مع تحفظنا بل رفضنا لمسار التسوية الذي اختاره السادات ولكن ما كان السادات ليحصل على شيء يذكر دون تلك المعركة.

5) المستوطنون كما هو عنوان الكتاب(أسياد البلاد) فهم من يقرر ويرسم ويفرض أجندته على مؤسسات إسرائيل الأمنية والعسكرية والمدنية لأن إسرائيل أساسا قامت على فكرة الاقتلاع والتهجير والإحلال والاستيطان فلا غرابة أن تستمر بهذا في الضفة الغربية.

الكتاب يستحق القراءة ولكن لمن عنده أي مانع من قراءته فإن الرحلة أو المراجعة التي قدمتها تفي بوضع تصور عام شبه مفصل عنه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى